هو تجسيد فعلي لالتزامات رئيس الجمهورية في حملته الانتخابية    الجزائر أثبتت أنها شريك موثوق في بناء مستقبل إفريقي موحّد :    وزير المحروقات يستقبل رئيس مجموعة البنك الإفريقي للتنمية    عرقاب .. توقيع عقد لإنجاز وحدة المعالجة التحفيزية للنافتا الثقيلة    مدينة لايبزيغ الألمانية تحتضن تظاهرة ثقافية    استقلال فلسطين حق تاريخي ثابت يدعمه البرلمان العربي حتى يتحقق على أرض الواقع    البرلمان العربي يدعو لترسيخ قيم التسامح وتفعيل التشريعات التي تجرم التطرف وخطاب الكراهية    بوزقزة يثمّن قرار الرئيس    اختبار قوي للخضر قبل كأس إفريقيا    العائلات تعود إلى منازلها    تحدّيات المعطيات ذات الطابع الشخصي في عصر التحوّل الرقمي    قالت إنها تستجيب لتطلعات شريحة واسعة من المواطنين..منظمات نقابية تثمن قرار رفع الحد الأدنى للأجور ومنحة البطالة    هندسة الميكانيكا وطاقة المواد محور ملتقى بجامعة بسكرة    ممثلو الفصائل الفلسطينية في ضيافة جبهة المستقبل..إشادة بالدور التاريخي والثابت للجزائر في دعم القضية الفلسطينية    الجزائر العاصمة : "عهد الوفاء ووحدة المصير بين الجزائر وفلسطين" محور ملتقى    متربصو الدرك الوطني في زيارة للمجلس الشعبي الوطني    40 حافلة جديدة لعنابة في جانفي المقبل    سعادتي كبيرة بالعودة إلى الملاعب    أمين غويري مرتاح لسير علاج إصابته    بلايلي موجود في قطر لإجراء عملية جراحية    دورات تأهيلية ل 734 حرفي بغليزان    من طعام البسطاء الى رمزية التقاليد الجزائرية    مصادرة قنطارين من اللحوم البيضاء الفاسدة    نفكّر في توأمة بين أذرار الموريتانية وأدرار الجزائرية وجعلهما منطقة إنتاج سينمائي    المهرجانات الإفريقية في بحث دائم عن رؤية دولية    اقتراب من الذاكرة والهوية والانخراط الاجتماعي    الجزائر ملتزمة بالمضي بالعلاقات الثنائية إلى آفاق أوسع    بوغرارة: الجزائر لم تتأخر يوماً عن دعم فلسطين    مؤسّسات ناشئة تبرز ابتكاراتها وحلولها    سايحي يستقبل سفير قطر بالجزائر    الرئيس يأمر بالتحقيق    4756 وقفا في الجزائر    وفد برلماني جزائري يشارك في الدورة ال47 للاتحاد البرلماني الإفريقي بكينشاسا    ارتفاع نسبة اكتشاف حالات السرطان    الوزارة بصدد تعديل القانون المحدد لقواعد منح السكن    خنشلة : توقيف شقيقين وحجز 5200 وحدة كحول    توقيف شخص تورط في قضية سرقة    ها هي الحرب الباردة تندلع على جبهة الذكاء الاصطناعي    عميد جامع الجزائر من بسكرة:رقمنة العربية مدخلٌ لصون الهوية وإرساخ السيادة الثقافيّة    اللغةُ العربية… إنقاذٌ أمِ انغلاق    آية الكرسي .. أعظم آيات القرآن وأكثرها فضلا    فتاوى : أعمال يسيرة لدخول الجنة أو دخول النار    أبو موسى الأشعري .. صوت من الجنة في رحاب المدينة    شهر للعربية في الجزائر    الخضر يستعدون..    ممتنون للجزائر دعمها القوي والحاسم.. ومهتمون بتجربتها التنموية    ورقلة.. يوم دراسي لتعزيز ثقافة الاتصال داخل المرافق الصحية العمومية    طموح كبير لدورفال    مشاركة جزائرية في الأبطال الخمسون    وزير الصحة يبرز جهود القطاع    تكريم الفائزين في الطبعة الخامسة من المسابقة الأدبية الوطنية "أم سهام" للقصة القصيرة    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    بحث سبل تعزيز التعاون الجزائري-الأردني    الطبعة الرابعة لنصف مراطون "الزعاطشة" ببسكرة    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدوارد سعيد... المثقف الكبير الذي رحل وبقي شوكة في حلق الغرب الاستشراقي

