الفريق أول السعيد شنقريحة يؤكد: يجب التيقظ والاحتراس و تنفيذ المهام بدقة وصرامة    ممثلا لرئيس الجمهورية: العرباوي يشارك في قمة المؤسسة الدولية للتنمية بكينيا    وزارة التربية تضبط ترتيبات العملية: تعليمات بتسجيل التلاميذ الجدد في المدارس القريبة من الإقامة    بعد الإعلان عن خفْض الفوائد البنكية على قروض الاستثمار: قرارات الحكومة تريح المستثمرين    سونلغاز تفتح أزيد من 550 منصب شغل بولايات الجنوب    لموقفها الداعم لحق الفلسطينيين قولا وفعلا: هنية يعبر عن إجلاله وإكباره للجزائر    حراك الجامعات الأميركية يمتد إلى كندا وأوروبا وآسيا    بعد مسيرة تحكيمية دامت 20 سنة: بوكواسة يودع الملاعب بطريقة خاصة    3 تذاكر ضاعت في نهاية الأسبوع: الثنائي معمري يرفع عدد المتأهلين إلى دورة الأولمبياد    تهيئة عدة شوارع للقضاء على مظاهر الترييف: 110 ملايير لربط 1300 سكن بالكهرباء في الطارف    لحماية سكيكدة من الفيضانات: وزير الري يوافق على تسجيل مشروع سد بوشطاطة    وزيرة التضامن كوثر كريكو: الجزائر وفرت الآليات الكفيلة بحماية المسنين    مختصون يشرحون آليات التدخل ويقترحون حلولا    عون أشرف على العملية من مصنع "نوفونورديسك" ببوفاريك: الجزائر تشرع في تصدير الأنسولين إلى السعودية    اتحاد العاصمة لم يلعب مقابلة أمس    لأول مرة في الجزائر: «اتصالات الجزائر» ترفع سرعة تدفق الانترنت إلى 1 جيغا    اتفاق على استمرار وتوسيع التشاور مع باقي الفصائل الفلسطينية    مساهمة جزائرية كبيرة في البنك الإسلامي للتنمية    الجزائر-قطر..علاقات متميّزة وتوافق حول أمّهات القضايا    دور الجزائر سمح بتحقيق نجاحات دبلوماسية كبيرة لصالح فلسطين    يعيشون وضعية صعبة مع فرقهم: قبل توقف جوان.. 3 لاعبين يثيرون المخاوف في صفوف "الخضر"    مخلفة خسائر في الأرواح والمعدات في صفوف قوات الاحتلال: الجيش الشعبي الصحراوي يستهدف قواعد عسكرية مغربية    مواجهة كل من يسيء للمرجعية الدينية ولثورة نوفمبر    تحدّ آخر يرفعه الرئيس تبون.. وإنجاز تاريخي    القضاء على إرهابي بالناحية العسكرية الأولى بالشلف    بطولة إفريقيا لكرة الطائرة/ سيدات: فوز مشعل بجاية مام آسيك ميموزا الإيفواري    قسنطينة: دخول "قريبا" فندق سيرتا العمومي حيز الخدمة بعد إعادة تهيئته    تعزيز القدرات والمهارات لفائدة منظومة الحج والعمرة    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: انطلاق ورشات تكوينية في مهن السينما لفائدة 70 شابا    برج بوعريريج.. 7 مخازن عملاقة لإنجاح موسم الحصاد    التراث.. ثابت في مكوّنات الهوية الوطنية    الصحراء الغربية: إبراز دور وسائل الإعلام في إنهاء الاستعمار خلال ندوة بالإكوادور    باتنة: إجراء عمليات زرع الكلى بحضور أطباء موريتانيين    الصهاينة يتوحّشون في الضّفة    لحوم الإبل غنية بالألياف والمعادن والفيتامينات    داس عنابة يؤكد: مرافقة قوية لمسنين دار الصفصاف لإدماجهم اجتماعيا وتدعيمهم صحيا    الكرة الطائرة/ بطولة إفريقيا للأندية/سيدات: جمعية بجاية تتغلب على ليتو تايم الكاميروني (3-2)    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 