ورشات المشاريع الكبرى ضاعفت عدد مرضى الحساسية بقسنطينة أكد عدد من الأطباء تضاعف عدد المصابين بالحساسية بولاية قسنطينة و تسجيل مضاعفات و حالات اختناق متكررة لدى بعض مرضى الربو و بشكل خاص الأطفال و المسنين، جرّاء تزايد انتشار الغبار و الأتربة الناجمة عن الأشغال الكثيرة التي تشهدها المدينة منذ فترة طويلة ، مما حوّلها إلى ورشة مفتوحة يستنشق سكانها هواء ملوثا مخلوطا بأتربة حوّلت حياة أغلب ربات البيوت إلى جحيم لفشلهن في التخلص منها رغم تكرارهن لعمليات مسح الغبار و تنظيف الأثاث عدة مرات يوميا. أجمع عدد من الأطباء المختصين الذين التقت بهم النصر مؤخرا على هامش يوم طبي حول اضطرابات التنفس أثناء النوم نظمته الشركة الجزائرية لطب النوم، على تفاقم أعراض الحساسية لدى سكان المنطقة بشكل ملفت منذ انطلاق أشغال ورشات البناء و المشاريع الكبرى بالولاية، لما تحمله من سحب مكثفة من الأتربة و الغبار تفشل معها كل إجراءات و ترتيبات الوقاية. الدكتور س- بن عبد الرحمان/مختص في أمراض الصدر و الحساسية كشف بأن معظم المرضى الذين يزورون عيادته يعانون من حساسية الغبار و الطلع، مشيرا إلى تزايد أعراض فرط التحسس الأنفي و الجلدي بالإضافة إلى نوبات و صعوبة التنفس لدى الكثيرين و بشكل أكبر الأطفال و المسنين المصابين بالربو. و أوضحت الدكتورة لطيفة هاروني بأن أغلب اختبارات تشخيص و تحديد أنواع الحساسية التي يخضع لها المرضى بيّنت بأن الغبار من المواد الأكثر إثارة للتفاعل التحسسي لدى أكثر من 50بالمائة من الحالات. و تحدث بعض الأطباء عن حالة القلق التي يعيشها المرضى جرّاء أعراض الحساسية المقلقة و مللهم من استعمال الأدوية المضادة للهيستامين باستمرار و كذا بخاخات الربو و المستحضرات المزيلة لاحتقان الأنف و العقاقير المخففة لسيلان الأنف حسبهم. أكثر الحالات باتت تخضع للعلاج بالفونتولين و أسر عدد من الأطباء اضطرارهم إلى إخضاع الكثير من الحالات إلى موسعات الشعب الهوائية و على رأسها بخاخ «الفونتولين» رغم أنهم لم يكونوا في حاجة إلى مثل هذه المسكنات في بداية ظهور أعراض الحساسية لديهم، غير أن تفاقم الأعراض لديهم في شكل نوبات ربوية و ضيق التنفس جعلهم يصفون لهم مستحضرات توسيع الشعب الهوائية لاستعمالها عند الحاجة لتخفيف الأعراض و حتى لا يضطرون كل مرة إلى التنقل إلى المستشفى خوفا من الاختناق و بحثا عن التنفس الاصطناعي. و ذكرت إحدى المريضات بأن معاناتها مع الحساسية بدأت منذ كانت في سن الخامسة عشر، لكنها تفاقمت أكثر منذ انتقالها للعيش بالمدينة الجديدة في 2002 أين تضاعفت الأعراض لديها بسبب الغبار الكثيف الناجم عن ورشات البناء و خاصة في فصل الحر، حيث تصاب بنوبات سعال متكرر تكاد تختنق بسببها على حد وصفها. و لم يتوّقف الأمر عند هذا الحد بل أصبحت تعاني من انسداد كامل في الأنف و احمرار العينين، مشبهة نفسها بالسمكة «لا أغلق فمي طيلة اليوم لأنني أتنفس من خلاله»، و استرسلت آسرة بأن آخر زيارة لطبيبها المعالج بعلي منجلي كانت في بداية فصل الربيع حيث وصف لها الفونتولين التي لم تعد تفارق حقيبة يدها. و ينصح بعض الأطباء بهذا النوع من البخاخات من باب الوقاية لمنع حدوث الأزمات الربوية ، خاصة و أن أعراض الحساسية لم تعد مرتبطة بموسم واحد و إنما تظهر طول العام مثلما قال الدكتور ع- مختاري الذي أشار إلى حالات الصداع التي باتت تسجل بشكل أكبر عند المرضى المصابين بالحساسية فيما كانت أغلب الحالات تعاني انسداد الأنف أو سيلانه مع غور و حكة بالعينين و السعال. نسبة الغبار بقسنطينة تضاعفت خمس مرات في ثماني سنوات و كان البروفيسور بلماحي مسؤول مخبر التسممات بالمستشفى الجامعي بقسنطينة قد أعد مؤخرا دراسة حول الوضع البيئي بمدينة الجسور المعلّقة ، كشف من خلالها بأن نسبة الغبار في الهواء تضاعفت بخمس مرات خلال ثماني سنوات بسبب تزايد حجم حظيرة السيارات و كثرة ورشات الإنجاز. و حتى ربات البيوت أصبحن يتذمرن من انتشار الغبار الكثيف بالبيت و عجزهن في التخلص منه و اضطرارهن لتكرار عمليات تنظيف الأثاث و مسح الغبار عدة مرات في اليوم الواحد، حيث ذكرت بعضهن أنهن جرّبن كل المستحضرات و قطع القماش الخاصة بالغبار و باتت تعتبرن ذلك من أهم التحديات ضمن أشغالهن و واجباتهن المنزلية.