وزارة التربية تمكنت من "رقمنة ما يزيد عن 60 وثيقة رسمية    الجالية "امتداد للجزائر وجزء لا يتجزأ من شعبها"    الفلاح ملزم بالإنخراط في مسعى تحقيق "الإكتفاء الذاتي"    تطرقنا إلى السيناريوهات العملية لإنتاج النظائر المشعة محليا    الرابطة الأولى موبيليس: م.الجزائر تضيع فرصة الابتعاد في الصدارة, وشبيبة القبائل ترتقي الى الوصافة    أمطار رعدية ورياح قوية في 15 ولاية    توقف صاحب الفيديو المتعلق ب "نفوق 3 أضاحٍ مستوردة"    وصول باخرة محملة ب 13 ألف رأس غنم    إطلاق جائزة أحسن بحث في القانون الانتخابي الجزائري    بدء عملية الحجز الالكتروني بفنادق مكة المكرمة    جيدو/ بطولة إفريقيا فردي 2025 (اليوم الثاني والاخير): الجزائر تحرز أربع ميداليات جديدة    الرئيس تونسي قيس سعيد يزور جناح الجزائر    عطاف ينوّه بالإرث الإنساني الذي تركه البابا فرنسيس    الجزائر أمام فرصة صناعة قصة نجاح طاقوية    دينو توبمولر يدافع عن شايبي    لا حديث للاعبي "السياسي" إلا الفوز    مولودية وهران تفوز ومأمورية اتحاد بسكرة تتعقد    التنسيق لمكافحة التقليد والممارسات غير الشرعية    إطلاق جائزة لأحسن بحث في القانون الانتخابي    تعزيز التعاون الجزائري التركي في القانون الدستوري    3 بواخر محملة بالخرفان المستوردة    ملتقى دولي حول مجازر8 ماي 1945    10 ملايير لتهيئة الطريق الرئيسي بديدوش مراد بولاية قسنطينة    سكان قطاع غزّة يواجهون مجاعة فعلية    ابنة الأسير عبد الله البرغوتي تكشف تفاصيل مروعة    "الشفافية لتحقيق الأمن الغذائي" في ملتقى جهوي بقسنطينة    انطلاق الحجز الإلكتروني لغرف فنادق مكة المكرمة    جاهزية تامة لتنظيم موسم حج 2025    عدسة توّثق جمال تراث جانت بشقيه المادي وغير المادي    بحث سبل استغلال مخزون لم يكتشفه العالم    ورقلة: التأكيد على أهمية ترقية ثقافة التكوين المتواصل في المؤسسات الإعلامية    تلمسان في الموعد    مُلتزمون بتحسين معيشة الجزائريين    توقيع مذكرة تفاهم في مجال البحث والتطوير    تعميم رقمنة الضرائب خلال سنتين    عطاف يوقع على سجل التعازي إثر وفاة البابا    مزيان يُحذّر من تحريض الجمهور    هذا موعد بداية بيع الأضاحي المستوردة    صالونات التجميل تحت المجهر    صيدال يوقع مذكرة تفاهم مع مجموعة شنقيط فارما    مشاركة جزائرية في الطبعة ال39 لمعرض تونس الدولي للكتاب    السيد مزيان يؤكد على أهمية التكوين المتخصص للصحفيين لمواكبة التحولات الرقمية    أفضل لاعب بعد «المنقذ»..    بسبب بارادو وعمورة..كشافو بلجيكا يغزون البطولة المحترفة    إعادة دفن رفات شهيدين بمناسبة إحياء الذكرى ال67 لمعركة سوق أهراس الكبرى    تربية: إطلاق 3 منصات إلكترونية جديدة تعزيزا للتحول الرقمي في القطاع    "زمالة الأمير عبد القادر"...موقع تاريخي يبرز حنكة مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة    حج 2025 : إطلاق برنامج تكويني لفائدة أعضاء الأفواج التنظيمية للبعثة الجزائرية    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51495 شهيدا و117524 جريحا    الجمباز الفني/كأس العالم: تأهل ثلاثة جزائريين للنهائي    أكسبو 2025: جناح الجزائر يحتضن أسبوع الابتكار المشترك للثقافات من أجل المستقبل    الأونروا: أطفال غزة يتضورون جوعا    المجلس الشعبي الوطني : تدشين معرض تكريما لصديق الجزائر اليوغسلافي زدرافكو بيكار    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحزاب وبرامج
نشر في الشعب يوم 10 - 04 - 2012

تستعد الأحزاب الجزائرية ومعها القوائم الحرة لدخول الحملة الانتخابية للتشريعيات والتي ستنطلق بعد أيام قليلة.
