قوجيل: اليوم الوطني للذاكرة يعكس الاهتمام الذي يوليه رئيس الجمهورية للذاكرة الوطنية    مساعي أملاك الدولة الوطنية في إطلاق نظام معلوماتي جديد يضم الموثقين    السيد بن طالب يؤكد حرص قطاعه على استقرار واستمرارية المنظومة الوطنية للتقاعد    أطباء بلا حدود: غياب مساءلة الكيان الصهيوني "أمر صادم"    قالمة: جموع غفيرة من المواطين في مسيرة مخلدة لمجازر 8 ماي 1945    رياضة: تبني نظرة واقعية لتحقيق نموذج احترافي حقيقي في كرة القدم    ''مهام المحضر القضائي في ظل المستجدات القانونية'' محور ملتقى جهوي بغرداية    شهر التراث: "التراث الثقافي في عهد الذكاء الاصطناعي" محور يوم دراسي بالعاصمة    قدرات قطاع الصحة بولاية الجلفة تؤهلها لإنجاز مشروع مستشفى جامعي    إلتماس 10 سنوات حبسا ضد السيدة نغزة، ساحلي وحمدي    الاتحادية الجزائرية لكرة القدم: تدشين ملعب "فيفا آرينا" بالجزائر العاصمة    عنابة: افتتاح الطبعة الرابعة للصالون الدولي للسياحة    صون كرامة المواطن أولوية مطلقة في برنامج رئيس الجمهورية    وزير الصحة يشرف بالجلفة على إطلاق مشاريع إنجاز ثلاثة مستشفيات    الوزير الأسبق حميد سيدي السعيد في ذمة الله    مسرحية "بقايا أحلام" للمخرج الجزائري نبيل مسعي أحمد تحصد جائزتين في المونديال المغاربي للمونودراما بليبيا    كرة القدم/تصفيات كأس إفريقيا للاعبين المحليين-2025 (السد - إياب): الجزائر/غامبيا: "الخضر يحطون الرحال بعنابة    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات من الوطن يومي الخميس والجمعة    بوغالي: مجازر 8 ماي محطة أليمة تغذى منها الوعي الوطني وألهمه عناصر قوة إضافية لتفجير الثورة التحريرية    اليوم الوطني للذاكرة: استذكار المجازر و تأكيد مواصلة مسيرة التنمية بولايات الوسط    اليوم الوطني للذاكرة: أصدق اشكال الوفاء للشهداء والمجاهدين هو اعلاء شأن الذاكرة الوطنية    السيد العرباوي يستقبل بفريتاون من قبل الرئيس السيراليوني    مباراة مجنونة    لامين جمال يتعهد بالعودة    إطلاق منصة "الحساب الفردي للأجير"    الجزائر ستظل متمسكة بمطلبها المبدئي في معالجة ملف الذاكرة    رئاسة اللجنة الفنية للملكية الفكرية التابعة لجامعة الدول العربية    غزّة.. مجازر وجوع    برمجة 22 رحلة إلى البقاع المقدسة انطلاقا من المطار الدولي لوهران    ذكرى المجازر محطة للتلاحم الوطني    الإنتاج الصناعي بالقطاع العمومي.. مؤشرات بالأخضر    الإعلام العماني يجمع على تاريخية الزيارة ونجاحها    مجازر 8 ماي جريمة دولة مكتملة الأركان    تسخير كل الإمكانات لإنجاح موسم الحج    600 مليار لمشاريع تحسين الإطار المعيشي للمواطن    حجز كميات معتبرة من الفلين المهرب بأم الطوب    هكذا يتم التعامل مع الكباش المستوردة قبيل عيد الأضحى    "ترياتلون" الجزائر لتعبيد الطريق نحو أولمبياد 2028    أبواب مفتوحة حول الرياضات العسكرية بالبليدة    نقاط بشار لضمان البقاء    700 حادث مرور على خطوط الترامواي خلال 4 سنوات    الجزائر تدعو إلى تغليب المسار السياسي والدبلوماسي    غوتيريس يدعو الهند وباكستان إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس    يوم دراسي حول حماية الملكية الفكرية بتلمسان    التخلص من عقدة الخوف طريق النجاح    "وقائع سنوات الجمر" في كان 2025    