الفريق أول السعيد شنقريحة من الناحية العسكرية الثالثة    وزارة الشؤون الخارجية توضّح    القادة يُشدّدون على توحيد المواقف وتكثيف التشاور    لعقاب ينهي مهام مديرين    هوية رقمية للجزائريين    اجتماع حول استراتيجية المركز الوطني للسجل التجاري    80 بالمائة من الجزائريين يستفيدون من الأنترنت    هذا جديد سوق السيارات في الجزائر    مجلس الأمة يشارك في مؤتمر بإسطنبول    غزّة على رأس أولويات الجزائر    غزّة تحت القصف دائماً    مولودية الجزائر تقلب الطاولة على شباب قسنطينة وتبلغ نهائي كأس الجزائر للمرة العاشرة    الاستخدام العشوائي للنباتات الطبية.. عواقب وخيمة    الجزائر تشارك في معرض تونس الدولي للكتاب    تأسيس جائزة وطنية في علوم اللغة العربية    اختتام ملتقى تيارت العربي للفنون التشكيلية    فلاحة: السيد شرفة يبحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون    مباراة اتحاد الجزائر- نهضة بركان : قرار الكاف منتظر غدا الاربعاء كأقصى تقدير    قسنطينة: السيد عون يدشن مصنعا لقطع غيار السيارات ووحدة لإنتاج البطاريات    فتح صناديق كتب الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس الموقوفة على جامع الجزائر    وزير الداخلية: استلام 134 منطقة نشاط مصغرة مع نهاية 2024    وهران: إيفاد لجنة من وزارة التربية الوطنية للنظر في أسباب سقوط سقف لقسم بمدرسة ابتدائية    تكتل ثلاثي لاستقرار المنطقة ورفاه شعوبها    الجامعة العربية تجتمع لبحث تداعيات استمرار جرائم الاحتلال    تقرير دولي يفضح ادعاءات الكيان الصهيوني حول "الأونروا"    ضرورة توفر وسائل إعلام قوية لرفع التحديات    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    الشفافية والصرامة في إعداد دفتر شروط التجهيزات الطبية    العماني: مواقف الجزائر مشرفة في المحافل الدولية    التحكم في الرقمنة لتحسين خدمات قطاع العدالة    لا تزال الأزمة تصنع الحدث في الساحة الرياضية: بيان رسمي .. اتحاد العاصمة يعلّق على عدم إجراء مباراته أمام نهضة بركان    لا مفر من الرحيل عن ليل: بعد إهانة ليل.. صديق آدم وناس يكشف "المؤامرة "الفرنسية    محطة تضمن 50 رحلة طويلة يوميا ومؤسسة حضرية هامة    شلالات "كفريدة" تستعيد جمالها    الحاجة الاقتصادية والاجتماعية لضبط عروض التكوين في الدكتوراه    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    سقوط عامل من الطابق السادس لعمارة    90 بالمائة من الأبناء يفشلون لعدم الاهتمام بمواهبهم    العاصمة.. إحصاء 248 مشروع تنموي في مختلف القطاعات    المنتخب الوطني يتعادل أمام نظيره التونسي    إشادة ألمانية بأول تجربة لشايبي في "البوندسليغا"    بلومي هداف مجددا في الدوري البرتغالي    ماندريا يُعلّق على موسمه مع كون ويعترف بتراجع مستواه    قصف ومجازر وسط القطاع واقتحامات للمسجد الأقصى    تمنطيط حاضرة للعلم والأعلام    الوقاية خير من العلاج ومخططات تسيير في القريب العاجل    رجل الإصلاح وأيقونة الأدب المحلي    مطالب بحماية الشعب الصحراوي من الاضطهاد المغربي    دعم الإبداع والابتكار في بيئة ريادة الأعمال    معالجة 245 قضية إجرامية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    القرار سينفذ هذا الصيف: منع كراء عتاد الاستجمام و زوارق النزهة بشواطئ عنابة    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزء السابع عشر من الأحكام الصوفية عند الشيخ سي عطية، بقلم: الدكتور حمام زهير