وكانت أسئلة كثيرة طرحت عما يمكن لهذه القوى الحزبية أن تضيفه للمشهد الانتخابي من زاوية نظر بدائل التنمية وأفكار النهضة، هل تتمتع تلك القوى بالمحتوى السياسي والاجتماعي الناضج ؟ ولماذا زاد عددها عن 40 تشكيلة حزبية في بلد متجانس تمام التجانس في بعده الديني والفكري واللغوي والمذهبي أي في كل أبعاده الأنثروبولوجية؟ ولماذا لا تتحالف القوى المذكورة حول مشروع اصلاحي واحد خارج المواعيد الانتخابية؟
السياسة التي يمارسها الجميع
قال رائد الفكر الوطني في الجزائر بعد الاستقلال الأستاذ عبدالحميد مهري رحمه الله بأن السياسة التي يمارسها الجميع ليست بسياسة، وإلى نفس المعنى ذهب المفكر الجزائري البارز مالك بن نبي وهو يفرق بين السياسة والبوليتيك في كتابه المهم »بين الرشاد والتيه«.
والرجلان كلاهما يتحدث من موقع التجربة التي عاشها وربما هي نفسها التجربة التي نعيشها الآن وفي الظروف نفسها، فالسياسة الحقيقية تخضع للأصول الفكرية، تخدم الصالح العام وتعكس قيما وأخلاقا محددة أي أنها ذات مدلول ثقافي وتتمتع بمحتوى اجتماعي، وغير ذلك توظيف للشعب في سبيل الوصول للمنصب وتنابز بالألقاب وصراع لا أخلاق تحكمه، ولهذا من غير المتاح أن يمارس السياسة الجميع، بينما يكون من السهل أن ينخرط الجميع في البوليتيك بالمفهوم الشعبي البسيط للكلمة.
وإذا أسقطنا هذه الفكرة على واقعنا اليوم لأمكن لنا من غير مراء أن نكتشف فراغا محسوسا في المحتوى الاجتماعي والاقتصادي لبرامج معظم الأحزاب النشطة على الساحة السياسية للبلاد فضلا عن المحتوى الثقافي الذي يصف بوضوح وبإقناع تميز الحزب في فضاء الأفكار الديمقراطية في العالم، وآية ذلك أن طبقة صامتة واسعة تشكلت في البناء الديمغرافي الجزائري منذ الاستقلال وأن الطبقة ذاتها مازالت تتوسع مع كل استحقاق انتخابي حتى وصلنا اليوم الى حالة من البرودة السياسية تقف عندها النخب المثقفة والجيل المتعلم موقف اللامبالاة.
نهاية العمل الحزبي
ما نلاحظه على برامج الطبقة الحزبية في الجزائر حالة من طغيان الأديولوجيا
في مجتمع لا يستجيب للصراع الأديولوجي، أو طغيان لغة الخطاب في مرحلة تتطلب برامج مدروسة وأفكارا قابلة للتجسيد، أو طغيان البوليتيك بمعنى معارضة المعارضة لأنها منافسة أو معارضة السلطة ليس لأنها طرف سياسي ناتج هن حراك ديمقراطي ولكن لأنها تحمل صفة الحاكم، ولهذا من السهل علينا تصنيف الطبقة الحزبية في الجزائر إلى اسلاميين، وطنيين وديمقراطيين. ومن الأسهل عندنا أن تتشكل الأحزاب وتعتمد وأن تمارس العملية السياسية بمجرد انعقاد مؤتمراتها التأسيسية، ولكن وفي نفس الوقت من السهل أن تتفتت الأحزاب ذاتها وتنشطر ليس لأنها نمت على سلم الأفكار بل لأن الأفق السياسي لديها يقف عند حدود المصالح.
