الجلفة: علامة جزائرية لزيت الزيتون تتوج بميداليتين ذهبيتين بسويسرا    الجزائر واليابان تبحثان سبل تعزيز الشراكة الاقتصادية وتطورات الأوضاع الدولية    غليزان..ربط 850 مسكن بشبكة الغاز الطبيعي منذ بداية 2025    الجزائر تتألق في معرض مسقط الدولي للكتاب وتُعزز حضورها الثقافي العربي    البطولة العربية لألعاب القوى: طبعة وهران احسن من الطبعات السابقة    الجزائر/ سلطنة عمان: علاقات تاريخية وإرادة قوية في بناء شراكة استراتيجية متميزة    المؤتمر ال38 للاتحاد البرلماني العربي: "إعلان الجزائر" يجدد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية    الصحفيون الصحراويون الأسرى في السجون المغربية يؤكدون على دور الإعلام الصحراوي في توثيق جرائم الاحتلال    المقصد الإسلامي من السيرة النبوية الشريفة    فضل قراءة سورة الكهف    أحاديث في فضل صلاة الضحى    سلطان عمان يقوم بزيارة دولة إلى الجزائر    عن مصير الدولار… عودة أخرى    الموافقة على تعيين سفير الجزائر الجديد لدى غينيا بيساو    برنامج "عدل 3" : ضرورة تفعيل الحسابات وتحميل الملفات قبل 20 مايو    جوق جمعية "أهل الأندلس" تحيي حفلا أندلسيا بالعاصمة    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 52535 شهيدا و 118491 مصابا    افتتاح الطبعة ال 27 للصالون الدولي للبناء ومواد البناء والأشغال العمومية بالجزائر العاصمة    كرة القدم بطولة إفريقيا للمحليين 2025 /غامبيا -الجزائر(0-0): "أنا سعيد بالحالة الذهنية الجيدة للاعبين" (بوقرة)    محمد ديب يعود في ذكراه ال22    غزة تروي إبادتها.. الضحايا يتحدثون    وزير الصحة يلتقي برئيس اللجنة القومية للمبادرة الرئاسية لصحة المرأة بمصر    مكسب هام للحفاظ على تراث المنطقة    رواية "ألق النجوم الصيفي".. سرد الطبيعة والحياة    التنوع الثقافي عامل وحدة واستقرار    تصعيد إعلامي خطير من إعلام الإمارات    الكوارث الإنسانية ومشاهد الموت والصمت الدولي    نحو إنجاز مركز لمعالجة نفايات المذابح بالعاصمة    قبس من نور النبوة    العالم يعيش أزمات انزلق بعضها إلى حروب مباشرة"    الدرك الوطني بقيقبة توقيف شبكة إجرامية قامت بالسرقة    اليوم تنطلق عملية سحب الإستدعاءات    ارتفاع حصة الجزائر من إنتاج النفط الخام في جوان    الضرائب تطلق خدمة جديدة عبر الانترنت    وقفة ترحم على أرواح شهداء التفجير الإرهابي بميناء الجزائر    تأكيد على أهمية تعزيز التنسيق و التشاور بين أعضاء البعثة    آيت نوري مرشّح    خدمات رقمية تسهّل الدفع الإلكتروني للفواتير    إنجاح موسم الحصاد بالتحضير المسبق وتحقيق الأهداف    صحفيو غزّة يُذبحون ويقتلون على الهواء    رامز زروقي يقرر الرحيل عن فينورد الهولندي    قلعة لتكوين المقاتلين وفق معيارَي الجاهزية والكفاءة    تحسيس بأخطار المخدرات    "ريشة الحلم وألوان الواقع" في معرض تشكيليٍّ    مشاركة 150 مؤلّف و30 دار نشر في الدورة الرابعة    مسرحية "زهرة بلا أوراق" تمثل الجزائر    صناعة دمى القش.. حرفة تحاكي شخصيات الرسوم المتحركة    ماندريا يزيد الغموض حول مستقبله مع كون الفرنسي    رقمنة الموروث الثقافي مورد اقتصادي مستدام    مدرب ليفركوزن تشابي ألونسو يشيد بإبراهيم مازة    مشروع مبتكر لمن يعانون فوبيا روائح المستشفيات    بطولة افريقيا للمحليين 2025/ذهاب الدور التصفوي الاخير: المنتخب الجزائري يعود بالتعادل من غامبيا (0-0)    حج 1446ه: انطلاق أول رحلة للحجاج السبت المقبل    هذا موعد انطلاق الموسم المقبل    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للملاريا: تجديد الالتزام بالحفاظ على الجزائر خالية من المرض    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاوة زرماني يعود بنا إلى قصة "ريح سمسار"
نشر في النصر يوم 04 - 03 - 2017

تقرير من المدير تسبّب في طردي وكل الممثلين من المسرح
كشف الممثل علاوة زرماني بأن مسرحية " ريح سمسار" تشكل أهم ذكرى في مساره ، فقد تسببت في طرده من عمله بالمسرح الجهوي لقسنطينة في عهد الرئيس الأسبق هواري بومدين، و في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد استدعي لمواصلة عمله بالمسرح، إلى جانب بقية زملائه و عرضت "ريح السمسار" لأول مرة في 29 ماي1979 أمام الجمهور و تم بثها في التليفزيون الجزائري، و أكد بأن بجعبته الكثير من الذكريات و التحديات المرتبطة بمساره الفني الطويل، معربا من جهة أخرى عن أسفه، لأن الفنان الجزائري هو الوحيد في العالم الذي يحال على التقاعد و هو في أوج عطائه الفني، فيقتله الفراغ، على حد تعبيره .
