أوضحت المخرجة الجزائرية ريحانة مخرجة فيلم ” في هذا السن مازلت أختبئ لأدخن” أن الفيلم سبق وقدمته كمسرحية حققت نجاحا كبيرا دفعها لتقديمه كفيلم سينمائي طويل والعمل يمثل صرخة نسائية في وجه التطرف الديني والتمييز ضد المرأة، مضيفة أنها هربت إلى فرنسا حفاظا على حياتها بعد أن وضعت على القوائم السوداء لدى الإرهابيين في التسعينات. وكشفت المخرجة الجزائرية في حوار لها مع جريدة ”اليوم السابع” المصرية ” أثناء حضورها عرض الفيلم ضمن فعاليات مهرجان شرم الشيخ بمسابقة الفيلم الطويل، حيث كشفت عن كواليس الفيلم وعن مبررتها لتقديم مشاهد العري وعن جرأتها في تناول العمل وتحمل نتيجة لك بمنع عرضه في الوطن العربي للجمهور. وعن فحوى عنوان فيلمها قالت ريحانة أنه في الجزائر ينظر المجتمع للمرأة التي تدخن السجائر على أنها عاهرة وأنها إذا كانت غير ذلك فلا يحق لها أن تدخن وإلا لصقت بها تلك الصفة، ومدلول الاسم له علاقة بطبيعة العمل الكاسر للطابوهات والذي ينادي بحرية المرأة ورغم أن التدخين شيء سلبي، ولكن مدلوله مشتق من فكرة الحرية في العموم. وحول مناقشة كم كبير من قضايا المرأة الصادمة في عمل فني واحد، أوضحت المخرجة أنه في الوقت الذي كانت تعيش فيه بالجزائر كتبت مسرحيات ودائما كانت تمنع نفسها من كتابة كل ما يدور بداخلها، وهي بمثابة رقابة ذاتية على نفسها، لأن المجتمع الجزائري وقتها كان شديد التعصب، ما جعلها تسلم بيقين أنها إذا كتبت كل ما يدور بداخلها لن يخرج إلى النور، لذا عندما هاجرت إلى فرنسا قدمت كل ما يدور بذهنها في عمل مسرحي وبعد نجاحه حولته إلى فيلم ”مازلت اختبئ لأدخن” الذي حمل نفس قصة المسرحية. وأضافت ريحانة أنها هاجرت إلى فرنسا بناء على الضغوط التي تعرضت لها بالجزائر، حيث وضعت على قوائم المطلوب قتلهم من قبل الجماعات الإرهابية والمباح دمهم في التسعينات، خاصة بعد أن اغتيل مخرج آخر مسرحية قدمتها هناك بعنوان ”لحوينتة” والتي أخرجها شهيد المسرح الجزائري عز الدين مجوبي، وأيضا اغتيل مخرج فيلمها السينمائي الأخير ”الفراشات لن تطير مجددا”، حيث كتبت الفيلم وكانت الممثلة الرئيسية به واغتيل على يد المتطرفين حيث أطلقوا عليه 9 رصاصات، بعدها قررت الهجرة إلى فرنسا. وعن تأخر تقديم العمل كفيلم سينمائي، تقول ريحانة أنها في البداية قدمت قصة الفيلم كعمل مسرحي كتبته وأسندت مهمة إخراجه لمخرج رجل ليتولى تقديمه من منظور ذكوري وترى كيف سيظهر المرأة وبعد نجاح المسرحية قررت أن تقدمها كفيلم بعنوان ”مازلت اختبئ لأدخن”. وتقول ريحانة أنها تعي جيدا مسألة منع الأفلام التي تحتوي على عري من العرض بالوطن العربي، وتضيف أنها فكرت في ذلك ولكن تقول: ”إذا لم أبدا أنا بتقديم ذلك من سيبدأ؟! إضافة إلى أنني لم أقدم عريا لمجرد العري وإنما مبرر وداخل سياق الأحداث الدرامية، وكل ما فعلته أنني فتحت نافذة للمشاهد يطل من خلالها على حمام به نساء يغتسلون ويمارسون النظافة الشخصية