انطلاق أشغال اللقاء الجهوي الرابع للصحفيين والإعلاميين الجزائريين    الدورة الثانية لبكالوريا الفنون: انطلاق الاختبارات التطبيقية    محكمة العدل الدولية: انطلاق جلسات لمساءلة الكيان الصهيوني بشأن التزاماته تجاه المنظمات الأممية في فلسطين    بطولة افريقيا للمحليين/غامبيا-الجزائر: المنتخب الوطني يجري حصة تدريبية بسيدي موسى    وزارة الصحة: لقاء تنسيقي لتقييم أداء القطاع    "الأونروا" تعلن عن نفاد إمداداتها من الطحين في قطاع غزة    سيما الحق في تقرير المصير..بوغالي يؤكد أهمية ترسيخ الوعي بحقوق الشعوب في أذهان الناشئة    كأس الكونفدرالية: شباب قسنطينة يفوز أمام بركان (1-0) ويغادر المنافسة    اليوم العالمي للسلامة والصحة في العمل: تعزيز الإجراءات الوقائية وترقية الترسانة القانونية    عن مسيرة الفنان محمد زينات : العرض الشرفي للوثائقي زينات.. الجزائر والسعادة    تكريما للفنان عبد الرحمن القبي.. ألمع نجوم الأغنية الشعبية في حفل فني بابن زيدون    متحدث باسم حماس: لا بديل لغزة إلا المسجد الأقصى والتحرير الكامل لفلسطين    مشروع إنتاج الحبوب والبقوليات بتيميمون بخطوات متسارعة    الجنوب.. مشاريع استراتيجية ببعد إقليمي    شكرا لك كيليا.. تتويجك الجديد فخر للجزائر    الجزائر فاعل رئيسي في دعم التعاون الإفريقي    اطمئنوا.. قطعنا أشواطا في تحقيق الأمن المائي    إجراءات استعجالية وإسكان فوري للمتضرّرين من حادثة وهران    حادث انزلاق التربة بوهران: ترحيل 182 عائلة الى سكنات جديدة بمسرغين    بداية العد التنازلي لامتحاني "البيام" و"لباك"    ترسيخ الوعي بحقوق الشعوب في أذهان الناشئة    التعاون الإعلامي من دون تشويه ومغالطات كفيل بتحقيق التقارب العربي    خطوات عملاقة لبناء دولة قوية اقتصاديا واجتماعيا    بحث التعاون بين الجزائر والهند في الصناعة الصيدلانية    شراكة جزائرية صينية    الذكاء الاصطناعي والتراث موضوع أيام تكوينية    أسبوع للابتكار بجناح الجزائر    ملف مفصل يُرفع إلى الجهات الوصية    مولودية وهران تتنفس    مذكرة تفاهم جزائرية تركية    بو الزرد: الاقتصاد الوطني يشهد نجاعةً ونشاطاً    رئيس تونس يُقدّر الجزائر    قفزة نوعية في قطاع التربية    تعزيز الأمن المائي من خلال تحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه المستعملة    حادث انزلاق التربة بوهران: مولوجي تسدي تعليمات للمصالح المحلية لقطاعها لمرافقة التكفل بالمتضررين    الجمباز الفني/كأس العالم (مرحلة القاهرة): تتويج الجزائرية كايليا نمور بذهبية اختصاصي جهاز مختلف الارتفاعات    اسبانيا: تنظيم وقفة تضامنية مع المعتقلين السياسيين الصحراويين بالسجون المغربية بجزر الكناري    القمة الإفريقية لتكنولوجيات الإعلام والاتصال : تكريم أفضل المنصات الرقمية في الجزائر لعام 2025    مؤسسات صغيرة ومتوسطة : "المالية الجزائرية للمساهمة" تعتزم بيع مساهماتها في البورصة هذه السنة    الطبعة الرابعة للصالون الدولي "عنابة سياحة" من 8 إلى 10 مايو المقبل    انطلاق أشغال الاجتماعات الدورية للمنسقين الإذاعيين والتلفزيونيين ومهندسي الاتصال العرب بالجزائر العاصمة    جيجل: وصول باخرة محملة بأزيد من 10 آلاف رأس غنم قادمة من رومانيا بميناء جن جن    تطرقنا إلى السيناريوهات العملية لإنتاج النظائر المشعة محليا    بدء عملية الحجز الالكتروني بفنادق مكة المكرمة    عطاف ينوّه بالإرث الإنساني الذي تركه البابا فرنسيس    منتخب المصارعة بخطى التتويج في البطولة الإفريقية    ابنة الأسير عبد الله البرغوتي تكشف تفاصيل مروعة    دينو توبمولر يدافع عن شايبي    انطلاق الحجز الإلكتروني لغرف فنادق مكة المكرمة    جاهزية تامة لتنظيم موسم حج 2025    عدسة توّثق جمال تراث جانت بشقيه المادي وغير المادي    حج 2025 : إطلاق برنامج تكويني لفائدة أعضاء الأفواج التنظيمية للبعثة الجزائرية    الجزائر حاضرة في موعد القاهرة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكمة عطائية
نشر في الفجر يوم 30 - 12 - 2013


اجعل الدنيا في يدك لا في قلبك
يقول ابن عطاء الله السكندري:”ما العارف من إذا أشار وجد الحق أقرب إليه من إشارته،بل العارف من لا إشارة له،لفنائه في وجوده،وانطوائه في شهوده”
العارف من بلغ من توحيده لله،وثقته بالله،وتوكله على الله،وتفويضه إلى الله،درجة تفنى فيها إرادته فيما يريده الله،وتنطوي فيها الأسباب تحت سلطان الله،وتذوب فيها المشهودات في وهج من شهود الله.
