العدوان البري على غزة: آلة الحرب الصهيونية تواصل نشر الموت والدمار في تحد صارخ للقانون الدولي    إطلاق بوابة رقمية جديدة    سنعمل على عصرنة المرافق العمومية    وزير الصحة يقف بأم البواقي على الحالة الصحية للمواطنين الذين أصيبوا بعضات كلب    زرّوقي يتفقّد المدرسة العليا للتكنولوجيات    إقبال واسع على جناح الجزائر    الصالونات الجهوية للتشغيل:    كناب-بنك: فتح وكالة جديدة بتيبازة    الدخول المدرسي.. رهان وطني    الجزائر لن تدخر جهدا في دعم و مساندة الشعب الفلسطيني    إشادة دولية بدور الجزائر    64 عاماً على معركة جبل بوكحيل بالجلفة    بمناسبة اليوم العالمي للسلام : الاتحاد البرلماني العربي يؤكد ضرورة تكريس ثقافة السلام و الحوار في حل النزاعات    الرابطة الثانية هواة لكرة القدم/الجولة الثانية : فرصة لبعض الأندية للتأكيد ولأخرى للتدارك    ألعاب القوى مونديال- 2025 (الوثب الثلاثي) : تأهل الجزائري ياسر تريكي إلى النهائي    خدمات جديدة لاقتناء التذاكر إلكترونياً    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    وزير الصحة يستقبل سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الجزائر    تعليم عالي : 4112 منصب مالي لتوظيف الاساتذة بعنوان السنة المالية 2025    الدخول المدرسي: الحماية المدنية تنظم حملة تحسيسية حول الوقاية من أخطار حوادث المرور    المهرجان الثقافي الدولي للسينما إمدغاسن: فيلم "نية" من الجزائر ينال جائزة أحسن فيلم روائي قصير    المعرض العالمي بأوساكا: الجزائر تنظم ندوة علمية حول الاستراتيجية الوطنية لتطوير الطاقة المتجددة والهيدروجين    جيجل : اصطدام قطار بسيارة يخلف مصابين اثنين    وفاة 46 شخصا وإصابة 1936 آخرين    لوكسمبورغ تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين    المغير: حجز أكثر من 11 ألف قرص مهلوس    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    استحداث قطب تكنولوجي لتجسيد استراتيجية التحوّل الرقمي    مخطط عمل لضبط الأولويات وتسريع المشاريع الاستراتيجية    تعميق الممارسة الديمقراطية وتقوية المؤسّسات    جائزة الابتكار المدرسي للاكتشاف المبكر للموهوبين    إعلاء العقيدة الأممية في مجال تصفية الاستعمار    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    هزة أرضية بشدة 3 بولاية المدية    الجزائر العاصمة: اختتام المخيم التكويني للوسيط الشبابي للوقاية من المخدرات    انطلاق الحفريات العاشرة بموقع "رجل تيغنيف القديم"    وزارة التجارة الخارجية توظّف في عدة رتب    حضور جزائري في سفينة النيل    سعداوي يجتمع مع إطارات الوزارة ومديري التربية..تعليمات للتواجد الميداني وضمان دخول مدرسي ناجح    المجلس الأعلى للغة العربية: اجتماع لتنصيب لجنة مشروع "الأطلس اللساني الجزائري"    ضرورة تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    الجزائر العاصمة : تنظيم معرض جهوي للمستلزمات المدرسية بقصرالمعارض    منصب جديد لصادي    ألعاب القوى مونديال- 2025: تأهل الجزائريان جمال سجاتي و سليمان مولى الى نصف نهائي سباق ال800 متر    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    وزير الشؤون الدينية يعطي إشارة انطلاق الطبعة 27 للأسبوع الوطني للقرآن الكريم    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تقديم كتاب سفينة المالوف    دعوة إلى تكثيف الأبحاث والحفريات بالأوراس    إطلاق الأسماء على الأولاد ذكورا وإناثا ..    قرابة 29 ألف تدخل خلال السداسي الأول    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    تيطراوي يطرق أبواب "الخضر" ويحرج بيتكوفيتش    مشواري لم يكن سهلا ورُفضت بسبب قصر قامتي    بن طالب يتألق مع ليل الفرنسي ويحدد أهدافه    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منح نصيب الجزائر من الصفقات للمصريين .. بعد فضيحة سوناطراك الأولى والثانية .. “شكيب خليل" بطل “فضيحة الغاز"

في وقت يتحاشى التحقيق القضائي في الجزء الثاني من مسلسل فضائح سوناطراك، ذكر اسم الوزير السابق للطاقة والمناجم، حمّلنا أنفسنا مسؤولية التقصي عن سيرته الحافلة بالإنجازات في بلد العم سام.