وإذا شئنا مثالا لا نجد أفضل من تجربة الحزب العميد الذي قاد البلاد بعد الاستقلال كحزب جبهوي وحيد باعتباره حزب الدولة، حزب تمتع برؤية اقتصادية متكاملة في ظل منهجية التخطيط، ولظروف تاريخية نجحت الخطة الوطنية التي وضعها في تحقيق أهداف النمو المناسبة لتلك الفترة. ولكن نفس الحزب الذي ظل يختصر كل التفكير السياسي الرسمي للبلاد فقد محتواه الاقتصادي بعد التعددية الحزبية ودخولنا مرحلة الاقتصاد المبني على السوق العام 1993 وذلك بسبب بروز عناصر جديدة في المنظومة الاقتصادية الوطنية لم يستوعبها خطابه السابق ولا برنامجه المبني على امكانيات الدولة.
ويعني غياب المحتوى الاقتصادي أن برامج الأحزاب لا تقترح سياسات متينة وواضحة للموضوع الاقتصادي أي لتوازن الأسواق، ونفس الشيء بالنسبة للرؤية الاقتصادية التي من المفروض أن نجدها في مبادئ البرنامج، فليس مطلوبا أن تقدم لنا الأحزاب من خلال برامجها الآليات والخطط التفصيلية للموضوع الاقتصادي ولكن المطلوب هو تعريف رؤية الحزب وسياساته في توازن الأسواق .
لهذا لا تملك الأحزاب برامج
نقل حزب جزائري نشأ حديثا أي بعد استدعاء الهيئة الانتخابية للتشريعيات القادمة برنامج حزب من دولة عربية شقيقة ونسي أن يعدل فقراته بما يناسب الواقع الجزائري، وهكذا يمكننا تصور فلسلفة النشوء الحزبي عندنا منذ أن أطلقت التعددية الحزبية، قد يكون الأمر متعلقا بالديمقراطيات الناشئة وربما بطبيعة العمل السياسي ذاتها، فطبيعة نشوء الأحزاب عندنا طبيعة قانونية بحتة ولا علاقة لها بمحتوى البرامج، كما أن طبيعة الاطارات الحزبية هي طبيعة نضالية في صفوف الطبقة المتوسطة والأقل من المتوسطة أي من الطبقة التي لا تتمتع بالضرورة بالتكوين السياسي اللازم.
كما أن طبيعة النشوء الحزبي نفسها تحول دون انخراط النخبة المتكونة في مجالات الاجتماع والاقتصاد والنقد السياسي في الهيئات العليا للأحزاب تحت ضغط اللوائح والآليات التنظيمية التي تمنع بشكل أو بآخر تقدم النخبة في الأجهزة الحزبية مما أدى الى تهميش واسع للاطارات الوطنية التي بإمكانها تطوير سياسات اقتصادية فعالة لصالح برامج تلك الأحزاب.
وهناك منظومة التكوين لدى الأحزاب التي تركز على الأداء الانتخابي وفنيات الاعلام والخطاب الجماهيري وليس على التكوين الأساسي في مجال الاتصال والحلول الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
بطبيعة الحال، فإن ضعف المدخلات يؤدي إلى ضعف المخرجات وهكذا نفسر أداء الأحزاب في الساحة السياسة وبالتالي أداء البرلمان الناتج عن تلك الأحزاب، والدليل على ذلك انعدام أية قيمة مضافة للبرلمان في السياسات الاقتصادية الوطنية وفي برنامج الحكومة بل بالعكس نجد تدخلات بعض النواب تصب في مصالح شخصية لقياداتها وللداعمين لها وخاصة ما تعلق باقتراحات الحكومة ذات العلاقة بالجباية أو الرسوم أو المزايا المالية أو تنظيم الأسواق أو كسر الاحتكار.
