يوصف شهر رمضان بأنه شهر القيم فهو بمثابة المدرسة التربوية التي يتخرج منها الصائمون بقيم مثلى ومن هاته القيم الرحمة. فشهر رمضان شهر الرحمة لما جاء في الأثر أن أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، فلابد من التراحم فيما بيننا كمسلمين حتى ينزل علينا ربنا رحماته وكما جاء في الحديث: «الراحمون يرحمهم الرحمان ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء». ولا تحل الأزمات إلا بالتراحم والتكافل والتضامن، فعدم رفعنا للأسعار تراحم، وعدم احتكارنا للسلع تراحم، وعدم شرائنا لما لا نحتاجه وتكديسه تراحم، وتخفيض الأسعار تراحم، ومساعدة الآخرين ومعاونة الضعفاء تراحم. ولذلك فخُلق الرحمة ليس المطلوب معرفته فقط، بل إجادته وتطبيقه في الحياة لأننا لو أجدناه وطبقناه كما ينبغي سنضمن الرحمة يوم القيامة بمشيئة الله. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما يرحم الله من عباده الرحماء) وعليه فلنطرح على أنفسنا هذا السؤال: هل نتعامل فيما بيننا بالرحمة؟ هل نرحم الناس فعلا؟ الرحمة أن تشعر بالآخرين وأن تتذكرهم وتمد يد المساعدة لهم، ففي الصيام تجسيد لهذا الخلق، وتجسيد لمعنى التراحم بين المسلمين مصداقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) يقول جلا وعلا: «إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ» الأعراف 56 لنستحق رحمة الله فلابد أن نكون من المحسنين، فما أجمل أن يصبح الخير فينا سجية وطبعا وأن نفعله تلقائيا وألا نعيش لأنفسنا فقط بل للناس ولخدمة الدين. إن أردت رحمة الله التي لا يمسكها أحد، وبها الفرح الحقيقي، فعود نفسك على الرحمة والإحسان في كل الظروف، ألم تر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نَفّسَ عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نَفّسَ الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يَسّرَ على معسرٍ يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) رواه مسلم فهذا هو شهر رمضان شهر نغرس فيه القيم السامية التي تزكي نفوسنا وتنفعنا، وتخدم مجتمعنا وترتقي بأمتنا.