لرئاسة اللّجنة الفنّية للملكية الفكرية    الشروع في أشغال الترميم    عناية أكبر بذوي الاحتياجات الخاصة    إصلاحات كبرى في المناجم    عرض حول واقع الإعلام بالجزائر    قويدري يعرض الإستراتيجية الجديدة    أشهر الله الحُرُمٌ مستهل الخير والبركات    علامات التوفيق من الله    أخي المسلم…من صلاة الفجر نبدأ    شراء سندات الهدي بالبقاع المقدّسة من الجهات المعتمدة فقط    قبس من نور النبوة    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنّان منتج للجمال..والفنّ ليس سلعة بالمعنى الاقتصادي
نشر في الشعب يوم 07 - 06 - 2023

عبد المالك بن خلاف، أستاذ بجامعة سكيكدة في تخصص اللغة الفرنسية، وهاوي مسرح منذ 1976، وناقد مسرحي، وهو رئيس جمعية مهرجان المسرح لمدينة سكيكدة. يحدّثنا في هذا الحوار عن تعريفه للفنان، والعلاقة الجدلية بين المغزى الجمالي من الفن والجدوى الاقتصادية منه، وعلاقة الفن بالنقد، والتداخل بين الفنون عامة، وبينها وبين المسرح بشكل خاص. كما يتطرق ضيفنا إلى دور الفنان في حماية مقوماتنا الثقافية والهوياتية.
- الشعب: ونحن نحتفل باليوم الوطني للفنان..في رأيك أي تعريف يمكن أن نقدّمه للفنان؟
الفنان المسرحي عبد المالك بن خلاف: الفنان إنسان ليس كأي إنسان..هو ربما الكائن الحي فوق الأرض الذي يبحث عن شيء ليس له ثمن، وهو في نفس الوقت شيء نفيس، ليس له نفع مادي مباشر مثل أي إنتاج أو سلعة أخرى، كتلك الموجهة للأكل مثلا، ولكنه ضروري جدا في حياة الإنسان. هذا الشيء هو الجمال.
المبتغى الأول عند الفنان هو أن ينتج الجمال، ويجب الإشارة هنا إلى أن الجمال لا يوجد فقط في المسرح أو الموسيقى، بل يوجد في مجالات متعددة في حياتنا اليومية، ودليلنا على هذا أننا نقول "فن الطبخ"، و«فن الطرز"، و«فن الخياطة"، و«فن الخطابة"..وغيرها من الأمثلة. وفي رأيي، فإنّ أشمل تعريف للفنان هو أنه ذلك الإنسان الذي يبحث دائما عن الجمال وينتج الجمال.
- كثيرا ما تطرح فكرة الجدوى الاقتصادية للفن..هل يمكن فعلا أن نتعامل مع الفن على أنه نشاط اقتصادي بحت؟ وهل يعتبر المنتج الفني كأي سلعة أخرى؟ وبالمقابل، يحتاج الفن إلى تمويل، والفنان إلى دخل مادي..فكيف التوفيق بين الاثنين: الإبداع من أجل الإبداع، والإبداع من أجل تحقيق المداخيل؟
هنا كذلك العلاقة مُفارقَة (paradoxale)، فمن جهة، نجد أن الكل يعترف بأن الفن ضروري في حياتنا اليومية، والكل يعترف بأن الأشياء الجميلة لا تقدّر بقيمة مالية، وإذا حدث وأن تمّ تقييمها فسيكون ذلك بشكل جزافي..مثلا، ما هو ثمن غرنيكا (Guernica) أو رواية جميلة أو مسرحية؟ لو كانت سلعة مادية لكان تقييمها اقتصاديا سهلا، باحتساب كم كلّفنا إنجازها من مواد أولية وساعات عمل، ونضيف إليها نسبة الفائدة المبتغى الحصول عليها، وهذا هو السعر الذي سنحدده..لكن بالنسبة إلى عمل أساسه البحث عن الجمال، فكيف يقيّم؟ إذن فالمنتج الفني ليس مجرد سلعة، وفي نفس الوقت، الفنان هو إنسان وله احتياجات من ضمن ضرورات الحياة ومتطلباتها، فهل نقبل أن يعيش ويموت منتج الجمال في ظروف مأساوية، وبجيوب فارغة على قارعة الطريق؟ الفنان هو الآخر له حياة اجتماعية وعائلية، وبالتالي، فهو يحتاج إلى دخل دون أن يكون إنتاجه نشاطا اقتصاديا بحتا، لأن هذه الفكرة هي نقيض ماهية الفنان تعريفا: البحث عن الجمال.
