حِوار استراتيجي جزائري أمريكي    هذا موعد صبّ المنحة المدرسية الخاصّة    مُكتتبو عدل 3 يتلقون ردوداً متباينة    اتفاقية بين كوسيدار ألرام و ألجيريا فاو تركس إندستريز    العيبان يشيد بالمناخ الاستثماري في الجزائر    الاحتلال الصهيوني يهاجم سفينة حنظلة    يوميات القهر العادي    غوارديولا.. من صناعة النجوم إلى المدربين    وفود إفريقية تعبر عن ارتياحها لظروف الإقامة والتنظيم الجيد    الجزائر تسعى إلى جعل الجنوب الكبير قطبا زراعيا استراتيجيا    تدابير جديدة لتسوية نهائية لملف العقار الفلاحي    خالص التعازي إلى فخامتكم وإلى الشعب الروسي الصديق    ضمان اجتماعي: لقاء جزائري-صيني لتعزيز التعاون الثنائي    إستشهاد 12 فلسطينيا في قصف على خانيونس ودير البلح    الاتحاد البرلماني العربي : قرار ضم الضفة والأغوار الفلسطينية انتهاك صارخ للقانون الدولي    حماس تعلق على الخطوة "الشكلية والمخادعة":إنزال مساعدات جوا في غزة خطوة شكلية لتبييض صورة إسرائيل    رغم الاقتراح الأمريكي لوقف إطلاق النار.. استمرار القتال بين كمبوديا وتايلاند    الرئيس تبون مستشار ترامب : إلتزام قوي لتعزيز العلاقات التجارية والأمنية    تحقيق صافي أرباح بقيمة مليار دج    وهران.. استقبال الفوج الثاني من أبناء الجالية الوطنية المقيمة بالخارج    3,4 مليون تلميذ يستفيدون من المنحة المدرسية    شرطة الشلف تسترجع مركبتين محل سرقة    وفاة 8 أشخاص وإصابة 261 آخرين    ترقب استمرار موجة الحر    الجزائر العاصمة.. حملة لمحاربة مواقف السيارات غير الشرعية    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    ثواب الاستغفار ومقدار مضاعفته    من أسماء الله الحسنى.. "الناصر، النصير"    وزير الثقافة والفنون يشدد على "ضرورة بلوغ أعلى درجات الجاهزية" لإنجاح الصالون الدولي للكتاب بالجزائر (سيلا 2025)    بيسط: الشعب الصحراوي سينتصر    مصارعة /الألعاب الإفريقية المدرسية: المنتخب الوطني يحرز 10 ميداليات منها 7 ذهبية في مستهل المنافسة    المولودية تتسلم الدرع    المخزن يستخدم الهجرة للضّغط السياسي    هدفنا تكوين فريق تنافسي ومشروعنا واحد    أشبال بوقرة يستأنفون تحضيراتهم للمنافسة القارية    إنجاز مشاريع تنموية هامة ببلديات بومرداس    لا يوجد خاسر..الجميع فائزون ولنصنع معا تاريخا جديدا    عنابة تفتتح العرس بروح الوحدة والانتماء    حملة لمكافحة الاستغلال غير القانوني لمواقف السيارات    870 ألف مكتتب اطلعوا على نتائج دراسة ملفاتهم    تزويد 247 مدرسة ابتدائية بالألواح الرقمية    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر 2025): القافلة الأولمبية الجزائرية تحل بعنابة    تحذيرات تُهمَل ومآس تتكرّر    مهرجان الأغنية الوهرانية يسدل ستاره    "المادة" في إقامة لوكارنو السينمائية    جثمان المخرج سيد علي فطار يوارى الثرى بالجزائر العاصمة    الجزائر تحتفي بعبقرية تشايكوفسكي في حفل موسيقي عالمي بدار الأوبرا    كان "شاهدا وصانعا ومؤثرا" في تاريخ الصحافة الجزائرية    الجزائر رافعة استراتيجية لتسريع وتيرة الاندماج الاقتصادي القاري    اختتام مهرجان الأغنية الوهرانية في طبعته ال16: تكريم الفائزين ولمسة عصرية على النغم الأصيل    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر-2025): برنامج ثقافي وترفيهي وسياحي ثري للوفود الرياضية المشاركة    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحزاب وبرامج
نشر في الشعب يوم 10 - 04 - 2012

تستعد الأحزاب الجزائرية ومعها القوائم الحرة لدخول الحملة الانتخابية للتشريعيات والتي ستنطلق بعد أيام قليلة.