نشر في صوت الجلفة يوم 31 - 08 - 2013


رسالة شرح الدرة الثمينة في مدح قطب زنينة
سيدي عبد القادر بن مصطفى طاهري
للإمام القدوة الشيخ مسعودي أعطية بن المصطفى أنعم الله عليه في جنة الرضوان
هذه رسالة زكية معبقة بالجواهر الحسان النقية، أسلف واضعها عليه الرحمة الشيخ "سي أعطية بن مصطفى الحسيني" نظما موزونا من عبيرا لزهد والصوفية الماثلة في بواطن العارف التي لا يعلمها إلا مكاشف بنية الحق تعالى، من حيث أتاه ولا علم لنا بما أتاهما، لأنه شيخ متصوف عارف بالله ضامنا منه التوفيق والصلاح، وما إن طلباه إلا استجاب لهما "اللهم ما نفعنا بهما" من بركاته سيدي المصطفى الذي أجيبت دعواه عندما قال له المولى في العرجة الأولى ليلة الترائي من قبس الأنوار وإعراج ومكاشفته فلول الإسرار "سل تعطى" ومن توقفت دونه الملائكة وهام وعلى بركة ربه بينه وبين الجلال رمز ورمة البصر، كان الشيخان رضي الله عنهما يريانهما يقضه ومناما فكيف لا يمدح الشيخ شيخه وقد قال سيدي لحرش بين البشير بن عبد ربه الفرقاس إن أقوالنا وأفعالنا وسلوكياتنا ربما هي "سلالة من تأثر"، بدأت في حياتنا من خلال طقوس العلم التي نمارسها يوميا وبجميع تفاصيلها ولهذا يمكن إن تبرز في هذا الباب "تأثير وتأثرالشيخ سي عطية قدس الله سره بنجد عظيم متوارث عن علماء أباريز"، أملح أديم الكون بعلومهم فصارت بالمذاق نعم المذاق ونأخذ في هذا الإطار عمدة العلم ودراسة العلوم. (الشيخ عبدا لقادر بن مصطفى طاهري).
1- أحمد ربي الله إذا عرفني…بسيد في حب مولاه فيني
لا شيء أنبل للنفس من توخي "الحمد" من المولى تعالى، اعتبارا للأرزاق والفيوض الربانية التي رزق بها الشيخ سي أعطية قدس الله سره "تبركا وولجه من أبريح الفيوض المزكية بنفس الشيخ عبد القادر بن المصطفى طاهري التي أهديت إليه بلطائف ربانية، يعرفها أهل القوم "قبسا" من علوم شيء لا يظهر إلا للعارفين من متذوق الحال والمقام الربانيين، فهذه النعمة على أعلى ٌقدرها ولذتها تستهل أن يحمد الإنسان ربه عليها دهرا، وماذا بالحمد الذي ينسي الشيخ سي أعطية فضائل شيخه العارف الرباني الشيخ عبد القادر بن مصطفى طاهري، فسبيل المعرفة هو "ذوق ألاهي" يعطي للأخيار ولنا في رفقة أبي بكر مع الرسول عليه الصلاة والسلام مثالا يحتذي به، فالرفقة التي يحببها الله بين العلماء والعارفين هي "حاكميه ألاهية" أريد لها إكمال الرسالة، ولنا أيضا في رفقة "عبدا لوهاب الشعراني وعلى الخواص" ما يجعلنا نؤمن بقول الحافظ أبو نعيم رحمه الله بأن "التصوف قاعدة صدق التوجه مشروط بكونه من حيث يرضاه الحق تعالى" وقد رضي الله تعالى إذ رماه في بحر العارف الربانية للشيخ ألطاهري، هذا العالم اللوذعي الذي تشبه أعماله الصوفية بأقطاب العارف الربانية (كسيدي عبد الرزاق القشاني وألتستري وابن السبعين).
