أطلقت، هذه الأيام، غرفة الصناعة التقليدية والحرف بولاية الوادي، مشروعا طموحا لدعم الشباب والمقاولات الناشئة المهتمة بالمباني القديمة والنقش على الجبس المحلي الذي كان أهل المنطقة سابقا يستخدمونه في بناء منازلهم، قبل أن تزحف المباني الإسمنتية عليهم، وهذا بعد صرخات متعددة أطلقتها في السنوات الماضية جمعيات محلية مهتمة بالتراث وكذا هيئات منتخبة، كانت نادت سابقا بالحفاظ على الموروث التقليدي لولاية الوادي ودعم الحرفيين والفنيين والصناعيين المهتمين بهذا الجانب، والحفاظ عن قباب وادي سوف التي بدأت في الزوال من أعالي المباني. المشروع المذكور الذي يعدّ الأوّل بوادي سوف بهذا الحجم ترمي من خلاله غرفة الصناعة التقليدية للحفاظ على الطابع المعماري القديم للمنطقة التي كانت سابقا أحد المناطق الصحراوية الجاذبة للسياح، ما شجع غرفة الصناعة التقليدية والحرف بالولاية على التقرب أكثر من اهتمامات الباحثين والمنتخبين والفعاليات الجمعوية، أين تشاورت في الأشهر الأخيرة مطولا معهم لإطلاق مشروع دعم الحرف الخاصة بالجبس المحلي، والمسمّى إداريا بنظام الإنتاج المحلي (الأسبيال) المدعم مباشرة من الوزارة الوصية. وبدأ التفكير جديا في إعادة بعث البناء التقليدي القديم المميز لوادي سوف بعدما زحف البناء الإسمنتي عليها، وأصبح البحث عن حرفيين وبنائين في الجبس القديم صعب للغاية نتيجة عدم وجود مداخيل مريحة للمهتمين به، ما جعل البناء يتحول إلى تدريجا وبات يهدد بنسف الوجه القديم المأخوذ عن وادي سوف بقبابها الكثيرة. وحسب رئيس الغرفة مبروك اقرين، ل”الفجر” فإن هذا النظام الاقتصادي الفعال يخص المؤسسات الحرفية التي تنشط في نفس النشاط وتمارس نشاطها في نفس المحيط الجغرافي، مبرزا أن هذا النشاط ليس وليد اليوم، بل كان محل اهتمام غرفة الصناعة التقليدية والحرف لولاية الوادي منذ سنوات، حيث كلفت الغرفة بتطوير وتفعيل هذا النشاط سنة 2009 حيث سجلت الغرفة في تلك السنة 12 حرفيا في ظل هذا النظام استحدث فيها 27 منصب شغل. وأضاف محدثنا أنه بفضل النهج الذي انتهجته غرفته منذ تلك الفترة، لاسيما سنة 2012 و2013، تم تسجيل إلى غاية 16 ماي 2013 حوالي 207 حرفي منضوي في ظل هذا النظام، علما أن كل ورشة تحتوي بين 04 و 06 عامل أي 1035 منصب عمل مستحدث. وقد وضعت الغرفة استراتيجية مدققة في تسريع وتيرة إنجاح هذا النظام لما له من أهمية كبيرة في الرفع من مستوى المهنة والحرفي والاقتصاد المحلي، فتم توسيع من مهمة نشاطتها كهمزة وصل بين الإدارة والحرفي ودراسة المشاكل التي يعاني منها الحرفي، حيث وضع استبيان خاص بهذا النظام. كما تم تكثيف العملية الإعلامية في الأوساط الحرفية الطلابية، حيث تم إنشاء منتدى إلكتروني لعرض الحرفيين مهاراتهم الحرفية وبثها عبر العالم وبريدي الكتروني لتلقي الرسائل في أسرع وقت. كما تم وضع لوقو خاص بنظام الإنتاج المحلي SPL بالوادي، وأبرمت الغرفة اتفاقية تعاون مع المركز الجامعي بالوادي. وقد أدى كل هذا الجهد إلى إنشاء جمعية الرائد السوفية للنقش على الجبس ونسعى إلى إنشاء جمعيات أخرى تنشط في ظل هذا النظام. ولدى حديثه عن السلم التصاعدي لتطور المنتسبين للغرفة من الحرفيين المهتمين بالصناعات القديمة، قال رئيس غرفة الوادي مبروك قرين ل”الفجر”، إن مجموع مناصب الشغل المستحدثة من سنة 2008 إلى غاية 16 ماي 2013 :4334 منصب عمل مستحدث في مختلف الحرف والمهن، بعدما سجلت الغرفة سنة 2008 نحو 432 مؤهل فقط. وكان للسياسة التي انتهجتها الغرفة في بث الوعي لدى شريحة الحرفيين الأثر الكبير في تحقيق نتائج إيجابية في نسب الشباب المقبل على اكتساب شهادة تأهيل في حرفتهم، لاسيما الذين لم يسعفهم الحظ في الدراسة بمراكز التكوين المهني، مبرزا المجهود الكبير الذي بذلته غرفته من اجل إقناع الكثير من الحرفيين في القرى النائية والبعيدة من الأميين، في أهمية الانتساب إلى هذه الغرفة بسبب انتشار الجهل والأمية في بعض المناطق. بالموازاة مع ذلك أطلقت الغرفة مشاريع موازية للاهتمام بالحرفيين والنساء الماكثات في البيت، كصناعة القشابية والبرنوس والقدوارة وأيضا القفة وغيرها من الصناعات القديمة، أطلقت دعما مباشرا لهم لدعم 400 حرفي بكل الوسائل مجانا وبدون قروض مسبقة أو بعدية، والشرط الوحيد التسجيل فقط في الغرفة ليتمكن الحرفي لاحقا من الحصول عن الوسائل الداعمة له في حرفته، وأعطيت الأولوية - حسبه - للشباب بغية نقل حرفة الأجداد لجيل الشباب لأن الكثير من الحرف أضحى من الصعب إيجاد من يتقنها من الجيل الجديد الذي هجر الصناعات القديمة نحو المهن الحديثة في الاتصالات والكهرباء والمياه وغيرها.. جدير ذكره أن الغرفة تنظم دورات تكوينية منتظمة ودورية للحرفيين في مختلف التخصصات وتقدم لهم فحوصات طبية مجانية، لاسيما للحرفيين في القرى الصحراوية البعيدة ،وتشرف أيضا على تكوين المحبوسين في السجون بالوادي في مختلف الحرف.