وكانت أسئلة كثيرة طرحت عما يمكن لهذه القوى الحزبية أن تضيفه للمشهد الانتخابي من زاوية نظر بدائل التنمية وأفكار النهضة، هل تتمتع تلك القوى بالمحتوى السياسي والاجتماعي الناضج ؟ ولماذا زاد عددها عن 40 تشكيلة حزبية في بلد متجانس تمام التجانس في بعده الديني والفكري واللغوي والمذهبي أي في كل أبعاده الأنثروبولوجية؟ ولماذا لا تتحالف القوى المذكورة حول مشروع اصلاحي واحد خارج المواعيد الانتخابية؟
السياسة التي يمارسها الجميع
قال رائد الفكر الوطني في الجزائر بعد الاستقلال الأستاذ عبدالحميد مهري رحمه الله بأن السياسة التي يمارسها الجميع ليست بسياسة، وإلى نفس المعنى ذهب المفكر الجزائري البارز مالك بن نبي وهو يفرق بين السياسة والبوليتيك في كتابه المهم »بين الرشاد والتيه«.
والرجلان كلاهما يتحدث من موقع التجربة التي عاشها وربما هي نفسها التجربة التي نعيشها الآن وفي الظروف نفسها، فالسياسة الحقيقية تخضع للأصول الفكرية، تخدم الصالح العام وتعكس قيما وأخلاقا محددة أي أنها ذات مدلول ثقافي وتتمتع بمحتوى اجتماعي، وغير ذلك توظيف للشعب في سبيل الوصول للمنصب وتنابز بالألقاب وصراع لا أخلاق تحكمه، ولهذا من غير المتاح أن يمارس السياسة الجميع، بينما يكون من السهل أن ينخرط الجميع في البوليتيك بالمفهوم الشعبي البسيط للكلمة.
وإذا أسقطنا هذه الفكرة على واقعنا اليوم لأمكن لنا من غير مراء أن نكتشف فراغا محسوسا في المحتوى الاجتماعي والاقتصادي لبرامج معظم الأحزاب النشطة على الساحة السياسية للبلاد فضلا عن المحتوى الثقافي الذي يصف بوضوح وبإقناع تميز الحزب في فضاء الأفكار الديمقراطية في العالم، وآية ذلك أن طبقة صامتة واسعة تشكلت في البناء الديمغرافي الجزائري منذ الاستقلال وأن الطبقة ذاتها مازالت تتوسع مع كل استحقاق انتخابي حتى وصلنا اليوم الى حالة من البرودة السياسية تقف عندها النخب المثقفة والجيل المتعلم موقف اللامبالاة.
نهاية العمل الحزبي
ما نلاحظه على برامج الطبقة الحزبية في الجزائر حالة من طغيان الأديولوجيا
في مجتمع لا يستجيب للصراع الأديولوجي، أو طغيان لغة الخطاب في مرحلة تتطلب برامج مدروسة وأفكارا قابلة للتجسيد، أو طغيان البوليتيك بمعنى معارضة المعارضة لأنها منافسة أو معارضة السلطة ليس لأنها طرف سياسي ناتج هن حراك ديمقراطي ولكن لأنها تحمل صفة الحاكم، ولهذا من السهل علينا تصنيف الطبقة الحزبية في الجزائر إلى اسلاميين، وطنيين وديمقراطيين. ومن الأسهل عندنا أن تتشكل الأحزاب وتعتمد وأن تمارس العملية السياسية بمجرد انعقاد مؤتمراتها التأسيسية، ولكن وفي نفس الوقت من السهل أن تتفتت الأحزاب ذاتها وتنشطر ليس لأنها نمت على سلم الأفكار بل لأن الأفق السياسي لديها يقف عند حدود المصالح.