2- حصني أملأ الفؤاد…بحبه حنى رسا وادا
والخصوصية هي "درجة من المحاضرات المقامية" التي يبتغيها المؤمن الزاهد العارف بربه وتخصيصي هنا تفضيل على منقوص في القياس اللفظي، كقول أبي هريرة رضي الله "خصني" سيدي رسول الله بعلم لو بحث به لنزعوا مني الحلقوم، إذن "اصطفاء الخصوصية" وارد عند الشيخ بمقاميه رفيعة، وهذا ما بين إحساس الشيخ بالرفعة المقامية التي تعتريه بلذة روحانية من الله تعالى حيث ملا قلبه لمحبة هذا الشيخ الورع الصالح ولأجل منها سوى "محبة الرسول" و"المحبة في الله" قدسيتها محببة عند الملائكة.
وعند قوله "رسا" وفوق الجودي بالميناء، يحتمل إن هذا الحب قد اعتراه من عوارف ربانية كالتي اعترت سيدنا نوح عليه السلام عندما حمل على ظهرها من كل شيء زوجين و"الرسو" مآله أما للسفينة المبحرة من بعيد أو للجبال التي أرساها ربنا في مكانها إلى يوم الحق المعلوم، فهذه المحبة الخالصة للشيخ وضع لها العالم العارف بربه سي أعطية منتهى عندما "رسا" حبه بلا تمثل أو تشبيه في عالم روحاني، وهو يستمع إليه أو شاهد أفعاله أو قرأ أفكاره.
3- فعن هواه قط قلبي ما إرعوى…وفي سواه ما لنفسي من هوى
التزمت خصوصية المحبة قلب الشيخ سي أعطية قدس الله سره، وجعلته يجاهر بأن محبته لشيخه محبة لا نهاية لها مهما تكالبت "مكالب الزمن" من النميمة الخرساء وغيبة رعناء بهوس النفس ويقترحها الشيخ عطية محبته إلا ذاك "الهوى" الرباني وليس النزيل بدرجة الإنسانية، فالهوى ليس الذي سرى بصاحبه "فتوة" ويخرجه عن دار العقل إلى دار الجنون (1) وإنما هي محبة "طب لغوث" مبنية على اللذة الروحية العبادية المتنزهة عن أي لذة دنيوية.
الشيخ عبد القادر بن مصطفى طاهري كان فقيرا زاهدا لا يملك إلا "حمارا" والشيخ أعطية داله الذي اقتفى على نهج الشيخ أثرا، مما جعل هذا "الهوى" لسان حال الشيخ أعطية ابلغه للناس كافة، مبلغا السامع والذي يليه وهو يعلن إن قطبه "هو" سي عبدا لقادر الأول والأخير ولن تعلوا محبة هذا الشيخ أي طفرة إنسانية ماعدا أريج محمد عليه الصلاة والسلام.
4- تتم الصلاة مع سلام أدوم…على النبي ذي الطريق اللوم
ليدحض حجج المتوهمين، أهدى واجب الصلاة "على النبي"، انطلاقا من حديث المصطفى الكريم صلاة توجب الإقرار بحق محمد على البشر وتوسيع مكانته عند المولى تعالى فالشيخ سي أعطية بنزعته الصوفية منح من عورافه كل حب لشيخه، ولكنه كان يعي في ذاته الصوفية إن محمد صلى الله عليه وسلم هو "البئر والنهر والبحر" الذي لا تكدره الدلاء، يتعرف منه بصورة دائمة لأنه عين الحق والهادي إلى الصراط المستقيم.
5- محمد الأول والأصحاب ما…شفى قلوبا فيه من العمى
إن الصلاة التي أوردها "الشيخ سي أعطية" في المنظومة هي صلاة تامة على محمد وأله وصحبه مصداقا لقوله صلى عليه وسلم "سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبي" "وهذه الصلاة هي صلاة مباركة ذكرناها في الحكم "تشفي السقيم والعليل" من كل داء عددها الشيخ بعدد المسلمين في الأرض الذين أزاح عنهم "عمى البصيرة" وأصبحوا يدركون معنى وطعم الإسلام الحقيقي الذي نور طريق وكشف عنهم الظلام الدامس الذي طبع سرائر أعمالهم.
