عطاف يستقبل مبعوث ماكرون    نزوح 810 آلاف فلسطيني من رفح    الإصابات التي يتعرّض لها الفلسطينيون غير طبيعية    براهيمي مرشّح لجائزة الأفضل    هذا ما طلبه الرئيس من الحجّاج    عين ولمان في سطيف : حجز 365 وحدة من المؤثرات العقلية    مجلس الأمن: بطلب من الجزائر وروسيا والصين أعضاء المجلس يقفون دقيقة صمت ترحما على أرواح الرئيس الإيراني ومرافقيه    سكك حديدية: إطلاق برنامج لربط 16 صومعة لتخزين الحبوب قريبا    عين عبيد في قسنطينة : مديرو الابتدائيات يلوحون بوقفة احتجاجية للمطالبة بالسكنات الالزامية    تسخير كافة الإمكانيات لاستحداث قاعدة بيانات دقيقة : والي خنشلة يعطي إشارة انطلاق الإحصاء العام للفلاحة    سوق أهراس: الوالي يعاين عدة مشاريع في أولاد إدريس وعين الزانة    بمناسبة "يوم الطالب" : والي سكيكدة تكرم طلبة متميزين بجامعة 20 أوت 1955    قسنطينة : تنظيم يوم دراسي علمي تحت شعار "نحو تقديم أحسن خدمة للمريض"    التنظيمات الطلابية تشيد ب"النقلة النوعية" التي حققها قطاع التعليم والبحث العلمي خلال السنوات الأخيرة    بمشاركة وزير الري.. افتتاح المنتدى العالمي ال10 للماء ببالي    زيتوني: مشروع "فينكس بيوتيك" سيشرع في تسويق منتجاته الصيدلانية في غضون 18 شهرا    السيتي بطلا للدوري الإنجليزي لرابع مرّة توالياً    تعرّضت لحملة حقد وكراهية لا تطاق بفرنسا    رئيس الجمهورية يعزي في وفاة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي    عرقاب في زيارة عمل إلى الكونغو لبحث توسيع آفاق التعاون الطاقوي    اختتام المهرجان الوطني لإبداعات المرأة    حرفة عريقة بحاجة إلى تثمين    جهود لتثمين الموقع الأثري لرجل تيغنيف القديم    جامعة الجزائر 1 تنظم احتفالية    الطالب.. بين تضحيات الماضي ورهانات المستقبل    الجزائر تواصل الضّغط على مجلس الأمن    الذكرى ال 51 لاندلاع الكفاح المسلح : تأكيد على فشل المقاربة الاستعمارية في الصحراء الغربية    عطّاف: إفريقيا تمرّ بمنعطف حاسم    إطلاق مشروع فينيكس بيوتك    السيد دربال يستعرض حالة العلاقات الثنائية مع رئيس سلطة المياه الفلسطينية    السيد دربال يتحادث ببالي مع الوزير السعودي للبيئة و المياه و الفلاحة    طواف الجزائر للدراجات : الجزائريون أمام حتمية الاستفاقة لاستعادة القميص الأصفر بعنابة    طواف الجزائر للدراجات    تفعيل تواجد الجزائر في منظمة الأمن والتعاون بأوروبا    مرافقة الطلبة في إنشاء مؤسّساتهم ومشاريعهم الابتكارية    هيئة إفتاء مصغرة لمرافقة الحجاج إلى البقاع المقدسة    الآفات الزراعية محور يوم دراسي ببسكرة    قوات الاحتلال تحاصر مستشفى "العودة" شمال غزة    إعادة تنظيم طريقة تسيير الموانئ    ربط سكيكدة بالطريق السيار "شرق-غرب" مشروع مستعجل    بحث فرص رفع المبادلات المقدرة ب700 مليون دولار سنويا    اللباس الفلسطيني.. قصة مقاومة يحاول المحتل طمسها    صور بهية ومتنوعة عن "ميموزا الجزائر"    إبراز دور الشيخ الإبراهيمي في الثورة التحريرية    جامعة الجزائر 1 "بن يوسف بن خدة" تنظّم احتفالية    دورة تكوينية لفائدة مسيري الجمعيات واعضائها ببسكرة    نحو إصدار مؤلف جديد يجمع موروث سكان "الوريدة"    محرز "الغاضب" يردّ على شائعات خلافاته مع مدرب الأهلي    كلوب بروج وأندرلخت البلجيكيَين يتنافسان لضم قادري    أندية إنجليزية تراقب اللاعب الواعد مازة    توصيات بإنشاء مراكز لترميم وجمع وحفظ المخطوطات    قتيل و5 جرحى في اصطدام تسلسليّ    حجز آلاتي حفر بعين الذهب والنعيمة    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باولو مالديني..
