استعادت مجموع نافورات مدينة البليدة وساحاتها العمومية وحدائقها، رونقها وجمالها الذي كانت تشتهر به في الماضي، حيث تميّز دخول فصل الصيف بالبليدة هذه السنة بتدشين هذه الأماكن العمومية بعد إعادة بنائها من طرف متطوعين خواص تكفلوا بإنجازها ماليا وجماليا. فقد أصبح الزائر لمدينة الورود يلاحظ جمالها فور دخوله للبليدة، حيث أصبح معظم صناعيي ورجال أعمال المدينة يتنافسون على إنجاز هذه الأماكن وتحويلها إلى تحف فنية تخطف الأنظار من خلال التكفل بها من الألف إلى الياء سواء إنجاز الدراسة أو المخطط العمراني أو البناء أو التزيين، وذلك في وقت قياسي. وصرح محمد مساهل ملحق بديوان الوالي، أن هذا الأخير طرح فكرة على صناعيي ورجال الأعمال في الولاية تتمثل في مساهمة كل واحد منهم في بناء أو تهيئة ساحة عمومية أو مكان عمومي، مما لقي استحسانا كبيرا عند المستثمرين حيث شرعوا فعلا في تجسيد هذا الاقتراح على أرض الواقع. وأوضح مساهل أن ولاية البليدة عرفت منذ عدة أشهر ديناميكية كبيرة يشهد لها العام والخاص، وذلك بفضل المنهجية التي يتبعها الوالي عبد القادر بوعزقي الذي يعتبر أن الجهود التي تقوم بها الدولة وحدها لا يمكن أن تفي بالغرض، ولا تكون كافية لذلك كان يدعو في كل فرصة المواطنين والمجتمع المدني ورجال الأعمال والصناعيين إلى المشاركة في تنمية بلديات الولاية. ومن هنا تمّ دعوة هؤلاء المستثمرين على كثرتهم -يضيف المتحدث- للإنخراط في هذه الديناميكية والمشاركة حيث يختار كل واحد منهم فضاء وينجز فيه حدائق وفضاءات تسلية، وهو المسعى الذي عرف تجاوبا فاق كل التوقعات وبدأنا نقطف ثمار هذه المشاريع حيث تمّ خلال شهر رمضان تدشين عدة مواقع تم تأهيلها وصيانتها أو بنائها أنجزها خواص بمالهم الخاص وبدون أي تمويل من الدولة. والي البلدية يدعو لرد الاعتبار لجميع البلديات وكشف ذات المسؤول أن هناك حوالي 20 عرضا للتكفل بمشاريع مماثلة تم إنجاز عشرة منها، مشيرا إلى أن بوعزقي أعطى توجيهات بعدم التركيز فقط على عاصمة الولاية بل الخروج إلى البلديات الأخرى، إذ دعا كل مستثمر إلى إنجاز مشروع لتزيين المحيط على مستوى البلدية التي ينشط أو يقطن فيها، وذلك بهدف تعميم الفكرة على جميع بلديات الولاية. من فكرة المساهمة إلى المنافسة ولعل الشيء الملاحظ عند المحسنين المتطوعين، هو تحوّل هذه الفكرة من المساهمة في الاقتراح المقدم إلى المنافسة حيث أصبح كل مستثمر يحاول إنجاز ساحة أو فضاء أجمل وأبهى من الساحة التي أنجزها منافسه، وهو ما عاد بالفائدة على مدينة البليدة التي أضحت تلبس أبهى الحلل حيث أصبح الساحات العمومية مزينة بالعشب الأخضر الطبيعي والورود، تتوسطها نافورات المياه الملونة التي تتعالى وتتراقص وتم تزيين الأشجار بمصابيح صغيرة ملونة مما صنع فرحة الجالسين فيها من مواطنين من مختلف الأعمار، وحتى النساء أصبحن يخرجن مع أطفالهن للجلوس والسهر في هذه الأماكن العمومية، وهو المنظر الذي افتقدته المدينة منذ سنوات عدة. وبعد أن كانت هذه الساحة العمومية مكانا بدون روح، تحولت إلى جوهرة حيث تمّ إحاطة النخلة الشماء التي كانت موجودة فيها بأسوار صغيرة ذات هندسة معمارية رائعة وإنجاز بناء من الرخام على شكل كتاب كبير يحمل أسماء 340 شهيد من شهداء المنطقة ونافورة للماء تعمل بنظام الاسترجاع. كما أحيطت هذه الساحة الجميلة بسياج حديدي مزخرف وتمّ تبليط الأرضية ببلاط ذي ألوان زاهية منظره يسر الجالس فيها والمار بها على حد سواء. كما قام نفس المستثمر بإنجاز حوالي 20 مرحاضا عموميا موزعة على مختلف البلديات تمّ إسناد تسييرها لشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك في التفاتة لخلق مناصب شغل لهذه الشريحة من المجتمع. ويرفض هؤلاء المتطوعون دائما الإدلاء بتكلفة الإنجاز، وذلك حفاظا منهم على عدم خسران الأجر جزاء هذا العمل الخيري. كما تطوع المقاول عايد محمد بإنجاز حديقة جميلة بحي بن بوالعيد تتوسطها نافورة للمياه مزيّنة بالعشب الطبيعي والمصابيح، إلى جانب تهيئة ساحة القدس بوسط المدينة حيث أصبح هذين الفضاءين لوحتين فنيتين ساهمتا في إبراز جمال مدينة الورود أكثر فأكثر. وقام صناعيون آخرون بإنجاز مشاريع مختلفة تتمثل في تزيين مداخل المدينة وإنجاز الحدائق وتنصيب شاشات عرض كبيرة تعرض درجات الحرارة ومختلف التظاهرات المنظمة، وذلك في كل من بلديات البليدة واولاديعيش وبني مراد وهو ما استحسنه المواطنون، مؤكدين أن هذه الديناميكية تساهم لا محالة في استرجاع لقب مدينة الورود عن جدارة واستحقاق. استرجاع لقب البليدة وريدة هو الهدف وبخصوص هذه المبادرة، أوضح عبد القادر طيب الزغايمي أحد المستثمرين المتطوعين أن الفكرة التي طرحها والي الولاية تهدف لاسترجاع لقب البليدة وريدة، وهي تهدف إلى تحسيس المتعاملين الاقتصاديين على المساعدة في تجسيد هذه الفكرة من خلال إنجاز أو إعادة تهيئة ولو فضاء صغير لتزيين الشوارع والأحياء. كما ينوي ذات المتحدث تجسيد مشاريع أخرى في مداخل المدينة، على غرار إنجاز حديقة كبيرة للأطفال ومطعم وفضاء للعب ومساحات خضراء على طول وادي سيدي الكبير وضواحي حي دريوش، حسبما أوضحه.