6- يا قاصد للقطب في "زنينة"…مرادفا لشوقه حنينه
"يا" النداء يستعملها الشيخ سي أعطية قدس الله سره كثيرا باعتبار إن أسلوبه إخباري كما أشير إليه في فصل الأسلوب الخبري في كثير من الأحيان والصلاة كان يعقدها العارف بربه صلاة على صورة محمد عليه الصلاة والسلام البشرية، وهي صلاة كما جاء في إيقاظ الهمم صلاة أهل الدليل والبرهان يشخصونها في قلوبهم في حال الصلاة عليه، فإذا كثروا من الصلاة عليه بالحضور بثت الصورة الكريمة في قلوبهم، فيرونه في المقام كثيرا وربما شكلت روحه الكريمة على صورة فيرونه بفيضه. يوجه الكلام لكل زائر بنية الزيارة إلى قطب المشيخة ومبدأ العارفين وفقير لا يملك ولا يملك.
7- تأن وأصغ يا أخي وصية…أعطيكها بالكامل السجية
يرتبط هذا البيت بالبيت السابق دلاليا لتوضيح "كمال السجية" وكأني بالناظم يريد إن يقصد بنصحه شخصا معينا، يلطف له من لطائف النصح، وفي حقيقة الأمر لم يقصد المريدين بل قصد كل "زائر تسلح بالنية" أعملا بالنية مباعدا الغش "وهو ماعبر عنه ملفوظ" لشوقه حنينه تظهر في البيت المشار إليه أعلاه بنية النصح طالبا من أي زائر أن يصغي إلى نصائح الشيخ العارف بربه قبل إن يطرق باب الشيخ عبد القادر بن مصطفى طاهري، إن نصائح المشايخ "الأقطاب" تحتوي على "الحكمة اليقينية" التي يحبها لله للخاصة من عباده وهو ذا يقدمها خدمة لشيخه حتى يتأدب معه أي زائر ويزداد شوقه إليه، ولنأتي ألان بالشرح الموجز لوصيته.
8- أشدد حزام همه مطهرا…من كل رجس باطنا وظاهرا
أراد أن يقول الشيخ سي أعطية قدس الله سره لذلك الزائر أن يتزود بزاد المسافر القاصد للمظاهر الشريفة فإذا كان الزاد للسفر أفضله الماء فماء الطهارة لعقد النية أصوب لحال المتشوق لوجه الصالحين المبتغي راحة البال في حضرتهم غير مدخر، من غيبة ورعونة وتسكع، لإقحام وأي إقحام أراد به تلاعبا بنية الشيوخ، ولا سوف يلقى غيا، وحدث إن جاء ذات مرة جندي فرنسي أسمه "نيزير" إلى الشيخ عبد القادر طاهري وتملق بقوله أنه يحبه ويحب المسلمين فأجابه الشيخ سائلا: أسأل الله إن يعطيك حسب نيتك في المسلمين، وبعد أيام قتل هذا الضابط في كمين رصد له من قبل المجاهدين والطهارة واجب في باب الاستجابة للدعاء، وخاصة إذا كانت طهارة بالثوب الأبيض المنقى من الدنس، عندئذ تظهر النسائم الروحانية على "العجب" خاصة إذ دعي ظاهر وباطن الإثم، فالشيخ سي أعطية كان يؤمن "بطهارة اليدين" من باطن الإثم وهي غيرة من سراديب الصوفية الحقة، إن زائر الشيخ سي عبدا لقادر طاهري يجب إن "يخلص النية" وينقى باطنه من الدنس "حتى تتوافق بنيته مع لطائف وأسارير الشيخ سي عبد القادر بن مصطفى طاهري قدس الله سره.
9- وانهض لقبر المجني عطية…ذي الفيض والإسرار والعطية
والأمر الثاني "وفعله انهض" أي لا تبقى متوهما حائرا في أي طريق، تقصد قبل ذلك أعقد الرحال قبل الفوات، ولذلك وضع فعله من الاستيقاظ عن غفلة أن تبدأ "رحلة لقبر العالم العارف سي أعطية بيض الغول وهو شيخ سي عبد القادر طاهري، لأن زيارة "ضريحه" هي بمثابة سند وشائج الوصلة لمن تعلم على يديه وتسمى باسمه الشيخ "أعطية" يذكره ذلك بلمعة صوفية، وكأنه يقصد نفسه مذكرا إياها بطول أمد عن زيارة شيخه الذي تسمى باسمه "عطية بيض الغول" وهو فيض نوراني مشع معمق بالأسرار والعوارف التي لتؤتى إلا لمن تبحروا في عالم الصوفية الأصيلة (الكتاب والسنة).