نعم، للسياسة أصول وللنشوء والتطور الحزبي قواعد، ومن أصول السياسة ألا يمارسها الجميع ومن قواعد النمو الحزبي أن تعارض الفكرة الفكرة لا أن يعارض الشخص الشخص أو أن تتحول الأحزاب الى حلبات صراع باتجاه شيء واحد اسمه مقعد في البرلمان ، وفي ذلك يكمن الفرق بين السياسة والبوليتيك على رأي فيلسوف الجزائر الكبير مالك بن نبي رحمه الله.
السياسة التي يمارسها الجميع
قال رائد الفكر الوطني في الجزائر بعد الاستقلال الأستاذ عبدالحميد مهري رحمه الله بأن السياسة التي يمارسها الجميع ليست بسياسة، وإلى نفس المعنى ذهب المفكر الجزائري البارز مالك بن نبي وهو يفرق بين السياسة والبوليتيك في كتابه المهم »بين الرشاد والتيه«.
والرجلان كلاهما يتحدث من موقع التجربة التي عاشها وربما هي نفسها التجربة التي نعيشها الآن وفي الظروف نفسها، فالسياسة الحقيقية تخضع للأصول الفكرية، تخدم الصالح العام وتعكس قيما وأخلاقا محددة أي أنها ذات مدلول ثقافي وتتمتع بمحتوى اجتماعي، وغير ذلك توظيف للشعب في سبيل الوصول للمنصب وتنابز بالألقاب وصراع لا أخلاق تحكمه، ولهذا من غير المتاح أن يمارس السياسة الجميع، بينما يكون من السهل أن ينخرط الجميع في البوليتيك بالمفهوم الشعبي البسيط للكلمة.
وإذا أسقطنا هذه الفكرة على واقعنا اليوم لأمكن لنا من غير مراء أن نكتشف فراغا محسوسا في المحتوى الاجتماعي والاقتصادي لبرامج معظم الأحزاب النشطة على الساحة السياسية للبلاد فضلا عن المحتوى الثقافي الذي يصف بوضوح وبإقناع تميز الحزب في فضاء الأفكار الديمقراطية في العالم، وآية ذلك أن طبقة صامتة واسعة تشكلت في البناء الديمغرافي الجزائري منذ الاستقلال وأن الطبقة ذاتها مازالت تتوسع مع كل استحقاق انتخابي حتى وصلنا اليوم الى حالة من البرودة السياسية تقف عندها النخب المثقفة والجيل المتعلم موقف اللامبالاة.
نهاية العمل الحزبي
ما نلاحظه على برامج الطبقة الحزبية في الجزائر حالة من طغيان الأديولوجيا
في مجتمع لا يستجيب للصراع الأديولوجي، أو طغيان لغة الخطاب في مرحلة تتطلب برامج مدروسة وأفكارا قابلة للتجسيد، أو طغيان البوليتيك بمعنى معارضة المعارضة لأنها منافسة أو معارضة السلطة ليس لأنها طرف سياسي ناتج هن حراك ديمقراطي ولكن لأنها تحمل صفة الحاكم، ولهذا من السهل علينا تصنيف الطبقة الحزبية في الجزائر إلى اسلاميين، وطنيين وديمقراطيين. ومن الأسهل عندنا أن تتشكل الأحزاب وتعتمد وأن تمارس العملية السياسية بمجرد انعقاد مؤتمراتها التأسيسية، ولكن وفي نفس الوقت من السهل أن تتفتت الأحزاب ذاتها وتنشطر ليس لأنها نمت على سلم الأفكار بل لأن الأفق السياسي لديها يقف عند حدود المصالح.
