❊ دبلوماسية "التوتر الدّائم" التي يسعى روتايو لفرضها مقلقة ❊ ماكرون ألغى اجتماعا مع روتايو بشأن الأزمة مع الجزائر بسبب مواقفه المتشدّدة ❊ النّهج الباهت والضعيف للسياسة الفرنسية لا يسفر عن نتائج ملموسة ❊ الدبلوماسية الفرنسية تعطي انطباعا بأنها لا تزال في عالم الأمس أكد جان توماس لوسويور، المدير العام لمعهد توماس مور للتفكير، أن الدبلوماسية الفرنسية فشلت في إدراك معطيات الحقبة الجديدة التي يعيشها العالم، مبرزا الصراع القائم بين وزارتي الخارجية والداخلية الفرنسيتين بسبب تدخل برونو روتايو في الشؤون الدبلوماسية لباريس والتي فشلت في مواجهة خلافاتها مع الجزائر. تأسف لوسويور، في مساهمة نشرها في صحيفة "لوفيغارو" أمس، للوضع الذي آلت إليه الدبلوماسية الفرنسية بسبب فشلها في إدارة الأزمة مع الجزائر، مشيرا إلى أن البعض يبدي قلقه إزاء استراتيجية "التوتر الدائم" التي يسعى روتايو إلى فرضها. وبعد أن أشار بسخرية إلى أن "دبلوماسية النوايا الحسنة قد فشلت"، استدل الكاتب بالإجراء الأخير الذي اتخذته وزارة الداخلية الفرنسية يوم 24 جويلية المنصرم، والقاضي بمنع وصول موظفي السفارة الجزائرية المعتمدين في فرنسا إلى المناطق المحظورة في مطارات باريس لاستلام الحقائب الدبلوماسية ما جعل الجزائر تتخذ قرارات مماثلة بحق دبلوماسيين فرنسيين. وإذ عبّر عن خشية البعض من عواقب "الموقف المتشدد" لوزير الداخلية الفرنسي ، أشار لوسويور، أن هذا الشعور طال أيضا قصر الإليزيه، لدرجة دفع برئيس الجمهورية الفرنسي ايمانويل ماكرون، لإلغاء اجتماع مع روتايو بشأن الأزمة مع الجزائر، في الوقت الذي يميل فيه الكيدورسي بقيادة وزير الخارجية جان نويل بارو إلى التصالح. وأعاب المدير العام للمعهد، عدم دقة الرؤية الاستراتيجية الفرنسية تجاه الجزائر لدى جان نويل بارو، عندما يتحدث عن ضرورة عدم قطع الحوار مع الجزائر قائلا في هذا الصدد" لكن الحوار حول ماذا ولأي غاية.. إنه لغز"، كما أضاف أنه عندما يرد بارو على روتايو بأنه "لا توجد دبلوماسية مشاعر طيبة ولا دبلوماسية استياء، وأن هناك دبلوماسية فقط، فإنه لا يقول الكثير.. بل نشعر بنوع من العمل الدبلوماسي المعتاد بلا اتجاه، بلا خطوط حمراء ويظهر خائفا، ويرى نفسه غاية في ذاته، باختصار الأمر لا يعدو أن يكون حوارا من أجل الحوار". وخاطب لوسويور، عضوي الحكومة الفرنسية بالقول "نحن ننحني أمام الجزائر"، مشيرا إلى أن" النّهج الباهت والضعيف للسياسة الفرنسية لا يسفر عن نتائج ملموسة ويكفي أن نلحظ ذلك في قضايا بوعلام صنصال والصحفي الرياضي كريستوف غليز وملف الهجرة"، ليستطرد في هذا الصدد "العجز المهين لفرنسا والفرنسيين يزداد مرارة". وإبرازا للضعف الذي يعتري الدبلوماسية الفرنسية التي وصف تعاملها مع الأزمة مع الجزائر ب"الجبان"، أوضح المدير العام للمعهد، أن الدبلوماسية الفرنسية فشلت في فهم المتغيرات التي يعيشها العالم، ويدل على ذلك عجزها في التعاطي مع الاحتجاجات التي أعقبت توقيع اتفاقية التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، قائلا في هذا الصدد "نحن نعيش في عصر جديد من السيادة مع عودة الدول والتنافس والقوة والحروب بين الدول على غرار حرب أوكرانيا، الشرق الأوسط، بحر الصين مع تزايد الأطماع واستخدام الأسلحة". وأضاف أن الدبلوماسية الفرنسية تعطي انطباعا بأنها لا تزال في عالم الأمس، حيث مازالت تتبنّى شعارها المفضّل "فرنسا.. قوة موازنة"، في ظل تصاعد وبروز دول منافسة وحتى عدوة لها.