صخرة الدفاع الإيطالية
نشر في المشوار السياسي يوم 28 - 06 - 2017

أنجبت إيطاليا، التي اشتهرت بمدافعيها المخضرمين، ثلة من اللاعبين الموهوبين في مختلف مراكز الخط الخلفي، غير أن عنصرين اثنين تركا بصمتهما إلى الأبد على فن الدفاع في عالم الساحرة المستديرة. أولهما جيانشيتو فاكيتي، الذي سيعترف له التاريخ بفضله في تطوير دور المدافع وتمكينه من بسط سيطرته شيئاً فشيئاً على منطقته بأكملها. أما الثاني، فهو باولو مالديني، الذي يُجسد فن الأناقة الخالصة في الدفاع ويستبق تحركات المهاجمين عوض اللجوء إلى القوة والترهيب. ويقف موقع لهذا اللاعب المثالي وقفة إجلالٍ وتقدير، هذا اللاعب الذي دافع طيلة مسيرته الكروية التي دامت 24 سنة، عن ألوان فريق واحدٍ هو إي سي ميلان، حيث خاض معه 902 مباراة رسمية، كانت 647 منها في الدوري الإيطالي الممتاز. ولعل ما يدعو للإستغراب أن باولو الوسيم، رغم موهبته الفذة وأدائه الراقي، لم ينل من الإعتبار ما يستحق، وهو الذي نهل من منبع الساحرة المستديرة منذ أن كان صبياً. ولأنه نجل تشيزاري، ذلك المدافع الشرس الذي حصّن الجهة اليمنى للروسونيري بين سنتي 1954 و1966، معتمداً في ذلك على تقنية الكاتيناتشيو الخالصة، كان من الصعب على باولو أن يفلت من داء المدافع. ومنذ 1978، إلتحق بالفئات الصغرى لنادي إي سي ميلان وعمره لم يتجاوز العاشرة. وسرعان ما فرض أسلوبه الراقي بطبيعته ودقته المتناهية وتمركزه الجيد داخل الميدان والذي ما فتئ يتحسن سنة بعد سنة. وبنفس السرعة، تمكن باولو من إخراس الحناجر اللئيمة التي كانت تنعته بابن أبيه المدلل وأثبت ذاته وعلو كعبه في استقلال تام عن ظل والده.
- الموهبة والحظ
خطى باولو خطواته الأولى في الدوري الإيطالي الممتاز يوم 20 جانفي الثاني 1985 عندما أقحمه المدرب السويدي، نيلز ليدهولم، وهو زميل والده السابق، خلال مباراة فريقه أمام أودينيزي 1-1، ولم يكن عمره يتجاوز آنذاك 16 سنة و208 أيام. ومنذ الموسم التالي، أصبح باولو لاعباً أساسياً داخل الكتيبة الحمراء، ولم يكن يدرك حينها أنه وقع عقداً يمتد لأكثر من عقدين من الزمن مع نادي إي سي ميلان. ثم أنه، بالإضافة إلى مزاياه العديدة على المستوى التقني والتكتيكي والجسدي، كان يتمتع هذا اللاعب كذلك بقدر كبير من الحظ وحسن الطالع. ولعل خير مثال على ذلك، أن الفترة التي بدأ خلالها اللعب أساسياً تزامنت مع تغييرات جوهرية على مستوى النهج والتكتيك، حيث قطعت الكرة الإيطالية مع أسلوب الدفاع الأعمى وشرعت في الإعتماد على تقنية تقتضي دوراً أكبر وأبرز للمدافعين في الرواقين الأيسر والأيمن. وفي كنف هذا الأسلوب الذي أصبح دارجاً في الكرة المعاصرة، أبدع باولو وأبهر عشاق المستديرة عبر العالم في زمن بلغت خلاله المتابعة التلفزيونية لكرة القدم ذروتها. ومن حسن حظ هذا اللاعب المتألق أيضاً أنه كان ينتمي لأحد أفضل خطوط الدفاع في تاريخ الروسونيري، حيث كان يضم أسماء وازنة مثل ماورو تاسوتي وفرانكو باريزي وأليساندرو كوستاكورتا. ووسط هذه الكتيبة الذهبية، غالباً ما كان يُعهد لمالديني بشغل مركز المدافع الأيسر مع أنه كان يجيد أيضاً اللعب بالقدم اليمنى. وبعد أن قضى موسماً ونصف الموسم مع منتخب إيطاليا للشباب، كان من الطبيعي أن يدشن مشواره رفقة الأزوري ، وكانت أول مباراة يشارك فيها هي تلك التي خاضها الإيطاليون بمدينة سبليت ضد يوغوسلافيا يوم 31 مارس 1988 1-1. ومنذ ذلك التاريخ، تذوق مالديني طعم التتويج وبدأ يحصد الألقاب الواحد تلو الآخر، فتحت قيادته، فاز نادي ميلان بدوري أبطال أوروبا (5 مرات)، وبالدوري الإيطالي الممتاز (7 مرات)، وكأس الإنتركونتينينتال (مرتين)، وكأس العالم للأندية (مرة واحدة). إنه حقاً سجل مدهش خاصة وإن علمنا أنه خسر نهائي دوري أبطال أوروبا مرتين وضيع فرصة التتويج بكأس إنتركونتينينتال في ثلاث مناسبات.