وإذا شئنا مثالا لا نجد أفضل من تجربة الحزب العميد الذي قاد البلاد بعد الاستقلال كحزب جبهوي وحيد باعتباره حزب الدولة، حزب تمتع برؤية اقتصادية متكاملة في ظل منهجية التخطيط، ولظروف تاريخية نجحت الخطة الوطنية التي وضعها في تحقيق أهداف النمو المناسبة لتلك الفترة. ولكن نفس الحزب الذي ظل يختصر كل التفكير السياسي الرسمي للبلاد فقد محتواه الاقتصادي بعد التعددية الحزبية ودخولنا مرحلة الاقتصاد المبني على السوق العام 1993 وذلك بسبب بروز عناصر جديدة في المنظومة الاقتصادية الوطنية لم يستوعبها خطابه السابق ولا برنامجه المبني على امكانيات الدولة.
ويعني غياب المحتوى الاقتصادي أن برامج الأحزاب لا تقترح سياسات متينة وواضحة للموضوع الاقتصادي أي لتوازن الأسواق، ونفس الشيء بالنسبة للرؤية الاقتصادية التي من المفروض أن نجدها في مبادئ البرنامج، فليس مطلوبا أن تقدم لنا الأحزاب من خلال برامجها الآليات والخطط التفصيلية للموضوع الاقتصادي ولكن المطلوب هو تعريف رؤية الحزب وسياساته في توازن الأسواق .
لهذا لا تملك الأحزاب برامج
نقل حزب جزائري نشأ حديثا أي بعد استدعاء الهيئة الانتخابية للتشريعيات القادمة برنامج حزب من دولة عربية شقيقة ونسي أن يعدل فقراته بما يناسب الواقع الجزائري، وهكذا يمكننا تصور فلسلفة النشوء الحزبي عندنا منذ أن أطلقت التعددية الحزبية، قد يكون الأمر متعلقا بالديمقراطيات الناشئة وربما بطبيعة العمل السياسي ذاتها، فطبيعة نشوء الأحزاب عندنا طبيعة قانونية بحتة ولا علاقة لها بمحتوى البرامج، كما أن طبيعة الاطارات الحزبية هي طبيعة نضالية في صفوف الطبقة المتوسطة والأقل من المتوسطة أي من الطبقة التي لا تتمتع بالضرورة بالتكوين السياسي اللازم.
كما أن طبيعة النشوء الحزبي نفسها تحول دون انخراط النخبة المتكونة في مجالات الاجتماع والاقتصاد والنقد السياسي في الهيئات العليا للأحزاب تحت ضغط اللوائح والآليات التنظيمية التي تمنع بشكل أو بآخر تقدم النخبة في الأجهزة الحزبية مما أدى الى تهميش واسع للاطارات الوطنية التي بإمكانها تطوير سياسات اقتصادية فعالة لصالح برامج تلك الأحزاب.
وهناك منظومة التكوين لدى الأحزاب التي تركز على الأداء الانتخابي وفنيات الاعلام والخطاب الجماهيري وليس على التكوين الأساسي في مجال الاتصال والحلول الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
بطبيعة الحال، فإن ضعف المدخلات يؤدي إلى ضعف المخرجات وهكذا نفسر أداء الأحزاب في الساحة السياسة وبالتالي أداء البرلمان الناتج عن تلك الأحزاب، والدليل على ذلك انعدام أية قيمة مضافة للبرلمان في السياسات الاقتصادية الوطنية وفي برنامج الحكومة بل بالعكس نجد تدخلات بعض النواب تصب في مصالح شخصية لقياداتها وللداعمين لها وخاصة ما تعلق باقتراحات الحكومة ذات العلاقة بالجباية أو الرسوم أو المزايا المالية أو تنظيم الأسواق أو كسر الاحتكار.
