يبقى استعمال وبر الجمال في صناعة ألبسة تقليدية على غرار البرنوس أو القشابية مهارة متأصلة أو بالأحرى فن ظلت تتوارثه الأجيال منذ القدم بمنطقة المسيلة على الرغم من أن بعض الصعوبات جعلت منه نشاطا مكلفا و كسبا محتملا. و يعد الوبر مادة أولية مستخرجة أو يجري جزها من الإبل التي يغطي رأسها ورقبتها و أكتافها حيث أن غزارة إنتاج الوبر تختلف حسب سلالة الجمل فالإبل ذات السنامين 2 تنتج الرأس الواحد منها سنويا ما بين 1 إلى 5 كلغ من الوبر فيما لا يتعدى إنتاج الإبل ذات السنم الواحد والمعروفة بالجزائر عموما ما بين كمية 1 إلى 1,5 كلغ من الرأس الواحد . وحسب العارفين بهذا المجال فإن الوبر يعد مصدرا اقتصاديا هاما لعديد العائلات التي تقطن بالمناطق المعروفة بتربية الإبل خصوصا السهبية والصحراوية وغالبا ما يتساقط الوبر من أجسام الإبل في أواخر فصل الربيع وبداية فصل الصيف وفي الغالب فإن العرب تجز الوبر يدويا باستخدام مقص يسمى الجلم أو مقصا عاديا . وبالنظر لارتفاع أسعار الوبر فقد تطورت طرق جمعه من خلال استخدام وسائل الجز الكهربائي حيث تبدأ الحلاقة بإزالة الوبر من منطقة الوجه وبعد الانتهاء من ذات العملية يقوم المربي بدهن الإبل بالسمن البلدي ومرهم الكبريت وذلك لأجل طراوة الجلد والقضاء على الجرب . و أول حلاقة للجمل تبدأ من عمر 3 شهور حيث يكون الوبر في هذا السن من النوعية الجيدة نظرا للنعومة التي يمتاز بها وبتقدم العمر تزداد خشونة وتقل كميته أيضا. وتجري عملية الجز مرة واحدة سنويا غير أن تراجع عدد الإبل في المناطق المشار إليها أدى إلى ارتفاع رهيب في سعر الكلغ الواحد من ذات المادة لتبلغ ما لا يقل عن 30 ألف د.ج للكلغ الواحد حسب النوعية وهو ما كان سببا في ارتفاع سعر المنتوج الوبري بصفة عامة حيث يسجل حاليا ما يفوق خمسين ألف دينار في أغلب الأحيان . تحضير الوبر للنسج: للإشارة فبعد غسل الوبر بطريقة يدوية و إزالة الشوائب العالقة به وبعد التجفيف تأتي مرحلة تسمى بخلط الوبر الذي يقصد به مشطه بوسيلة تقليدية تمكن من تجانس اللون البني القاتم مع المائل إلى الاحمرار ما يضيفه تجانسا ما بين خيوط الوبر لتتمكن من اتخاذ لون واحد هو البني الفاتح . وحسب العارفات بهذا الشأن فإنه في مرحلة ثانية يأتي ما يعرف ب"التقرديش" نسبة إلى استعمال أداة تقليدي يدوية تسمى ب "القرداش" وهي ذات فصين بهما مزودة بأشواك حديدية توضع وسطها كمية من الوبر لتزداد نعومة بعد عديد مرات حك القرداش. وكما يعامل الصوف يعامل الوبر كذلك بحيث تقوم النسوة بعد مرحلة القرداش بإنتاج ما يسمى ب "البنيق" وهي عبارة عن أجزاء من الوبر في شكل قمع أو لفة ورق الفاكس وبذلك تصبح جاهزة للفتل أي استعمال المغزل . ومن خلال رفعة الخيوط و متوسطتها حسب المنتج المراد تحضر الخيوط بآلة تسمى بالمغزل أي ما يسمى بالعامية في المناطق الناطقة بالأمازيغية على غرار أدرار ب"ثازديث". نسج الوبر: ويتم استعمال الوبر في إنتاج القشاشيب و البرانيس من خلال المنسج الذي لا يختلف عن ذلك الذي ينصب في حالة الزرابي أو المنتجات الصوفية حيث يتم إعداده بطريقة جماعية أي من طرف 3 أشخاص 2 منهم يجلسان مقابل الوتدين المنصبين في جهتين من الحيز فيما يقوم الثالث بتمرير الخيط ذهابا و إيابا بين الوتدين بنسج ما يسمى بالنيرة والتي تلعب دورا هاما في تسهيل النسيج وتفادي تداخل الخيوط والترتيب الدقيق للخيوط العمودية في آلة النسيج اليدوي . وبعد الانتهاء من هذه المرحلة تحمل الجملة بأكملها على أعمدة وتثبت فيما يسمى بالمنسج الذي يتم إعداده بطريقة يدوية وتحتوي هذه الآلة على 6 أعمدة خشبية اثنتين مثبتتين بشكل أفقي على الجدار فيما يثبت الباقي عموديا عليها . حياكة البرنوس والقشابية الوبرية: ومن بين المزايا الاقتصادية الهامة لسكان السهوب والصحاري ارتفاع سعر حياكة البرنوس و القشابية الوبرية والتي يقصد بها إعدادها في شكل جميل متسم بتشابك الخيوط الذهبية والحريرية في بعض الأجزاء من هاتين اللباسين. وفي الوقت الذي يصل فيه سعر حياكة لباس واحد 10 آلاف د.ج و يمكن أن ينتهي منها عارف هذا المجال في مدة لا تزيد عن اليومين تحتاج العملية إلى مهارات عالية بلغت إلى حد الإنتاج حسب الطلب حيث تتعدد أساليب وأنماط الحياكة من زبون إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى. ومن بين أشهر أنواع الحياكة النموذجين المغربي والعربي. وفي هاتين الحالتين من الحياكة حسب العارفين بهذا المجال فإن العائلات الجزائرية تجد في هذا النموذج من الإنتاج وسيلة استرزاق ومساهمة في ترقية الميزانية العائلية أحسن وسيلة .