هي رحلة طويلة وشاقة قادتنا عبر عشر مدن أمريكية، بدءا من “لويزيانا" ومرورا ب«تكساس" و«جورجيا" و«ماريلاند".. تأكد لنا فيها من خلال شهادات من تعاملوا مع “شكيب خليل" ومن الوثائق التي تمكنا من الحصول عليها، أنه لم يكن - في الحقيقة - مدافعا عن المصالح العليا للجزائر، بالقدر الذي كان حريصا وساهرا على خدمة مصالح أصدقائه من نادي محتكري المال والطاقة. والدليل على هذا هو الضرر الكبير الذي سببه هذا الوزير من خسائر للاقتصاد الجزائري، عندما تسبب في توقيف تصدير الغاز المميع الجزائري إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2007، إذ لم ترسُ - منذ هذا التاريخ - أي سفينة جزائرية على السواحل الأمريكية تاركة المجال مفتوحا لناقلات الغاز المصرية.
لقد اعتقد الكثير منا أنه في تعيين “شكيب خليل" على رأس وزارة الطاقة والمناجم فائدة كبيرة للجزائر، وذلك انطلاقا من الكفاءة والخبرة والتجربة التي يتمتع بها الرجل رغم أنه لم يكن من بين من يستحسنهم البنك العالمي. إذ، حسب علل بعض من هم على دراية بأغوار الاقتصاد العالمي، سر ذلك التهميش هو الضغط الذي مارسته جماعات اللوبي اليهودي، إلا أن دور الضحية الذي قام به شكيب خليل ريثما انكشف وظهرت نواياه عندما قام بتأسيس شركة في جانفي سنة 2012، لتكون في خدمة اللوبي اليهودي نفسه، والذي يأتي على رأسه “يتموف جاكوب"، وهو أحد أكبر الحيتان المسيطرة على المال والاقتصاد ببريطانيا، من خلال ما يقدر ب 2300 شركة.
شكيب خليل الذي لم يطق البقاء في باتنة، بقدر ما كان يفضل الإقامة الفاخرة بالقاهرة رفقة زوجته “نجاة عرفات" الفلسطينية، المصرية والأمريكية الجنسية، التي تحولت إلى خبيرة في الملف النووي الجزائري، بدعم وتأييد من زوجها الذي لم يتوان دون شك في أن يمنحها كل ما تحتاجه من معلومات مكنتها من ولوج دهاليز الفيزياء النووية في الجزائر، كانت تربطهما علاقات يشوبها التكتم والسرية مع بعض الوصوليين والانتهازيين في الاقتصاد المصري من أمثال “سوريس"، بالإضافة إلى العلاقات الوطيدة التي كانت تربطها بعائلة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك.
ما الجدوى إذا من “نصرة غزة" والفلسطينية “نجاة عرفات" أيقونة حفلات البذخ والترف، حيث تدفع 75000 دولار من أجل ارتداء عقد من الماس لتسلب به العقول؟. كل هذا يحدث في وقت لقننا فيه أحمد يوسف، مستشار “إسماعيل هنية" درسا على صفحات جريدة “هآرتس" في مقال حمل عنوان “غزة ليست الجزائر". وما الجدوى إذا من “نصرة غزة" إذا علمنا أن مساحة ميناء دبي صارت تتسع بمقدار 300 متر سنويا؟ وما الجدوى من “نصرة غزة" ما دام ذلك سيساهم في زيادة أرصدة بنك اسطنبول وأردوغان وعرابي حملة “كلنا مع غزة"، ومن بينهم أبو جرة سلطاني.
