الرئيس يستقبل سفير تونس    تأكيد التسجيلات الجامعية    بيسط: الشعب الصحراوي سينتصر    مصارعة /الألعاب الإفريقية المدرسية: المنتخب الوطني يحرز 10 ميداليات منها 7 ذهبية في مستهل المنافسة    المولودية تتسلم الدرع    وزير الثقافة والفنون يشدد على "ضرورة بلوغ أعلى درجات الجاهزية" لإنجاح الصالون الدولي للكتاب بالجزائر (سيلا 2025)    ريال مدريد يُحاصر ليفربول    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر 2025): القافلة الأولمبية الجزائرية تحل بعنابة    السيد عرقاب يستقبل المستشار الرفيع للرئيس الأمريكي لإفريقيا والشؤون العربية والشرق الأوسط    البطولة العربية للأمم ال 26 لكرة السلة /رجال/ الجولة الثانية: فوز كبير للمنتخب الجزائري على نظيره الاماراتي (99-61)    برنامج "عدل 3": أزيد من 870 ألف مكتتب يطلعون على نتائج دراسة ملفاتهم    حزب جبهة التحرير الوطني: تقييم عملية انتخاب مكاتب المحافظات محور اجتماع المكتب السياسي    تطبيق صارم للمعاملة بالمثل مع فرنسا    الاتحاد البرلماني العربي يدين القرار الصهيوني بدعم ما يسمى ب"السيادة" على الضفة الغربية المحتلة    مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بين الجزائر وإيطاليا    انطلاق الجامعة الصيفية    الاحتلال الصهيوني يهاجم سفينة كسر الحصار المتجهة إلى غزة    وهران : استقبال الفوج الثاني من أبناء الجالية الوطنية المقيمة بالخارج    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 59821 شهيدا و144851 مصابا    "بريد الجزائر" تحذر من روابط وهمية تروج لمسابقات كاذبة على مواقع التواصل    كان "شاهدا وصانعا ومؤثرا" في تاريخ الصحافة الجزائرية    تعزز الجهود الوطنية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية    الجزائر تشارك في قمة الأمم المتحدة لمتابعة أنظمة الغذاء بأديس أبابا    الجزائر رافعة استراتيجية لتسريع وتيرة الاندماج الاقتصادي القاري    مشروع السكة الحديدية أم العسل – تندوف: وتيرة إنجاز متسارعة نحو تحقيق الربط المنجمي الكبير    يضبط أزيد من 18 كلغ من الكوكايين ويفكك شبكة إجرامية    وزارة الداخلية تدعو الأولياء إلى مراقبة أبنائهم لتفادي حوادث الغرق    تدخلاً للحماية المدنية خلال 24 ساعة: حصيلة ثقيلة لحوادث المرور والغرق    موجة حر ورعود يومي الاحد والاثنين على عدة ولايات من جنوب وشرق البلاد    نواب بريطانيون يطالبون بالاعتراف بدولة فلسطين    اختتام مهرجان الأغنية الوهرانية في طبعته ال16: تكريم الفائزين ولمسة عصرية على النغم الأصيل    جثمان المخرج سيد علي فطار يوارى الثرى بالجزائر العاصمة    الجزائر تحتفي بعبقرية تشايكوفسكي في حفل موسيقي عالمي بدار الأوبرا    بورتس: لا مفر من تحرير فلسطين    هذه الشروط الجديدة للالتحاق بنخبة "الجيش"    الجزائر تعمّق تواجدها الطاقوي إقليميا    استشهاد 1200 مسن نتيجة التجويع خلال الشهرين في غزّة    حملات تحسيسية بالمساحات التجارية في البليدة    حالة تأهب ضد تسمم الأطفال بالمنظفات    تحديد موعد لقاءي "المحاربين" ضد بوتسوانا وغينيا    تعزيز آفاق التنمية وإعادة بعث القطاع الحضري    سنكون سعداء بتواجد ميسي.. والأمر يعتمد عليه    بديل السكر الشائع قد يسبب تلفا في الدماغ    دعوة مفتوحة للمساهمة في مؤلّف جماعي حول يوسف مراحي    فنان بيروت الذي عزف للجزائر أيضًا    21 فيلما روائيا يتنافس على جوائز مهرجان البندقية    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر-2025): برنامج ثقافي وترفيهي وسياحي ثري للوفود الرياضية المشاركة    افتتاح واعد مُنتظر هذا السبت بسطيف    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    هذه حقوق المسلم على أخيه..    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    أفشوا السلام بينكم    هذا اثر الصدقة في حياة الفرد والمجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وفاء لعهد الشّهداء والهويّة الثّوريّة
نشر في الشعب يوم 03 - 07 - 2020

مفهوم الذّاكرة عند الجزائريين يختلف اختلافا جذريا عمّا يروج له البعض في الضفة الأخرى، وهو الفارق الذي يصنع المواقف الثابتة والمبدئية حيال محاربة التأسيس لثقافة النسيان، وتدعو إلى النظر للمستقبل دون تلك المرجعية الثورية الناصعة والصفحات النضالية المشرقة الزاخرة بالبطولات المشهودة.