وليس معنى ذلك ما قد تتوهمه من أنه ينقطع عندئذ عن التعامل بالدنيا،وتنبَّت علاقته بالآخرين؛بل يتعامل معها ومعهم كسائر الناس،وتظل علاقته بهم كما كانت،ولكنه إذ يتعامل مع الدنيا وأسبابها لا يرى نفسه إلا مع الله، وهو إذ يمارس شؤونه مع الناس وينشط في قضاياهم الاجتماعية وغيرها،لا يعلم من حاله إلا أنه يتعامل مع الله،ويعبّر عن هذا كله خير تعبير ما هو مأثور من قول أبي بكر، عن نفسه: ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله معه وقبله وبعده،كما يعبّر عنه قول الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله:”كن ظاهراً مع الخلق، باطناً مع الحق”
وعلى سبيل المثال: فإن أحدنا يعود إلى نفسه عندما يرى محناً تطوف به،فيتعامل مع تلك المحن بإحدى حالتي الجمال أو الجلال، فإن تغلبت عليه حال الجمال، استقبل تلك المحن على أنها سبب لعلوّ مرتبته عند الله فاستبشر بها ورأى فيها مصدر خير.وإن تغلبت عليه حال الجلال رأى فيها -أي في تلك المحن- نذير شر، إذ هي فيما غلبت على ظنه ثمرة لذنوبه وإعراضه عن الله..
غير أن العارف الكامل يتسامى عن هذه الحال،إذ هو في وضع لا شأن له فيه بنفسه قط،إنه مستسلم في كل تقلباته والأطوار التي تفاجئه، لإرادة الله،ثم إنه ليس معنيا إلا بما يرضي الله عنه.
إنه ذاهل عن حظوظ نفسه،فكيف يلتفت إلى الإشارات التي تبعث لديه مشاعر الفرح بما سينالها من خير،أو التي تبعث لديه مشاعر الحزن بما ينالها من بؤس وكرب؟
وسلم النخبة من الصحابة ومن يليهم من العارفين إلى ذلك هو سلّم الحب، فإذا تزايد الحب في القلب لمولاه وخالقه عز وجل، غابت عن مشاعر المحب حظوظ نفسه،وأعرض عن الفائدة التي تعود إليه بفائدة أو خسران واتجه القصد كله إلى سبيل القرب من الله ونيل المزيد من مرضاته.
ولا سبيل إلى ذلك إلا بفناء العبد عن أفعاله الذميمة وأحواله الخسيسة أولاً ثم فنائه عن نفسه وعن الخَلق بزوال اهتمامه بنفسه وبالناس، بحيث يكمل انصرافه إلى ربه وشغله به،من دون الخلائق أجمع.
إلا أن هؤلاء الصالحين يتعاملون مع الدنيا رغم ذهولهم عنها،بل عن أنفسهم أيضا..ومعنى هذا أن الذهول عن الشيء لا يستدعي عدم التعامل معه.. فهم يأكلون ويشربون ويتجملون ويلبون أمر الله بعمارة أرضه إلا أنهم يكونون في كل ذلك في حال شهود مع الله..
وكم من فرق بين من يلهو بالدنيا مندفعاً إليها بالحب محجوباً بها عن الله،وبين من يجندها ويذللها لمرضاة الله.
وإن لأسألك: أفسمعت أن عاقلاً شدّت به دابته إلى لقاء ملك محبوب عظيم مهيب،ثم لم يذهل بلقياه عن الدابة التي تدنيه إليه، على الرغم من أنه يمتطي صهوتها،متمكناً منها، موقناً بوجودهاً؟
تلك هي الدنيا مطية إلى الله،فمن ذهل بالله عنها أوصلته وأسعدته،ومن ذهل بها عن الله أسقطته ثم أعطبته، وتقطعت به الآمال والسبل.
العارف إذن هو من أضاف إلى ظاهر الالتزام بالشرع باطن الفناء عن الدنيا بشهود الله،فكان هذا الباطن أساس البناء،وكان ذاك الظاهر هو الثمرة والقطاف،ولا يصلح حال المسلم إلا بتوفر كلا الجانبين.
المرحوم الشيخ سعيد رمضا ن البوطي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.