مع أن الكثير منا يتذكر حادثة صفقة “رخصة دزاير"، التي احتال فيها نجل الرئيس المصري المخلوع - الذي أراد في وقت سابق التوسط للجزائر من أجل إتمام صفقة شراء الأسلحة - على دولة وشعب بأكمله، وكانت كافية لتنعش الأرصدة المالية المصرية من جديد، إلا أن هذا لم يمنع الوزير السابق للطاقة والمناجم من حط الرحال على ضفاف النيل بنية تأسيس شركة جزائرية - مصرية غامضة المعالم ومبهمة الأهداف تحت اسم “سيلين" بتاريخ 6 ديسمبر 2009، أي بعد 17 يوما فقط من مباراة أم درمان الشهيرة و16 يوما بعد خطاب شبه التعبئة الذي ألقاه أمام نواب مجلس الشعب المصري. وبطبيعة الحال، لم يكن لأمثال سعيد عبادو وشريف عباس أن يتفطنوا للعدو الداخلي ولا للعدو الخارجي، مع أن الأخير قد تمكن فعلا من غرس أنيابه. فالأمر كان واضحا من البداية، لأن “شكيب" لم يكن في الحقيقة يمثل مصالح أمريكا، بل كان يسعى لخدمة المصالح المصرية من خلال الولايات المتحدة الأمريكية، فكانت النتيجة إذا إقالة راعي الشؤون المصرية في الجزائر بتاريخ 29 ماي 2010.
لقد كان للسقوط، غير المتوقع، للخادم الوفي للمصريين بمثابة الضربة القاصمة، إذ انهارت على وقعها أبنيتهم الهشة والمشيدة بالرشوة والفساد فباتوا في حيرة من أمرهم.. فما الذي ينبغي فعله إذا؟ إن الرجل الذي طالما كان ساهرا على مصالحهم بالجزائر وخارجها من خلال تدخلاته ونفوذه لم يعد وزيرا.. هكذا مرت الأشهر والترقب يزداد بشأن مصالح المصريين وما من حيلة في جعبتهم ليستفيدوا أكثر من الأموال الجزائرية. لتأتي بعد ذلك مبادرة الرئيس المصري حسني مبارك، الذي حط الرحال بالعاصمة الجزائرية في 04 جويلية من سنة 2010 بحجة تقديم واجب العزاء للرئيس بوتفليقة، وبما أن شكيب خليل كان متأكدا تماما من نهاية عهده بوزارة الطاقة والناجم، فقد سعى قدر استطاعته للتستر على الثغرات التي خلفها من ورائه، إلا أنه من دون شك كان يملك أكثر من طريقة للتنصل من المسؤولية، فهو رجل مثقف يتكلم الإنجليزية والإسبانية، وهو من عَلم أربعة من زملائه الوزراء كيفية “الإرشاء" وتلقي الرشاوى بمختلف الألسن في ليما ولندن ومونتريال وبلتيمور وهوستون وواشنطون وتورنتو.
هذا كله يوحي إلى أن “شكيب خليل" ما كان ليملك الجرأة على أن يفاوض من موقع وريث السلطة ما لم يكن مدعوما ويملك ضمانات ضريبية وجمركية.. ولكن من يقف وراءه؟
لقد قام الوزير السابق سنة 2000 باسترجاع أموال سوناطراك بعد فض الشراكة مع الشركة الأمريكية “دوك إنرجي هليبرتون"، لكنه، وللأسف، وضعها تحت تصرف شخص معروف بسمعته المالية السيئة في أبو ظبي، ليقوم بدوره بتأسيس شركة “سميت ريان انفستمنت"، ويُهرب بذلك شكيب خليل الأموال المسترجعة لصالح سوناطراك بعد معركة مريرة دامت أشهرا عديدة انتهت فصولها في جانفي 2011، مكلفة الخزينة العمومية أموالا طائلة أنفقت في مصاريف القضية وعلى أتعاب المحامين.