أبعاد دلالات هذا المفهوم هو الوفاء لرسالة الشهداء الأبرار، واستحضار بطولات الرجال الأخيار الذين هبّوا كرجل واحد لمقارعة الاستعمار وقوى الشر والدمار، إنّه الملخص الجامع المانع الكفيل وحده أن لا يكون بعيدا عن الأنظار بل هو الشغل الشاغل لكل الأحرار.
ونسجّل بكل اعتزاز وافتخار عودة الذاكرة الوطنية الى الخطاب السياسي في شكل قرارات حاسمة وغير مسبوقة، تنم عن الارادة الصادقة في الانفتاح على توجه جديد مفعم بدعم اضافي في نقل قيم الثورة للأجيال الصاعدة.
وتبعا لذلك، فقد تمّ إقرار 8 ماي 1945 يوما وطنيا للذاكرة تعزّز بإطلاق قناة تلفزيونية حول التاريخ قريبا ورفع الراية الوطنية في الشرفات تعبيرا عن الالتفاف الشعبي حول الثورة، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل هناك تفكير معمق يتعلق بمراجعة المنهجية البيداغوجية في دراسة التاريخ وأسلوب تلقينه للأطفال والشباب يعتمد على تحبيبه هذه المادة بدلا من النفور منها.
ولن يسمح أبدا بتكرار سيناريو الثمانينات عندما كان تلاميذ الثانويات بالعاصمة يهتفون بشعار «التاريخ في المزبلة»، لم يكن ذلك بريئا وهذا بعد قرار القائمين على التعليم بإدراج مادة التاريخ في رزنامة الامتحانات لشهادة البكالوريا في الشعب العلمية والرياضيات.
هذا الوصف القاسي مازال إلى غاية يومنا، هذا لم يمح من اللاّشعور نظرا للأضرار المعنوية التي خلّفها أنذاك والاثار النفسية البليغة التي تركها لدى عامة الشعب، وللأسف منذ كل هذه العشريات أهملنا التاريخ ولم نستطع وضع معالم مدرسة جزائرية أو أكاديمية تهتم بهذا الشأن، يكفي فقط القيام بإطلالة على الكتب المدرسية لتلاحظ تلك الصعوبة، وذلك التعقيد في طريقة عرض المعلومة جافة مملة وغير قابلة للمطالعة.
وما تزال الى غاية يومنا هذا سارية المفعول، إذ أن المكلفين بإعداد تلك النصوص وجدوا انفسهم بين مقاربتين الأولى تتعلق بالمضمون، والثانية بالشكل لم يتوصلوا الى الحل الثالث، وهو الدمج خوفا من المساس بروح النص، زيادة على كثرة الأرقام والأسماء، ويمسح هذا الكلام على امتدادات تاريخ الجزائر القديم.
ذاكرة غير منتقاة
ترسيم اليوم الوطني للذاكرة هو تجديد لعهد الالتزام بالهوية الثورية للشعب الجزائري في التحرير والبناء، وهذه الثنائية واردة بقوة في بيان أول نوفمبر الذي أشار صراحة إلى القضاء على النظام الكولونيالي، وإحلال محله الدولة الوطنية بدأت ملامح هذا المنعطف الحاسم عندما خرجت الطلائع الأولى يوم 8 ماي 1945 مطالبة بالاستقلال.
