البوليساريو تدعو مجلس الامن مجددا الى اتخاذ إجراءات عاجلة لتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير    حملات التسديد متواصلة مع التسهيلات: ديون سونلغاز تفوق 98 مليار سنتيم بسوق أهراس    تسمم عائلة يثير الهلع في أوساط المواطنين: صهاريج مياه صالحة للشرب مجهولة وغير مراقبة بتبسة    زيارة موجهة لفائدة وسال الإعلام إلى المدرسة العسكرية المتعددة التقنيات ببرج البحري    الجزائر/تونس: الاتفاق على تنظيم يوم إعلامي حول الصيد البحري لفائدة المستثمرين من البلدين    الجزائر-تونس-ليبيا: التوقيع على إتفاقية إنشاء آلية تشاور حول إدارة المياه الجوفية المشتركة    فلسطين: "الأونروا" تناشد الحصول على 2 ر1 مليار دولار للتعامل مع الأزمة غير المسبوقة في غزة والضفة الغربية    فلسطين: ترحيب بقرار حكومتي جامايكا وباربادوس الاعتراف بالدولة الفلسطينية    الفريق أول شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية بالناحية العسكرية الثالثة    إحباط محاولات إدخال 78 كيلوغراما من الكيف المعالج عبر الحدود مع المغرب خلال أسبوع    فتح صناديق كتب الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس الموقوفة على جامع الجزائر    قسنطينة: 17 جريحا إثر انقلاب حافلة بحي لوناما    وزير التربية انتقل إلى عين المكان والعدالة فتحت تحقيقا: إصابة 6 تلاميذ في انهيار سقف بمدرسة في وهران    اجتماع الحكومة: مشاريع نصوص قانونية وعروض تخص عدة قطاعات    إهمال الأولياء يفشل 90 بالمائة من الأبناء    عطاف يستقبل رئيس مجلس العموم الكندي    نصف نهائي كأس الجمهورية: اتحاد الجزائر – شباب بلوزداد ( اليوم سا 21.00 )    غائب دون مُبرر: إدارة لاصام مستاءة من بلحضري    مدرب اتحاد الشاوية السعيد بلعريبي للنصر    وزير البريد في القمة الرقمية الإفريقية    وزير الإشارة العمومية يعطي إشارة الانطلاق: الشروع في توسعة ميناء عنابة و رصيف لتصدير الفوسفات    وزير الخارجية أحمد عطاف يصرح: الوضع المأساوي في غزة سيبقى على رأس أولويات الجزائر    فيما وضع حجز الأساس لإنجاز أخرى: وزير الطاقة يدشن مشاريع ببسكرة    سوناطراك : توقيع بروتوكول تفاهم مع الشركة العمانية أبراج لخدمات الطاقة    وزير الداخلية يكشف: تخصيص أزيد من 130 مليار دينار لتهيئة المناطق الصناعية    وزير العدل يدشن مقر مجلس القضاء الجديد بتبسة    البروفيسور نصر الدين لعياضي يؤكد من جامعة صالح بوبنيدر    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    مولودية الجزائر تقلب الطاولة على شباب قسنطينة وتبلغ نهائي كأس الجزائر للمرة العاشرة    غزّة تحت القصف دائماً    وزارة الشؤون الخارجية توضّح    اجتماع حول استراتيجية المركز الوطني للسجل التجاري    الجزائر تشارك في معرض تونس الدولي للكتاب    تأسيس جائزة وطنية في علوم اللغة العربية    اختتام ملتقى تيارت العربي للفنون التشكيلية    مجلس الأمة يشارك في مؤتمر بإسطنبول    فلاحة: السيد شرفة يبحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون    مباراة اتحاد الجزائر- نهضة بركان : قرار الكاف منتظر غدا الاربعاء كأقصى تقدير    قسنطينة: السيد عون يدشن مصنعا لقطع