رئيس الجمهورية يقرر حدادا وطنيا ليوم واحد    مخطط الكيان الصهيوني الاستيطاني بالضفة الغربية المحتلة    في إدارة العلاقة مع الكيان الإسرائيلي ج1    كل الأمكانيات مجندة للتكفل بمصابي حادث سقوط الحافلة    بأمر من رئيس الجمهورية,    مقتل 29 شخصا وإصابة 585 آخرين    غضب عربي وسلامي من تصريحات رئيس وزراء الكيان الصهيوني.. 31 دولة بينها الجزائر تدين وهم "إسرائيل الكبرى"    صناعة السيارات : تمديد التسجيل في حملة تجنيد الكفاءات إلى غاية 21 أوت    امتلاك الذهب 2025..الجزائر في المركز الثالث عربيا بحصة 173.6 طن    القمة الإفريقية للمياه:جنوب افريقيا تجدد موقفها الثابت لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير    تلمسان.. مساعي حثيثة لتحسين التزود بالمياه وترشيد استهلاكها    حرائق الغابات: وزارة الداخلية تدعوإلى التحلي بالوعي واتباع التعليمات الوقائية    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش: سلطة ضبط السمعي البصري تقرر توقيف اربع مؤسسات استغلال خدمة الاتصال السمعي البصري    ترامب يدعو إلى اتفاق سلام لاحتواء الأزمة الأوكرانية    رئيسة البعثة الأممية تستعرض جهود الوصول لانتخابات تحظى بالقبول    المنتخب الوطني يحل بنيروبي تحسّبا لمواجهة النيجر    فتح تخصّص ليسانس في الإعلام والاتصال باللغة الإنجليزية    وزيرة الرقمنة تزور المصابين بمستشفى زميرلي    السلام في الشرق الأوسط مرهون بوقف إبادة الشعب الفلسطيني    تسريع وتيرة تجسيد الخط الاختراقي الجزائر- تمنراست    وزراء خارجية دول عربية وإسلامية يحذّرون من المساس بالأمن القومي    دعم المراقبة الوبائية للملاريا المستوردة بالولايات الحدودية    شروط صارمة لضمان إقامة لائقة للحجّاج الجزائريين    انتقادات هولندية لزروقي قبل تربص "الخضر"    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش : وفد عن المجلس الشعبي الوطني يزور المصابين بمستشفى زميرلي    حمامات العرائس بين عبق الماضي وفخامة الحاضر    141 محطة اتصالات لتغطية "مناطق الظل" والشواطئ    نكهات عابرة للحدود من موائد البحرالمتوسط    سهرات متنوعة تُمتع العائلات    بوزيد يخلد فانون في طابع بريدي جديد    فوز "متشردة ميتافيزيقية" لنعيمة شام لبي    سكك الحديدية : التصريح بالمنفعة العامة لإنجاز شطرين من الخط الجزائر العاصمة-تامنغست    شرط واحد يقرب بنفيكا البرتغالي من ضم عمورة    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    الخضر يتعثّرون.. ولا بديل عن هزم النيجر    هذا جديد مسابقة مساعدي التمريض    زيد الخير يلتقي المصلح    هذا موعد مسابقة بريد الجزائر    مدن مغربية تنتفض..    بوقرة: هدفنا التتويج    رئيس المجلس الاسلامي الأعلى يجري بالقاهرة محادثات مع أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة    تكثيف العمل الرقابي الميداني لضمان الاستقرار في الاسواق    وضع استراتيجية تعليمية لرفع وعي الشباب بتاريخهم    بوابة نحو عصر رقمي جديد أم عبء صحي صامت..؟    مشاريع واعدة للربط بالألياف البصرية ومحطات الهاتف النقال    توطيد التعاون الجزائري المصري للتصدّي للفتاوى المتطرّفة    فتح باب التسجيل للوكالات السياحية في حجّ 2026    كأس العالم لكرة اليد أقل من 19 سنة: الجزائر تفوز على الاوروغواي (32-27) و تحتل المركز 27    رئيس المجلس الاسلامي الأعلى يجري بالقاهرة محادثات مع أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة    كرة القدم/ "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025 /المجموعة الثالثة/: الحكم الكاميروني عبدو ميفير يدير مباراة الجزائر-غينيا    كرة القدم/ملتقى حكام النخبة: اختتام فعاليات ملتقى ما قبل انطلاق الموسم الكروي لفائدة حكام النخبة    المخرج التلفزيوني والسينمائي نور الدين بن عمر في ذمة الله    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    إسدال الستار على الطبعة ال13 من المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية بقالمة    متى تكون أفريقيا للأفارقة..؟!    طبعة رابعة استثنائية للمعرض الإفريقي للتجارة البينية 2025    وطّار يعود هذا الأسبوع    هل الرئيس ترامب صانع سلام؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مظاهرات 11 ديسمبر 1960منعطف حقيقي في تاريخ شعب بأكمله

شكلت مظاهرات 11 ديسمبر 1960 منعطفا حقيقيا في النضال التحرري للجزائر من خلال إسماع كلمة الشعب على الصعيد الدولي وإبطال فرضيات المدافعين عن جزائر فرنسية، إلى الأبد.