34 ألفا و454 شهيدا    الرئيس يكرّم قضاة متقاعدين    الجزائر الجديدة.. إنجازات ضخمة ومشاريع كبرى    قسنطينة: السيد ديدوش يعاين عديد المشاريع الخاصة بقطاعه    وزير التربية لجمهورية زامبيا يزور جامعة الجزائر 1    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة بالنسبة لمطار أدرار    فلسطين : العدوان الإرهابي على قطاع غزة من أبشع الحروب التي عرفها التاريخ    غرداية : اقتراح عدة معالم تاريخية لتصنيفها تراثا ثقافيا    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    مباشرة إجراءات إنجاز مشروع لإنتاج الحليب المجفف    أكتب لأعيش    شبان "المحاربين" يضيّعون اللقب    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    رياض محرز ينتقد التحكيم ويعترف بتراجع مستواه    إنجاز جداريات تزيينية بوهران    15 ماي آخر أجل لاستقبال الأفلام المرشحة    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صدموا بانغلاق مدينة قسنطينة على نفسها و نفور الجزائري من العمل
نشر في النصر يوم 12 - 11 - 2011

النصر تقضي يوما بقاعدة الحياة رفقة عمال أتراك وصينيين
تشكو العمالة الأجنبية المقيمة بمدينة قسنطينة في إطار إنجاز العديد من المشاريع السكنية من العزلة بسبب انعدام مرافق الترفيه والتسلية ، رغم بعض الدعوات التي تتلقاها لحضور الأعراس والأفراح في مدينة قالوا أنهم صدموا بانغلاقها على نفسها ، ومن نفور العامل الجزائري الذي لا يتحمل وتيرة العمل السريعة ، ودهشتهم من جهة أخرى أمام مناظرها الطبيعية غير المستغلة التي تذكرهم بوطن يحنون للعودة إليه.
النصر حاولت من خلال هذا "الروبورتاج "الذي أنجزته داخل قاعدة الحياة الخاصة بالعمال الأتراك والصينيين بالمدينة الجديدة علي منجلي أن تنقل للقراء ظروف إقامة هؤلاء العمال ببلادنا ، الذين تمت الإستعانة بهم في السنوات الأخيرة من أجل إنجاز آلاف السكنات في إطار السكن التساهمي والإجتماعي للتغلب على أزمة سكن حادة مازالت تشهد يوميا قطع طرقات واحتجاجات متواصلة للفوز بشققها . روبورتاج أمينة جنان تصوير: الشريف قليب
رغم بعض العادات و التقاليد المشتركة من الحكم العثماني
الأتراك يعانون صعوبة التأقلم مع المجتمع القسنطيني
رغم وجود الكثير من أوجه التشابه بين بلادنا و تركيا بحكم التاريخ المشترك و الكثير من العادات و التقاليد الاجتماعية التي ورثتها البيوت القسنطينية من أيام الحكم العثماني، إلا أن العمال القادمين من هذا البلد ، الذين تزامن قدومهم مع موجة المسلسلات التركية ،اعترفوا لنا بأنهم يجدون صعوبة كبيرة في التأقلم مع محيط إقامتهم الجديدة .ورغم مساهمتهم بعملهم الدءوب و المتواصل في إنجاز أحيائها الجديدة و تشييد طرقاتها من أجل إعطائها مظهرا حديثا و معاصرا، إلا أنهم لا يجدون فيها الكثير من الخدمات التي اعتادوا عليها في موطنهم ، وعلى رأسها وسائل الراحة و الترفيه التي يفتقدونها كثيرا .
لكنهم كشفوا لنا خلال زيارتنا لمقر قاعدة الحياة التي تضمهم والمتواجدة بالمدينة الجديدة علي منجلي، عن تغير الكثير من الصور الخاطئة التي رسموها عن بلادنا قبل قدومهم إليها.