غيار السيارات ووحدة لإنتاج البطاريات    الجامعة العربية تجتمع لبحث تداعيات استمرار جرائم الاحتلال    تكتل ثلاثي لاستقرار المنطقة ورفاه شعوبها    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    عاصمة البتروكيمياء بلا حظيرة تسلية ولا حديقة حيوانات    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    بلومي هداف مجددا في الدوري البرتغالي    تمنطيط حاضرة للعلم والأعلام    الوقاية خير من العلاج ومخططات تسيير في القريب العاجل    رجل الإصلاح وأيقونة الأدب المحلي    ماندريا يُعلّق على موسمه مع كون ويعترف بتراجع مستواه    إشادة ألمانية بأول تجربة لشايبي في "البوندسليغا"    معالجة 245 قضية إجرامية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



“سيدي الرئيس، مستشفياتنا مريضة وهي بحاجة إلى جراحة استعجالية”
“الفجر” تجوب المستشفيات العاصمية وتنقل أنين المرضى إلى القاضي الأول للبلاد
نشر في الفجر يوم 29 - 03 - 2010

صطفى باشا واجهة للرداءة الطبية في عهد الجزائر المستقلة - السكانير وضبظ مواعيد العمليات ب “المعريفة” وسيارة الإسعاف لنقل كل شيء إلا المرضى - أبركان : إصلاح الصحة هو عقلانية التسيير وترشيد الاستغلال - قسنطيني : القطاع الصحي بالجزائر في وضع خطير - خياطي : كارثية المستشفيات دليل على فشل الخارطة الصحية
رغم الملايير التي تضخها الدولة لتأسيس منظومة طبية حديثة تستجيب لاحتياجات مواطنيها، إلا أن قاصدي المؤسسات الصحية لم يلمسوا أي أثر يرفع من مستوى التكفل الصحي، لاسيما بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، الذي تحول إلى عنوان لرداءة الخدمات الصحية، تتحكم فيه البيروقراطية واللامسؤولية والترويج للقطاع الخاص بجل أقسامه، وهو حال معظم المستشفيات العاصمية، كزميرلي شرق العاصمة، ومايو بغربها، ما جعل المواطنين ينددون بصوت عال عبر منبر “الفجر” ويصرخون “سيدي الرئيس، مستشفياتنا مريضة بحاجة إلى عملية جراحية استعجالية “، إنها ذات الصرخة التي نطقت بها لجنة قسنطيني.
إذا كان لإطارات الصحة ومديري المؤسسات الاستشفائية وزارة بأكملها تدافع عن مصالحهم، وإذا كان للأطباء ومستخدمي سلك الصحة نقابات يستعرضون من خلالها عضلاتهم وينقلون عبرها انشغالاتهم بلغة الاضراب والوعيد والتهديد، وإذا كان للطبقات الميسورة فرصة التطبيب بالعيادات الأجنبية والخاصة، فإن المرضى البسطاء لا يجدون أية وسيلة أو قناة لنقل معاناتهم اليومية مع المؤسسات الصحية باختلاف تخصصاتها، خاصة أمام موجة الاضطرابات التي تجتاح القطاع في المدة الأخيرة، وكان ضحيتها الأول والأخير المواطن البسيط.
ومن هنا، جاءت فكرة هذا الاستطلاع الذي أرادت من خلاله “الفجر “ الوقوف على واقع القطاع ونتائج إصلاحاته، ونقل انشغالات الفئات المغبونة بكل أمانة وصدق إلى الجهات الوصية، خاصة وأن قاصدي المستشفيات لم يلمسوا أثرا لتطوير المنظومة الصحية، التي التهمت ملايير الدولارات من خزينة الدولة في قوانين المالية للسنوات الأخيرة، لعدة عوامل، أهمها سيطرة البيروقراطية بمختلف المصالح الصحية، البزنسة على حساب صحة المرضى، ضف إلى ذلك ضعف التسيير وانعدام المراقبة وإسناد مسؤوليات لأشخاص ليسوا أهلا لها.

