الجيش الوطني الشعبي : تدشين المقر الجديد للمديرية المركزية للوقود بالجزائر العاصمة    السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي تطلق موقعها الالكتروني الجديد    بولتون يحذر من تداعيات النزاع في الصحراء الغربية على أمن و استقرار إفريقيا وأوروبا    التشكيلي هاني بن ساسي يعرض أعماله بالجزائر العاصمة    بن قرينة يدعو إلى موقف حازم    لا أكل ولا ماء.. والقصف لا يتوقّف    سيناريو عالمي غير مستحب    برامج الاستيراد تودَع قبل 20 أوت    حملة تحسيسية لسائقي الدرّاجات النارية    تسليم مفاتيح لأزيد من 170 مستفيد من السكن الايجاري بوهران    الجزائر تدعو إلى إنشاء آلية أممية للأمن البحري    هذه البيوع محرمة نهى عنها الإسلام    موجة زكام حادّة تضرب الأسر في عزّ الصيف    الطبعة الرابعة للمعرض الافريقي للتجارة البينية 2025: الجزائر تتطلع إلى تحقيق النجاح دفعا للتجارة القارية    شان-2024" /المؤجلة إلى 2025 : المنتخب الوطني يرفع وتيرة التحضيرات تحسبا لمباراة غينيا    تيميمون: دربال يشدد على ضرورة استغلال المياه المستعملة المعالجة في سقي واحات النخيل    الحماية المدنية : ست وفيات و 256 جريح في حوادث المرور    إبراز تأييده و "اعتزازه بنجاح هذا الحدث العربي البارز"    العجز الدولي لوقف الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني    التصدي ومواجهة الحملات العدائية التي تستهدف بلادنا    يجب وضع ضوابط شرعية لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي    تعديل تاريخ الدخول المدرسي    يجب على فرنسا احترام القانون الدولي بصرامة    التزامات الرئيس تبون تجسّدت بالتمكين السياسي للشباب    وزيرة فرنسية سابقة أمام القضاء بسبب تصريحات عنصرية ضد الجزائريين    الجزائر ترفض بشكل قاطع المقترح الفرنسي    التقرب من المصطافين للتعريف بخدمات الشركة    سفيان فيغولي يحدد أهدافه في البطولة العراقية    3913 تدخل بفضل أنظمة المراقبة بالفيديو    مصادرة 462 كيلوغرام من اللحوم البيضاء الفاسدة    "النقافات".. حارسات التقاليد بلمسة عصرية    حملة توعوية حول الاستخدام السيئ للأنترنيت    روائع معبقة بالحياة الجزائرية في مطلع القرن 20    مراد غزال يعرض مجموعته القصصية بسكيكدة    وصيته الأخيرة "لا تعتذر عما فعلت"    تحسيس حول ترشيد استهلاك الطاقة    فولفسبورغ الألماني يعرقل صفقة انتقال عمورة إلى بنفيكا    يوسف بلمهدي:"المفتي الرشيد" ضرورة شرعية في زمن العولمة الرقمية    "الاتحاد" السعودي يحضّر عرضا جديدا لضم بن ناصر    وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية : بحث سبل تعزيز تموين السوق وضبط أسعار المواد الأساسية    وزارة الدفاع تفتح باب التجنيد في صفوف القوات الخاصة    بلمهدي في مصر للمشاركة في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء    سيدي بلعباس : تجميع أكثر من 70 ألف قنطار من الحبوب    دعوة لترشيح أفلام من أجل انتقاء فيلم روائي طويل يمثل الجزائر في الدورة ال98 للأوسكار    بلمهدي: الذكاء الاصطناعي في مجالات الإرشاد الديني والفتوى "يستوجب الحذر والضبط"    كرة القدم/ "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025: المنتخب الوطني يستأنف التحضيرات لمواجهة غينيا    القانون المنظم للنشاطات المنجمية يعزز سيادتنا الاقتصادية    سعداوي يكرم المتوجين في المسابقة الدولية (IYRC 2025)    مقر جديد لسفارة الصومال بالجزائر    الجزائر تكتب صفحة جديدة في تاريخ الرياضة المدرسية    وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات تدعو المستثمرين الصناعيين لإيداع البرامج التقديرية للاستيراد قبل 20 أغسطس    مبولحي في الدوري الجزائري    مسرحية على واجهة وهران البحرية    قويدري يستقبل وفداً نقابياً    شبكة استعجالات طبية جديدة بقسنطينة    تطهير قائمة موزّعي الأدوية لضبط السوق    المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية : فرصة لاكتشاف المواهب والتقاء التجارب    تنسيق القطاعات أثمر نجاح عمليات نقل الحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأزق نظام.. اللانظام ؟!