- فلسفة وصدمة
يعود الفضل في كل هذه النجاحات، حسب مالديني، للفلسفة التي تؤمن بها جميع مكونات الفريق، وقد عبر عن ذلك حين قال: لطالما سعى ميلان إلى وضع أسلوب لعب خاص به، قبل أن ينكب على فك لغز خصومه، فالأشخاص يتغيرون لكن الفلسفة تظل على حالها . وعن رأيه في الهزائم، أفاد هذا المدافع الأنيق بجواب لا يخلو من فلسفة وتعقل: لقد تعلمت أن أقبلها على أنها جزء لا يتجزأ من اللعبة . وبعد تألق ونجاح قل نظيرهما، خفت توهج مالديني مع نهاية موسم 1996/1997، ووجد نفسه وحيداً بعد اعتزال مايسترو الدفاع، فرانكو باريزي. وبعد هذا المستجد قرر نادي إي سي ميلان ألا يسند رقم 6 لأي لاعب آخر بعد الآن وأن يحل مالديني محل ابن مدينة بريشيا. وبذلك، أصبح باولو كابتن الفريق، بل والمنتخب الوطني الإيطالي كذلك. غير أن الفترة التي تلت كانت عصيبة على النادي ومالديني على حد سواء، حيث واجه الأخير صعوبات جمة في التأقلم مع موقعه الجديد في خط الدفاع إلى حد اعتقد معه البعض أن نهاية تألق الفتى الأنيق باتت وشيكة. لكن مجيء ألبيرتو زاكيروني غير منحى الأمور، إذ سرعان ما فرض أسلوب دفاع يعتمد على ثلاثة لاعبين. وقد كان لهذا القرار مفعول السحر، حيث استعاد مالديني توهجه المعهود في موقعه المفضل وجدّد ميلان صلته بلقب الدوري. وما إن أتم عقده الثالث حتى استقر نهائياً في وسط الدفاع وتألق بفضل قدرته العالية على التمركز الجيد داخل رقعة الميدان.
- أكثر من مجرد ألقاب
لعل ما يدعو للأسف والحسرة في مسيرة باولو هما الهزيمتان اللتان تعرض لهما رفقة المنتخب الوطني الإيطالي وحرمتاه من التتويج بلقب غالي ونفيس. لم يكن لهذا اللاعب أي دور في الخسارة الأولى التي كانت في نهائي كأس العالم 1994، حيث انتهت النتيجة بالتعادل السلبي، ولم يشارك في ضربات الترجيح التي لم يبتسم خلالها الحظ للأزوري. أما الخسارة الثانية، فكانت في نهائي كأس الأمم الأوروبية 2000 أمام فرنسا. ورغم أن هدفي الديوك لم يأتيا من الجهة التي كان يغطيها باولو، إلا أنه كان لأول مرة ضحية قاعدة الهدف الذهبي، هذه القاعدة التي أسالت الكثير من المداد. وقد وضع مالديني حداً لمسيرته الدولية بعد إقصاء منتخب بلاده على يد كوريا الجنوبية في ثمن نهائي كأس العالم 2002 بسبب الهدف الذهبي 2-1 مرة أخرى. ورغم ذلك، يحقّ لباولو أن يفخر بمساره المثالي رفقة الأزوري ، حيث دافع عن ألوانه في 126 مباراة وتولى خلال 74 منها دور الكابتن. وقد كان هذا اللاعب أيضاً صاحب أكبر عدد من المباريات الدولية لمدة طويلة، قبل أن يخلفه المدافع الأوسط، فابيو كانافارو 136. ورغم كل ذلك، لا يمكننا أن نختصر مسار مالديني في رصيده الفريد من الألقاب، فلطالما أعطى المثال بسلوكه القويم وأخلاقه الحميدة سواء داخل الملعب أو خارجه. ومن المستحيل أيضاً أن تجد أثراً لتصرف غير لائق في مسيرة هذا اللاعب الذي عادة ما تنعته الجماهير بالرجل النبيل. ولعل خير دليل على ذلك أنه لم يتلق سوى بطاقة حمراء واحدة وكانت خلال مباراة إعدادية، علماً أنه خاض أكثر من ألف مباراة رسمية. وقبل اعتزاله بوقت قصير، أبى مشجعو إنتر، الغريم التقليدي لنادي ميلان، إلا أن يكرموا هذا اللاعب خلال آخر ديربي في مسيرته. وقد أكد في هذا الصدد قائلاً: لقد كانت مفاجأة رائعة، أستطيع أن أقول أنه على المستوى الإنساني، كانت تلك من أكثر الأمور التي غمرتني بالرضا والسعادة . وقد ظل مالديني وفياً لمبادئه إلى أبعد الحدود، من خلال مهنيته المثالية وتفانيه في إسداء الخدمة لزملائه. ولم يُرد هذا الرجل الكتوم أن يكون وداعه في احتفال كبير، بل فضل أن يكون في إحتفال موقر، على حد قوله، تماماً كشخصيتي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.