تعرف ولايات الشرق الجزائري ارتفاعا محسوسا في نسبة فقر الدم الوراثي المسمى «بالتلاسيميا». وتمس الظاهرة الخطيرة بالخصوص ولايات قسنطينة، ڤالمة، خنشلة وأم البواقي التي وصلت بها حسب مصادر مطلعة ل«الشعب» إلى 30 بالمائة مقارنة بالمجموع الكلي السنوي للأزواج ذوات القرابة. على هذا الأساس قامت «الشعب» باستطلاع لتسليط الضوء على هذا المرض المستعصي لكشف الغطاء عن ضحايا «التلاسيميا» ومعاناتهم الدائمة في صمت وحرقة بسبب هذا المرض الخطير رهن مستقبلهم بمجرد أكياس دم لن تتوفر إلا بما يجود به المحسنون. أكد البروفيسور «نور الدين سيدي منصور» رئيس مصلحة أمراض الدم بالمستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة في تصريح لنا أن التلاسيميا مرض وراثي يصيب الأطفال في سن مبكر حيث يؤثر على صنع كريات الدم الحمراء وهو الأمر الذي من شأنه أن يحول مادة الهيموقلوبين دون القيام بوظيفتها. وهنا يحتاج المريض إلى تلقي العلاج العاجل عن طريق نقل الدم إلى جسمه ولا غنى له عن مثل هذه العملية لأن حياته ترتبط بذلك. وفي ذات السياق أكد من جهتهم الأطباء والمختصون أن المصابين بهذا الداء يموتون في سن مبكرة إذ لا يتجاوزون سن العشرين من العمر. انها الحقيقة المرة والواقع المعاش عند أحد الأمهات التي التقينا بها والتي صرحت لنا أنها فقدت 3 من أطفالها بسبب إصابتهم بهذا المرض المضني منهم شاب في ال 19 من العمر بعد معاناة دامت سنين طوال بعد عجز في التوصل إلى الدواء الشافي لإنقاذ حياته وحياة إخوته من الموت إلا سنوات أطالت من أيام حياته بفضل كميات الدماء التي كانت تنقل إلى جسمه بشكل دائم. وفي حديثه عن مرض التلاسيميا شدد البروفيسور نور الدين سيدي منصور على ضرورة وضع مخطط وطني لإحصاء المصابين بهذا المرض داعيا إلى تجنيد كافة الوسائل المادية الممكنة من أجل توفير المتابعة المستمرة على مستوى الشرق الجزائري بإنشاء مركز طبي جهوي خاص بالمتابعة الكاملة للمصابين. ودعا البروفيسور في ذات الوقت المقبلين على الزواج إلى ضرورة القيام بفحوصات مدققة خاصة منهم الأقارب. الجدير بالذكر إن المصاب بداء التلاسيميا أو ما يعرف بفقر الدم الوراثي الذي يحتاج إلى إجراءات طبية خاصة بما فيها إجراءات نقل الدم الشهرية والتي لا تكون إلا بتبرعات دم المحسنين فلا حياة لهؤلاء إلا من خلال ذلك، فالتبرع بالدم بالنسبة لهؤلاء المرضى يعتبر الحياة في حد ذاتها.