صيحة الفجر
نشر في الفجر يوم 09 - 03 - 2011

صدق من قال: إن الوضع في الجزائر لا يشبه مثيله في تونس ومصر، ويشبه إلى حد ما حالة ليبيا..! فالجزائر ليس بها نظام كتونس أو مصر يمكن إسقاطه وفيها فقط شبه نظام..! ولهذا يجب أن يتظاهر الجزائريون ليس من أجل إسقاط النظام بل يتظاهرون أولا لبناء نظام، ثم النضال لأجل إسقاطه بعد ذلك؟!
المطالب التي رفعها التوانسة والمصريون كانت سياسية، أما عندنا فكانت مطالب الزيت والسكر.. لأن بلادنا ليس فيها سياسة أصلا.. فالسياسة عندنا كمالية ومحرمة ولا يمكن ممارستها... لذلك فمصيبتنا أننا لا نملك نظاما يمكن أن نتظاهر ضده لإسقاطه..! حتى معارضة سعيد سعدي لم ترفع شعار يسقط النظام .. ورفعت شعار “جزائر حرة ديمقراطية” ! وهو شعار يعود لفترة الثمانينيات.. أي أن الحالة السياسية الحالية للبلاد أصبحت عاجزة حتى عن إنجاز الشعارات.. فما بالك بممارسة السياسة؟!
وقد حضرت كشاهد زور في إحدى المسيرات في أول ماي.. وشاهدت كيف ضحك أحد المواطنين على أحد المتظاهرين المغفلين حين صاح في المظاهرة “بوتفليقة.. ارحل!”، فقال له هذا المواطن: النظام في الجزائر ليس بوتفليقة.. وبوتفليقة إذا رحل لن يحل المشكل.. فقد سبق أن رحل قبله 5 رؤساء بالتمام والكمال ولم يتغير النظام، والدكتور سعدي نفسه ساهم في ترحيل اثنين منهم على الأقل.. ساهم أيضا في مجيء بوتفليقة.. ولهذا تغير بوتفليقة وتغير موقف سعدي نحو بوتفليقة ولم يتغير النظام! وإذا كان بوتفليقة قد أخطأ ويستحق أن يرحل فإن الذي يطالب برحيله ليس سعدي الذي أيده قبل 12 سنة ليكون بديلا لزروال؟!
مشكلتنا نحن في الجزائر مركبة وليست بسيطة، مثلما هي الحال عند التوانسة والمصريين.. نحن لا نعرف بالتحديد معالم النظام الذي يحكم البلاد حتى نظالب بتغييره.. ولهذا علينا أن نرفع شعار “نريد تغيير حالة اللانظام” وليس حالة النظام..!
وجود النظام بشكل واضح حالة متقدمة من الممارسة السياسية، حتى ولو كان هذا النظام فاسدا ومستبدا مثل حالة تونس ومصر.. أما بؤسنا نحن فهو وجود استبداد بلا نظام واضح المعالم يمكن أن يعطينا شرف النضال ضده لإسقاطه..!
أصدقكم القول إن فكرة “النظام” علقت بذاكرتي منذ 55 سنة على الأقل، وكانت فكرة إيجابية جدا.. فقد كنت طفلا في أواسط الخمسينيات ورأيت كيف أن مصطلح “النظام” يحمل دلالات إيجابية جدا تختلف عن الدلالات السيئة جدا الآن، فالنظام في ذلك الوقت هو الثورة، هو البطش بالإستعمار، هو البطش بالخونة والفساد.. وهو المجاهد الثائر..! حتى أني كنت أعتقد أن النظام هذا شخص بعينه، لأنني كنت أسمع الكبار يقولون: هذه معكرونة تاع النظام..! وفلان ذبحه النظام لأنه خائن.. وفلان أرسله النظام إلى القاهرة أو تونس.. وكنت أجلس في جامع الكتاتيب كقداش وأسمع المسؤول السياسي حين يجلب إلى شيخ الجامع مسبلا جديدا لأداء قسم الولاء للثورة أمامه.. حيث يجلس المسبل الجديد أمام شيخ الجامع والمسؤول السياسي للثورة، ويضع يده على المصحف الشريف ويقرأ نص القسم.. وحفظت نص القسم هذا وأنا طفل لكثرة ترديده في الجامع! يقول النص:”أقسم بالله العظيم .. نخدم النظام.. وانطبع النظام .. احفظ السر.. وأحافظ عليه ..حتى للفناء وإلا المقصود!” يقول المسبل الجديد هذا الكلام ويده على المصحف أمام شيخ الجامع!