تكمن عظمة المفكرين الكبار في استباق الأحداث والتنبؤ بتطور الظواهر من منطلق المعرفة العميقة ببواطنها اعتمادا على تشريح تاريخي وعلمي للمجتمع الذي عاشوا فيه وعايشوا أهله بروح التجاوز والنقد وليس بروح الخنوع للمسيطرين على وسائل الإنتاج الفكري والأدبي والإعلامي تجسيدا لانتهازية شخصية تتناقض مع الصدق والالتزام والشعارت الإيديولوجية المرفوعة. المفكر الأمريكي والفلسطيني الأصل الكبير الراحل إدوار سعيد 1935 2003 عاش ومات مثقفا عضويا حقيقيا لم يهادن الغرب الذي مازال يعطي الدروس لكافة الشعوب منطلقا من إيمانه الراسخ بأنه نواة العالم المرجعية حضاريا وفكريا وسياسيا في كل الحالات والأوقات ومعتبرا كل رافض ومشكك في مقارباته لقضايا ومشاكل المعمورة عدوا يجب تحييده وتهميشه وحتى تصفيته إذا لزم الأمر بعد تجاوز مستوى هامش المباح والمهدد لمنطق ومصلحة الدولة العليا. صحيفة "لوموند" كرمت سعيد مؤخرا في صفحة كاملة متوقفة عند صاحب من كتبت عنه قائلة: "كان عربيا لكن غير مسلم (مسيحي بروتسانتي) وكبر في مصر دون أن يصبح مصريا وكان فلسطينيا وكتب مؤلفاته المرجعية الشهيرة باللغة الإنجليزية دون أن يصبح أمريكيا رغم تدريسه ثلاثين عاما في جامعة كولومبيا بنيويورك، وكان سعيد كل ذلك لأنه كان يشعر أنه ينتمي إلى لغات وثقافات عدة في الوقت نفسه، الأمر الذي مكنه من أن يصبح صاحب فكر مبدع وخصب ومزعزع للمألوف والمتداول.
سعيد... التشاؤم والجهل الغربي بالعالم العربي والإسلامي
قبل أن تثبت الصحيفة الفرنسية التي ما زالت شهيرة رغم متاعبها المالية وتراجعها النسبي صحة استمرار النزعة الاستعمارية الغربية في مختلف المجالات الفكرية حيال كل ما يتعلق بالعرب بعد أن تبلورت في مفهوم الاستشراق الذي درسه بعمق ، عادت إلى مؤلفاته التي تضمنت تشكيكه في نية الغرب الذي ترعرع فيه مذكرة بأحاديثه الثلاثة التي أدلى بها لمجلات غربية كبيرة خلال الفترة الممتدة بين أعوام 1980 و1990، التي جمعها في كتاب "في ظل الغرب" الذي نشرته دار بايو في كتاب صغير الحجم لكن كبير الأهمية والبعد. في أحد الأحاديث استبق سعيد التاريخ الذي يعيشه العرب اليوم بروح تشاؤمية وواقعية تؤكد صحتها الحالة العربية الراهنة بقوله عام 1996: "لا أحد في أمريكا يعرف العالم الإسلامي وهو العالم الذي يتلخص أساسا في الصحراء والكثير من المواشي والجمال والرجال الذين يمسكون سكاكين بأسنانهم ويمتهنون الإرهاب. في المقابل كل الأمريكيين مهوسون بالجنس وأصحاب أرجل كبيرة وشره أكبر، وفي المحصلة أضاف يقول أدى ذلك حتما إلى حياة مادية فارغة إنسانيا واجتماعيا وإلى غياب أي نوع من الحوار والتبادل الأمر الذي أفرز إنغلاقا منحطا". الانغلاق الأمريكي هو الذي دفع بالراحل سعيد إلى تشاؤم مبرر لم يمنعه من إعطاء درس تاريخي وسرمدي للأمريكيين بسعيه الدائم حتى آخر لحظة من حياته إلى سد الفراغ الإنساني والفكري الأمريكي والدعوة إلى الحوار والانفتاح والرفض المبدئي للهوية المنغلقة على الآخر والقاتلة في نظره وفي نظر أمين معلوف لاحقا. النتيجة الطبيعية للانغلاق الغربي بوجه عام، أكده سعيد في تشريحه وشرحه لمفهوم الاستشراق القائم على الخلفية الاستعمارية في كتابه "الاستشراق" الذي صدر عن دار ساي الفرنسية عام 2005 واعتبر أحد أهم كتب العلوم الإنسانية التي صدرت في القرن الماضي.