مصلحة الأشعة تتعطل يوميا في أكبر قسم لجراحة العظام
البداية كانت بمستشفى سليم زميرلي بشرق العاصمة، وهو أحد أكبر المستشفيات الوطنية المتخصصة في جراحة وطب العظام. دخلنا المستشفى في صباح يوم ممطر، توجهنا مباشرة إلى مصلحة الاستعجالات التي كانت تعج بالمرضى، أغلبهم من أصحاب إصابات الكسور وضحايا إرهاب الطرقات، تقابلها قاعة كبيرة لأصحاب المواعيد والمراقبة الدورية ونزع الجبس ..الخ، أول ما استفسرنا عنه هو سبب هذا الاكتظاظ، هل هو يومي وإن كان له علاقة بالإضراب الذي يشنه موظفو القطاع، غير أن عون أمن الاستقبال قال: “المشهد روتيني والسبب أن كل الحالات المستعصية للكسور تحول إلى زميرلي، ضف الى ذلك أغلب الضحايا هم من حوادث المرور وما أكثرها يوميا تحول الى هذه المصلحة”.
وبينما كنا بالمصلحة، كان عدد الوافدين يتزايد بين الحين والآخر وسط صراخ الأطفال والنساء من هول الحوادث التي يتعرضون لها في غياب أدنى شروط الاستقبال، كالمقاعد وأسرة المرضى المتحركة، باستثناء واحدة تقليدية لا تستجيب لإصابات مثل الكسور في مناطق حساسة.
وما زاد من تذمر المرضى، هو شلل المصلحة، في وقت كانت تشير عقارب الساعة الى حدود العاشرة ونصف صباحا بسبب تأخر التحاق الأخصائي بمكتبه، وكانت مجمل إجابات أصحاب المآزر البيضاء والبذلات الزرقاء لا تخرج عن نطاق “خطيني، الأطباء المكلفون بالفحوصات لم يلتحقوا بمناصبهم بعد، استفسروا عند رئيس المصلحة ...الخ “، هذا الأخير الذي لم يظهر له أثر.
وحسب تصريحات العديد ممن كانوا بعين المكان ل “الفجر” فإن هذا المشهد يتكرر يوميا دون محاولات تحسين الأوضاع رغم الشكاوى التي تتهاطل يوميا على إدارة المستشفى، حيث قال عبد القادر، 39 سنة، أصيب بحادث مهني في ورشة نجارة بالكاليتوس جعله يتردد يوميا على فحوصات المراقبة الطبية بنفس المصلحة: “هذه الفوضى هي بسبب الأعطاب المتكررة لجهاز الأشعة، ضف الى ذلك تماطل الطاقم الطبي، وأمام هذا الوضع لا يجد المكلفون أمامهم سوى تحويل المرضى إلى مصالح أشعة الخواص بالقبة وبئر مراد رايس وبسعر لا يقل عن دج”.
وحسب شهادات العديد من المرضى، فإن إدارة المستشفى لا توفر حتى سيارة إسعاف لنقل الحالات الاستعجالية إلى مصالح الأشعة، مكتفية بتوجيه المريض نحو مكان ركن أصحاب سيارات “الكلونديستان” بموقف المستشفى، وهو ما وقفنا عليه مع شخص أخر يعاني إصابة خطيرة في ساقه، حين أمره الممرضون بالإسراع إلى عيادة الخواص لإجراء الفحوصات والأشعة لدى الخواص قبل تضييع الوقت، وما يزيد الوضع تأزما للحالات الاستعجالية امتناع سيارات الحماية المدنية عن انتظار المريض أو التكفل بنقله إلى مصالح أخرى، وهو ما وقفنا عليه بنفس المستشفى، حيث دخل شاب في نزاع مع فرقة الحماية المدنية رفضت تحويل والدته الى مستشفى بارني بحسين داي.
مصطفى باشا .. الكارثة الكبرى والمعاناة تبدأ من المدخل
مستشفى مصطفى باشا الجامعي، الذي كان يضرب به المثل الأعلى في مستوى التكفل الصحي على المستوى الإفريقي بعد الاستقلال وبإمكانيات بسيطة موروثة عن العهد الاستعماري، يزداد حاله الكارثي من يوم لآخر، حسب ما أفاد به العديد من المرضى وبعض منتسبيه من العمال خلال جولة استطلاعية قادتنا تحت “قبعة الجواسيس” لأن مهمة الإعلامي داخل هذه المؤسسة مرفوضة، وإذا انكشف أمره فإنه يضيع ساعات أمام الإدارة العامة لطلب رخصة المدير العام، وهو ما حدث تماما صائفة 2007 لما كنت في نفس المهمة إثر موجة حر كانت تجتاح العاصمة.