وإذا شئنا مثالا لا نجد أفضل من تجربة الحزب العميد الذي قاد البلاد بعد الاستقلال كحزب جبهوي وحيد باعتباره حزب الدولة، حزب تمتع برؤية اقتصادية متكاملة في ظل منهجية التخطيط، ولظروف تاريخية نجحت الخطة الوطنية التي وضعها في تحقيق أهداف النمو المناسبة لتلك الفترة. ولكن نفس الحزب الذي ظل يختصر كل التفكير السياسي الرسمي للبلاد فقد محتواه الاقتصادي بعد التعددية الحزبية ودخولنا مرحلة الاقتصاد المبني على السوق العام 1993 وذلك بسبب بروز عناصر جديدة في المنظومة الاقتصادية الوطنية لم يستوعبها خطابه السابق ولا برنامجه المبني على امكانيات الدولة.
ويعني غياب المحتوى الاقتصادي أن برامج الأحزاب لا تقترح سياسات متينة وواضحة للموضوع الاقتصادي أي لتوازن الأسواق، ونفس الشيء بالنسبة للرؤية الاقتصادية التي من المفروض أن نجدها في مبادئ البرنامج، فليس مطلوبا أن تقدم لنا الأحزاب من خلال برامجها الآليات والخطط التفصيلية للموضوع الاقتصادي ولكن المطلوب هو تعريف رؤية الحزب وسياساته في توازن الأسواق .
لهذا لا تملك الأحزاب برامج
نقل حزب جزائري نشأ حديثا أي بعد استدعاء الهيئة الانتخابية للتشريعيات القادمة برنامج حزب من دولة عربية شقيقة ونسي أن يعدل فقراته بما يناسب الواقع الجزائري، وهكذا يمكننا تصور فلسلفة النشوء الحزبي عندنا منذ أن أطلقت التعددية الحزبية، قد يكون الأمر متعلقا بالديمقراطيات الناشئة وربما بطبيعة العمل السياسي ذاتها، فطبيعة نشوء الأحزاب عندنا طبيعة قانونية بحتة ولا علاقة لها بمحتوى البرامج، كما أن طبيعة الاطارات الحزبية هي طبيعة نضالية في صفوف الطبقة المتوسطة والأقل من المتوسطة أي من الطبقة التي لا تتمتع بالضرورة بالتكوين السياسي اللازم.
كما أن طبيعة النشوء الحزبي نفسها تحول دون انخراط النخبة المتكونة في مجالات الاجتماع والاقتصاد والنقد السياسي في الهيئات العليا للأحزاب تحت ضغط اللوائح والآليات التنظيمية التي تمنع بشكل أو بآخر تقدم النخبة في الأجهزة الحزبية مما أدى الى تهميش واسع للاطارات الوطنية التي بإمكانها تطوير سياسات اقتصادية فعالة لصالح برامج تلك الأحزاب.
وهناك منظومة التكوين لدى الأحزاب التي تركز على الأداء الانتخابي وفنيات الاعلام والخطاب الجماهيري وليس على التكوين الأساسي في مجال الاتصال والحلول الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
بطبيعة الحال، فإن ضعف المدخلات يؤدي إلى ضعف المخرجات وهكذا نفسر أداء الأحزاب في الساحة السياسة وبالتالي أداء البرلمان الناتج عن تلك الأحزاب، والدليل على ذلك انعدام أية قيمة مضافة للبرلمان في السياسات الاقتصادية الوطنية وفي برنامج الحكومة بل بالعكس نجد تدخلات بعض النواب تصب في مصالح شخصية لقياداتها وللداعمين لها وخاصة ما تعلق باقتراحات الحكومة ذات العلاقة بالجباية أو الرسوم أو المزايا المالية أو تنظيم الأسواق أو كسر الاحتكار.