التقت النصر صدفة بالفنان علاوة زرماني ، كان وحيدا كعادته أمام مبنى البريد المركزي وسط مدينة قسنطينة، وعلى يمينه مبنى المسرح الجهوي الذي قضى بين أحضانه أجمل أيام مشواره الدرامي، رد السلام بإيماءة برأسه كعادته، فكسرنا عليه صمته و هو يحدق تارة باتجاه مقهى البريد سابقا الذي تحول إلى مركز تجاري، و تارة أخرى باتجاه المقهى الذي يقابله و تم تجريده من الكراسي، سألناه في ما كان يحدّق مستغرقا، فرد بعفوية "أنظر إلى اللاشيء، أفكر في ما وراء البحر، بعد التقاعد الفراغ يقتلنا، فبلادي وحدها التي يحال فيها الفنان على التقاعد وهو في أوج عطائه، دون أن يترك له خلفا يحافظ على رسالة المسرح التوعوية و التثقيفية".
سألناه عن العمل المسرحي الذي أثر فيه ولا يزال عالقا بذهنه ولا يبرح خياله بعد تقاعده ، فرد بسرعة "ريح السمسار " و" هذا يجيب هذا"، خاصة و أن الأول كان سببا في طردي أنا و مجموعة من زملائي و توقيفنا عن العمل ونحن في مرحلة التدريبات، لقد كنت أول الموقوفين، أتذكر أنه وصلني ظرف مغلق وأنا على خشبة المسرح أتمرن، كان يحمل أمرا بتوقيفي عن العمل، فسافرت إلى الخارج مدة يومين ، ثم علمت من زميلي الممثل جمال دكار بعد حوالي أسبوعين بأن المصير نفسه طال بقية الزملاء و هم جمال دكار، عنتر هلال، زوجتي السابقة يامينة جلول، حسان بوبريوة ، عبد الحميد حباطي، عمار محسن،عيسى رداف و فاطمة حليلو، وبذلك طال الإجراء جميع فريق المسرحية ، و بالتالي تم توقيف العمل الدرامي، الذي يتطرق لممارسات داخل تعاونية الخدمات الفلاحية والديوان الوطني لتسويق الخضر والفواكه، و سوق الجملة، أضرت بالمستهلكين في عهد النظام الاشتراكي، و قد تأكدنا من تلك الممارسات بإجراء تحقيق ميداني، لقد كنا نبيت في سوق الجملة على متن سيارة عندما كان في حي الدقسي و وادي الرمال، و جسدنا الفكرة بحذافيرها، لأننا كنا نقوم بالتأليف الجماعي.كان موضوع المسرحية التي تم توقيفها عبارة عن نقد لاذع للثورة الزراعية والتعاونيات التي أنشئت في ذات الإطار، لأن الإدارة في ذلك الوقت لم يكن لها دور في موضوع العمل الدرامي، بل كان الفريق هو المؤلف والممثل والمخرج، فيما كان دورها يقتصر على توفير المستلزمات و الوسائل المتعلقة بالعمل المسرحي".
عن أسباب التوقيف قال زرماني" عرفنا بعد ذلك خلفية الإجراء الصارم الذي طال كل أعضاء الفريق، كان مدير المسرح آنذاك صهرا للوالي، فرفع تقريرا بموضوع العمل الجاري التدريب عليه، و الذي يطرح عوائق تطبيق الثورة الزراعية و مشاكل تسويق الإنتاج الفلاحي، و عدم سكوت كبار الملاك الذين أممت أراضيهم ووزعت على الفلاحين وكذا احتجاج سماسرة السوق، الذين اتخذوا من الوساطة في تسويق الخضر والفواكه، سلاحا لضرب الثورة الزراعية، وبالتنسيق مع الحزب وأصحاب القرار تم طردنا جماعيا طيلة سنة ونصف السنة من عملنا".