النسائية، وبالتالي الواقع يقول أن يظهرن عاريات، ولكن كنت حريصة على ألا يكون هناك إثارة، فلم أختر أجسادا مثيرة وإنما أجسادا طبيعية لسيدات يعانين من السمنة وبعضهن من النحافة الشديدة وبعضهن كبار في السن وليس لديهن الجسد الممشوق الذي يثير الرغبة الجنسية، كما أن العمل يركز على معاناة المرأة من التطرف والعنصرية والتميز باسم الدين”. وحول طريقة تقديم العمل مسرحيا مقارنة بالفيلم، كشفت ريحانة أن المسرح يختلف عن السينما ولكن المسرحية حملت حديثا سياسيا كبيرا، لأن المسرح يتحمل ذلك، فالعرض مدته ساعتان، لذا قدمت به شقا سياسيا ربما أكثر جراءة مما قدم بالفيلم. وعن اختياراتها للمثلات، أوضحت المخرجة أنه ومنذ تقديمها المسرحية وهي تفكر في هيام عباس كبطلة في العمل، ولكن هدفها الأساسي من اختيارهن هو الثورة على العنصرية ضد الممثلات العربيات في فرنسا، حيث تعاني الممثلات من عنصرية ثقافية بحيث لا يختارون ممثلة عربية إلا في أدوار امرأة عربية وهو الدور النادر، وهذا ما يحدث رغم أنهن يتحدثن الفرنسية بطلاقة ومنهن من ولدن بفرنسا ولم يزرن بلدهن الأصلي، وهو ما عانت منه خصوصا العنصرية الثقافية في فرنسا، فعندما يبحث مخرج جزائري يعيش بفرنسا عن ممثلة من أصل جزائري يرفضن، لأن لون بشرتها فاتح عن الجزائريات، وعندما يبحث مخرج فرنسي عن ممثلة فرنسية يرفضونها بحجة أنهت من أصل عربي، إضافة إلى أن الممثلات الجزائريات رفضن المشاركة بالعمل. وعن عدم مشاركة فنانات جزائريات بالفيلم، تقول ريحانة أن كل الممثلات اللائي يعيشن في الجزائر رفضن المشاركة في العمل خوفا من جرأته، لذا قدمت العمل بفنانات يعشن خارج الوطن العربي وتم تصوير الفيلم في اليونان بحمام أثري قديم وكل الممثلين الرجال بالعمل كانوا من اليونان إلا البطل الرئيس بالفيلم كان جزائريا مهاجرا ولا يحمل جواز سفر جزائريا. وتحدثت ريحانة عن أحداث الفيلم التي جرت في عام 1995 ولكن تشعر أن أحداثه ممتدة، لأن ما يحدث الآن من داعش هو امتداد لما كان يحدث في التسعينات، ليس في الجزائر فقط وإنما كانت هناك موجة تطرف إرهابي في أغلب البلدان العربية. وفي سؤال عن كيفية تغلبها على أزمة تمويل تلك النوعية من الأفلام، أوضحت ريحانة بشير أن الفيلم قدمته باللغة العربية وباللهجة الجزائرية، وبالتالي رفضت وزارة الثقافة الفرنسية دعم الفيلم حيث ينص قانون الوزارة على أن يكون سيناريو وحوار العمل 50 بالمائة باللغة الفرنسية ليحصل على الدعم، كما رفضت الجزائر تمويله أيضا، لكن المنتجة ميشيل غافرايس زوجة المخرج الكبير كوستا غافراس تحمست لإنتاج العمل وتكلف 400 ألف أورو. وكشفت ريحانة أن العمل منع من العرض في الجزائر وبالوطن العربي بالكامل فيما عدا تونس بمهرجان قرطاج السينمائي وضمن فعاليات مهرجان شرم الشيخ بمصر، ومن المقرر أن يعرض في فرنسا أفريل الداخل بمائة صالة وبمهرجان الفيلم النسائي بفرنسا وفى ميلانو واسطنبول وألمانيا والسويد وأمريكا.