10-وقف لديه خاضعا…مستقبلا… ضريحه المقدس… المجلا
يبدأ الشيخ سي أعطية بصياغة "فعل الأمر" حيث أمر"الزائر" إلى قبر الشيخ أن يقف بكل إجلال ووقار جاعلا نصب عينيه بأنه أمام "عارف بالله" ملأت إرشاداته وأعماله ألطاف تلك الأمكنة، وعندما يستقبل ضريحه الطاهر يرفع يديه مترحما لكونه من فقراء الله الذين أغناهم في الدنيا بالتقرب إليه وفي الآخرة بالمركز المأمول بجانب سيد العالمين، إلا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
11-وسل ما شئت بالإخلاص…وود عنه طاهر الاعياص
بعدما يقف الزائر بالنية أمام ضريح الشيخ يأمره الشيخ سي أعطية بأن يسأل الله تعالى وهو قابع أمام القبر بنية الاستجابة، كما كان يستجاب للشيخ رحمة الله عليه لأن السؤال أفرده الله لعباده وقد ورد في الإخبار يا محمد سل تعطي "فالعطية" هدية مولانا للسائلين الضالعين في عبادة ربهم المستغفرين بالأسحار بقول الله في حديث قدسي "يا عبدي اطعني سأجعلك تقل لشيء كن فيكون"؟ وفي حال فراغك له تأكد أنك كنت أمام قبر طاهر الفروع والأصول "كابر عن كابر" وهذا ما يريد الشيخ إن يؤكده بان شيخه سليل شجرة شريفة ولذلك استعمل تشبيها رائعا بقوله طاهر الاعياص والعويص هو الشجر الكث.
12- وأصرف عنان الشوق للأواه…مستوصيا معونة الإله
وبعدما اكتمال مرحلة زيارة ضريح الشيخ سي أعطية بن احمد بيض القول، يأمر الشيخ سي أعطية ثانية "زائر النية" إن يولي مقصده المتشوق إلى الذي كان معينا للفقراء منفقا للمال متفشيا في الأحوال بكاء في الليل والنهار صبارا حنيفا، قيل مثل إبراهيم عليه السلام إن إبراهيم لأواه حليم التوبة 114 الساكن بزنينة وعندها بلطف نية يتوجه إلى الله تعالى سائلا إياه دعاه التوفيق وتحقيق المراد.
13- من مسجد المقبول… للزميلة… تلقى بها حركية جميلة
يبدأ الشيخ سي أعطية في سيره ألعرفاني محددا الخريطة مرور بعين الزائر فيه أقرب نقطة إلى الوصول فبعد إن يترك "مجد سي أعطية بن أحمد" يتوجه مباشرة غير مضار إلى منطقة الزميلة ومنها سيجد مركبا جميلا يقله إلى موقع الطريق المسجل أين يسكن شيخه العارف بالله سي عبد القادر بن مصطفى (قد تكون دابة أو عربة يدوية) مزركشة.
14- في سيرها تخالها تسيل…للجلفة بهالك الوصول
ولشدة إعجاب الشيخ بالمركبات أقرب الظن أنه كان يقصد "كاليش" عربة حصان وإلا ولكانت دابة لأجاد في وصفها بوصف العاديات وبوصف الأمير عبدا لقادر للخيل من مركبه يتخيل للراكب عليها إن تسيل عرقا من فرط السرعة مما يعكس صعوبة المسلك حتى وصلت إلى الجلفة بين منعرجات الزميلة والزيرة.
15- ومن هناك تمطر سيارة…كأنها في جريها طيارة
عندما يعود "زائر النية" إلى الجلفة يركب سيارة تسير مسرعة سيرها كأنها الطائرة عندما تتحرك مسرعة في ضجيج محركها وطيها للمسافات، حتى أن الناظر للطبيعة خارجها يصاب بالإغماء من شدة السرعة فلذلك شبهها بالطائرة خصوصا وأن طريق الجلفة الإدريسية، لم يكن بحالة جيدة تسمح بالسير فيه عاديا إلا إذا كانت سيارة مسرعة .