و أضاف المتحدث و هو يغوص بذاكرته إلى سبعينيات القرن الماضي" بعد وفاة هواري بومدين تم استدعاؤنا من جديد ورجعنا إلى عملنا، وتم إبلاغنا بمواصلة عملنا ، على الخصوص مسرحية "ريح السمسار" و إخراج كل عمل كان طي الأدراج، لم يكن حينها هدفنا لا المال ولا الشهرة، بل فقط نجاح العمل الدرامي، وتبليغ الرسالة إلى الجمهور ليرضى عنا، و كنا نرى ذلك من خلال شباك التذاكر، و عدم وجود كراس فارغة لأن المسرح كان يسكننا.
جيل اليوم يطالب بالحقوق المالية قبل الإبداع
عرضت "ريح السمسار" لأول مرة يوم 29 ماي 1979 كانت مدتها ساعة و نصف،وصوّرها للتلفزيون الجزائري المخرج لحبيب فوغالي، وعرضها بعد ذلك أحمد بجاوي في حصته الشهيرة " سيني سينما " التي تهتم فقط بالأفلام السينمائية وكان هذا العرض استثناء، قال لنا حينها " فليسقط علينا جميعا سقف البيت "، وهذا ما أعطى العمل صدى أكبر. أتذكر أننا قدمنا "ريح السمسار" ،إلى جانب "ناس الحومة" بمختلف ولايات الوطن و أحسن العروض كانت بولاية أدرار أمام حوالي 3000 متفرج .
نفس الأجواء سجلناها في عين البيضاء وعلى خشبة المسرح الوطني بالعاصمة، فقد تجاوب معنا الجمهور و تدفق بأعداد كبيرة، علما بأن هذه الأعمال بثت عبر شاشة التلفاز، فدخل بذلك المسرح بيوت الجزائريين، الذين اكتشفوا روعة مسرح قسنطينة، و من أجل التواصل بين الأجيال قررنا تطعيم الفريق بوجوه شابة، على غرار محمد الطيب دهيمي و احسن بن عزيز وحسان بن زراري".
و عن سؤالنا حول أسباب تراجع الاهتمام بالعمل المسرحي حاليا، أجاب علاوة زرماني "إن جيل اليوم أصبح يطالب بالحقوق المالية قبل الواجب و الابداع، كما أن المسؤولين الذين يتولون حاليا إدارة المسرح يظنون أنهم يعملون في شركة وهمهم الوحيد الراتب، على الرغم من توفر ظروف عمل أحسن بكثير من القديمة، فإسناد الأمر إلى غير أهله، أوصلنا إلى زمن تعرض فيه مسرحيات دون جمهور، و في أحسن الأحوال تحضرها الفرق التي تشارك في مختلف المهرجانات، أو الطاقم الفني للمسرحية، و الدخول أصبح بناء على دعوات بدل المرور على شباك التذاكر، المطلوب اليوم أن يتولى هذا الشأن مسؤولون عباقرة، للوصول إلى المستوى الذي كنا عليه منذ عشريات، فالتقهقر جد خطير بعد أن أصبح حسبه الممثل الدرامي يحال على التقاعد بعد أن اكتسب الخبرة، و ذلك دون سابق إنذار و دون تكوين جيل جديد يأخذ المشعل، و يواصل رسالة المسرح في توعية و تربية الشعب الذي يريد مسرحا يعبر عن إرهاصاته".
و تحدث الفنان عن ذكرى أخرى تعود إلى سنة 1978 " على خشبة مسرح قسنطينة، شاهدت ممثلا من أكاديمية باريس يؤدي دورا في عمل درامي مدته 3 ساعات كاملة، كنت أنتظر أن يتراجع مستوى أدائه صوتا وحركة، لكنه أتم العرض كاملا بنفس الوتيرة كما بدأه، فيما أحلنا نحن على التقاعد ونعيش اليوم الفراغ، جيل بكامله يتقاعد هكذا بجرة قلم، ونحن في قمة العطاء، فإصلاح شأن المسرح، يجب أن يمر عبر تواصل الأجيال لا القطيعة في ما بينها"، يؤكد علاوة زرماني، الذي ودعنا وعاد إلى مكانه و إلى ذكريات عمرها عشريات طويلة بين أحضان المسرح الجهوي، حيث كان صوته القوي يدوي أرجاءه أمام جمهور لم يترك كرسيا خاليا في مسرح قسنطينة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.