نعم، للسياسة أصول وللنشوء والتطور الحزبي قواعد، ومن أصول السياسة ألا يمارسها الجميع ومن قواعد النمو الحزبي أن تعارض الفكرة الفكرة لا أن يعارض الشخص الشخص أو أن تتحول الأحزاب الى حلبات صراع باتجاه شيء واحد اسمه مقعد في البرلمان ، وفي ذلك يكمن الفرق بين السياسة والبوليتيك على رأي فيلسوف الجزائر الكبير مالك بن نبي رحمه الله.
السياسة التي يمارسها الجميع
قال رائد الفكر الوطني في الجزائر بعد الاستقلال الأستاذ عبدالحميد مهري رحمه الله بأن السياسة التي يمارسها الجميع ليست بسياسة، وإلى نفس المعنى ذهب المفكر الجزائري البارز مالك بن نبي وهو يفرق بين السياسة والبوليتيك في كتابه المهم »بين الرشاد والتيه«.
والرجلان كلاهما يتحدث من موقع التجربة التي عاشها وربما هي نفسها التجربة التي نعيشها الآن وفي الظروف نفسها، فالسياسة الحقيقية تخضع للأصول الفكرية، تخدم الصالح العام وتعكس قيما وأخلاقا محددة أي أنها ذات مدلول ثقافي وتتمتع بمحتوى اجتماعي، وغير ذلك توظيف للشعب في سبيل الوصول للمنصب وتنابز بالألقاب وصراع لا أخلاق تحكمه، ولهذا من غير المتاح أن يمارس السياسة الجميع، بينما يكون من السهل أن ينخرط الجميع في البوليتيك بالمفهوم الشعبي البسيط للكلمة.
وإذا أسقطنا هذه الفكرة على واقعنا اليوم لأمكن لنا من غير مراء أن نكتشف فراغا محسوسا في المحتوى الاجتماعي والاقتصادي لبرامج معظم الأحزاب النشطة على الساحة السياسية للبلاد فضلا عن المحتوى الثقافي الذي يصف بوضوح وبإقناع تميز الحزب في فضاء الأفكار الديمقراطية في العالم، وآية ذلك أن طبقة صامتة واسعة تشكلت في البناء الديمغرافي الجزائري منذ الاستقلال وأن الطبقة ذاتها مازالت تتوسع مع كل استحقاق انتخابي حتى وصلنا اليوم الى حالة من البرودة السياسية تقف عندها النخب المثقفة والجيل المتعلم موقف اللامبالاة.
نهاية العمل الحزبي
ما نلاحظه على برامج الطبقة الحزبية في الجزائر حالة من طغيان الأديولوجيا
في مجتمع لا يستجيب للصراع الأديولوجي، أو طغيان لغة الخطاب في مرحلة تتطلب برامج مدروسة وأفكارا قابلة للتجسيد، أو طغيان البوليتيك بمعنى معارضة المعارضة لأنها منافسة أو معارضة السلطة ليس لأنها طرف سياسي ناتج هن حراك ديمقراطي ولكن لأنها تحمل صفة الحاكم، ولهذا من السهل علينا تصنيف الطبقة الحزبية في الجزائر إلى اسلاميين، وطنيين وديمقراطيين. ومن الأسهل عندنا أن تتشكل الأحزاب وتعتمد وأن تمارس العملية السياسية بمجرد انعقاد مؤتمراتها التأسيسية، ولكن وفي نفس الوقت من السهل أن تتفتت الأحزاب ذاتها وتنشطر ليس لأنها نمت على سلم الأفكار بل لأن الأفق السياسي لديها يقف عند حدود المصالح.