وكان أول مشهد كاف للوقوف على نمط التسيير الكارثي لأكبر مجمع صحي بالجزائر امتلاء المواقف المخصصة للسيارات من قبل أشخاص لا هم من المرضى ولا هم من الفريق العامل بالمستشفى، ما يتسبب في عراك وحرب كلامية يومية بين حاملي الحالات الاستعجالية وأعوان الأمن الداخلي، بالإضافة الى رجال الشرطة، كما يتسبب في انسداد الحركة المرورية بداخله، وحسب ما كان يتلفظ به شرطي فإن “الوضعية تتحملها الإدارة التي رخصت لمن هب ودب، خاصة تجار البازار المحاذي للمستشفى، باستعمال الموقف وتتركنا نحن نواجه الغليان والسب والشتم من ذوي المرضى”، وما إن يسلك حامل المريض من المدخل حتى يدخل في متاهات أخرى نترك لكم اكتشافها رويدا رويدا...
سيارات الإسعاف لنقل الأغراض الشخصية إلا المرضى
البداية كانت بمصلحة الاستعجالات، التي كانت هي الأخرى تكتظ عن آخرها، أول ما رصد هو لجوء إدارة المستشفى الى توظيف أعوان لا يحسنون التعامل مع المرضى ولو بالكلمة الطيبة، وهو ما حدث مع مرافق مريض كان في أوج هيجانه بسبب امتناع إدارة المستشفى عن توفير سيارة إسعاف ترجع مريضه إلى أحد بلدية احمر الأعين بتيبازة، علما أنه يعاني داءي السكري والقلب، حسب ما كان يردده أثناء إلحاحه وتوسله، إلا أنه لم يوفق في طلبه وهدده الأعوان بمناداة الشرطة، وكأنه لص أو مجرم، وكانت الصورة المأساوية كافية لإثارة فضول البحث عن الأغراض التي تستعمل فيها سيارات الإسعاف التي تدعمت بها المستشفى مؤخرا، والتي كانت تجوب بهو المستشفى، ليجيبنا مصدر من مصلحة الجراحة العامة، طلب عدم الكشف عن هويته وإلا يواجه متاعب مهنية، قال وهو يقسم بأغلظ الإيمان:
“مستشفى باشا تدعم بعدد لابأس به من سيارات الإسعاف مؤخرا، وهي مجهزة داخليا بأحدث التقنيات، استعملت مرارا وتكرارا في أغراض شخصية لا علاقة بمهامها، كنقل مرضى من أقارب مسؤولي الإدارة بين ولاية وأخرى، كما استعملت في جنائزهم أيضا، اسألوا السائقين يؤكدون لكم ذلك”، والأكثر من ذلك، حسب نفس المصدر، هو لجوء بعض المسؤولين بالمستشفى إلى الترويج لمؤسسات النقل الصحي التي يملكها الخواص بالعاصمة وسط المرضى من خلال توزيع بطاقات المعلومات إلى جانب التشهير بالعيادات الخاصة، لاسيما تلك التي يديرها أصدقاؤهم، وهي المهمة التي تطرح أكثر من علامة استفهام وشكوك، هذا الوضع يؤدي إلى قضاء العديد من المواطنين، لاسيما أولئك الوافدين من خارج العاصمة لياليهم في العراء، وما يستاء له، حسب شهادات أحدهم من بلدية الشبلي، تعرضهم للطرد حتى من قاعات الانتظار في ساعات متأخرة من الليل.