لقد جرت هذه الأحداث التاريخية التي ميزت ذاكرة البشرية في سياق خاص قبل أيام فقط من تاريخ الجلسة التي كانت قد برمجتها الجمعية العامة للأمم المتحدة لدراسة القضية الجزائرية في 19 ديسمبر تحديدا.
كان رئيس الدولة الفرنسية الجنرال شارل ديغول يعتزم زيارة الجزائر من 9 إلى 12 ديسمبر في الوقت الذي كانت تخطط فيه منظمات متطرفة فرنسية بدعم من وحدات من الجيش لتنظيم مظاهرات تروّج "للجزائر الفرنسية".
ويتعلق الأمر برسالة كانت موجهة أساسا للجنرال ديغول الذي-يقينا منه بالنجاح الذي لا مناص منه للثورة الجزائرية-كان قد بات يتحدث عن سلم الأبطال والإصلاحات.
في تاريخ 9 ديسمبر بعين تيموشنت، أول محطة للجنرال الفرنسي، نظم متطرفون أوروبيون مظاهرة للتعبير عن رفضهم لأي مبادرة ترمي إلى تحسين الظروف المعيشية للجزائريين، لكنهم فوجئوا بمتظاهرين جزائريين اكتسحوا الشارع للتعبير عن نفاذ صبرهم و المطالبة بالاستقلال.
ومن بين أهم الشعارات التي رددها المتظاهرون الجزائريون "الجزائر جزائرية" والجزائر مسلمة" وفي اليوم الموالي شهد شارع "ايزلي" الذي أصبح مستقبلا شارع العربي بن مهيدي بالجزائر العاصمة مشادات بين الجزائريين القاطنين بالأحياء الفقيرة بذات المدينة والأوروبيين.
إقرأ أيضا: مظاهرات 11 ديسمبر 1960 ألزمت فرنسا ومنظمة الأمم المتحدة بالاعتراف بحق الشعب الجزائري في تقرير المصير
وفي حقيقة الأمر ما كان ذلك سوى بداية لسلسة من المواجهات التي توالت مستقبلا إذ خرج آلاف الجزائريين مساء نفس اليوم تحت أمطار غزيرة حاملين العلم الجزائري مرددين شعارات اهتز لها شارع محمد بلوزداد (بلكور سابقا).
بات حينها من الجلي أن أمرا غير متوقع كان يحدث على مرأى و مسمع المعمرين وقوات الأمن الاستعمارية ولم يكن يخف على أحد حينها مدى تعطش الشعب الجزائري لنيل حريته لكنه ما كان قد اتخذ بعد فعليا أي مبادرة في مستوى عزمه المشهود.
تسارع الأحداث جعل المعمرين وعناصر الدرك الفرنسي والعساكر يتنظمون للتصدي لهذه الهبة الشعبية التي كانت قد أربكتهم فضلا عن أنها كانت ستعطي نفسا جديدا للثورة التحريرية.
وطوال مدة المظاهرات لم يتردد المعمرون عن اللجوء لاستعمال الأسلحة بدعم من المظليين من الكتيبة 18.
وبشارع بلوزداد فور وصول أولى المتظاهرين تعرض رجلان وطفل للقتل رميا برصاص معمر من أعلى أحد البنايات ليتوالى بعدها سقوط الضحايا.
إلا أن ذلك لم يثبط من عزيمة المتظاهرين في شيء إذ واصلوا مسيرتهم حاملين العلم الجزائري عاليا تحت تشجيعات وزغاريد النسوة قبل أن تواجههم صفوف القبعات الزرق.
كان مئات عناصر الدرك الفرنسي قد اصطفوا حينها لقطع الطريق أمام الجزائريين المستشيطين غضبا.