- باعتبارك ناقدا مسرحيا..هل يمكن القول إنّ الناقد فنان أيضا، خاصة إذا اعتبرنا أنه لا فن بدون نقد؟
فعلا، لا فن بدون نقد، بل يمكن القول إن بلدا ما، تكون فيه حركة نقدية في فن ما، يكون ذلك الفن منتعشا، ويشهد تطورا معتبرا، ويجب الملاحظة أنّني أقصد هنا النقد الأكاديمي الذي يحلّل ميكانيزمات العمل الفني، وليس النقد الذي يحدد للفنان ما يجب وما لا يجب، وما يجوز وما لا يجوز. الناقد الأكاديمي لا يقدم لنا ما يحب وما لا يحب هو، ولا يطلق النعوت والأوصاف كما أقرأ عند البعض في شبكات التواصل الاجتماعي، كأن يقول "فلان قدم لنا مسرحية راقية…"، وما إلى ذلك. في نظري، قد لا يكون الناقد فنانا، ولكن يجب أن يكون متذوّقا للفن، فهل يعقل أن يكتب أحد عن المسرح وهو لم يشاهد ولا مسرحية ما عدا تلك التي كتب عنها؟
- دائما في سياق الحديث عن المسرح..هل يجوز أن نفرّق بين مختلف الفنون، بما في ذلك الفن الرّابع، أم أنّها باتت متداخلة مع بعضها البعض؟
نظّمت كلية الآداب واللغات بجامعة سكيكدة ملتقى حول تداخل الفنون، وشاركتُ فيه بمداخلة حول تداخل الفنون في المسرح، واخترت مسرح علولة نموذجا. ومما لاحظته أن تداخل الفنون (transmedialité) في المسرح موجود منذ (على الأقل) إروين بيسكاطور (Piscator Erwin)، وذلك بإدخال تقنية السينما والأغاني في المسرحية. من ناحية أخرى، وبما أن المسرح هو المشاهدة والسمع، فالسينوغرافيا كأشكال وكألوان تلعب دورا جدّ مهم في الشكل الجمالي للمسرحية، ناهيك عن استعمال الرقص والكوريغرافيا في العرض المسرحي. ومن هنا يمكننا أن نجزم أن المسرح هو أبو الفنون، ليس من باب تاريخ الميلاد، وإنما بالنظر إلى احتوائه للعديد من الفنون الأخرى.
- يحيلنا اليوم الوطني للفنان إلى ذكرى استشهاد الفنان علي معاشي وهو في عز شبابه دفاعا عن الوطن واستقلاله..أيّ دور يمكن أن يلعبه فنان المسرح في عصر "العولمة" و«الغزو الثقافي" وحتى "النيوكولونيالية" الذي نعيش؟
مثلما لعب المسرح إبان الثورة التحريرية دورا جد فعال في تدويل القضية الجزائرية، فعلى المسرح اليوم ليس التصدي للعولمة، وإنما إنتاج قيمة مضافة من شأنها أن تحافظ على هويّتنا، ويلعب بهذا الشكل دورا يحافظ على أمننا بالمفهوم الثقافي. ومن هذا الباب أرى أنه من العاجل والضروري أن تأخذ السلطات على عاتقها قضية تنظيم الممارسة الفنية، والإسراع بتقنين ما يتعلق بالفنان في مهنته، واحتياجاته في حياته الاجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.