السيد برهان الدين، مدير الشركة التركية " إيستير إيستيريزم إنشاءات "" بالمدينة الجديدة علي منجلي، قال أن تزايد اليد العاملة التركية خاصة في قطاع البناء و التعمير هو بسبب نقص عمال البناء المتخصصين في بلادنا، حيث تضطر شركته كما أوضح إلى إحضارهم من تركيا لضمان سير العمل حسب الرزنامة المسطرة للبرامج الموكلة لهم، و الذين وصل عددهم على مستوى مؤسستهم حاليا حوالي 90 عاملا تركيا قابلا للزيادة مستقبلا ، لأنه من بين 700 عامل محلي هناك تقريبا 100 منهم يتركون العمل كل ستة أشهر يضطرون لتعويضهم بعمال جدد . مشيرا إلى أن أغلبهم لا يتحملون ضغط العمل المكثف واقتصار عطلتهم على يوم راحة واحد كل أسبوعين. و لمواجهة هذه المشكلة كثيرا ما اقترح إطاراتهم تقديم دورات تكوينية للجزائريين في شتى مهن البناء لا تتجاوز مدتها أربعة أشهر، غير أنهم لم يلمسوا أي استعداد من قبلهم لتحقيقها.
العديد من هؤلاء العمال خاصة الإطارات الذين يحظون بشقق خاصة قريبة من أماكن عملهم، اصطحبوا عائلاتهم للعيش معهم وللتخفيف من شعورهم بالعزلة وسط مجتمع " يبدو منغلقا على نفسه"، كما قال بعض الذين التقينا بهم.
السيد شوقي كونجة موظف بالشركة التركية يقيم ببلادنا منذ أكثر من ثلاث سنوات رفقة زوجته و ولديه ، أخبرنا أن دائرة علاقاته محدودة نوعا ما في الجزائر ، و أكثر ما يزعجه و يزعج زوجته في إقامته بالمدينة الجديدة علي منجلي بمدينة قسنطينة هوعدم توفر مرافق خاصة بالأطفال في الحي الذي يقطنون به ، و لا في أي مكان آخر في المدينة، مما يجعل طفلاه( بنت في الرابعة من العمر و ولد عمره سنة) يقضيان معظم وقتهما في البيت مع والدتهما و ينتظران بفارغ الصبر عودته في آخر اليوم ليشاركهما اللعب.
وأكد أن الكثير من الأسر التركية الأخرى تشعر بنفس العزلة داخل مجتمعنا بسبب عامل اللغة من جهة و نظامنا الإجتماعي الذي قال بأنه من الصعب فهمه مختصرا وصفه ب"المشفر" :" فخارج دائرة البيت و العمل لا يوجد أي مكان آخر نذهب إليه للترفيه عن أنفسنا، خاصة أننا لا نستفيد إلا من يوم راحة واحد فقط بمعدل كل أسبوعين " ، كما أضاف. وأسر لنا بأنه سيضطر للعودة لتركيا نهائيا عندما يصل أبناءه لسن التمدرس " لكي يستفيد أطفاله هناك من تعليم في مستوى طموحاته، بلغتهم الأصلية و بشكل يتناسب مع ثقافاتهم" ، وإن لم يخف السيد كونجة الذي قال أنه يشعر بالغربة ، أنه كان يتمنى أن يجد مدرسة عندنا تحتوي أبناءه بلغتهم و ثقافتهم على الأقل في سنواتهم الدراسية الأولى خاصة أنهم يتقاسمون معنا نفس المعتقد الديني.
واعترف بأن الوضع بالنسبة لزوجته الماكثة في البيت مختلف قليلا لأنها تملك متسعا من الوقت لنسج علاقات جيدة مع جارتها اللاتي يوجهن لها الدعوات للقدوم إلى بيوتهن في مختلف المناسبات، مما سمح لها بالتعرف أكثر على عاداتنا ، حيث اكتشفت من خلال احتكاكها بهن التداخل الكبير في عادات و تقاليد البلدين، كاحتفال حنة العروس و الذهاب إلى الحمام التركي عشية العرس و غيرها .