لكن سرعان ما اتضح أن الحشد الكبير للمواطنين الذي كان يكتسح الشارع لم يكن في الحقيقة سوى الصف الأمامي لجيش كامل من المتظاهرين، اذ انضمت مجموعات من الرجال و النساء والأطفال من أعالي حي "صالومبيي" (المدنية) لهذه الثورة الشعبية.
ولتدارك الأمر وخوفا من انفلات الوضع من أيديها قامت قوات الدرك الفرنسي باستدعاء عناصر دعم ليكون المدد عبارة عن عساكر مدججين بالأسلحة ومزودين بسيارات مدرعة وأقل ما يقال عن الحالة التي سادت بعد تلك المواجهة أنها كانت مربكة إلى أبعد حد.
بالفعل حيث تم إطلاق الرصاص هنا وهناك واضرام النار لتغدو المدينة ملبدة بالدخان لا يسمع فيها صوت سوى دوي صفارات انذار سيارات الإسعاف والإطفاء المتوالية.
وفي صباح 11 ديسمبر، كان الجانب الفرنسي يأمل في أن تتلاشى الإرادة الشعبية ولكن حصل العكس.
ففي القصبة، خرج ملايين الأشخاص إلى الشارع وكان رجال الدرك المدعمين بالمظليين يحاولون منعهم من خلال إعاقة مداخل المدينة العتيقة. و في بلوزداد والمدنية، كانت المظاهرات مستمرة، في حين نشبت مواجهات عنيفة في باب الوادي، بين الجزائريين والأوروبيين، وأخرى مماثلة في غيرها من أحياء المدينة. وكان العسكريون والمستوطنون يطلقون النار دون تردد مستهدفين الرأس والصدر ولكنهم تفاجئوا بصمود الجزائريين الذين لم يستسلموا بل تحدوا الموت والخوف.
=== انتصار كبير ===
كان المستوطنون ورجال الدرك والمظليون المدعمون بالجنود من مختلف مناطق البلد لم يفهموا ما يجري تحت أعينهم. واجتذب ما يحدث في الجزائر أنظار مناطق أخرى في العالم التي تساءلت بدهشة واستغراب ما يجري في الشوارع الجزائرية، إذ كان الأمر لا يتعلق فقط بحرب ضد قوة استعمارية بل نضال ضد مجرمي حرب.
وتفاقم الوضع في مدن أخرى من البلد على غرار البليدة ووهران والشلف وعنابة وقسنطينة وغيرها، حيث خرج حشد من الناس الذين تحدوا الجيش الاستعماري مطالبين بالحرية. ودامت المظاهرات أسبوعا، في حين تم قتل متظاهرين في الجزائر العاصمة.
وحسب تقارير تشريح الجثث آنذاك، سقط معظم الضحايا بطلقات نارية من المستوطنين. وكانت السلطات الفرنسية آنذاك تشير إلى 120 قتيلا، بما فيهم 112 جزائريا، ولكن هذه الأرقام مشكوك فيها إذ تشير اليوم إلى ما لا يقل عن 200 قتيل من الجانب الجزائري.
إقرأ أيضا: مظاهرات 11 ديسمبر حدث مفصلي للشعب الجزائري ولكل الشعوب المقاومة للاستعمار
وقد بلغت نداءات الجزائريين الداعية إلى الاستقلال وشعاراتهم من أجل جزائر مستقلة مقر منظمة الأمم المتحدة حيث استوعب أعضائها انذاك المطالب التي يتمسك بها الشعب.
وفي 19 ديسمبر 1960، صوتت الجمعية العامة الأممية على اللائحة 1573 التي تعترف بحق الشعب الجزائري في حرية تقرير المصير والاستقلال. وكان هذا انتصارا للجزائريين الذين منذ بداية حرب التحرير، دفعوا ثمنا غاليا سواء في الارياف أو المدن.
وابتداء من هذا التاريخ، اتضحت جليا القضية الجزائرية للدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة. وقد قوبلت عزيمة الشعب الجزائري بالاحترام و فتح صموده الطريق لممثليه ليسمع صوتهم في المحافل الدولية، من أمثال أمحمد يزيد و لمين دباغين ومحمد الصديق بن يحيى وغيرهم من الذين كُلفوا بإسماع صوت الشعب الجزائري في الخارج وأحرزوا تقدما كبيرا بفضل مظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي غيرت مجرى التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.