16- فأركب رفيق الأمن والسلامة…وأترك عدولا لج في الملامة
يظهران السيارات الفردية كانت في زمن الشيخ سي أعطية قدس الله سره قليلة أو نادرة وخاصة تلك المتوجهة إلى الإدريسية فعندما يركب زائر النية مركونا بدعوات الأمن والسلامة من مخاطر الطريق، يدعو الشيخ سي أعطية إذا ركبت مع نفر من القوم فلا بد إن يسألوه عن مزاره فهم أهل بلد يعرفون بعضهم بعضا، فلا ترعوي ولا تهتم كما يقولون عن زيارة الأضرحة لأن في تلك الفترة "حدثت فتن" كثيرة حول زيارة أضرحة الأولياء، وشرح عجز البيت: (واترك عذولا لج في الملامة) أي لا تتشبه بذلك "العازل" الذي يبحث عن تصويب في شكل لوم وانتقاد هدام.
17- وإن سئلت: من تريد يا فتى…وهل لذي الأسواق سؤل ثبتا
18- فقل ولا يخشى العدى… وبادر مناي تاج العصر عبد القادر
كما اشرنا سابقا كثيرا ما يتلقى المسافر أو الداخل إلى بلدة ما زائرا يسأل سؤال المعرفة ومفاده إلى أي بيت أنت زائر؟ ونهى الشيخ سي أعطية قدس الله سره "زائر النية" المتلهف بالشوق لزيارة ضريح سي عبد القادر إذا سئل أن يجهر بالقول تفاخرا غير آبه أو مبالي، بأن شوقه وحنينه ومقصده ومراده هو علامة الزمان وشيخ الفهامة سي عبد القادر بن مصطفى طاهري.
19- من بزينته توا بالغرب… أريد منه قربة بقربي
من "اسم موصول" تعود ابتدأ إلى شيخ القطبية الساكن بزينته (اسم) وزنينة "يقال أنها وجدت من قبل الرومان حيث كانت تقطنها قبائل (مغراوة) الأمازيغية ثم وفد إليها الرومان عن طريق ابنة الملك "كاستيليوم دميدي باني قلعة دمد بمسعد" المسماة بزنينة وتزوجت "بسردون" وتوجها سكان المنطقة ملكة، وبها سميت المدينة "زنينة" تقع ناحية غرب الجلفة، ولها حدود غربية مع تيارت يفضل الشيخ أعطية لزائر النية بنية القول إن هو سئل عن كثب فما يرد جوابه إلا تحقيقا وتيقنا بأنه قاصد لذي الكشف مراده والتقرب إليه والسكن في خلوات سباحاته معرفا بالطاعة لله وللرسول ولأولى الأمر، وهو في المقام الصوفي "ولي" ولي ولاية النفس همة.
20- واطو الفلا في حبه محاوزا…تلك الجبال الشم والمفاوز
ينبه الشيخ سي أعطية قدس الله سره "زائرا لنية" بأن المسافة بين الجلفة والإدريسية تدكها جبال اللاواي وأراضي واسعة خالية لأبها كلا ولا ماء، غير أن الشوق لزيارة مضارب الشيخ ستنسيه حتما طولها ووحشتها، إن وعقد العزم لأن البيت الذي سيلي يشير إلى ذلك صراحة.
21- بسرعة تقطعها للشارف…مأوى الفتى عبد العزيز العارف
أي في لمح البصر وهو في باطنه تحرير شوق ولهف لزيارة الولي عبد القادر بن المصطفى يجد الزائر نفسه قد وصل إلى مدينة الشارف التي اتخذها العالم العارف سي عبد العزيز الحاج.(1) وهو مولى الشارف ويعود آلية نسبة عرش العبازيز المغاوير، ولما كانت المسافات الطويلة "قديما" تفوق مئة كلم كانت تعني للمسافر مسافة طويلة جدا بالنظر إلى قلة وسائل النقل المتوفرة وإن وجدت فهي سيارات بدائية، يتزود صاحب السيارة بالوقود اللازم في نقطة عرفت "باستراحة الطريق" يدعو الشيخ بأنه موفق بإذن الله ولا ينتظر سوءا لأن قلبه عامر بمحبة الشيخ ومتلهف للقائه فلا يتوقع سوء بإذن الله.