وإذا شئنا مثالا لا نجد أفضل من تجربة الحزب العميد الذي قاد البلاد بعد الاستقلال كحزب جبهوي وحيد باعتباره حزب الدولة، حزب تمتع برؤية اقتصادية متكاملة في ظل منهجية التخطيط، ولظروف تاريخية نجحت الخطة الوطنية التي وضعها في تحقيق أهداف النمو المناسبة لتلك الفترة. ولكن نفس الحزب الذي ظل يختصر كل التفكير السياسي الرسمي للبلاد فقد محتواه الاقتصادي بعد التعددية الحزبية ودخولنا مرحلة الاقتصاد المبني على السوق العام 1993 وذلك بسبب بروز عناصر جديدة في المنظومة الاقتصادية الوطنية لم يستوعبها خطابه السابق ولا برنامجه المبني على امكانيات الدولة.
ويعني غياب المحتوى الاقتصادي أن برامج الأحزاب لا تقترح سياسات متينة وواضحة للموضوع الاقتصادي أي لتوازن الأسواق، ونفس الشيء بالنسبة للرؤية الاقتصادية التي من المفروض أن نجدها في مبادئ البرنامج، فليس مطلوبا أن تقدم لنا الأحزاب من خلال برامجها الآليات والخطط التفصيلية للموضوع الاقتصادي ولكن المطلوب هو تعريف رؤية الحزب وسياساته في توازن الأسواق .
لهذا لا تملك الأحزاب برامج
نقل حزب جزائري نشأ حديثا أي بعد استدعاء الهيئة الانتخابية للتشريعيات القادمة برنامج حزب من دولة عربية شقيقة ونسي أن يعدل فقراته بما يناسب الواقع الجزائري، وهكذا يمكننا تصور فلسلفة النشوء الحزبي عندنا منذ أن أطلقت التعددية الحزبية، قد يكون الأمر متعلقا بالديمقراطيات الناشئة وربما بطبيعة العمل السياسي ذاتها، فطبيعة نشوء الأحزاب عندنا طبيعة قانونية بحتة ولا علاقة لها بمحتوى البرامج، كما أن طبيعة الاطارات الحزبية هي طبيعة نضالية في صفوف الطبقة المتوسطة والأقل من المتوسطة أي من الطبقة التي لا تتمتع بالضرورة بالتكوين السياسي اللازم.
كما أن طبيعة النشوء الحزبي نفسها تحول دون انخراط النخبة المتكونة في مجالات الاجتماع والاقتصاد والنقد السياسي في الهيئات العليا للأحزاب تحت ضغط اللوائح والآليات التنظيمية التي تمنع بشكل أو بآخر تقدم النخبة في الأجهزة الحزبية مما أدى الى تهميش واسع للاطارات الوطنية التي بإمكانها تطوير سياسات اقتصادية فعالة لصالح برامج تلك الأحزاب.
وهناك منظومة التكوين لدى الأحزاب التي تركز على الأداء الانتخابي وفنيات الاعلام والخطاب الجماهيري وليس على التكوين الأساسي في مجال الاتصال والحلول الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
بطبيعة الحال، فإن ضعف المدخلات يؤدي إلى ضعف المخرجات وهكذا نفسر أداء الأحزاب في الساحة السياسة وبالتالي أداء البرلمان الناتج عن تلك الأحزاب، والدليل على ذلك انعدام أية قيمة مضافة للبرلمان في السياسات الاقتصادية الوطنية وفي برنامج الحكومة بل بالعكس نجد تدخلات بعض النواب تصب في مصالح شخصية لقياداتها وللداعمين لها وخاصة ما تعلق باقتراحات الحكومة ذات العلاقة بالجباية أو الرسوم أو المزايا المالية أو تنظيم الأسواق أو كسر الاحتكار.
