إذا كانت المتابعة القضائية التي أثيرت في الأيام الماضية بإسبانيا ضد لاعب برشلونة ميسي، قد لفتت إليها الأنظار وتحظى اليوم بمتابعة من طرف عشاق الجوهرة الأرجنتينية وخصومه، فإن ما يمكن الوقوف عليه ونحن نحضر قضية عدم دفع اللاعب الأرجنتيني الضرائب على بعض عائداته المالية المقدرة بأربعة ملايين أورو، هو الصرامة التي تتعامل بها مصالح الضرائب في البلدان التي تحترم نفسها وقوانينها، الأمر الذي لا يمكننا إسقاطه على ما يحدث في الوسط الرياضي عامة والكروي خاصة في بلادنا، حيث تسبح الأموال التي تدخل خزائن لاعبينا ورياضيينا ومدربينا ورؤساء أنديتنا خارج المراقبة الضريبية التي يبدو وأنها لم تدخل بعد القاموس الرياضي ببلادنا، بدليل أن التهويل الذي أثير حول ضرورة دخول عالم الاحتراف الكروي ما يزال يجري بعيدا عن مصالح المراقبة، حيث يحاول القائمون على ترسيخ المبادىء والقيم والقوانين الاحترافية فرض منطق احترافي بمواصفات جزائرية خالصة بعيدا عن مقاييس الاحتراف العالمي وضوابطه التي لا مجال فيها لتداول الملايير من الأموال خارج الأطر القانونية، ولعل الأدهى في الواقع الرياضي والكروي الذي يسود عندنا هو أن مسألة إخضاع الأموال الكبيرة التي تسبح في الفضاء الرياضي لم تُطرح قط، ولم يحاول أي مسؤول مهما كانت درجة مسؤوليته ومنصبه أن يتطرق إلى مثل هذه المواضيع التي ما تزال مع الأسف الشديد تشكل أحد الطابوهات التي لا يمكن الخوض فيها أو إثارتها بأي شكل من الأشكال، ويكفي في هذا المقام الإشارة إلى أن أبجديات الصفقات والعقود التي تبرم في الوسط الرياضي الكروي تحديدا غير مطبقة، وبالتالي يصعب على أي كان أن يطلع على قيمة العقود والصفقات التي تبرمها الأندية مع لاعبيها ومدربيها، وما يتسرب من معلومات حول بعض الأرقام والمبالغ المالية لا يعدو كونه يدخل في بوتقة الإشاعات التي يجب تصديقها بالضرورة طالما وأنها لم تصدر من المعنيين بالأمر، بل أن منبعها يكون في كثير من الأحيان ما تنشره وسائل الإعلام أو ما يتسرب من المحيط الذي لا يملك الحقيقة؟!