22- وبشر النفس بتقريب المنى…فقد قربت ربعه بلاعنا
البيت واضح فالشيخ سي أعطية "قدس الله سره" يبشر زائر النية بأنه قد اقترب للإدريسية عندما تظهر له "الشعبة الحمراء" فهو ذا بدأ يستنشق أريج القداسة ويصطلي إلى مسامعه أصوات المريدين المهللة كالأوراد والسبوحات ولم يتبق له إلا القليل وسيسعد بزيارة تاج العارفين الشيخ عبد القادر بن مصطفى.
(ركنة شرح ) يذكر عبد الله حشلاف قائلا سيدي عبد العزيز كان قد استقر أولا بنواحي يسر وعمر هناك وكانت له زاوية مشهورة وانتفع منه خلق كثير مثل الولي الصالح سيدي عيسى بن محمد فكان لازمه اثني عشرة سنة ونال من بركاته وأسراره الحظ الأوفر، ثم انتقل إلى قرية الشارف بأنحاء الجلفة وله مقام مشهور يقصده الزوار. وخلّف ستة أولاد منهم ولي الله السيد المرسي دفين مرسيليا وقبره بها مشهور معظم مزار ولسيدي عبد العزيز فروع كرام فمنهم فرقة بقرية الشارف تعرف بعبازيز الشارف نسبهم الشريف: عبد العزيز بن عثمان بن يحي بن يحي ين موسى بن علي بن محمد بن يوسف بن راشد بن راشد بن فرقان بن سليمان بن أبي بكر بن عبد المومن بن عبد القوي بن عبد الرحمان بن إدريس بن إسماعيل بن موسى بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن سيدنا علي كرم الله وجهه وابن سيدتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
23- حتى إذا أبصرت "مغنى" تجري… ولاح نور روقه كفجر
24- فأدخل هناك ذاك المقام…وأطلب ببيت ربنا الإمام
إذا نزلت بخير محفوظا ببركة نية الزيارة، أدخل وتوغل هنيهة داخل مقامه الرباني والمقام ومكان يختلف من زاوية إلى أخرى فقد يكون "قبة" يوجد فيها ضريح أو بلا ضريح وغرفة يستقبل فيها الشيخ، المهم مهما كانت صفة المقام، داخله يشعر الزائر بالنسبة لحركة سكونية "دائرة لحملة على خفيف" فلا يعد بخير سوى أنه أمام "شيء عظيم" منطوق بالأذكار الربانية فتغمره سعادة داخلية لا يجد لها مبررا لا من خلال تلك الألطاف "الراحة السكونية" نوع من الراحة تعلوه من رأسه إلى قدميه، خاصة عندما يستنشق عبير الروائح الفيضية يزداد سكونه وورعه، وإذا وصلت ولم تجده في مقامه تأخذك تلك الألطاف إلى المسجد العتيق حيث ينزوي إلى الصلوات المفروضة مؤمما ومنفلا.
25- من سيرة النبي الأمي اقتفى…مولاي عبد القادر بن مصطفى
نهل الشيخ سي عبد القادر قدس الله روحه من ورضاب السنة العطرة من أفعال رسول الله عليه الصلاة والسلام مبتغى أثره في كل شيء مما جعل الشيخ سي أعطية قدس أباريجه ب"المالاوية "وهي درجة يميز بها الشريف العارف بربه عن غيره.
26- تجده بدرا في سماء سعد…بل شمس "فضل" بل إمام رشد
وزائر النية يحفه "الشيخ" بما سيرى لابد أنه مهد له أسباب المالاوية وعرفه بها، فحتما سيجد إماما عالما ربانيا متسامي المكانة، كأنه بدر زاخر في علياء السماء، وزاد الشيخ سي أعطية من عظم مولا ويته بتشبهه بشموس الأفضال المتعددة بكونه إمام راشد، ينتمي إلى مقامات "رجال القوم" وأهل السنة الأخيار.
