استحداث 7 أوسمة عسكرية جديدة    بودن يدعو إلى استقطاب الشباب والمرأة    الرجل كان حاملا لقيمً نبيلة تجاه وطنه وحريصا على بنائه    الجزائر توقع على معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية بهانوي    الجزائر مُحصّنة بوحدة شعبها وصلابة مؤسّساتها    الوالي يعرض حصيلة الإنجازات التنموية ويكرم صحافيي المنطقة    ارتفاع مرتقب لإنتاج الجزائر من النفط    ابن الجزائر دردابو .. أفضل مبتكر عربي    مشاريع لتطوير النظام المعلوماتي لقطاع الفلاحة    الجزائر تظل وفية لدورها في خدمة الإسلام الوسطي المعتدل"    هيستيريا صهيونية في موسم قطف الزيتون الفلسطيني    تأهيل الشوارع وتعبيد الطرق واستعادة الحياة    ضرورة تعزيز الحوار حول الاستخدام الجيّد للفضاء الرقمي    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني    تفوز بالفضية في نهائي عارضة التوازن    حملة تشجير واسعة بالبليدة    والي تيزي وزو يأمر بإحصاء وتطهير العمليات المسجلة في مختلف القطاعات    إعداد مذكرة للتفاهم بين الوزارتين عبر القنوات الدبلوماسية    إصابة شخصان خلال انحراف وانقلاب سيارة    انتشال جثة خمسيني من بركة مائية    معيار الصلاة المقبولة    وفاة المدير العام الأسبق لوكالة الأنباء الجزائرية بدر الدين الميلي    لحظة فخر لإفريقيا    قمة إفريقيا للابتكار والاستثمار في العقار في 18 نوفمبر    تنصيب لجنتين لإثراء قانون ممارسة الحق النقابي    إصلاح مجلس الأمن الدولي ورفع الظلم عن إفريقيا    الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار لا غبار عليها    مشروع استراتيجي ومفخرة لسكان الجنوب    مهرجان الجونة السينمائي : الفيلم التونسي"وين ياخذنا الريح" يفوز بجائزة أفضل فيلم عربي روائي    الموسيقى : "أوندا "تشارك في أشغال الجمعية العامة    مؤسسة ناشئة متخصصة في تثمين التراث الثقافي : المنظمة العالمية للملكية الفكرية تسلط الضوء على "آرتفاي" الجزائرية    متابعة مدخلات الإنتاج الفلاحي    باتنة..أول براءة اختراع للمركز الجامعي سي الحواس ببريكة    بين جانفي و أوت 2025 : مجمع سوناطراك حقق 13 اكتشافا نفطيا جديدا .. نحو ارتفاع الإنتاج الأولي إلى 193 مليون طن مكافئ نفط في 2026    إخماد 4 حرائق    رامز زروقي يتحدى "أجاكس"    مدرب "باريس أف سي" ينتقد إيلان قبال    حجز 2068 مشروب كحولي    إعادة اعتبار لقامة فنية غابت عن الذاكرة لعقود    تكريمات وعروض وفرص للتكوين السينمائي    ماسينيسا تيبلالي ضمن لجنة التحكيم    توزيع سكنات"الصوصيال"    ناديان جزائريان في قائمة الأفضل    الرئيس تبّون يُهنّئ كيليا نمور    تحسين الصحة الجوارية من أولويات القطاع    الجزائر تدعو لعملية سلام جدية لإقامة دولة فلسطين    تصفيات الطبعة ال21 لجائزة الجزائر لحفظ القرآن الكريم    كأس إفريقيا للسيدات 2026 / الدور التصفوي والأخير ذهاب : سيدات الخضر يطمحن لتحقيق نتيجة إيجابية أمام الكاميرون    "والذين آمنوا أشد حبا لله"..صلاح العبد بصلاح القلب    فتاوى : الواجب في تعلم القرآن وتعليم تجويده    بطولة العالم للجمباز الفني:الجزائرية كيليا نمور تنافس على ثلاث ميداليات في مونديال جاكرتا    البوهالي: الجزائر منارة علم    لا داعي للهلع.. والوعي الصحي هو الحل    اهتمام روسي بالشراكة مع الجزائر في الصناعة الصيدلانية    انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الإنفلونزا    التلقيح المبكر يمنح مناعة أقوى ضدّ الأنفلونزا    أدب النفس.. "إنَّما بُعِثتُ لأُتمِّمَ صالِحَ الأخلاقِ"    حبل النجاة من الخسران ووصايا الحق والصبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بسكرة مر كز إشعاع حضاري واقتصادي
تتوزع فيها الحواضر كعقد من اللؤلؤ يزين واحات الزيبان

تُقابل "الحواضر" في الدراسات الجغرافية والأنثروبولوجية، بمصطلح الريف أو البوادي"، حيث تمثل الحاضرة، نقطة الاستقرار والخدمات، والبادية تمثل الامتداد الرعوي أو الزراعي المحيط. وتعد الحواضر في ولاية بسكرة، قلب الواحات النابض بالتاريخ والحاضر، موقعها كبوابة الصحراء الجزائرية، أين يلتقي النسيم العليل القادم من الشمال بحرارة الجنوب الجافة، حيث تتوزع الحواضر كعقد من اللؤلؤ يزين واحات الزيبان. هذه الحواضر التي شكلت عبر التاريخ، مراكز إشعاع حضاري واقتصادي، لم تكن مجرد تجمعات سكنية فقط، بل قلاعًا للتجارة، محطات للقوافل، ومراكز للقرار السياسي والاجتماعي في المنطقة.