ولأن قسم الاستعجالات من الأقسام الهامة في أي مستشفى، فقد سمحت لنا جولة أخرى بنفس المستشفى في حدود الساعة العاشرة ليلا بالوقوف على حجم المعاناة، حيث كان القسم مهملا، تحيط به الأوساخ وبقايا وسائل الجراحة وقطرات الدم في الأرض دون أدنى مبالاة، ولا يحمل قسم استعجالات باشا من المصلحة سوى الاسم، حسب تعبير العديد من المواطنين، حيث أوضح كمال، الذي كان برفقة ابنته المصابة بحمى: “وجود طبيب واحد مناوب لمئات الحالات الاستجالية”، وعن نوعية التكفل أضاف “صراحة، لقد فحص الطفلة أطباء طلبة والطبيب المناوب كأنه يتصدق علينا”.
ومن النقاط السوداء التي تحسب على استعجالات باشا الجامعي، هو غياب أو تغيب أدنى الوسائل، كأكياس طرح البول - أكرمكم الله - وهو ما وقفنا عليه مع حالة الشيخ قويدر، 71 سنة، جيء به من الحميز لمعاناته في المسالك البولية، حيث تفاجأ مرافقوه بانعدام الكيس، ودون حياء دلوهم على الصيدلي المناوب بشارع حسيبة بن بوعلي.. حقنة “التيتانوس” هي الأخرى لا توفرها المصلحة، حيث طلب من شاب لا يتجاوز 22 سنة إحضارها، ولما استفسر عن الأمر، رد عليه الممرض مزمجرا وأمام الحضور “تحب اشكي اشكي أحنا ماعندنا مانديرولك”.
الصيدلية المركزية توفر كل كبيرة وصغيرة لمستشفى باشا ولكن.. ؟
قال مصدر من الصيدلية المركزية للمستشفيات، رفض الكشف عن اسمه ل “الفجر”: “مستشفى باشا الجامعي يحظى بالأولوية في التزود بالأدوية المختلفة، كما ونوعا، لكل مصالحه وأقسامه، لاسيما مصلحة الاستعجالات”، وذهب محدثنا الى أبعد من ذلك عندما قال “أتحدى أي مسؤول في هذا المستشفى أن يكون يفتقد للأدوية والعتاد شبه الطبي الضروري”، كما لم ينف نفس المصدر لجوء بعض موظفي هذه الأقسام الى سرقة هذه الأدوية وبيعها للعيادات الخاصة، خاصة وسائل الجراحة والمحاليل المختلفة والقفازات الجراحية، مستدلا على ذلك بما عالجته العدالة مؤخرا مع موظف من مستشفى القبة بالعاصمة، ويبقى الوضع مستمرا على حاله في ظل استمرار التعمد في تغييب الرقابة.
السكانير لأصحاب “الكتاف” وتذبذب في برمجة العمليات
يعتبر مستشفى مصطفى باشا من المؤسسات الصحية القليلة المجهزة بجهاز أشعة “سكانير”، لكن وجوده كعدمه، حسب تعبير العديد من طالبي خدماته، لاسيما أولئك الذين يقصدون إجراء تحاليل بناء على رسائل من مختلف المستشفيات. وحسب شهادة بوعلام.ز، 51 سنة، فإنه يتردد يوميا على مدار أسبوع كامل على أمل إجراء أشعة لزوجته، لكنه لم يتمكن من ذلك، وكانت إجابات القائمين على المصلحة تصب في أنه موقف يعود لخلل تقني، ليتساءل بكل براءة “هل الخلل التقني يحدث لما يتعلق الأمر بي ولمثلي الذين ليس لهم معارف داخل إمبراطورية مصطفى باشا؟”، مضيفا أنه شاهد اليوم عددا من الأشخاص أجروا الأشعة وبوساطة من معارفهم بالمستشفى، وهو ما أقرت به موظفة بالمصلحة، التي قالت “العديد من الأخصائيين الخواص يلجأون الى هذه المصلحة لإجراء أشعة سكانير على مرضاهم وبوساطة من بعض زملائهم المسؤولين بالمصلحة، لكن لمن تقرأ زبورك يادواد، أتدري أن الإدارة لا تجهل مثل هذه الأمور؟”.
