"أعتذر منك يا صدام حسين لأنني رقصت وفرحت يوم سقوطك، لقد نسيت مجانية التعليم ونسيت التغذية المدرسية ونسيت الخدمات الصحية المجانية ونسيت الصناعة العراقية ونسيت الزراعة وقضائك على الأمية والخطوط السريعة والأسواق المركزية وعدم السماح بالطائفية وووو.. واعتذر لأنني لم أدافع عنك وعن بلدي". الكلام للكاتبة العراقية سمر الالوسي تداولته مواقع التواصل الاجتماعي، نشرته صاحبته إثر تفجيرات الكرادة التي راح ضحيتها عشية العيد بضعة مئات أغلبهم شباب وأطفال كانوا يتسوقون لاقتناء ملابس العيد. ليست الالوسي وحدها من اعتذر، هاهو البرادعي بعد توني بلير الذي يواجه اليوم تهما وتهديدا بتجريده من لقب وزير أول بعد تقرير تشيلكوت الذي جاء فيه أن الحرب على العراق كان خطأ في التقدير وأنه لم يستنفذ كل الخيارات وأن اللجوء إلى الحرب كان آخر الخيارات وأن لا شيء يدل على أن صدام مستمر في إنتاج أسلحة كيماوية وغيرها من الملاحظات التي انتهى إليها السير تشيلكوت. التقرير جاء متأخرا جدا، بعد تدمير بلد وفتحه أمام حروب طائفية وتهجير شعبه ومحاولة محو ذاكرته وكل تراكمه الثقافي والحضاري. البرادعي من جهته يقول "غزو العراق جريمة عدوان طبقا لميثاق الجنائية الدولية، دون محاسبة المسؤولين، ستكون الرسالة أن تطبيق العدالة أمر انتقائي". وكان البرادعي يريد بهذا التكفير عن ذنبه لما كان يترأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية والخراب الذي أوقعه في العراق وتلقى مقابله نوبل للسلام، سلام على المؤامرة على هذا البلد. لست أوافق الالوسي على اعتذارها لصدام حتى وإن كانت محقة في كل كلمة قالتها، فصدام أيضا طرف في المؤامرة على العراق لمّا قبل لعب دور قذر ضد إيران وقبل خوضه معركة كسر عظام مكان المملكة السعودية وأمريكا ولما احتل الكويت ورهنها بيد أمريكا إلى الأبد. لكن ماذا ينفع الندم، وداعش تتخذ من العراق رهينة بعد أن عاثت فيه قاعدة الزرقاوي جرائم ودمار؟ المصيبة أن المؤامرة رغم هذه الاعترافات التي سبقها اعتراف وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول الذي صرح بعد مغادرته الخارجية أن العراق لم تكن به أسلحة دمار شامل وأنه كانت أكذوبة لتبرير الغزو، والتقارير ما زالت مستمرة ليس على العراق فحسب بل على سوريا وعلى المنطقة كلها، فإلى متى الضحك على الرأي العام بالكلام وبنتائج تقارير يعرفها العام قبل الخاص، بينما يبقى العراق وشعبه يدفع اليوم "أخطاء" بل ومؤامرات مخطط لها مسبقا. ماذا ينفع الشعب العراقي إن يحاكم بلير أو يجرد من لقبه وأن يتأسف باول أو البرادعي بينما يسد الجميع آذانهم وأعينهم على كل الجرائم المقترفة يوميا هناك وكل التفجيرات التي لم تعتد تختلف الواحدة عن الأخرى إلا من حيث أعداد الضحايا قبل أن يطويها النسيان. فمتى يضع هؤلاء حدا لجريمتهم؟