تصورات خاطئة عن الجزائر وسكانها
فوجئنا من خلال حديثنا مع بعض العمال الأتراك أنهم لا يملكون فكرة واضحة عن الجزائر كما هو الحال بالنسبة لنا عن بلادهم، فكل واحد منهم كانت له صورة عنا قبل قدومهم اكتشف فيما بعد أنها خاطئة ، كما كان الحال بالنسبة لشوقي الذي قال أنه صدم بطلاقة الجزائريين في اللغة الفرنسية " رغم أن العثمانيين أمضوا حوالي 300 سنة في الجزائر و الفرنسيين 100 سنة فقط ، إلا أن تأثيرهم يبدو أكبر بكثير لدرجة اضطرارنا لاستعمال اللغة الفرنسية كوسيط للتحاور في هذا اللقاء، رغم وجود العديد من المصطلحات المشتركة بين اللغتين العربية و التركية " كما قال.
فيما قال السيد آلبير إيلداش مترجم الشركة التركية ، قدم إلى الجزائر منذ أربع سنوات، أنه كان يتصور أن بلادنا كأي بلد إفريقي لها مناخ و طبيعة صحراوية و تطغى عليها اللغة و الثقافة الفرنسية، بينما وجد أن مناخ بعض مدنها يشبه العديد من المناطق بتركيا ، كمدينة بجاية ووهران و عنابة التي قال أن جوها يشبه جو إسطنبول، أو قسنطينة التي تشبه في مناخها مدينة أنقرة أو جنوب تركيا مما ساعدهم كثيرا على التأقلم مع الطبيعة، كما انبهروا أيضا بالمناظر الخلابة التي تتمتع بها مدن الجزائر التي زاروها كوهران و العاصمة و باتنة و الجنوب.
و قال آلبير أنه لم يجد اختلافا كبيرا من ناحية العادات و الممارسات الدينية ، حيث أن أغلبية الأتراك مسلمين يحافظون على جميع أركانه ، عكس الصورة السلبية التي تظهرها المسلسلات التركية التي تبرز العديد من الجوانب المبالغ فيها، كقارورات الخمر التي تلازم موائدهم و غيرها. مشيرا إلى أنها دراما تجارية لا تمثل إلا نفسها و لا تعبر عن المجتمع التركي إلا من الجانب السياحي.
غير أن الاختلاف الكبير الذي ركز عليه العمال الأتراك هو التنوع اللغوي، مشيرين أن الوضع في تركيا مختلف جدا لأنه لا يوجد لغة ثانية توازي اللغة التركية لديهم، كما هي اللغة الفرنسية في الجزائر ،و ذلك نابع من تمسكهم بلغتهم و عدم تأثرهم بأية لغات أخرى.
أما السيد برهان أستاذ سابق في تاريخ الفن الإسلامي و التركي في جامعة تركيا ، فكان يتصور وفق ما قيل له، أن الجزائريين لا يتحدثون تقريبا إلا اللغة الفرنسية غير أنه وجد العكس عندما جاء للجزائر قبل 8 أشهر، حيث وجد شعبا يتحدث العربية، و لكنه كما قال لم يفهم شيئا منها لأنها ليست عربية فصحى بل: " عبارة عن خليط من اللغات من عربية وفرنسية وأمازيغية"، و مع هذا استطاع في هذه الفترة القصيرة أن يخلق صداقات عديدة مع جزائريين وجد فيهم طيبة نادرة.
ويحظى مسجد الأمير عبد القادر بإعجاب الكثير من العمال الأتراك الذين يواظبون على أداء صلواتهم فيه كلما أتيحت لهم الفرصة لأنه يذكرهم إلى حد ما بالهندسة الإسلامية لبعض المساجد التركية كما قال السيد شوقي ، الذي يفتقد كثيرا للآذان التركي بالمقامات المتنوعة في كل صلاة ، بالإضافة إلى أضحية العيد التي يفضلون فيها لحم البقر بدل الكباش ، وهي تعتبر حدثا مهما بالنسبة لهم إذ يجتمعون لنحر أضحياتهم في جو أخوي جميل .
و من أجل الإنقاص من حدة العزلة التي يعانون منها و الترفيه عن أنفسهم من ضغط العمل تقوم العائلات التركية القليلة بالاجتماع في المناسبات الدينية كرمضان و الأعياد للاحتفال معا، و ذلك من خلال تنظيم دعوات و ولائم قد تجمع في بعض الأحيان من 6 إلى 8 عائلات في بيت واحد. أما بالنسبة للعمال الذين يأتون للجزائر بمفردهم فالأمر أكثر صعوبة خاصة مع عدم توفر أماكن كثيرة كقاعات الشاي وغيرها ، ما عدا بعض المواقع الأثرية التي يقومون بزيارتها، حيث يقول ألبير أن قسنطينة توحي بأنها مدينة مغلقة على نفسها ، وهو يتساءل إن كان السبب في ذلك راجع لانعكاسات العشرية السوداء!.