هذا هو المعنى الذي التصق في ذهني الصغير عن النظام.. فالنظام عندي شيء أكبر من البشر وممارساتهم.. لذلك عندما يذكر الحكم الآن بفساده وبؤسه بأنه نظام أحس بالبؤس..! وأحس بالإهانة لهذه المعاني الكبيرة لمصطلح النظام!
لهذا تعجبت أول مرة عندما رأيت رئيس الجمهورية يؤدي اليمين الدستورية أمام المحكمة العليا، وليس أمام إمام جامع كتشاوة أو الجامع الكبير..! أو حتى رئيس المجلس الإسلامي الأعلى..! وقلت كيف يحلف رئيس الجمهورية أمام من يعينه في منصبه بالمحكمة العليا بمرسوم..؟! لهذا لم أتعجب عندما رأيت أحد الرؤساء يحلف ويده على المصحف، وضع له بطريقة مقلوبة.. فكانت يمينه غموسا والعياذ بالله..! فكيف يحلف رئيس على المصحف أن يحترم الدستور ثم يكون أول من يدعو إلى تعديله عندما تتعارض نصوصه مع رغباته الخاصة..؟! حتى ولو كانت هذه الرغبات الخاصة مغلفة بمصلحة عامة في التغيير..!
ما أريد قوله من هذا الطواف في ذاكرة عمرها نصف قرن، هو أن مشكل الجزائر يتسم بالتركيب والتعقيد، ويتجاوز الحال عند جيراننا وأشقائنا في تونس ومصر.. وحتى ليبيا.. نحن أنجزنا ثورة ولم نبن دولة أو حتى شبه دولة..! كما فعل التوانسة والمصريون حيث بنوا دولة بشبه ثورة..!
وحال جيراننا في ليبيا أسوأ منا لأنهم لم ينجزوا لا ثورة ولا شبه دولة..!
إن أكبر شتم يمكن أن يوجه للشعب الجزائري هو القول أنه شعب لا يريد ممارسة السياسة، بل يريد فقط الخبز والزيت والسكر، ليرضى على شبه حكم وشبه نظام. هذا الشعب الذي كان أيام الإستعمار يمارس الموت فوق الصناديق كي يمارس حقه في انتخاب من يمثله في الإنتخابات البلدية التي أنشأها الإستعمار..! هذا الشعب اليوم في الجزائر التي يقال إنها حرة ومستقلة أصبح يمارس العزوف الإنتخابي في البرلمان وفي البلديات والولايات لصالح مرشحي المال المسروق..! هل بعد هذا يمكن أن نتحدث في الجزائر عن وجود نظام يمكن أن نغيره بالمظاهرات والإضرابات؟!
مشكلتنا في الجزائر لا تشبه مشكلة تونس ولا مشكلة مصر.. ولذلك لا يمكن أن تعالج بأسلوب تونس وأسلوب مصر.. ولا بد أن تعالج بأسلوب آخر على الجزائريين ابتكاره في أقرب الآجال.. تماما مثلما ابتكر آباؤنا طريقة نضال تختلف عن طريقة تونس المغرب لتحرير البلاد من الإستعمار قبل 50 سنة.
ويخطئ من يعتقد أن الشعب الجزائري يمكن أن يقلد غيره في استعمال طرائق قد لا تساعده على بلوغ هذه.. ولكن أيضا يخطئ من يعتقد أن الشعب الجزائري أسوأ وعيا من شعب تونس ومصر.. وسيبقى همه الزيت والسكر ولا شيء غير ذلك..! شبه النظام في الجزائر هو الذي يتسم باللاوعي لحقائق البلاد وأقل إدراكا لمطالب الشعب الحقيقية..!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.