لأوريا، شيكاغو ولويزيان
إن الحاجة إلى فهم هذا الرجل تطلبت منا أن نغوص في أغوار سيرته، فالبداية كانت سنة 1999 أي عندما وطأت قدما “شكيب" الجزائر قادما من إسبانيا. إلا أنه ينبغي أن نشير إلى أن الفضيحة التي ألمت بسوناطراك أكدت لنا بأن الرجل منذ أن تولى مسؤولية القطاع بالجزائر اختار أن يقوم بدور العميل المزدوج، أو بالأحرى مثل من يعاني انفصاما في الشخصية. ولم يلبث في منصبه الجديد آنذاك حتى بدأ يناقش مسألة الراتب والحوافز والامتيازات، إلا أن ذلك لم يكن مهما، خاصة أن الرئيس كان يسعى آنذاك إلى تعبئة جميع الموارد المالية للبلاد من أجل تحويل الجزائر - وفي أقرب وقت ممكن - إلى ورشات ومشاريع كبرى والعمل على تقوية العلاقات الجزائرية الأمريكية، وهو ما تحقق بالفعل، فقد تمكنت الجزائر من الظهور مجددا في مجال المحروقات والغاز من خلال سياسة تهدف إلى تغيير الخارطة الغازية العالمية، وذلك بالتكتل والتعامل مع دول مثل روسيا. وقد تمكن شكيب خليل كذلك بفضل حضوره وتحكمه في أربع لغات عالمية، من أن يحصل على لقب “وزير الأوبيب المخضرم". كما أثار انتباه الشركاء الأمريكان للجزائر، خاصة في الطريقة التي كان يسير بها المنظمة. كل هذا جعل الجزائر أحسن دولة مصدرة للمحروقات تدافع عن مصالحها وسيادتها بشراسة، وهو ما أكدته وتأكده الأموال الضخمة التي تحصل عليها سونطراك، لا شك أن سياسة الرئيس الطاقوية كانت تقتضي “حماية الدار"، لكن يبدو أنه أخطأ عندما أراد أن يخفف - نوعا ما - من شدة الاحتدام، وذلك بترك حرية التصرف للوزير السابق للطاقة والمناجم، الأمر الذي كان بمثابة الفرصة التي لا تعوض بالنسبة للأخير، الذي لم يتردد في استعمالها في المزايدات. فلم يكن في الحقيقة رجل المزايدات هذا، سوى انتهازيا صائدا للفرص تمكن بفضل البترول الجزائري أن يدعم موقعة عند جماعة واشنطن، حيث لم يفارق الولايات المتحدة الأمريكية، يوما، رغم مركزه الرسمي والحساس في الجزائر. وبفضل هذا البترول كذلك استطاعت زوجته “نجاة عرفات" من الارتقاء إلى سيدة مجتمع تمثل المرأة العربية تسعى إلى تلقين بعض نساء الخليج شيئا من معالم التحضر والتمدن على طريقة “نيويورك". ولا أظن أن أحد نسي كيف قام الوزير السابق -الذي لم ينس نصفه المصري - بغرس جاسوس في مركب أرزيو البترولي حتى يعرف كيف تتم صناعة “الأوري"، هذا الذئب البشري الذي تمكن من الاحتيال على كريم جودي يقترح، اليوم، على مدينة “أيوا" الفلاحية بالولايات المتحدة الأمريكية إنجاز مصنع للمادة نفسها في منطقة “لي كونتي" غرب شيكاغو، ليقضي على أحلام الجزائريين في تصدير هذه المادة المخصبة للولايات المتحدة الأمريكية.