27- في موكب غدا سنا الكواكب…وحوله الطلاب كالكواكب
من علامات رجال القوم الأخيار، نجد مواكبهم وحلقات ذكرهم محفوفة بألطاف السعادة سعادة النور المبتلج في محيا الشيخ عبدا لقادر مولى زنينة وهو يحدث مريديه بآثار الرسول عليه الصلاة والسلام حتى كأنما كان يقذف نوره في وجوهم يتحولون إلى" طاقات نورانية" تشبه إضاءة الكواكب الدرية من أثر النية الصافية وعقد العزم على اقتفاء العلوم من رياضة نفسية ومقاليد أخروية، فقد كانت تعرض على الشيخ الأموال والأنعام "فيوزعها مباشرة على الفقراء ومثبتا لأهلها فلا يبرحوا مقامه حتى يكملوا أكل ما أهدي إلى الشيخ سي عبد القادر، ويبتسم بما لديه "دأبه" في ذلك من دأب سيدي إبراهيم الخواص، وأبو جعفر الحداد وأبو سعيد الخزار وإبراهيم بن أدهم وسفيان الثوري.
30- سلم عليه واستلم يديه…والتزمن سكينة لديه
إفشاء السلام من السنة المؤكدة التي أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد والقليل على الكثير البخاري 6231 مسلم 2160، والتسليم في العرف الشعبي يكون بطريقة خاصة عندما يتعلق الأمر بشيخ عارف بربه، يجعل المريد أو زائر النية كأنه صغير مع بحر العلوم، ويأخذ اليدين للتقبيل جرت عليها الإجازة للوفاء والاحترام، لذلك أوصى الشيخ سي أعطية (بأن سلم على الشيخ مقبلا يديه) وفي العادة اتساع هذا الفعل من باب الاحترام والوقار وهو عمل مأخوذ بناصية الجواز بين مريدي الطرق رأيت ذلك جليا بين الطريقة الهبرية والتجانية وما أسعدهما وبعد التسليم، لا أفصح للمرء النازل بين يدي الشيخ، إلا إن يتأدب بالتزام الصمت، وباب الأدب في المجلس العلمي أوصى به المصطفى الكريم: لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن تفسحوا توسعوا (البخاري 6269- مسلم 2177).
وهذا من باب الاحترام أوصى الشيخ سي أعطية زائر النية أن يلتزم السكينة وأن لا يثرثر أو يقول شيء قد يزعج الشيخ والتزم الحياء في هذا الباب يعتبر فصلا من الأدب أمام الشيخ قال المصطفى الكريم "الحياء من الإيمان" البخاري 24 – مسلم 36.
31- وأحفظ وقار سيد الصوفية…ينهلك من موارد صفية
"وأحفظ وقار" يتم ذلك بمراعاة أساليب التأدب أمام الشيخ العالم العارف بربه، كان لا ينطق مع الشيخ وكأنه قريب وصهر أو أخ ،يبدؤه بكلام غير لائق أو فيه عجرفة، وروى عن رسول صلى الله عليه وسلم أنه كان عنده أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فدخل عثمان فغطى ركبته وقال إلا أستحي ممن تستحي الملائكة (1) منه فعلم عليه الصلاة والسلام البشر حسن المعاملة والتأدب مع الغير من سمة المسلم المحب و الشيخ سي أعطية ينزل وقار العلماء مكانهم، وخاصة شيخه الذي وصمه بنعت "سيد الصوفية"، فكيف لا يكون الوقار معهم قال شاعر:
وأنصتوا عند المذكرات…واحترموا الماضي معا والآن
وأسالوا الشيوخ عما جهلوا…وقفوا من دون مالم يصلوا
واعملوا بكل ما قد علموا…وأثروا وأعتقوا واحتسبوا
(ينهلك من موارد صفية) إذا ما اتبعت مقام الإحسان والتأدب مع الشيخ سوف يغدق عليك من علمه النقي الواصل بالكتاب والسنة عجبا ترى نور الحكمة ساطع مجل على وجهه مقسما بين عبارات كلامه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.