تشير كلمة "الحاضرة"، في السياق المحلي، إلى المدينة أو البلدة التي تلعب دورًا إداريًا وتجاريًا وثقافيًا في محيطها، وهي غالبًا محاطة بمناطق ريفية أو واحات. أما في ولاية بسكرة، فقد ارتبطت الحواضر بتاريخ طويل من الاستقرار البشري، إذ كانت ملاذًا من تقلبات الصحراء، ومركزًا لتبادل السلع والأفكار.
بسكرة... الحاضرة الأم
تُعرف بسكرة اليوم، كعاصمة للولاية، لكنها تاريخيًا كانت"عروس الزيبان"، مركزًا جامعًا بين قبائل الشمال وسكان الجنوب، حيث يمتد تاريخ المدينة لقرون، وكانت في العصر الروماني نقطة عسكرية متقدمة، وفي العصور الإسلامية، محطة رئيسية على طريق القوافل بين تلمسان وبلاد السودان، وتتميز بكونها ملتقى للطرق، محاطة بواحات نخيل وفيرة، وتحتضن أسواقًا تقليدية، مثل سوق الجمعة وسوق الفلاح، حيث تختلط رائحة التمور بالعطور الشرقية.
اقتصاديًا، لعبت بسكرة دورًا محوريًا في تصدير تمور "دقلة نور"، التي جعلت اسمها عالميًا، إلى جانب تطورها العمراني الحديث الذي جعلها مدينة مزدوجة الشخصية: جزء ينبض بأصالة الأسواق العتيقة، وجزء آخر يواكب العمران العصري.
بوشقرون والقنطرة... آثار رومانية بحاجة إلى استكشاف
تقع بوشقرون، وهي بلدية بولاية بسكرة، ضمن دائرة طولقة، عبر العقود الأخيرة، تطورت من كونها بلدية في السبعينيات والثمانينيات إلى حاضرة زراعية نشطة، خاصة في إنتاج التمور (دقلة نور) والزراعة الخضرية. هذا التحول، يجعلها فعلاً حاضرة محلية؛ ومركزًا حضريًا وإداريًا في محيطه القروي، بفضل توسع العمران والخدمات فيها.
تؤشر المصادر، إلى وجود مرافق أساسية، مثل مسجد الرحمة، وسيدي عيسى العتيق، ومدارس ابتدائية (حماني عيسى)، ومتوسطات (هواري بومدين وبن جاب الله)، مما يعزز من طبيعتها الحضرية.
وعلى بعد حوالي 50 كيلومترًا شمال بسكرة، تقف القنطرة شامخة بجسرها الروماني العتيق، الذي يربط بين كتلتين جبليتين، وكأنه يعلن عن بداية الجنوب، فهي ليست مجرد ممر جغرافي، بل حاضرة قديمة لعبت دور "المفتاح" بين الصحراء والسهول. كانت محطة استراحة للقوافل التجارية قبل متابعة الرحلة نحو الشمال أو الجنوب.
طبيعتها الخلابة، التي تجمع بين الجبال الحمراء ونهر بسكرة المتدفق، جعلتها مركز جذب للسياحة الداخلية، واليوم، توازن بين تراثها التاريخي ونشاطها الحديث في الزراعة والسياحة.
زريبة الوادي... سوق الواحات
تُعد زريبة الوادي، من الحواضر الزراعية القديمة في ولاية بسكرة، حيث تنتشر حولها واحات النخيل والحمضيات، منذ عقود، كانت زريبة الوادي، نقطة تبادل للسلع بين سكان المناطق الجبلية والصحراوية، حيث يجلب البدو منتجاتهم من الحليب والصوف، ويأخذون في المقابل التمور والحبوب.