لم يتوقف شكيب خليل عند هذا الحد فقط، بل واصل مهازله وفضائحه التي لم يكن ليكترث لها أحد.. ففي سنة 2007 قام “وزير العار" بالعمل على تكسير المصالح الطاقوية الجزائرية في أمريكا ليفسح المجال لمصر وأصدقائه المصريين للانفراد بالسوق الأمريكية، إلا أن بداية المؤامرة كانت تعود إلى تاريخ 04 أفريل 2005، عندما وصلت حاملة الغاز “لالة فاطمة نسومر" إلى سواحل لويزيانا، حيث كانت سوناطراك تزود شركة “بيح الن جي" بالغاز، وفي 27 أفريل من السنة نفسها استمرت سوناطراك في بيع الغاز الجزائري للأمريكية “بي جي الن جي" بشكل عادي إلى غاية 15 من جويلية، أين بدأت ناقلات البترول والغاز المصري في نشاط متزايد، وبدأت حاملات الغاز الجزائري في المقابل في الانسحاب عن العرض الساحلي للويزيانا، ليقوم بعدها، بقرار مريب، الوزير السابق للطاقة والمناجم، بإيقاف تزويد أمريكا بالغاز الجزائري، مبقيا على بعض الحملات التي كانت تقوم بها حاملة الغاز “لالة فاطمة نسومر". كل هذا مكن - دون شك - المصريين من الأخذ بزمام الأمور في صفقة معدة بإحكام للسيطرة على السوق الجديد الممنوح لهم من قبل الوزير الجزائري الوفي، فلماذا يتخذ الوزير قرارا خطيرا مثل هذا فاسحا المجال للمصريين؟ خصوصا أن الوثائق الرسمية المتحصل عليها، والتي ترصد النشاط الغازي الجزائري بأمريكا منذ سنة 1973 إلى غاية جانفي 2013، تدل على أن الشركات التي عوضت الفراغ الجزائري هي بالفعل شركات مصرية!
شكيب خليل.. كفاءة بالمعنى السلبي
كل الدلائل والقرائن تجعلنا شبه متأكدين أن “شكيب خليل" كان المتسبب الرئيسي في التراجع الصارخ للصادرات الجزائرية نحو أمريكا من الغاز، ويجدر بنا هنا أن نذكر بالمكانة التي كانت تحظى بها الجزائر في سوق المحروقات الأمريكية، حيث كانت تعد ثاني شريك غازي لبلد العم سام بإنتاج قدر سنة 2004 ب 120 مليار قدم مكعب من الغاز، بعد “ترينيداد" التي كانت تستحوذ على حصة الأسد بإنتاج 13 مليار مكعب من الغاز، وهو ما جعل الجزائر تتصدر الدول العربية من حيث صادراتها من الغاز، لتحل قطر الثانية ومصر الثالثة. فقد كانت الجزائر تتعامل مع الشركتين النرويجية “ستاتويل" التي كانت تقوم بالتوزيع بالقاعدة الغازية، والأمريكية “بي جي ألن جي"، والتي كانت بدورها تقوم بالتوزيع على مستوى القاعدة الغازية بلويزيانا، حيث تكشف لنا إعادة حساب عدد العمليات التي قامت بها حاملات الغاز الجزائرية والتي بلغ مجموعها حوالي 43، التلاعب في أموال ومخلصات أربع عمليات لتحويل الغاز، يقال إنه تم تحويلها عن طريق تحويلات بنكية تمت في لندن إلى “سوناترايدينغ"، وهو فرع مبهم تابع لشركة سوناطراك كان يترأسه شخص يدعى “عبد الحفيظ خليل"، والذي نجهل - لحد الآن - إذا كانت تربطه صلة قرابة بالوزير السابق أم لا، إلا أن المعلومات المستقاة تأكد أنه كان إطارا سابقا في الشركة الوطنية للكهرباء والغاز. وخلال تصفح بعض الوثائق والبيانات، يظهر اختفاء أموال مخالصة أخرى تمت بعد عملية نقل للغاز نفذت بنفس الطريقة، ولكن هذه المرة بسفينة ليبيرية تدعى “ميثان بولار"، والأدهى والأمر هو أنه حتى السجلات الأمريكية لم تتضمن اسم وبلد الحمولة!. إلا أن ما يثير التساؤلات أكثر هو حصول الشركة الإسبانية “غاز نتورال" على ثلاثة مخالصات من مجمل عمليات النقل الخاص بالغاز الجزائري سنة 2004: فهل هذه الشركة هي نفسها التي تتحدى حاليا الشركتين الإيطالية “إني" والمصرية “داميتا"، والتي أزاحت الجزائر عن طريقها في السوق الأمريكية؟! وهل هي الشركة نفسها التي تستغل جزيرة الترينيداد، التي يعد أول شريك غاز لأمريكا؟ لا ندري ما دمنا لا نملك الدلائل الكافية على ذلك..