فيما يبقى الأمر السلبي الذي استاء منه الأتراك بقوة، انتشار السرقة بشكل خطير في كل مكان ، كما قال السيد برهان : " أنا لا أفهم لماذا تحدث الكثير من السرقات في الجزائر و بكل أنواعها و وسائلها، هل هذا بسبب الفقر ؟ " ، مضيفا أنه بالنظر إلى التاريخ العظيم لبلد المليون شهيد ، تعتبر هذه الظاهرة آفة خطيرة تؤثر كثيرا على مستقبل الدولة و سمعتها ، مشيرا إلى أنه يضطر إلى ترك هاتفه المحمول مفتوحا أربعة و عشرين ساعة، تحسبا لحدوث سرقات في الشركة أو في ورشات العمل التي تستهدف عادة مواد البناء و غيرها.
انسجام سريع رغم صعوبة اللغة
"شناوة" تزوجوا من جزائريات و أصبحوا يفضلون الكسكسي على الأرز
قمنا بزيارة قاعدة الحياة الصينية المتواجدة بعلي منجلي للتعرف على بعض جوانب الحياة الإجتماعية لعمالها الذين كانوا أول من نزل بالمدينة الجديدة مع انطلاق المشاريع السكنية الضخمة بالمنطقة حيث أصبح تواجدهم جد مألوف للقسنطنيين الذين يلتقون بهم يوميا في ورشات البناء و مختلف الأسواق و المحلات التجارية التي فتحوها بالعديد من أحياء قسنطينة.
فقد شهدت بلادنا في السنوات الأخيرة قدوم جالية صينية كبيرة، تتزايد أعدادها كل سنة بشكل سريع ويمتد تواجدها داخل المجتمع أكثر فأكثر ،و أصبح لهؤلاء العمال و الإطارات في مختلف شركات البناء و الإنشاء حياة جديدة مكتملة الجوانب ببلادنا ، خاصة بعد أن تخطى الكثير منهم عائق اللغة و أصبحوا يتواصلون بطلاقة مع المواطنين لدرجة خلق العديد منهم العديد من العلاقات التجارية و الاجتماعية الناجحة من خلال مشاريع الاستيراد و التصدير و أيضا الزواج.
وقد دخلت الشركة الصينية للبناء و التعمير إلى الجزائر منذ سنة 1982 و لديها اليوم العديد من الفروع عبر مختلف أرجاء الوطن، و تحصي بين صفوفها أكثر من ألف عامل صيني يعيشون بشكل دائم في البلاد، بعد أن وجدوا أكثر من طريقة للتأقلم مع المجتمع و طبيعته متجاوزين عائق اللغة من خلال تعلمهم للغة العربية باللهجة العامية و أحيانا الفصحى، و اعتادوا على المناخ الذي قال الكثير ممن تحدثنا معهم أنه أفضل بكثير من مناخ بلادهم ، و أصبحوا يفضلون الكثير من أطباق المطبخ الجزائري خاصة طبق الكسكسي الذي يشبه إلا حد كبير غذاءهم الأساسي الأرز.
مدير الشركة السيد " أو " ذكر أن العمال منهم أكثر قابلية للتأقلم في المجتمع الجزائري من الإطارات و المدراء، لأنهم يحتكون بشكل دائم بزملائهم من العمال الجزائريين و بالمجتمع ككل مضطرين للتواصل معهم دون الاستعانة بمترجم، و غالبا ما يكون ذلك عن طريق الإشارات و الحركات في البداية ، ثم شيئا فشيئا يبدأون في تعلم اللهجة الجزائرية. فيما يبقى المديرون و الإطارات مرتبطون بشكل دائم بالمترجمين للتعامل مع الجزائريين في إطار العمل و هذا بسبب ضيق وقتهم و بسبب ملازمتهم للقاعدة الصينية و أماكن العمل تقريبا طيلة الوقت.