نعم، للسياسة أصول وللنشوء والتطور الحزبي قواعد، ومن أصول السياسة ألا يمارسها الجميع ومن قواعد النمو الحزبي أن تعارض الفكرة الفكرة لا أن يعارض الشخص الشخص أو أن تتحول الأحزاب الى حلبات صراع باتجاه شيء واحد اسمه مقعد في البرلمان ، وفي ذلك يكمن الفرق بين السياسة والبوليتيك على رأي فيلسوف الجزائر الكبير مالك بن نبي رحمه الله.
السياسة التي يمارسها الجميع
قال رائد الفكر الوطني في الجزائر بعد الاستقلال الأستاذ عبدالحميد مهري رحمه الله بأن السياسة التي يمارسها الجميع ليست بسياسة، وإلى نفس المعنى ذهب المفكر الجزائري البارز مالك بن نبي وهو يفرق بين السياسة والبوليتيك في كتابه المهم »بين الرشاد والتيه«.
والرجلان كلاهما يتحدث من موقع التجربة التي عاشها وربما هي نفسها التجربة التي نعيشها الآن وفي الظروف نفسها، فالسياسة الحقيقية تخضع للأصول الفكرية، تخدم الصالح العام وتعكس قيما وأخلاقا محددة أي أنها ذات مدلول ثقافي وتتمتع بمحتوى اجتماعي، وغير ذلك توظيف للشعب في سبيل الوصول للمنصب وتنابز بالألقاب وصراع لا أخلاق تحكمه، ولهذا من غير المتاح أن يمارس السياسة الجميع، بينما يكون من السهل أن ينخرط الجميع في البوليتيك بالمفهوم الشعبي البسيط للكلمة.
وإذا أسقطنا هذه الفكرة على واقعنا اليوم لأمكن لنا من غير مراء أن نكتشف فراغا محسوسا في المحتوى الاجتماعي والاقتصادي لبرامج معظم الأحزاب النشطة على الساحة السياسية للبلاد فضلا عن المحتوى الثقافي الذي يصف بوضوح وبإقناع تميز الحزب في فضاء الأفكار الديمقراطية في العالم، وآية ذلك أن طبقة صامتة واسعة تشكلت في البناء الديمغرافي الجزائري منذ الاستقلال وأن الطبقة ذاتها مازالت تتوسع مع كل استحقاق انتخابي حتى وصلنا اليوم الى حالة من البرودة السياسية تقف عندها النخب المثقفة والجيل المتعلم موقف اللامبالاة.
نهاية العمل الحزبي
ما نلاحظه على برامج الطبقة الحزبية في الجزائر حالة من طغيان الأديولوجيا
في مجتمع لا يستجيب للصراع الأديولوجي، أو طغيان لغة الخطاب في مرحلة تتطلب برامج مدروسة وأفكارا قابلة للتجسيد، أو طغيان البوليتيك بمعنى معارضة المعارضة لأنها منافسة أو معارضة السلطة ليس لأنها طرف سياسي ناتج هن حراك ديمقراطي ولكن لأنها تحمل صفة الحاكم، ولهذا من السهل علينا تصنيف الطبقة الحزبية في الجزائر إلى اسلاميين، وطنيين وديمقراطيين. ومن الأسهل عندنا أن تتشكل الأحزاب وتعتمد وأن تمارس العملية السياسية بمجرد انعقاد مؤتمراتها التأسيسية، ولكن وفي نفس الوقت من السهل أن تتفتت الأحزاب ذاتها وتنشطر ليس لأنها نمت على سلم الأفكار بل لأن الأفق السياسي لديها يقف عند حدود المصالح.