نعم، للسياسة أصول وللنشوء والتطور الحزبي قواعد، ومن أصول السياسة ألا يمارسها الجميع ومن قواعد النمو الحزبي أن تعارض الفكرة الفكرة لا أن يعارض الشخص الشخص أو أن تتحول الأحزاب الى حلبات صراع باتجاه شيء واحد اسمه مقعد في البرلمان ، وفي ذلك يكمن الفرق بين السياسة والبوليتيك على رأي فيلسوف الجزائر الكبير مالك بن نبي رحمه الله.
السياسة التي يمارسها الجميع
قال رائد الفكر الوطني في الجزائر بعد الاستقلال الأستاذ عبدالحميد مهري رحمه الله بأن السياسة التي يمارسها الجميع ليست بسياسة، وإلى نفس المعنى ذهب المفكر الجزائري البارز مالك بن نبي وهو يفرق بين السياسة والبوليتيك في كتابه المهم »بين الرشاد والتيه«.
والرجلان كلاهما يتحدث من موقع التجربة التي عاشها وربما هي نفسها التجربة التي نعيشها الآن وفي الظروف نفسها، فالسياسة الحقيقية تخضع للأصول الفكرية، تخدم الصالح العام وتعكس قيما وأخلاقا محددة أي أنها ذات مدلول ثقافي وتتمتع بمحتوى اجتماعي، وغير ذلك توظيف للشعب في سبيل الوصول للمنصب وتنابز بالألقاب وصراع لا أخلاق تحكمه، ولهذا من غير المتاح أن يمارس السياسة الجميع، بينما يكون من السهل أن ينخرط الجميع في البوليتيك بالمفهوم الشعبي البسيط للكلمة.
وإذا أسقطنا هذه الفكرة على واقعنا اليوم لأمكن لنا من غير مراء أن نكتشف فراغا محسوسا في المحتوى الاجتماعي والاقتصادي لبرامج معظم الأحزاب النشطة على الساحة السياسية للبلاد فضلا عن المحتوى الثقافي الذي يصف بوضوح وبإقناع تميز الحزب في فضاء الأفكار الديمقراطية في العالم، وآية ذلك أن طبقة صامتة واسعة تشكلت في البناء الديمغرافي الجزائري منذ الاستقلال وأن الطبقة ذاتها مازالت تتوسع مع كل استحقاق انتخابي حتى وصلنا اليوم الى حالة من البرودة السياسية تقف عندها النخب المثقفة والجيل المتعلم موقف اللامبالاة.
نهاية العمل الحزبي
ما نلاحظه على برامج الطبقة الحزبية في الجزائر حالة من طغيان الأديولوجيا
في مجتمع لا يستجيب للصراع الأديولوجي، أو طغيان لغة الخطاب في مرحلة تتطلب برامج مدروسة وأفكارا قابلة للتجسيد، أو طغيان البوليتيك بمعنى معارضة المعارضة لأنها منافسة أو معارضة السلطة ليس لأنها طرف سياسي ناتج هن حراك ديمقراطي ولكن لأنها تحمل صفة الحاكم، ولهذا من السهل علينا تصنيف الطبقة الحزبية في الجزائر إلى اسلاميين، وطنيين وديمقراطيين. ومن الأسهل عندنا أن تتشكل الأحزاب وتعتمد وأن تمارس العملية السياسية بمجرد انعقاد مؤتمراتها التأسيسية، ولكن وفي نفس الوقت من السهل أن تتفتت الأحزاب ذاتها وتنشطر ليس لأنها نمت على سلم الأفكار بل لأن الأفق السياسي لديها يقف عند حدود المصالح.