كما أشار السيد " أو " الذي جاء للجزائر سنة 2008 قائلا أنه رغم انشغاله الشديد يحاول أن يجد من حين لآخر بعض الوقت للتسوق بنفسه و التعرف على الوجه الحقيقي للمدينة ، من خلال شوارعها و أزقتها التي يحتك فيها مع كل طبقات المجتمع، مؤكدا أنه رغم الاختلافات الكثيرة بين البلدين في اللغة والدين و الثقافة إلا أن هناك العديد من العوامل المشتركة بينهما.
دورات تدريبية لاحترام الشعائر الدينية
قبل الانتقال للجزائر يمر العمال الصينيون بدورات تدريبية في الصين يتعرفون من خلالها على الجزائر و على طبيعتها، لغتها، ديانتها و تاريخها ، و التي تنبههم بشكل رئيسي إلا ضرورة احترام الشعائر و الممارسات الدينية للسكان ، بالإضافة إلى دورات في اللغة الفرنسية باعتبارها اللغة الأقرب لنا كما قيل لهم و تهدف هذه الدورات حسب السيد " أو " لتحضير العمال من الناحية النفسية و المعرفية للعمل في بلادنا، لتفادي أي نوع من الصدام أو صراع الثقافات و الديانات لتسهيل تعاملهم معنا، كاحترام شعيرة الصوم في شهر رمضان و الأعياد الدينية التي تعتبر أيام عطل يستمر العمل فيها، حسب اتفاقهم مع الشركة.
منذ قدومهم إلى قسنطينة سعى العمال الصينيون إلى نسج علاقات مع سكانها داخل و خارج إطار العمل، كما أخبرتنا الآنسة "خان" مترجمة صينية بالقاعدة، التي أكدت أن الكثير من السائقين و العمال الجزائريين بالقاعدة يدعونهم من أجل حضور مختلف أعراسهم و أفراحهم التي ساعدتهم على خلق نمط آخر من العلاقات الاجتماعية خارج إطار العمل الضيق. كما تسمح لهم هذه المناسبات المميزة بالتعرف على عاداتنا و تقاليدنا ، و خاصة بعض الأطباق الخاصة كشربة الفريك القسنطينية و الكسكسي الذي قالت أنه يحظى بشعبية كبيرة عندهم على غرار شهرته العالمية ، مشيرة أن الكثير من الصداقات الناجحة نشأت بين مختلف العمال رغم عائق اللغة و اختلاف الثقافات الذي تم تخطيها بالإضافة إلى عدد لابأس به من الزيجات المختلطة بين جزائريات و عمال صينيين.
المناخ أكثر ما يعجبهم و السرقة كابوس يؤرق رؤساءهم
أكد السيد " أو" أن مناخ الجزائر أفضل مناخ في العالم لأنه يسمح بالكثير من النشاطات الفلاحية المثمرة كتربية الحيوانات و الماشية، و الذي يعطي البلاد حلة طبيعية خلابة و مناظر رائعة في شتى مدن الوطن ذخاصة قسنطينة التي تتربع على موقع طبيعي متميز جدا زادته الجسور جمالا، مما يجعل الحياة في الجزائر أكثر راحة و استقرار على عكس المناخ في الصين كما قال مضيفا أنه من بين أكثر ظروف المناخ صعوبة خاصة بالنسبة للنشاطات الزراعية و الفلاحية.
ولم يخف السيد "أو" انزعاجه الكبير من كابوس السرقة التي تستهدف معداتهم و آلاتهم التي يحضرون بعضها من الخارج، حيث أخبرنا أن شركته عانت مؤخرا من عمليات سرقة متكررة لبعض الأجهزة الخاصة بتجميل المحيط على مستوى الوحدات السكنية التي قاموا بإنجازها، و التي تأخذ منهم وقتا و جهدا كبيرين وتختفي قبل نقلها و تركيبها بالأماكن الموجهة لها، الأمر الذي يسبب لهم خسائر مادية كبيرة و يتسبب في تأجيل تسليم الكثير من مشاريعهم في مواعيدها المحددة. أ/ ج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.