وإذا شئنا مثالا لا نجد أفضل من تجربة الحزب العميد الذي قاد البلاد بعد الاستقلال كحزب جبهوي وحيد باعتباره حزب الدولة، حزب تمتع برؤية اقتصادية متكاملة في ظل منهجية التخطيط، ولظروف تاريخية نجحت الخطة الوطنية التي وضعها في تحقيق أهداف النمو المناسبة لتلك الفترة. ولكن نفس الحزب الذي ظل يختصر كل التفكير السياسي الرسمي للبلاد فقد محتواه الاقتصادي بعد التعددية الحزبية ودخولنا مرحلة الاقتصاد المبني على السوق العام 1993 وذلك بسبب بروز عناصر جديدة في المنظومة الاقتصادية الوطنية لم يستوعبها خطابه السابق ولا برنامجه المبني على امكانيات الدولة.
ويعني غياب المحتوى الاقتصادي أن برامج الأحزاب لا تقترح سياسات متينة وواضحة للموضوع الاقتصادي أي لتوازن الأسواق، ونفس الشيء بالنسبة للرؤية الاقتصادية التي من المفروض أن نجدها في مبادئ البرنامج، فليس مطلوبا أن تقدم لنا الأحزاب من خلال برامجها الآليات والخطط التفصيلية للموضوع الاقتصادي ولكن المطلوب هو تعريف رؤية الحزب وسياساته في توازن الأسواق .
لهذا لا تملك الأحزاب برامج
نقل حزب جزائري نشأ حديثا أي بعد استدعاء الهيئة الانتخابية للتشريعيات القادمة برنامج حزب من دولة عربية شقيقة ونسي أن يعدل فقراته بما يناسب الواقع الجزائري، وهكذا يمكننا تصور فلسلفة النشوء الحزبي عندنا منذ أن أطلقت التعددية الحزبية، قد يكون الأمر متعلقا بالديمقراطيات الناشئة وربما بطبيعة العمل السياسي ذاتها، فطبيعة نشوء الأحزاب عندنا طبيعة قانونية بحتة ولا علاقة لها بمحتوى البرامج، كما أن طبيعة الاطارات الحزبية هي طبيعة نضالية في صفوف الطبقة المتوسطة والأقل من المتوسطة أي من الطبقة التي لا تتمتع بالضرورة بالتكوين السياسي اللازم.
كما أن طبيعة النشوء الحزبي نفسها تحول دون انخراط النخبة المتكونة في مجالات الاجتماع والاقتصاد والنقد السياسي في الهيئات العليا للأحزاب تحت ضغط اللوائح والآليات التنظيمية التي تمنع بشكل أو بآخر تقدم النخبة في الأجهزة الحزبية مما أدى الى تهميش واسع للاطارات الوطنية التي بإمكانها تطوير سياسات اقتصادية فعالة لصالح برامج تلك الأحزاب.
وهناك منظومة التكوين لدى الأحزاب التي تركز على الأداء الانتخابي وفنيات الاعلام والخطاب الجماهيري وليس على التكوين الأساسي في مجال الاتصال والحلول الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
بطبيعة الحال، فإن ضعف المدخلات يؤدي إلى ضعف المخرجات وهكذا نفسر أداء الأحزاب في الساحة السياسة وبالتالي أداء البرلمان الناتج عن تلك الأحزاب، والدليل على ذلك انعدام أية قيمة مضافة للبرلمان في السياسات الاقتصادية الوطنية وفي برنامج الحكومة بل بالعكس نجد تدخلات بعض النواب تصب في مصالح شخصية لقياداتها وللداعمين لها وخاصة ما تعلق باقتراحات الحكومة ذات العلاقة بالجباية أو الرسوم أو المزايا المالية أو تنظيم الأسواق أو كسر الاحتكار.
نعم، للسياسة أصول وللنشوء والتطور الحزبي قواعد، ومن أصول السياسة ألا يمارسها الجميع ومن قواعد النمو الحزبي أن تعارض الفكرة الفكرة لا أن يعارض الشخص الشخص أو أن تتحول الأحزاب الى حلبات صراع باتجاه شيء واحد اسمه مقعد في البرلمان ، وفي ذلك يكمن الفرق بين السياسة والبوليتيك على رأي فيلسوف الجزائر الكبير مالك بن نبي رحمه الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.