قال موريس مخاطبا محند أزيري "أنت الذي كتبت أكثر من مرة على السعيد بوتفليقة، وخاصة البروتريه المفيد والناجح إلى حد بعيد عن الشقيق الأصغر للرئيس، هل تعتقد فعلا أنه أصبح الرجل القوي في الحكم؟! وإن كان ذلك فمن أي مصدر يستمد مثل هذه القوة وهو الذي يشغل سوى مجرد منصب مستشار الرئيس؟ قال محند أزيري "في نظري، وبالرغم أنني لم التق أو لم أتمكن من لقاء الشقيق الأصغر للرئيس بوتفليقة، فإن هذا الشخص لا يمكن الاستخفاف بقدراته الفكرية والسياسية في التأثير على صناعة القرار، فهو بالرغم أنه ليس ابنا للسرايا، فهو قادم من محيط آخر، وهو محيط النضال السياسي السري والنقابي عندما كان جامعيا، لكن إضافة إلى ذلك فلقد تعلّم بسرعة عندما أصبح قريبا من شقيقه الأكبر، فلقد درس الميكانيزمات التي تتشكل منها اللعبة السياسية، واطلع على بروفيلات رجال الحكم وعرف نقاط ضعفهم وذلك خاصة عندما كان في الرئاسة طبعا ولا يزال. إن الرجل الذي أضعف الرجل القوي في الحكم، الجنرال العربي بلخير، وهو إلى جانب ذلك اهتدى كيف يستعين بكوادر وشخصيات لها طموحات لا تعد إلا أنها لا تملك شخصية قوية فعرف كيف يجعل منها أدواته في معركته الطويلة النفس.. كما تمكن من جذب رجال مال، أو قل جعل منهم قوة مالية موالية له ومنهم رجل أعمال من منطقة القبائل، لكن أيضا ساعد رجالا عسكريين لأن يصبحوا قوة مالية وهو إلى جانب ذلك عرف كيف يوطد علاقاته مع دوائر نفوذ فرنسية، و أغرى رجال معارضة يئسوا من إلحاق الهزيمة بالمخابرات لأن يحقق ما عجزوا عن تحقيقه. قال مارتيناز وكأنك تتحدث عن بوتفليقة نفسه، فأجاب محند أزيري "لا، لا أنا أتحدث عن السعيد بوتفليقة ونخطئ كثيرا عندما نجعل منه مجرد شقيق أو مجرد ظل لأخيه الأكبر، بل العكس هو الصحيح.. فإن السعيد يختلف عن عبد العزيز في نقطة أساسية وجوهرية، وهو أن الشقيق الأصغر يتفوق على أخيه من حيث المجازفة وعدم التردد في اللحظات المهمة، مثلا منذ أن جاء بوتفليقة إلى الحكم وهو يمني النفس في إبعاد المخابرات من دائرة القرار، إلا أنه استغرق كل سنوات حكمه وهو يناور عبر عملية استنزاف، لكنه لم يمتلك جرأة القرار في زحزحة الأركان المهمة للمخابرات، إن بوتفليقة برغم رقصته المسرحية السياسية إلا أنه لم يكن يتخذ قرارا دون استشارة المخابرات، لقد كان يكرههم ويهابهم في نفس الوقت، لقد سكنوه كالشبح الذي أراد التخلص منه منذ زمان إلا أنه لم يقدم على ما أقدم عليه الشقيق الأصغر السعيد، لقد عرف هذا الأخير كيف يتحالف مع خصوم الجنرال توفيق داخل المؤسسة العسكرية وكيف يهتدي إلى رجل غير مرغوب فيه في الأفلان، ليجعل منه الرقم الأول في الأفلان، ولقد لعب هذا الرجل الدور الموكل له من سعيد ومن حلفائه داخل المؤسسة العسكرية المناوئين للجنرال توفيق.. وبالرغم من أن الجنرال توفيق لازال يقاوم، إلا أن السعيد وحلفاءه تمكنوا من إزالة تلك القداسة على الجنرال الخفي، وكشفوا تحت الأضواء أن الرجل ليس إلا مجرد أسطورة قام جهازه بصناعتها، والدليل على ذلك أن جهاز المخابرات يراح، كما هو عادته يتحين الفرص والمبادرات الأخرى التي يقوم بها معارضون ومحتجون آخرون ليجني ثمارها؟! علق مارتيناز "لكن ماذا لو اكتشفنا أن السعيد مجرد أسطورة أخرى وأن المخابرات هي التي تقود في الحقيقة جوهر اللعبة؟! قال حسن واعلي مقاطعا زميله محند أزيري "طبعا، أنا موافق إلى حد بعيد زميلي محند أزيري" فأنا كنت مثل آخرين أن ما يحدث سوى لعبة تديرها المخابرات إلا أن الواقع كذب ذلك وبين أن عصبة جديدة بدأت ترى النور جعلت من الدفاع عن عهدة رابعة حصانها للوصول إلى تطبيق خطتها الحقيقية والمتمثلة في الاستيلاء على الحكم عن طريق انتخابات شكلية، أو ربما هذا ما يجعل الوضع اليوم أكثر غموضا وهشاشة، وبرغم أن زميلي محند أزيري أعطى أهمية لدور السعيد، إلا أنه في نظري أن القوة المؤثرة في هذا الصراع هي النواة المناوئة لجماعة الجنرال توفيق لكنها مع ذلك لم تستطع حسم الصراع لصالحها لعدة أسباب، لأن الاعاقة الكبيرة تتمثل في مرض الرئيس بوتفليقة الفاقد كل قدرة على الحركة والتفكير، وهي في ذات الوقت بحاجة إليه إلى غاية نتائج الانتخابات الرئاسية واليوم الذي يجري فيه القسم لكن ذلك أصبح مشكلة كبرى بالنسبة اليها، فلقد قطعت هذه العصبة شوطا مهما وكبيرا منذ سنة إلا أن المساحة القليلة المتبقية لها أصبحت شديدة التعقيد والصعوبة بسبب ظهور جيوب المقاومة للعهدة الرابعة، وكذلك إلى اقتقاد هذه العصبة الشخصية كارزماتية تحظى بالاحترام في أعين المواطنين.. وتساءل موريس "لكن ألا ترى بالتحاق شخصيات مهمة مثل رئيس الوزراء الأسبق المحسوب على المخابرات أحمد أويحيى، وكذلك عبد العزيز بلخادم بعصبة العهدة الرابعة من شأنها أن تقوي من جماعة السعيد؟! أجاب حسن واعلي في نظري يجب أن نتخلص من الشيمات القديمة في تصنيف الرجال، مثلا هل فعلا لازال أويحيى يحسب على جهاز الاستخبارات؟! وهل لازال فعلا عبد العزيز بلخادم من رجال بوتفليقة؟ وكيف يمكن أن ننظر إلى الخليط الذي أصبح يشكل نواة جماعة العهدة الرابعة على أنه يشكل مجموعة سياسية منسجمة؟!