مسجد بنته امرأة ويتداول قصصه الغريبة السطايفية يشهد مسجد أبي بن كعب المعروف لدى السطايفية بالمسجد الأبيض ،الكائن بمنطقة الباز بالمخرج الشرقي لمدينة سطيف، توافد آلاف المصلين مرفقين بعائلاتهم من مختلف الأعمار يوميا لأداء صلاة التراويح، فعلى الرغم من أن المسجد لا يسع سوى 1200 مصلي، إلا أن المقبلين عليه يوميا فاق هذا العدد بكثير، ليحتلوا الساحات المجاورة للمسجد. و لعل القصص الغريبة التي يتداولها السطايفية بشغف حول المكان، زادت من شهرته و جعلته من بين المساجد الأكثر إقبالا من طرف المصلين بعاصمة الهضاب العليا. بنته امرأة من مال ورثته وقفا لها و لزوجها المسجد الأبيض نال شهرة كبيرة في سطيف و ضواحيها ، ما جعل العديد من المواطنين يقصدونه من أماكن بعيدة مثل العلمة ، عين الطريق، أوريسيا ،عين أرنات ، وغيرها . فعلاوة على تصميمه البديع الذي يشد انتباه مستعملي الطريق الوطني رقم 05، الرابط بين عاصمة الولاية و القطب الجامعي الباز، وكذا الطريق السيّار شرق غرب، فإن قصته تحاكي الزمن و تعود إلى عدة أعوام مضت، حيث تبرعت سيدة من عائلة كيراغيل، المعروفة بالثراء والجاه، بمبلغ من المال ورثته عن أهلها، لبناء المسجد كوقف لها و لزوجها المتوفي. توفيت بعد افتتاحه يتناقل السطايفية بأن هذه المرأة توفيت بعد افتتاح المسجد بأيام، عقب أدائها لصلاة الجمعة هناك ، حيث أكّد صحّة الرواية أحد أبنائها المسمى عبد الكريم كيراغال . لقد شاء الله عز وجل أن يمدد في عمرها إلى غاية انتهاء أشغال المسجد، ثم توفاها بعد ثلاثة أسابيع من ذلك، أدت خلالها صلاة الجمعة بالمسجد . مكانه مقبرة لمشاريع استثمارية توالت الأحداث الغريبة التي ارتبطت بالمسجد ، بدءا بموقعه ، فهذا الأخير سجلت به العديد من المشاريع ، على غرار بناء مركز بريدي و مركز صحي ثم فرع بلدي، و وكالة ترقية عقارية و محلات و فندق ، نظرا لموقعه الإستراتيجي الهام ، لكن كل تلك المشاريع لم تجسد. شيخ تقي بنى مصلى و حلم بمسجد بالباز منطقة الباز عبارة عن تجمع سكني يقطنه أناس بسطاء يمتهنون حرفا بسيطة ، لكن التوسع العمراني بعد تشييد القطب الجامعي لجامعة فرحات عباس، جعل سكان المنطقة يهبّون لبناء مصلى. بدأ المصلى يستقطب تدرجيا السكان المحليين و مستعملي الطريق الوطني رقم 05 و كذا الطلبة، و مع مرور الوقت أصبح لا يتسع للجميع.علما بأن المصلى قام ببنائه شيخ تقي يقيم بالمنطقة يدعى الشيخ عمّار، رفقة أبنائه و بعض الشبّان. هذا الواقع جعل الشيخ عمّار الذي يؤم المصليين ينزعج ،مثلما روى لمقربيه، ما جعله يرفع يديه للسماء بالدعاء لكي تتم توسعة المكان.و استجاب الله لدعائه بفضل تبرع السيدة كيراغيل، التي أمرت بتسريع الأشغال ، ليتم اختيار الشيخ عمار بعدها مؤذنا في المسجد الأبيض بعد افتتاحه، كما يتداول أيضا السكان رؤية إحدى التلميذات شعاعا أبيض ينبعث من المكان. تسمية المسجد الأبيض و تصميمه الفريد انطلاق الأشغال وانتهائها في آجال سريعة، جعلت المسجد الأبيض يفتتح خلال سنة 2012، و تزامن ذلك مع تواجد الشيخ عمار المؤذن في البقاع المقدسة لأداء مناسك العمرة، وبمجرد عودته سأل عن الاسم الذي أطلق على المسجد فقيل له بأنه سمي على اسم الصحابي الجليل أبي بن كعب، و أضيف له اسم "المسجد الأبيض"، كناية عن بياض جدرانه الخارجية، لينفجر الشيخ باكيا ثم أوضح بأنه رأى في منامه بأن الرسول الكريم صلى الله علي وسلم، زاره عندما ضاقت نفسه لحال المصلى الذي لم يعد يسع جموع المصلين، فأشار إليه بيده إلى مكان تواجد المسجد الحالي قائلا: "سيتم تشييد مسجد في ذلك المكان وسيطلق عليه المسجد الأبيض"، ما أدخل الجميع في حالة ذهول ،لأن الشيخ لم يكن يعلم بتلك التسمية بعد. يعتبر المسجد الأبيض من أجمل المساجد عبر تراب الولاية، حيث يتميز بتصميم رائع من الداخل، تزينه زخارف و منمنمات تسرّ الناظرين، في حين يتميز بإمكانية فتح سقفه ليتمكن المصلون من الاستمتاع بالتهوية الطبيعية، ما يجعل منه مسجدا فريدا من نوعه. النوارس تحلق حول المسجد المئات من النوارس تحلق حول المسجد، و يتساءل المصلون عن سبب تواجدها في هذه المنطقة الداخلية، بدل المناطق الساحلية. وعندما سألنا أبناء المنطقة قيل لنا بأنها جلبت من طرف المصالح المختصة لأجل حمايتها من الانقراض و إحداث التوازن البيئي، في حين جاء في رواية أخرى بأن بركة ماء كبيرة كانت موجودة في المنطقة في وقت مضى، كانت تستقطب عشرات الأنواع من الطيور المهاجرة، لكن البركة تعرضت للجفاف بسبب موجات الحر وقلة تدفق الوادي، فبقيت النوارس وفيّة للمكان . مشاريع لتهيئة فضاءات الصلاة و مواقف السيارات إمام المسجد الأبيض عبد الرزاق ضو أكد عبد الرزاق ضو، إمام المسجد ، بأنه يعتبر هذا المكان جوهرة نادرة يحافظ عليها ، وأسر لنا بأنه فخور بتوافد الآلاف من المصلين خلال شهر رمضان لأداء صلاة التراويح . وذكر الإمام بأن الأشغال لم تتوقف بعد وفاة المرأة التي بنته من مالها ، حيث سار على نهجها أبناؤها، و تم إنجاز مئذنة و خيمة عملاقة مجاورة، في انتظار تجهيز عدة أرضيات من أجل أداء الصلاة خارج المسجد. المسجد يوفّر 50 منصب عمل للشباب عندما نتطرق للشق الاجتماعي والروحي، نجد بأن المسجد الأبيض على غرار بقية المساجد الأخرى، يساهم في العديد من العمليات التضامنية ، لكنه ينفرد بتوفير أزيد من 50 منصب عمل موسمي خلال شهر رمضان للشبان البطالين، لضمان التنظيم و حراسة السيارات في المواقف المنتشرة في محيط المسجد.