هذه المحطة الشاهدة على رفض الاستعمار الإستيطاني دشّنت بداية مرحلة شاقة ومضنية في مقارعة الظلم بعد سنوات ينتفض جيل آخر في وجه الاحتلال الغاشم، ملقّنا إياه درسا لا ينساه أبدا طيلة 7 سنوات كاملة إلى غاية إجباره على التوقيع على اتفاقية «إيفيان»، وهو يجر أذيال الهزيمة النكراء.
اليوم الوطني للذاكرة هو إبقاء التواصل الدائم والارتباط المتين مع تاريخنا، شعاره «حتى لا ننسى» يستحضر كل المناسبات في كل مرة حتى تظل راسخة بعيدا عن الظرفية والمناسباتية، أو نمر عليها مرور الكرام.
وقد تعزّز هذا المسعى بفتح قناة تليفزيونية للذاكرة والتاريخ بمستوى عال وصدى دولي واسع، يكون الرهان على الصورة نظرا لخصوصيتها في هذا العالم، كل الفئات العمرية تطلع عليها في حين أن الإعلام المكتوب منحصر عند النخبة فقط، ونعتبر بأن التوجه إلى قناة مرئية يعد قرارا صائبا من ناحية ديمومة رسالة نوفمبر، وهذا للاعتبارات التالية:
- نوفمبر مادة تاريخية ثرية كمّا ونوعا، عند مؤسسة التلفزيون العمومي، يمكن تغطية بواسطتها ساعات البث بدون أي قلق عند الانطلاقة.
- وجود وثائق نادرة وحصرية لدى مؤسسة الأرشيف الوطني يمكن استغلالها استغلالا عقلانيا وعلميا في كل المجلات.
- الإستعانة بالأساتذة ذوي الكفاءة العالية في التاريخ، والإستثمار في البحوث الراقية على مستوى الجامعة.
- البحث عن أفضل الصيغ الإعلامية لمعالجة قضايا التاريخ، بعيدا عن الإثارة حتى لا نقع في تلك القوالب الجاهزة التي يروج لها البعض بأن هناك تاريخ رسمي وآخر غير رسمي، هذه المقاربة خاطئة من الأساس هناك تاريخ جزائر وفقط.
- يجب أن نتحلى بالحيطة من الدوائر المتربصة بالتاريخ الجزائري التي تجد لذة في التسويق الى الخلافات بين زعماء الثورة، والحذر من دعاة المدرسة الكولونيالية الذين يريدون تبييض جرائمهم في الجزائر.
وهناك اقتراحات لا تعد ولا تحصى في المجال السمعي البصري، لذلك نتوقع نجاح هذه القناة قبل ميلادها نظرا لطابعها الخاص في المتابعة أو بالأحرى المشاهدة القياسية بحكم العلاقة النفسية الفائقة بين الثورة والجزائريين.
هكذا تشتغل الجزائر على الذاكرة، رؤيتها واضحة في هذا الشأن لا يسودها أي لبس أو يكتنفها غموض، كما لا تحمل أي توجه أو تردد يذكر أو خوف من جماعات الضغط (سياسيون أو ضباط قدامى)، يفرملون كل محاولات الخروج من الدائرة المغلقة بخصوص أي تصريح يريد قول الحقيقة.
ومهما صدر من أوصاف عن الجرائم الفرنسية في الجزائر، إلا أنها تبقى غير كافية لأنها ذات طابع ظرفي في فترة معينة يتم التراجع عنها، زيادة على أنها لا تتبع قرارات أو مراسم يكون لها ذلك الطابع الإجباري في التطبيق مجرد كلام عام للاستهلاك وإسكات الآخر.
والمنطق التاريخي لا يقبل وبالأحرى لا يقتنع بتحويل المصطلحات من أحداث الجزائر إلى حرب الجزائر وسن قانون تمجيد الاستعمار، ورفض إدراج الجزائريين في قوائم التعويضات عن التفجيرات النووية، والاعتراض على استرجاع جماجم المقاومين، هذا كله عمل على الذاكرة غير منتقاة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.