ومن النقاط السوداء بالمستشفى التلاعب بمواعيد العمليات الجراحية دون الظفر بتاريخ محدد يخضع له المريض لعملية جراحية، ليدخل في دوامة الذهاب والمجيء، وهو ما حدث لبلقاسم، الذي يعاني من “كيست”، روى لنا معاناته التي بدأت في ديسمبر الماضي عندما قرر طبيبه إجراء تدخل جراحي عاجل، ولكن منذ ذلك التاريخ أصبح المتحدث يأتي أسبوعيا إلى المستشفى من منطقة عين بسام بالبويرة، على أن يعود دون إجراء العملية بسبب تبريرات مختلفة، منها انشغال الطبيب بمهمة خارج الوطن، انعدام سرير، حالات مستعصية أولية...الخ، فيما برر الكثير من أقارب المرضى المصابين بالحنجرة والكبد الذي تحدثت إليهم “الفجر” بمستشفى باشا، أن الإدارة ترفض إجراء عمليات جراحية لذويهم بحجة غياب احتياطي الدم الخاص بزمرهم في بنك المستشفى، لاسيما زمرة “أو”.
وحسب تصريحات مصادر عليمة ل “الفجر”، فإن احتياطي دم المستشفى الذي يجمع عبر تبرعات المواطنين هو الآخر طالته البزنسة، الانتهازية، والمحسوبية، مؤكدين تسجيل العديد من التدخلات لتحويل أكياس الدم إلى مستشفيات أخرى ولفائدة مرضى بعيادات خاصة أيضا وبعلم المسؤول الأول عن إدارة المستشفى، ما يطرح أكثر من سؤال حول مصير احتاطي الدم الذي تجمع من تبرعات الجزائريين.
السرطان ينخر والبيروقراطية تأتي على ماتبقى من صبر بباشا
كانت الساعة تشير تماما إلى التاسعة والنصف صباحا في يوم موال بمصلحة مكافحة السرطان بمستشفى باشا الجامعي، حين دخلت “الفجر” للوقوف على سير المصلحة، أول ما يمكن استخلاصه هو أن السرطان أصبح يحتل صدارة الأمراض المزمنة بالجزائر، لاسيما لدى فئتي الأطفال والنساء، من خلال الآلاف من الوجوه التي كانت تصطف في طابور بالمصلحة، وهي الوجوه التي رسمت عليها كل ملامح المعاناة .. دقت الساعة العاشرة ولم يشرع بعد في استقبال المرضى، اقتربنا من سيدة جاءت من ولاية المدية برفقة ابنتها المصابة بورم سرطاني في الدماغ، فقالت “منذ السادسة صباحا وأنا هنا ولم نجد من يوجهنا أو يرشدنا “، وما هي إلا لحظات حتى شرعت مكاتب التحاليل والفحوصات في استقبال المرضى لكن بمعايير لا أخلاقية تتحكم فيها البيروقراطية والتدخلات الشخصية... وبينما كان الجميع ينتظر دوره، جاءت شابة من الوجوه التلفزيونية الرمضانية برفقة ممرضين، لم تنتظر كغيرها من البشر حتى أدخلت لمكتب التحليلات، لتعطي إشارة اندلاع فوضى ومناوشات كلامية ليجيب الممرض المرافق إنه “يطبق حرفيا توصيات المدير”.
سيدة أخرى من مليانة بولاية عين الدفلى، قالت والدموع تملأ عينيها “ابنتي ابتليت بداء السرطان ومنذ 4 أشهر وأنا آتي من مليانة الى العاصمة دون أن أجري “الشيميو” هذا هو حال من ليس له وسطاء بهذه المصلحة”، مضيفة “هؤلاء وأمثالهم هم من ينتقصون منا حب بلدنا، ولم يبق أمام رئيس الجمهورية سوى التدخل العاجل لإجراء عملية استعجالية للمؤسسات الصحية نفسها التي تعاني ورما سرطانيا خبيثا”. ورغم أننا لم نتمكن من دخول مصلحة الاستشفاء الداخلي للسرطان، إلا أن الأصداء التي وصلتنا توحي بسوء حال القاعات، لاسيما بالطابق الأخير، حسب تصريح أحد الممرضين بالمصلحة، فيما قال محمد، الذي تقبع زوجته بنفس المصلحة، إن القاعات المخصصة تعرف العديد من النقائص خاصة ماتعلق بالنظافة والتهوية، إضافة الى الاكتظاظ، ولأن القائمين على المستشفى لا يهمهم سوى إرضاء مسؤوليهم ولو بالكذب والنفاق، روى لنا ولي أحد النزلاء أنه لم ينس سهر المدير على طلاء المصلحة وتوسله للمرضى بعدم إحراجه أمام وزير الصحة في أحد زياراته الأخيرة للمصلحة التي تزامنت ومناسبة العيد.