الحجاب والاستشراق الاستعماري
عوض انفتاح الغرب على الشرق الفكري والعلمي والحضاري الضارب بجذوره في التاريخ المعرفي ومقاربته بروح غير استعبادية وفلكلورية وبالتالي استشراقية، راح يتعامل مع ما كل هو عربي وإسلامي بخطاب إيديولوجي إستعماري مرادف لمفهوم المهمة الحضارية التي يجب عليه أن يقوم بها لإخراج الشرق الذي يجهله من تخلف عميق. النمطية الفكرية الجاهزة والمقولبة الناتجة عن تصور أقرب إلى الخرافة منه إلى الحقيقة الحضارية والفكرية التاريخية، التقفها المفكر تزفتان تودوروف مترجما للغة الفرنسية كتاب إدوار سعيد الشهير. سعيد الأمريكي الفلسطيني المسيحي العربي لم يكن أمريكيا منغلقا كالأمريكيين "الأقحاح" وصاحب إيديولوجية شوفينية جاهلة للآخر وخرج من رحم ثقافة عربية تركت بصماتها في تاريخ الفكر الإنساني ولا تنطبق عليه مقولة "الإنسان عدو ما جهل" لأنه لم ينظر للاستشراق من فراغ واستلهم أفكار ريمون شواب 1884 1956، الذي خلد الحضارة العربية الإسلامية في كتابه "النهضة الشرقية" عام 1950 بعيدا عن صورة عرب الصحراء الذهبية الحالمة والطبيعة الخلابة والجمال والبداوة والمرأة الجميلة غير الكاشفة عن وجهها الأسمر الساحر والأجساد الأنثوية المخفية وجواري السلاطين الظالمين. الكتاب الذي ألهم سعيد ما زال مجهولا بدوره في فرنسا وفي الغرب بوجه عام ولم يجد الاهتمام الكافي من مثقفين عرب آخرين وقع الكثير منهم في مطب استشراق جديد تشجعه دور النشر الغربية وخاصة في مجال الرواية لإبقاء العالم العربي والإسلامي في أسر الصور النمطية والفلكلورية التي تخفي نزعة إيديولوجية إستعمارية في الأساس، كما أثبت ذلك الفقيد سعيد معمقا كتاب ريمون شواب ومتجاوزا تناوله الحضاري المحض. الكاتب برونو نسيم أبودرار صاحب كتاب "كيف أصبح الحجاب مسلما" الصادر عن دار فلاماريان عوض عن التهميش، الذي تعرض له سعيد من أبناء جلدته ومن الغربيين وكرمه حينما أكد أن الغرب ضخم من حجم الصور النمطية الفلكلورية المرادفة للتحقير والإهانة والتشويه والاختزال، وأكد نسيم أن الحجاب تحول في المنظور الغربي إلى عنصر استشراقي وأصبح مرئيا أكثر من أي وقت مضى نتيجة استمرار النظرة الاستعمارية باعتباره دليلا على استعباد المرأة علما أن الحجاب لا يشكل رمزا للخضوع في الإسلام ولا أثر لذلك في القرآن الكريم - بحسب الكاتب - خلافا لما أكده القديس بول عن الوظيفة الاستعبادية الرمزية للحجاب في المسيحية.
الاستشراق الذي ندد به سعيد كان موضوع تعليق بعض العرب "الفايقين والواعين" فكريا بمناسبة زيارتهم معرض قطار "الأورينت إكسبرس". وفي نظر بعضهم هذا القطار الذي كان يربط باريس ولندن بإسطمبول والقاهرة ودمشق لم يكن إلا محصلة الاستشراق كما شرحه سعيد. سنطرح السؤال على جاك لانغ الذي سيستقبل من طرف "الجزائر نيوز" الأسبوع المقبل، بعد أن طرحناه في تغطيتنا للحدث الثقافي المذكور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.