مطلب ملح يشترك فيه الكثير من الصيادلة والمرضى من ذوي الدخل البسيط، يتمثل في التبرع بفائض الأدوية ليتم استعماله من طرف مريض آخر هو في أمس الحاجة لهذا الدواء ويعجز عن اقتنائه، خاصة في ما يتعلق بالأمراض المزمنة وتلك التي تعرف بغلاء أسعارها وقلة أو ندرة تواجدها في الأسواق المحلية. هي عادة موجودة بشكل ملحوظ في مجتمعنا الجزائري، غير أن الدعوة إلى تعميم هذه الفكرة وانتشارها مطلوبة بشدة من طرف أهل الاختصاص من جهة وذوي الحاجة من جهة أخرى، فالفكرة تبدو ومن الوهلة الأولى بسيطة، سهلة، وغير مكلفة، حيث لا تجبر المتطوع على بذل المال أو أي جهد، وذلك من خلال التبرع بفائض الأدوية التي تعج بها دواليب وثلاجات الجزائريين، وجعلها ذات فائدة أكثر عندما تصبح في متناول مريض هو بأمس الحاجة لهذا الدواء الباهظ الثمن أو النادر، والذي ينتقل من المتبرع إلى المحتاج عن طريق الصيدلي الذي يلعب دور الوسيط الخيري في هذه العملية. وفي السياق ذاته، ولأجل التعرف أكثر على سبل وخطوات القيام بهذا العمل التطوعي كانت لنا جولة في عدد من صيدليات الجزائر العاصمة، والتي لمسنا من خلالها ترحيبا كبيرا وإجماعا من طرف أصحاب المهنة على هذه الفكرة التي من شأنها رفع الغبن عن المحتاجين من جهة، وكذا مساعدة الآخرين على التخلص من الكميات الهائلة من الأدوية المكدسة في المنازل دون فائدة. إجماع كبير من طرف الصيادلة وترحيب من المواطنين ”هي فكرة رائعة، غير مكلفة، ومن شأنها المساهمة في التقليل من هموم المريض المحتاج”.. هي عبارة متكررة سمعناها من طرف أغلب إن لم نقل كل الصيادلة الذين تحدثنا إليهم، والذين أكدوا أن التبرع بفائض الأدوية إلى صيدلية الحي مثلا حل مثالي للقضاء على مشكل نقص الأدوية ندرتها، وكذا انخفاض القدرة الشرائية للمواطن البسيط الذي ترهق كاهله في كثيرة الأحيان فاتورة الدواء التي يعجز عن تسديدها. وفي السياق ذاته تقول صاحبة صيدلية بباب الزوار:”فكرة التبرع بالأدوية مستحبة وفعالة، والملاحظ من خلال إقبال المواطنين على القيام بهذه العملية هو تقليص نفقات المرضى خاصة من ذوي الأمراض المزمنة، وكذا إتاحة الفرصة للمتبرعين للاطمئنان أن فائض الأدوية الخاص بهم يتم الاستفادة منه من جهة. كما يمكنهم ذلك من التخلص من الكميات الكبيرة المكدسة من هذه المواد الصيدلانية في المنازل”. من جهته، يقول عامل بصيدلية بعين النعجة أن العملية تستحق الثناء والتشجيع، كما نوه إلى ضرورة التحسيس بشأن آخر يخص عدم اقتناء الأدوية دون وصفة طبية، وهو ما من شانه التقليل من كميات الدواء المخزنة دون وجه فائدة. وأضاف محدثنا أن من أكثر الأدوية التي يتم التبرع بها هي المضادات الحيوية التي يتم استعمالها لمدة محددة، وكذا الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، والتي تعرف عملية التبرع بها إقبالا كبيرا، خاصة من طرف المرضى المؤمنين اجتماعيا والذين يقتنون الدواء ببطاقة ”الشفاء”. المصابون بالأمراض المزمنة الأكثر تبرعا أكد أغلب الصيادلة الذين تحدثنا إليهم أن بين 5 إلى 10 أشخاص يوميا يقومون بالتبرع بالأدوية الخاصة بأصحاب الأمراض المزمنة، على غرار شرائط قياس مستوى السكري في الدم، وأجهزة قياس الضغط الدموي. في السياق ذاته تقول صاحبة صيدلية بباب الزوار، أنه من الجهة المقابلة يتم تسجيل طلبات مستمرة للزبائن من المرضى لهذا النوع من الأدوية، حيث تشير إلى أن المتوافدين عليها طلبا في الحصول على أدوية مجانية تم التبرع بها من طرف مرضى آخرين في تزايد مستمر، وذلك نتيجة إدراكهم أن عملية التطوع تعرف نشاطا كبيرا في الآونة الأخيرة، لتضيف محدثتنا أن مهمة الصيدلي فيما بعد هي تصنيف هذه الأدوية، ترتيبها، والتأكد من تاريخ صلاحيتها. وأضاف صيدلي آخر من شارع بلوزداد أن المرضى الذين يتمتعون بالتأمين الاجتماعي، والذي يقومون باقتناء الأدوية عادة ببطاقة ”الشفاء” يقومون في الغالب بالتبرع بهذه الأدوية الزائدة عن حاجتهم إلى الصيدليات، خاصة أنهم يقومون باقتناء أخرى في المرة المقبلة وبنفس الطريقة المجانية، ممكنين بذلك مرضى آخرين محتاجين من الاستفادة من هذه الأدوية المكلفة. وفي سياق آخر، أشارت إحدى الصيدليات أن المرضى من ذوي الدخل المرتفع وممن يملكون إمكانية اقتناء الأدوية المستوردة من الخارج بوسائلهم الخاصة، يقومون في الغالب بالتبرع بهذه الأنواع النادرة والباهظة لمن هم في حاجة لها ممن لا تتيح لهم ظروفهم المادية اقتناءها. من جهتهم، يرحب الكثير من المواطنين ممن التقينا بهم بهذه الفكرة الخيرية، التي اعتبروا منها كما اصطلح الكثيرون ”حجة وفرجة”، حيث تمكنهم من التخلص من الأدوية التي تملأ الدواليب دون فائدة، ومن التخفيف على مريض لا يملك ما يكفي لاقتناء أدوية مكلفة.