الجيش الصحراوي يستهدف تخندقات جنود الاحتلال المغربي بقطاع الفرسية    وزير الصحة يلتقي نظيره العماني بتونس    وزير التربية الوطنية يعطي إشارة انطلاق امتحان شهادة البكالوريا من ثانوية الإدريسي بالجزائر العاصمة    79 شهيدا فلسطينيا جراء قصف الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة    باتنة: عودة أول فوج من الحجاج عبر مطار الشهيد مصطفى بن بولعيد الدولي    كلمة السيّد زهير بلّلو وزير الثّقافة والفنون بمناسبة حفل اليوم الوطني للفنان وتوزيع جائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب علي معاشي    بكالوريا: سعداوي يؤكد ضبط كافة الإجراءات والترتيبات لإنجاح الامتحانات    انهيار المحور المقاوم وصعود إسرائيل الكبرى"    بن جامع : الكيان "يتصرف وكأنّ القانون غير موجود، أو لا ينطبق عليه"    مخيمات صيفية لفائدة 2000 طفل من أدرار وتمنراست    تتويج الفائزين بجائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب "علي معاشي"    بعد تسجيل خروقات في استغلال المصنفات المحمية، الوصاية:    حجز 85 كلغ من الكوكايين بأدرار    نشوب حرب شبه اقليمية بالمنطقة غير مستبعد    المواجهة العسكرية العلنية تستمر    تأخير استلام الطائرات الجديدة إلى سبتمبر المقبل    كهربة وسائل النّقل العمومي والفردي.. والتحوّل الطاقوي واقع    شهادة عدم تقاضي معاش عسكري إلزامية لتثبيت فترة الخدمة الوطنية    تحذيرات ودعوات دولية للتعقّل والتهدئة    الجزائر تُعرّي انتهاكات الكيان الصهيوني    مشاريع تجريبية لإنتاج وقود الطيران    الباك.. تجنّد أمني    1.7 مليون دولار لتحسين رعاية المحبوسين بالجزائر    28 ألف مترشح يجتازون امتحان البكالوريا بقسنطينة    العرباوي يشرف على إحياء يوم الفنان    نسعى إلى تطوير الإعلام العمومي    نحو جمع 90 ألف قنطار من الحبوب بالبليدة    طقوس وولائم تصل درجة البذخ    عمراني يتحسّس نوايا الإدارة قبل التحضير للموسم القادم    لو كنت في إسبانيا لأقالوني منذ أكتوبر    ''الفاف" توسّع مهمة اكتشاف المواهب محليا وأوروبيا    نصائح للمقبلين على البكالوريا    نورة علي طلحة تبدع في بانوراما الجمال والهوية    "عائد إلى حيفا" في قالمة    الطاووس يتجول بكبرياء بين ضفتي الألوان والأكوان    منع مواقد الشواء في الغابات لقلة الوعي البيئي    نشر القائمة المؤقتة للوكالات المرخّص لها تنظيم العمرة    دراجات /طواف الكاميرون 2025 /المرحلة التاسعة و ما قبل الأخيرة/: الجزائري اسلام منصوري يتقمص القميص الأصفر للمتصدر    وزير الصناعة يدعو من باتنة المتعاملين الاقتصاديين الى الرفع من نسبة الإدماج في مختلف الصناعات    الإنتاج الوطني المرتقب من القمح الصلب سيضمن الاكتفاء الذاتي لسنة 2026    أزيد من 400 أخصائي في المؤتمر الدولي ال38 لجراحة المخ والأعصاب بالعاصمة    الجمعية الوطنية للصيادلة الجزائريين تطلق حملة وطنية للتبرع بالدم    بتكليف من رئيس الجمهورية, السيد سايحي يشارك بتونس في أشغال المؤتمر الإقليمي للصحة الواحدة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    حوادث المرور: وفاة 10 أشخاص وإصابة 507 آخرين خلال ال48 ساعة الأخيرة    كرة القدم/الدورة الدولية الودية لأقل من 17 سنة /الجزائر-تونس: المنتخب الوطني يواصل تحضيراته بالبليدة    جنوب افريقيا: المؤتمر الوطني الإفريقي يجدد دعمه الثابت للشعب الصحراوي ويفند مزاعم المغرب    الكسكسي في مسابقة دولية    تسليم وثائق التوطين ل 230 مستوردا    سونلغاز في سوريا    مونديال الأندية ينطلق اليوم    وصول أول رحلة للحجّاج العائدين إلى مطار وهران    تحيين 12 ألف بطاقة "شفاء" منذ بدء العملية    اختبار مفيد رغم الخسارة    اللهم نسألك الثبات على الطاعات    القرآن الكريم…حياة القلوب من الظلمات الى النور    فتاوى : أحكام البيع إلى أجل وشروط صحته    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من عرف نفسه عرف ربه
حكمة عطائية
نشر في الفجر يوم 16 - 06 - 2014

يقول ابن عطاء الله السكندري:”كن بأوصاف ربوبيته متعلقاً، وبأوصاف عبوديتك له متحققا”.
أوصاف ربوبية الله كثيرة، ولكنها تلتقي في صفات الغنى والعز والقدرة والقوة.كما أن صفات العبودية هي الأخرى كثيرة، ولكنها تلتقي في صفات الفقر والذل والعجز والضعف.