وما تزال المدينة اليوم، تحافظ على طابعها الهادئ، مع تطور ملحوظ في البنية التحتية والخدمات، لكنها تحتفظ بسوقها الأسبوعي الذي يشكل ملتقى اجتماعي وثقافي لسكان المنطقة.
طولقة... لؤلؤة التمور
إذا ذُكرت كلمة "دقلة نور" في أي مكان بالعالم، فلابد أن اسم طولقة سيحضر معها، هذه الحاضرة الزراعية الواقعة غرب بسكرة، تعتبر من أكبر منتجي التمور عالية الجودة في الجزائر، وتصدر إنتاجها إلى أوروبا وآسيا وأمريكا.
لكن طولقة ليست مجرد أرض خصبة، بل هي مجتمع متماسك، يعيش سكانه على إيقاع مواسم الجني والتسويق، حيث تتحول المدينة في فصل الخريف، إلى ورشة مفتوحة لفرز وتعبئة التمور.
وتاريخيًا، كانت طولقة حاضرة علمية أيضًا، إذ احتضنت زوايا ومدارس قرآنية ساهمت في نشر التعليم الديني في المنطقة.
برج بن عزوز... حاضرة صغرى لكن حيوية
يتفاخر سكان المنطقة، بأنهم من الأوائل القادمين من شبه الجزيرة العربية، وهم من جلبوا معهم فسيلة النخيل، مؤكدين أن التمور بهدة المنطقة لا يمكن مقارنتها بأي منتوج آخر عبر العالم. وتبرز برج بن عزوز، كحاضرة صغيرة الحجم، لكنها ذات نشاط اقتصادي فعال، حيث جعلتها أراضيها الفلاحية، خاصة في إنتاج التمور والخضر الموسمية، مركزًا محليًا لتزويد الأسواق القريبة.
كما أن قربها من طرق المواصلات الرئيسية، منحها دورًا تجاريًا يتجاوز حجمها الجغرافي.
ليوة... واحة التاريخ
تعد ليوة، حاضرة وواحة في آن واحد، حيث تتميز بمناخها الدافئ، حتى في الشتاء، وهو ما جعلها ملاذًا للراحة والاستجمام، وارتبط اسمها بالزراعة التقليدية، خاصة زراعة النخيل والخضروات في الفصوص الزراعية القديمة. كما كانت مركزًا اجتماعيًا لقبائل المنطقة، حيث تُعقد فيها المناسبات الكبرى، وتتم فيها المصالحات القبلية.
أولاد جلال... من حاضرة تابعة إلى ولاية بكامل الصلاحيات
قبل أن تصبح ولاية مستقلة سنة 2019، كانت أولاد جلال، إحدى أهم الحواضر الجنوبية لبسكرة، فتاريخها طويل في النشاط الرعوي والزراعي، وتتميز بثقافة بدوية متجذرة، رغم بعدها النسبي عن مركز بسكرة، فقد لعبت دورًا تجاريًا مهمًا مع مناطق الجلفة والوادي.
أدوار الحواضر في الحياة الاجتماعية
لا يمكن الحديث عن الحواضر في بسكرة، دون التطرق إلى دورها الاجتماعي، فالمدينة أو الحاضرة ليست فقط مركزًا للسكن، بل هي ساحة للتفاعل البشري، حيث تجمع أسواقها الأسبوعية بين البيع والشراء وتبادل الأخبار والمستجدات، وتتحول مقاهيها الشعبية، إلى منتديات سياسية وأدبية غير رسمية، فيما تلعب مساجدها وزواياها، دورًا في التربية الروحية والحفاظ على الهوية الدينية.
ومع التوسع العمراني في العقود الأخيرة، تغير وجه كثير من الحواضر في بسكرة، فشقت المباني الحديثة طريقها وسط الأحياء القديمة، وباتت والأسواق التقليدية، تتجاور مع مراكز تجارية عصرية، لكن هذا التغير لم يمحُ الطابع التراثي كليًا، بل ساهم في المزج بين الماضي والحاضر، حيث يمكن أن تجد في نفس الشارع، دكانًا عمره نصف قرن، ومقهى بديكور عصري.
التحديات المستقبلية
رغم ما تتمتع به حواضر بسكرة من تاريخ وموارد، فإنها تواجه تحديات عديدة، منها الهجرة الريفية التي تزيد الضغط السكاني على المدن، وتراجع الزراعة التقليدية بفعل التغير المناخي وشح المياه، وفقدان الطابع المعماري التراثي أمام موجة العمران العشوائي.
لذلك، يرى الخبراء، أن الحفاظ على هوية الحواضر، يتطلب سياسات حضرية متوازنة، تدعم الاقتصاد المحلي، وتحافظ على التراث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.