بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن، احتلت أمريكا العراق ودمرت أفغانستان! فعلى من الدور اليوم، بعد تفجيرات بوسطن، ومن هو الشيطان الرجيم الذي تخرج أمريكا أسطولها لرجمه؟ هل هي إيران التي ضربها أمس زلزال قوي، أم كوريا الشمالية التي هددت منذ أيام بتوجيه ضربة إلى قلب أمريكا؟ أم سوريا؟ سوريا التي تعاني يوميا من عشرات التفجيرات التي تخلف عشرات القتلى، ومع ذلك لم تعد تستقطب اهتمامات العالم بالصورة التي استقطبتها تفجيرات بوسطن أمس. صور الدخان والدم أعادت لأذهان الأمريكيين العدوان على بلادهم ذات سبتمبر، ورغم أن الخسائر في البشر تبقى محدودة، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بأمريكا، فإن كل العدادات يعاد ضبطها على نقطة الصفر، وتبدأ حسابات جديدة وإعادة النظر في كل شيء، سواء ما تعلق بالسياسة الخارجية، أو بالمنظومة الأمنية، لأن الذين سقطوا قتلى وجرحى هم مواطنون أمريكيون، والحكام الأمريكيون لا يتهاونون إذا ما استهدف أمن الأمريكي. ولهذا سارعت كاميرات التلفزيون لنقل صور أوباما المنشغل بالحادث وبسلامة مواطنيه وأمنهم من داخل البيت الأبيض، أوباما الإنسان يوجه التعازي، وأوباما المسؤول يؤكد على أنه لابد من العثور على المفجرين، وأوباما السياسي يقول، اليوم لسنا جمهوريين ولا ديمقراطيين اليوم كلنا أمريكيون! وتتسابق من جهتها الفضائيات الأمريكية، ونسخها في الخليج، على وصف ما حدث في بوسطن، بالعمل الإرهابي، وهي التي عودتنا على قراءة بيانات جبهة النصرة ووصف ما يحدث في سوريا بالتفجير وبالأعمال الجهادية! مع أنها كلها، سواء كانت في بوسطن أو في سوريا أو في نيويورك، تستهدف أناسا أبرياء، الكثير منهم لا علاقة له بالمخطط الذي تسعى أمريكا لتطبيقه في العالم!؟ مهما كانت حقيقة من يقف وراء التفجير، كوري أو سعودي، أو مسلم مثلما ذهب أحد السياسيين الأمريكيين على التويتر إلى الدعوة إلى قتل كل المسلمين في أمريكا، وكأن المسلمين هم وحدهم إرهابيون، فإن ما تسعى أمريكا لتطبيقه في البلدان العربية، وسعيها رفقة حلفائها في الخليج لتمكين الإسلاميين من الوصول إلى الحكم عبر انقلابات الربيع العربي، لم يحم أمريكا من التفجيرات، وها هي قوى أخرى، تعبر لأمريكا عن حقدها، وأن هناك في العالم من يعتبر أمريكا عدوا له، وأن أمن أمريكا، لن يضمنه لها تمكين الإخوان من الحكم، ولا تسليح النصرة ومشتقاتها في سوريا لإسقاط النظام السوري، وأن أمنها لا يتجزأ عن أمن العالم كله، ولن تضمن سلامة ترابها وأبنائها من التفجير، ما لم تعمل على إرساء سلم حقيقي في كل بلدان المعمورة. لا يمكن أن يشتعل نصف الكرة الأرضية حروبا وتدميرا وسبيا ودمارا، وينصب نصف سكانها أعداء لنصفها الآخر، وتنعم أمريكا بالسلم والأمن، فتفجيرات مثل تفجيرات أول أمس، يمكن أن تكرر مرات ومرات في أمريكا، وليست منظومتها العسكرية وترسانتها النووية هي من سيضمن لها السلم، ولا إخراج كل الإسلاميين والجهاديين، عفوا الإرهابيين، من ترابها وإجلاسهم على كرسي الرئاسة في بلدانهم، من سيعيد الأمن لمدن أمريكا، فيكفي نظرة سريعة على معاملاتها الدولية، لتعرف كم من أحقاد وضغائن زرعتها في نفوس الناس، ليبادلونها ذات الإحساس. تذكرت لقاء مع عميلة في المخابرات الأمريكية بثته هذه الأيام قناة روسيا اليوم، أكدت فيه المعنية، في كتاب نشرته مؤخرا، أن لا لليبيا ولا للمقرحي يد في قضية لوكربي وإنما المخابرات الأمريكية وحدها المسؤولة، بعد أن اكتشفت عناصر منها متورطة في تهريب المخدرات وجرائم، فلجأوا إلى إخفاء جرمهم بجريمة أكثر بشاعة... حدة حزام