والمطلوب من الإنسان أولاً أن يعلم أوصاف عبوديته، فإنه إن علمها علم ربوبية الله له، وأدرك أوصاف ربوبيته..وإنك إن تأملت، وجدت أن بين ألوهية الله للكون وعبودية الإنسان لله.تلازما بينا.فلا يكون الله إلهاً للإنسان إلا حيث يكون الإنسان عبداً لله، والعكس أيضا صحيح فلا يكون الإنسان عبداً لله إلا حيث يكون الله إلهاً له والعبودية تعني منتهى الذل الصادر عن منتهى الضعف والعجز.
ولكن ما الدليل على أن الإنسان متصف بهذه العبودية فعلاً؟
أي هل الإنسان يعاني فعلاً من منتهى الضعف والعجز تجاه ذي قوة مطلقة؟..
وهذا لا يحتاج إلى عميق تفكير ووعي..فحتى الدابة التي تقاد من الزمام المثبت في عنقها، لابد أن ترفع رأسها وتنظر، لتعلم من هذا الذي يسوقها إلى حيث لا تعلم..فكيف لا يبحث الإنسان العاقل عن ذلك الذي يقوده من زمام هذه الملكات والطاقات التي ركبت فيه، ليمضي به من خلالها إلى حيث يشاء؟!..
وواضح أن الإنسان إذ يبحث عن هذا المجهول له، فإنه يوقن بوجوده، وإلاّ لما بحث عنه.وحالة الجهل به ليست إلاّ سمة نقص تكتنف حال الإنسان الباحث.ولا ريب أن المطلوب منه أن يتحرر من نقصه هذا بكل ما يملك من جهد.
فإذا توجه الإنسان بعقله إلى البحث عمن يمتعه بهذه الصفات ويقوده إلى حيث يشاء من زمامها، فلسوف يعلم أنه ليس إلا خالق هذا الكون ومبدعه، فهو منشئ القوى والقدر، وهو مجرى الحياة طبق ما أقامه فيها من الأنظمة والنواميس..إنه الله عز وجل.
أجل..فهو الذي يمتعه بتلك الصفات التي ركبت فيه، دون أن يملكه إياها، وهو الذي يستعيدها منه عندما يشاء، طبقاً للنظام الذي أراده فأرساه.وهكذا، فقد صدق من قال:من عرف نفسه عرف ربه.
والآن، ما هي الخطوة التالية التي من شأنها أن تعقب معرفتك لذاتك عبداً مملوكاً لله.تفد إليك منه الطاقات والصفات التي تنفعل بها ولا تفعلها، تتمتع بها ولا تملكها؟
إن الخطوة التالية، تتمثل في أن تستكمل نقصك بكماله، و أن تفرّ من ضعفك إلى قوته، وأن تتلخص من فقرك بغناه، وأن تلوذ من مخاوفك بحصن حمايته.
وهذه هي مرحلة ممارسة العبودية، بعد مرحلة الإقرار بها.
وقد عبر ابن عطاء الله عن مرحلة ممارستها بقوله:”كن بأوصاف ربوبيته متعلقاً”وعبر عن مرحلة الإقرار بقوله:”..وبأوصاف عبوديتك له متحققاً”.
ويبدو أن كلاً من هاتين الوصفتين العظيمتين سبيل للوصول إلى الأخرى، يقول سيدي الشيخ أحمد زروق في شرحه لهذه الحكمة”ثم التعلق بأوصافه يقتضي التحقق بأوصافك، والتحقق بأوصافك يفضي إلى التحقق بأوصافه، ولكن يختلف البساط، فتارة يغلب عليك الغنى بالله، وتارة يغلب عليك الفقر إلى الله، فإذا غلب عليك الغنى بالله انبسطت بإحسانه، وإذا غلب عليك الفقر إليه رجعت إليه، بمواقف الأدب، فالأول محل البسط والكرامة، والثاني موقف الأدب والتعظيم..”
أقول:ولعل هذا الذي يقوله سيدي الشيخ أحمد زروق يصدق في حق من تجاوزا مرحلة الإبتداء إلى الله والإصطلاح معه، بعد التطوح في أودية التيه والضلال، فهم في تقلباتهم كلها مع الله..
أما الذين لا يزالون يتطوحون في تيههم، محجوبين عن مولاهم وخالقهم، فأغلب الظن أنه لابدّ لانتشالهم من التيه ولرفع الحجب المسدلة بينهم وبين الله من أن تكون البداءة بالنسبة إليه، من نقطة التعرف على الذات واكتشاف دلائل العبودية فيها..
وهكذا فإن التائه عن الله، بوسعه أن يهتدي إليه عن طريق الوقوف بتأمل وتدبر أمام مرآة ذاته، فلسوف تدله كينونته على وجود الله وخالقيته، ولسوف يدله ضعفه وعجزه على قدرة الله وقوته، ولسوف يدله فقره وذلته على غنى الله وعزته، إذ هو به يقوى بعد عجز، ويغنى بعد فقر، ويعز بعد ذل، ويأنس بعد وحشة.
ويندر أن ينجذب هذا التائه عن الله قفزاً، فوق مرحلة التعرف على ذاته، واكتشاف بصمات العبودية في تقلباته وحياته..اللهم إلا أولئك الذين يجتبيهم إليه دون وساطة جهد، ولا سلوك سبيل، أو طرق لأبواب..فهؤلاء لهم خصوصية ميزهم الله بها عن غيرهم، لا نملك أن نقع على مقياس لها أو طريق للتعرض لها، وإنما فضل الله يكرم به من يشاء، وصدق الله القائل:”الله يجتَبِي إلَيهِ مَنْ يشاءُ ويهْدِي إليهِ من يُنيبُ”.(الشورى)
المرحوم الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي (بتصرف)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.