وإذا شئنا مثالا لا نجد أفضل من تجربة الحزب العميد الذي قاد البلاد بعد الاستقلال كحزب جبهوي وحيد باعتباره حزب الدولة، حزب تمتع برؤية اقتصادية متكاملة في ظل منهجية التخطيط، ولظروف تاريخية نجحت الخطة الوطنية التي وضعها في تحقيق أهداف النمو المناسبة لتلك الفترة. ولكن نفس الحزب الذي ظل يختصر كل التفكير السياسي الرسمي للبلاد فقد محتواه الاقتصادي بعد التعددية الحزبية ودخولنا مرحلة الاقتصاد المبني على السوق العام 1993 وذلك بسبب بروز عناصر جديدة في المنظومة الاقتصادية الوطنية لم يستوعبها خطابه السابق ولا برنامجه المبني على امكانيات الدولة.
ويعني غياب المحتوى الاقتصادي أن برامج الأحزاب لا تقترح سياسات متينة وواضحة للموضوع الاقتصادي أي لتوازن الأسواق، ونفس الشيء بالنسبة للرؤية الاقتصادية التي من المفروض أن نجدها في مبادئ البرنامج، فليس مطلوبا أن تقدم لنا الأحزاب من خلال برامجها الآليات والخطط التفصيلية للموضوع الاقتصادي ولكن المطلوب هو تعريف رؤية الحزب وسياساته في توازن الأسواق .
لهذا لا تملك الأحزاب برامج
نقل حزب جزائري نشأ حديثا أي بعد استدعاء الهيئة الانتخابية للتشريعيات القادمة برنامج حزب من دولة عربية شقيقة ونسي أن يعدل فقراته بما يناسب الواقع الجزائري، وهكذا يمكننا تصور فلسلفة النشوء الحزبي عندنا منذ أن أطلقت التعددية الحزبية، قد يكون الأمر متعلقا بالديمقراطيات الناشئة وربما بطبيعة العمل السياسي ذاتها، فطبيعة نشوء الأحزاب عندنا طبيعة قانونية بحتة ولا علاقة لها بمحتوى البرامج، كما أن طبيعة الاطارات الحزبية هي طبيعة نضالية في صفوف الطبقة المتوسطة والأقل من المتوسطة أي من الطبقة التي لا تتمتع بالضرورة بالتكوين السياسي اللازم.
كما أن طبيعة النشوء الحزبي نفسها تحول دون انخراط النخبة المتكونة في مجالات الاجتماع والاقتصاد والنقد السياسي في الهيئات العليا للأحزاب تحت ضغط اللوائح والآليات التنظيمية التي تمنع بشكل أو بآخر تقدم النخبة في الأجهزة الحزبية مما أدى الى تهميش واسع للاطارات الوطنية التي بإمكانها تطوير سياسات اقتصادية فعالة لصالح برامج تلك الأحزاب.
وهناك منظومة التكوين لدى الأحزاب التي تركز على الأداء الانتخابي وفنيات الاعلام والخطاب الجماهيري وليس على التكوين الأساسي في مجال الاتصال والحلول الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
بطبيعة الحال، فإن ضعف المدخلات يؤدي إلى ضعف المخرجات وهكذا نفسر أداء الأحزاب في الساحة السياسة وبالتالي أداء البرلمان الناتج عن تلك الأحزاب، والدليل على ذلك انعدام أية قيمة مضافة للبرلمان في السياسات الاقتصادية الوطنية وفي برنامج الحكومة بل بالعكس نجد تدخلات بعض النواب تصب في مصالح شخصية لقياداتها وللداعمين لها وخاصة ما تعلق باقتراحات الحكومة ذات العلاقة بالجباية أو الرسوم أو المزايا المالية أو تنظيم الأسواق أو كسر الاحتكار.
نعم، للسياسة أصول وللنشوء والتطور الحزبي قواعد، ومن أصول السياسة ألا يمارسها الجميع ومن قواعد النمو الحزبي أن تعارض الفكرة الفكرة لا أن يعارض الشخص الشخص أو أن تتحول الأحزاب الى حلبات صراع باتجاه شيء واحد اسمه مقعد في البرلمان ، وفي ذلك يكمن الفرق بين السياسة والبوليتيك على رأي فيلسوف الجزائر الكبير مالك بن نبي رحمه الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.