كلنا مدانون بشكل أو بآخر ذكر المخرج المسرحي وليد بوشباح الذي يواصل عرض مسرحيته المقتبسة من رائعة فيكتور هيجو "اليوم الأخير في حياة مدان" بأنه تعمد الحفاظ على العنوان الأصلي للنص و كذا لغة موليير في عرضه الجديد و الذي يعد الرابع في مشواره الفني في مجال الإخراج، لما وجد فيهما من سهولة في تمرير رسالته الفنية، السياسية و الاجتماعية. وليد بوشباح الذي احتضن المسرح الجهوي عبد المالك بوقرموح ببجاية أمس العرض الثاني لمسرحيته "اليوم الأخير في حياة مدان"قال في اتصال بالنصر بأن فكرة اقتباس النص من رواية فيكتور هيجو فرضتها الأحداث المختلفة التي يمر بها الوطن و تأثيرها المباشر على الحياة الاجتماعية ، مما جعل كل المواطنين مدانين بشكل من الأشكال ، الشيء الذي دفعه إلى تقديم صورة مختصرة عن معاناة مشتركة حاول تجسيدها في لحظات عاشها شخص مدان و هو يسترجع ذكرياته مع تساؤلات و رغبة كبيرة في تغيير أشياء و أمور و مواقف عاشها في حياته قبل الوقوف وراء القضبان. و استرسل المخرج الذي كان يستعد لعرضه الثاني بأنه اختار الحفاظ على اللغة الأصلية للنص لما وجد فيها من سهولة في تمرير الكثير من الرسائل التي وصفها بالمهمة و التي تفقد قوتها عند ترجمتها إلى اللغة الأمازيغية أو العربية حسبه، معلقا" وفائي للنص الأصلي و عمق رسائله شجعني على الحفاظ على لغة الأديب العالمي فيكتور هيجو لتوافقها مع ما نعيشه و نعايشه من أحداث، خاصة و أن المسرحية تعتمد أكثر على الإضاءة و الصور"إشارة إلى تماثل التصميم السينوغرافي مع الأحداث المعالجة. محدثنا قال بأن اللمسة الجزائرية في "اليوم الأخير في حياة مدان"ظهرت في كل الجوانب حتى إن تم اختيار اللغة الفرنسية للعرض، مشيرا إلى استعانته بالمطرب القبائلي غيلاس تركي لأداء بعض المقاطع الموسيقية الأمازيغية لترجمة بعض المعاناة بلغة شاعرية و نغمية حزينة، إلى جانب صورة كنزة "ابنة الإعلامي و الكاتب الراحل طاهر جاووت التي أراد من ورائها تخفيف اللون القاتم و حالة اليأس التي تطبع محور النص و بعث الأمل من خلال إبراز عزيمة و تفاؤل و ثقة الشباب في المستقبل. و أضاف المخرج و مقتبس النص وليد بوشباح بأن من أهم النقاط التي حرص على تغييرها في النص تلك المتعلّقة بالإجابة على أهم سؤال الذي قد يطرحه القارئ الفضولي و الفاعل عند قراءته للرواية منذ البداية و إلى غاية آخر جملة فيها و الذي يخص الأسباب التي أدت إلى إدانة بطل القصة، فعكس فيكتور هيجو الذي تحفظ عن الخوض في ذلك، قام بوشباح بتقديم بدل سبب واحد عشرات الأسباب التي جعلت من الكثيرين مدانين في حياتهم مهما كان سنهم أو مستواهم الثقافي و الدراسي و انتماءاتهم و توجهاتهم و اهتماماتهم في الحياة. المسرحية عبارة عن مونودراما يجسدها الممثل الشاب علي ميزيوعلاوة و قام بتصميم السينوغرافيا الفنان جمال بوعلي. و تعد "اليوم الأخير في حياة مدان" رابع عمل يخرجه بوشباح لمسرح بجاية بعد عطيل لشكسبير و الكنز الحقيقي و من المنتظر عرضه قريبا في مسرح العاصمة حسب المخرج دائما. و أكد المخرج بأن المسرحية لقيت تجاوبا و تفاعلا كبيرا من قبل الجمهور منذ عرضها الأول. و للتذكير فإن رواية"اليوم الأخير في حياة مدان" تروي اللحظات الأخيرة لرجل محكوم عليه بالإعدام، التي حاول من خلالها فيكتور هيجو استعراض حكم الإعدام في فرنسا وما جره من ويلات على الشعب الفرنسي و تحامل المؤلف الذي فضل عدم الكشف عن هويته في بداية طرحه للرواية على الحكومة والبرلمان حينها.