هذه هي الرداءة التي آل اليها مستشفى مصطفى باشا التي وقفنا عندها وسمعنا عنها طيلة 4 أيام بتجولنا بمختلف أروقته، وما خفي منها قد يكون أكبر وأعظم.
مستشفى مايو بباب الوادي لا يقل سوءا
مستشفى لامين دباغين بباب الوادي، “مايو “ سابقا، هو الآخر أوضاعه ومستوى التكفل بأقسامه لا تقل سوءا عن سابقيه، لاسيما بقسم الاستعجالات واستعجالات العيون والجراحة العامة، ويكفي أنك تدخل استعجالات المستشفى لتعرف مدى تطور الجريمة بالشارع الجزائري وأحيائه الشعبية من خلال صور توافد ضحايا الاعتداءات خاصة بالأسلحة البيضاء، محاولات الانتحار والاعتداءات على الأصول تحت تأثير المخدرات.
ويبقى الأمن داخل هذه المصلحة هاجس الطاقم العامل بها، لاسيما من قبل الطبيبات والممرضات، لاسيما وأن الكل يتذكر مأساة الصيف الماضي عندما وقعت معارك بالأسلحة البيضاء بداخله. وإذا كانت مصلحة الاستعجالات العامة قد عرف بعض التحسينات، فإن المواطن لايزال يعيش جحيما بمصلحة استعجالات طب العيون كانعدام الأطباء دون أي تحرك من قبل الوصاية، وفي هذا الصدد وقفت “الفجر “ بذات المكان على شبه جريمة عندما جيء بطفل لا يتجاوز عمره 11 سنة في حالة مستعجلة جراء إصابة كادت تفقأ عينه، وأمام هذه الحالة كانت المصلحة دون طبيب، قيل حسب العاملين بها بأنه الأخصائي الوحيد على مستوى المصلحة، ويشرف حاليا على حصة تطبيقية مع الأطباء الجامعيين، وما يتذمر له قاصدو المصلحة، حسب ما وقفنا عنه، لجوء الممرضين الى تقدير الإصابة، وفي هذا الصدد قال أحدهم لطالب فحص بكل وقاحة “حالتك ليست استعجالية وعليك بزيارة عيادة خاصة”.
وما وقفنا عليه بالمستشفى أيضا لجوء الادارة الى غلق جميع دورات المياه في وجه قاصدي مختلف المصالح بسبب لجوء بعض الإطارات للاستنجاد بمنظفات المستشفى لخدمة منازلهم أو مكاتبهم خارج المستشفى، حسب ما أدلى به مصدر موثوق من المستشفى.
قسم الجراحة العامة بالمستشفى، وحسب الشهادات التي وقفنا عليها بعين المكان، يعرف هو الآخر تذبذبا في برمجة العمليات الجراحية، ما جعل البعض منهم يتنازل عنها نهائيا، وهو حال عبد العزيز، الذي قال إنه مل الذهاب والمجيء منذ 7 أشهر دون أن تجرى له العملية المقررة على مستوى البطن بعد فشل الأولى بنفس المستشفى. ومن النقائص التي يعاني منها نزلاء الجراحة العامة، خاصة أولئك التي تبعد مقرات عائلاتهم عن المستشفى، سوء الوجبات الصحية، المتمثلة في خضر مسلوقة، حسب تعبير أحدهم، بالإضافة إلى إلزام النزلاء بإحضار أفرشتهم الخاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.