فمن مجموع 42 عملية غازية، تحصلت “ميد الن جي" على تسع صفقات بيع كاملة. كل هذا ساهم بدون شك في الانهيار الكبير في صادرات الجزائر، والذي استفادت منه مصر بالدرجة الأولى، وهو يوحي كذلك بتخطيط جهنمي ودقيق فتح الأبواب لحكام مصر السابقين لغزو السوق الأمريكية، وعليه فقد وجدت الجزائر في سنة 2005 صعوبات جمة في تسويق الغاز واكتفت بإبرام عقود بيع قصيرة المدى بوحدة تعد بثمانية دولارات، وفي المقابل استطاعت مصر -وبأريحية كبيرة - إبرام عقود بيع مهمة وب 11 دولار للوحدة. كل هذا كان يحدث، للأسف، في خضم تلك التحركات المشبوهة والمبهمة للغاز الجزائري إلى وجهات غير معروفة. فقد تبين لنا من جملة الوثائق والآثار التي تتبعناها أن هناك جهات مصرية أو أوروبية قد تكون استفادت من حمولتين كاملتين من الغاز الجزائري.
المصلحة العليا للبلاد في نظر خليل.. “أولوية أم إهمال؟"
لقد اعتقد شكيب خليل أن باختلاقه كذبة خريف سنة 2005 -أوبالأحرى كذبة مشروع القرن، القاضي بتزويد أمريكا بالغاز الطبيعي لمدة 20 سنة - أنه سيخدع سذاجة الجزائريين مرة أخرى، خاصة أنه أخفى عنهم اسم الشركة التي كان من المفترض أن تحظى بالصفقة، وهي “سمبرا الن جي"، إلا أن هذه المسرحية انكشفت بعد مسلسل الكوارث المسجلة في الصادرات الجزائرية التي بدأت، واعتبارا من سنة 2005، في التراجع بعد أن انخفضت عمليات تصدير الغاز إلى أقل من 30 عملية، لتأتي بعد ذلك “الطامة الكبرى" بالنسبة للجزائر، بفقدانها لسوق مهمة. وبعد توقف “بي جي الن جي" عن شراء الغاز الجزائري، واقتصرت صادرات الجزائر فقط على 17.7 مليار قدم مكعب من بعض العمليات، وهي قيمة قليلة جدا بالمقارنة مع ما كانت تحققه سابقا. فمن عوض الفراغ الجزائري إذا؟!
الإجابة عن هذه الأسئلة تستدعي منا أن نشير إلى كون شكيب خليل يمتاز عن الكثير من زملائه الجزائريين بإمكانياته وخبرته التي صقلها عالم المال والشركات، بخلاف يوسف يوسفي الذي خلفه في منصبه، رغم أنه لم يتمتع بنفس الميزات التي تميز بها سابقه، فكل من تعامل معه يقر أن الرجل كان يجيد اللعب على الوترين، وهي ميزة لا تتوفر عند كل رجال الأعمال: فكثيرا ما كان يكيد الجزائر بداعي السياسات الواعدة، ويدعم من جهة أخرى مصالح أصدقائه وأمثاله من عبدة المال والريع. والدليل على ما نقول هو منصب مدير عام القطرية للغاز، الذي منحه إياه أمير دولة قطر نظير راتب شهري خيالي، كل هذا من أجل كفاءة الوزير الجزائري السابق.
هذا الوزير الذي انكشف للرأي العام سنة 2007، بعدما انتهت على يده عملية تصدير الغاز الجزائري إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تتوقف منذ سنة 1973، بعدما عمل بجهد على تقليص صادرات الجزائر إلى الولايات المتحدة، حيث سجلت صادراتنا من الغاز ما قدره 11.2 مليار قدم مكعب فقط في السداسي الأول من السنة نفسها، إلى أن تلاشت تماما تاركة المساحة شاغرة لصالح حلفائه من مصر وقطر.. والدليل على هذا موجود في “ستاتويل" الأمريكية.. وتحقيقنا لايزال جاريا إلى أن تفتح ملفات أخرى من فضائح أخرى.
ترجمة: حنيفي مصطفى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.