فشلت للمرة الثانية «تنسيقية التغيير والديمقراطية» في تنظيم أمس مسيرة بالعاصمة، بعد أن رفض المواطنون الانسياق وراءها واصفين إياها «بالمفبركة»، تتضمن مطالب سياسية غامضة وتتبناها جهات مصلحتها ضرب وزعزعة استقرار البلاد. هذا ما عكسته أجواء الهدوء الذي خيم على مختلف مناطق العاصمة وبأول ماي تحديدا حيث جرت المسيرة. سرعان ما تحولت المسيرة التي كان يفترض أن ترفع شعارات مناهضة للنظام إلى تجمع لمساندة الدولة بعدما توافد عشرات الشباب من أبناء الأحياء المجاورة إلى محول الطرقات المتواجد بالقرب من محطة نقل المسافرين بساحة ماي مرددين شعارات أكدوا فيها أنهم لن يسمحوا لهم بجرهم إلى مسيرة يراد بها أغراض شخصية، مشيرين إلى سنوات الدم التي عاشتها الجزائر والتي كانت بسبب مثل هذه التجاوزات على حد تعبير بعض المواطنين ل «الشعب». وقد خرج في هذا الصدد عشرات الشباب المتظاهرين المنددين بالمسيرة التي نادى إليها أنصار الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان وحزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية ومنظمات حزبية ومدنية أخرى ضمن ما يعرف بالتنسيقية من اجل التغيير حاملين شعارات مناهضة لمطالب هذه الأخيرة. طالب أبناء الحي المتظاهرين بالرحيل مرددين شعارات مؤيدة للسلطة ومنددة بدعوات الأحزاب المعارضة، مؤكدين أن سعيد سعدي ومصطفي بوشاشي لا يمثلان الشعب الجزائري ولن يمثلاه أبدا. وقال بعض المواطنين في تصريح ل «لشعب» لو لم يكن هناك رجال أمن لقاموا بأنفسهم بطرد هؤلاء، ومن أهم الشعارات التي رفعها سكان الأحياء المجاورة «سعيد سعدي مراناش في مصر»، «بوتفليقة ديالنا، ديالنا»، «أبعدونا عن حساباتكم». وأضاف آخرون أن الجزائر تقدم العديد من الامتيازات لأبنائها على غرار المنحة الدراسية للجامعيين والسكنات الاجتماعية والعلاج المجاني، وكذا الدراسة المجانية... وغيرها، معربين عن أملهم في منع تكرار هذه التظاهرة التي قالوا أنها لا يمكن أن ترقى للتعبير عن إرادة الشعب الجزائري. وسجلنا بعين المكان رفض الشباب ممن جاءوا بداعي الفضول من المناطق المجاورة الاستماع لرئيس الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان مصطفى بوشاشي و الناشط الحقوقي علي يحيى عبد النور، حين أرادا الحديث إليهم وتغيير اتجاهاتهم وضم أصواتهم إلى أصوات المتظاهرين. وقد حالت مصالح الأمن التي كانت حاضرة بقوة وبمختلف التشكيلات دون انفلات المسيرة، حيث سارعت منذ الساعات الأولى لصبيحة أمس بتطويقهم وإعاقة تقدمهم في أي اتجاه. كما ضربت بينهم طوقا بشريا لمنع الاحتكاك بين المؤيدين للنظام والمعارضين له والذي لم يتجاوز عددهم ال 100 شخص. وتمكنت ذات المصالح من فرض سيطرتها على الوضع وتطويق المتظاهرين بساحة أول ماي ومنعهم من التقدم إلى جهات أخرى، في ظل رفض السلطات الولائية منح ترخيص لتنظيم هذه المسيرة، ما جعلها تتحول إلى مجرد اعتصام بالقرب من محطة أول ماي، نظرا إلى العدد المحتشم للأشخاص المشاركين فيها والذين لم يتمكنوا من اختراق صفوف قوات الأمن. وسجلنا بعين المكان عددا من المشاغبين الذين كانوا ينتظرون انفلات الوضع للخوض في عمليات سرقة والسطو على المحلات بعد أن رفض أصحابها غلقها، مصرين على مزاولة نشاطهم التجاري بصورة عادية، وهو الأمر الذي تفطنت له قوات الأمن ومنعت وقوعه، في حين فضل سكان الأحياء المجاورة المشاهدة من بعيد بداعي الفضول. ونذكر أن بداية الاعتصام الذي لم يتعد نطاقه محطة النقل الحضري كانت على الساعة 9 و30 دقيقة بقدوم عدد محتشم من الأشخاص رافعين شعارات منددة بالنظام، سرعان ما التحق بهم رئيس الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان والناشط الحقوقي على يحيى عبد النور، في حين تم تسجيل غياب الأمين العام لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سعيد سعدي وهو ما أدى إلى طرح العديد من التساؤلات.