تطوير الصناعات الغذائية وتصدير منتجات مصنّعة شدّد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس الوزراء الثلاثاء الماضي، على ضرورة زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية خاصة القمح ورفع نسبة إنتاجه في الهكتار الواحد إلى 30 قنطارا، بهدف تحقيق اكتفاء ذاتي في هذه المادة الإستراتيجية. تبلغ المساحة الزراعية المخصصة لإنتاج القمح في الجزائر أكثر من 2 مليون هكتار، وهناك خططا حكومية لرفعها إلى 3.5 مليون هكتار، ويبلغ متوسط مردودية الهكتار حاليا 20 قنطارا والوصول الى 30 قنطارا من شأنه أن يغطي نسبة كبيرة من الاستهلاك المحلي من هذه المادة والوصول الى 9 ملايين طن من إنتاج الحبوب سنويا. وتعول الجزائر على الاستثمار في القطاع الفلاحي لاسيما في مناطق الهضاب العليا والجنوب الكبير للمحافظة على نسبة النمو السنوية والبالغة 7٪ منذ سنة 2010 ويعد القطاع الفلاحي أحد القطاعات المهمة في تشغيل اليد العاملة وثاني مساهم في الناتج المحلي الإجمالي بعد قطاع المحروقات بنسبة بلغت 10٪. كما تعد الجزائر حاليا ثاني أكبر بلد فلاحي عربي بعد مصر وبلغت قيمة الإنتاج الفلاحي في الجزائر سنة 2022 أكثر من 25 مليار دولار. الحفاظ على الأمن الغذائي للجزائريين يرى الخبير الاقتصادي عبد الحميد بوتلة أن رئيس الجمهورية من خلال تشديده على ضرورة الرفع من قيمة الإنتاج الزراعي وكذا رفع مردودية الهكتار بالنسبة للقمح هو ضمان الأمن الغذائي للجزائريين، تحديدا في المحاصيل الإستراتيجية ذات الاستهلاك الواسع. لاسيما وأن العالم يشهد تقلبات جيوسياسية هائلة من الممكن أن تؤثر على أسواق بعض المحاصيل الزراعية سواء من ناحية الوفرة أو السعر. والرفع من الإنتاج الزراعي له فوائد لا يمكن حصرها، فهو يساهم حسبما أكد بوتلة ل "الشعب " في زيادة الناتج المحلي الإجمالي في الجزائر، وتوفير فرص شغل جديدة، كما أنه يندرج ضمن خطة الرئيس لتقليص الاعتماد على قطاع المحروقات، وحاليا الجزائر تعتبر الأولى إفريقيا حسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في مجال الأمن الغذائي لأن 70٪ من الاستهلاك ينتج محليا، كما صنفت مؤسسة Deep Knowledge Analytics المتخصصة في الأمن الغذائي الجزائر في المرتبة 43 عالميا من 200 دولة وفق مؤشر الأمن الغذائي. علاوة على ذلك فالهدف من زيادة الإنتاج الزراعي في المرحلة القادمة هو اقتحام الأسواق الدولية في بعض المحاصيل التي تعرف وفرة في الإنتاج، وتصدير منتجات مصنعة من خلال تطوير الصناعات الغذائية، لاسيما وأن بعض الدول استنزفت مواردها المائية نتيجة اعتمادها المفرط على تصدير المنتجات الفلاحية الجاهزة إلى أوروبا، في حين أن السوق المحلي يعرف عجزا، والجزائر وضعت قوانين تمنع تصدير عدة منتجات إلا في حالة الفائض. كما يرى الدكتور عبد الحميد بوتلة، أن الجزائر عرفت ثورة في القطاع الفلاحي في العقد الأخير لاسيما في بعض المناطق الجنوبية. فولاية الوادي لوحدها بلغ إنتاجها من البطاطا سنويا 1.2 مليون طن ما يوازي ثلاثة أضعاف إنتاج الجارة تونس من نفس المادة. والإجراءات التي تقوم بها الدولة الجزائرية من فتح باب استيراد العتاد الفلاحي المستعمل، وكذلك المشروع الضخم في الشرق الجزائري لإنتاج الفوسفات والسماد الفلاحي، أتصور أن هذه الجهود بالإضافة الى الجهود الأخرى من شأنها أن ترفع من قيمة الإنتاج الفلاحي في الجزائر في قادم السنوات ولِمَ لا الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في مادة القمح، وان حدث هذا يعتبر إنجازا تاريخيا يحسب للرئيس عبد المجيد تبون.