توفي صباح اليوم الجمعة الفنان رابح درياسة، أحد أبرز أعمدة الفن الجزائري الأصيل عن عمر ناهز 87 سنة، حسبما علم من مدير الثقافة لولاية البليدة الحاج مسحوب . وأضاف الحاج مسحوب أن الفنان درياسة توفي بمنزله الكائن بشارع العربي تبسي بوسط مدينة البليدة. وستشيع جنازة فقيد الفن الجزائري عصر اليوم بمقبرة سيدي حلو بوسط المدينة ، وفقا لما أفادت به مصالح الولاية. و بدأ الفنان المرحوم رابح درياسة مشواره الفني سنة 1953، و يعد من أبرز الفنانين الذين يحظون بحب و احترام الشعب الجزائري لا سيما وأنه اشتهر بأغانيه الوطنية التي ساهمت في جمع شمل جميع الجزائريين على غرار أغنيته الشهيرة "يحياو أولاد بلادي". كما غنى المطرب رابح درياسة, الذي ألف و لحن العديد من أغانيه, للوطن و الحب والجمال على غرار أغاني "الممرضة" و "يا محمد" و "نجمة قطبية". الحاج رابح درياسة، مشوار مفعم بالعطاء لفنان كان يصغي لمجتمعه الجزائر - كرس الحاج رابح درياسة الذي وافته المنية صباح اليوم الجمعة بالبليدة عن عمر يناهز 87 عاما أزيد من 60 سنة من حياته في الاصغاء إلى مجتمعه حيث حملت الأعمال الفنية للفقيد، الذي يعد من أكبر شعراء ومغني المنوعات الشعبية الجزائرية، آمال وطموحات مجتمع شديد التعلق بتراثه الثقافي. وأدى الراحل عدة أغاني منها "يا عبد القادر" و"حزب الثوار" و"أنا جزائري" و"نجمة قطبية" و"مبروك علينا" توجت مسيرة قامة فنية لطالما اصغت لانشغالات مجتمعها وعملت على نقلها في أعمال خالدة بأشكال عالية الجمالية. وتعد أغاني "قصة سيدنا يوسف" و"قولولها الممرضة" و"وردة بيضاء" و"يا الحوتة" و"يا العوامة" و"يا التفاحة" و"يا القمري" و"خذ المفتاح" و"حجاج الله" و"قصيدة يا راس بن آدم"، من بين النجاحات الأخرى للراحل والتي تركت بصمتها في تاريخ الجزائر وحياة الناس اليومية. ولد رابح درياسة سنة 1934 في البليدة حيث كبر يتيم الوالدين وهو الذي فقد أمه في سن 12 ووالده في سن 15 . تحمل الراحل مسؤولية العائلة بعد رحيل والده إذ اضطر على العمل فامتهن النحت على الزجاج ثم الرسم، خاصة المنمنمات، التي كانت أول شغفه الفني تعلمه بمفرده مستوحيا ببعض الفنانين خاصة محمد راسم. في سنة 1952، عرض أعماله في الجزائر العاصمة والبليدةوباريس وميتز وفاز بجائزة "جول فيري" في صالون الفنانين الجزائريين والمستشرقين في باريس وميتز. وفي عالم الغناء، شرع الفقيد سنة 1953، في كتابة الأغاني لمعظم نجوم تلك الفترة، قبل أن يحاول أداء كلمات نصوصه الخاصة، في "من كل فن شوية"، وهي حصة إذاعية من تقديم الراحل محمد الحبيب حشلاف. وبعد اكتشافه و تشجيعه من طرف أعمدة الأغنية في تلك الحقبة من بينهم مصطفى اسكندراني و عبد الرحمان عزيز و مصطفى كشكول، سلك رابح درياسة طريقه و وضع طابعه الخاص الذي يقوم على مزج بين مختلف الطبوع الشعبية من البدوي و العلاوي و الصحراوي و غيرها. وكان النجاح في الموعد حيث تهافت الجمهور على شراء الاسطوانات ال45 للمطرب الشاب معجبين بثراء نصوصه الملتزمة ذات اللحن الجميل وغير المسبوق التي تم تسجيلها في أكبر دير الأسطوانات على غرار "Pathé" و "Philips". وبعد الاستقلال، واصل رابح درياسة الذي حقق شعبية كبيرة، طريقه كما قام بإدخال مزج بين المواضيع الوطنية والاجتماعية جعلت منه أحد أكبر المؤلفين و الملحنين للجزائر الجديدة حيث منح لقب سفير الأغنية الجزائرية. و مثل الفقيد الجزائر خلال الاسابيع الثقافية بالبلدان الصديقة مثل العراق و مصر و سوريا و الكويت و العربية السعودية و الامارات العربية المتحدة و لبنان اضافة الى بلدان المغرب العربي. وفي سنة 1975 وجه له مدير الأولمبيا دعوة ليكون على رأس قائمة الحفلات الخاصة بنجوم العالم العربي و المبرمجة لأول مرة. و في تسعينيات القرن الماضي، اتبع نجله عبدو درياسة درب أبيه في الأغنية حيث أعاد في بداياته أشهر أغاني الفقيد و الذي أدى رفقته أغان ثنائية. و قد أعربت وزيرة الثقافة و الفنون وفاء شعلال التي تنقلت الى البليدة عن تعازيها لأسرة الفقيد كما عبرت في تصريح للصحافة عن "حزنها الشديد" لفقدان " قامة فنية جزائرية" خلفت "مسارا فنيا ثريا" من " لعطاء والابداع" معتبرة أن الراحل رابح درياسة كان أحد "أعمدة الأغنية الشعبية الجزائرية الأصيلة".