هذا التعبير هو للأخ عبد الرحمن كديد، حيث نودي عليه لإلقاء كلمة في مناسبة، وقدّم بأنه "والي"، فلما تكلّم قال: "كنت والي وصرت وليّ"، فأعجب الحاضرون بلطف مدخله وحسن استهلاله.. الأخ عبد الرحمن كديد كان واليا على ولايتي برج بوعريريج وميلة، ولي في هاتين الولايتين أقارب ومعارف فما حدّثني أحد منهم بسوء عن هذا الرجل، وقد خرج إلى التقاعد وهو عفيف اللسان طاهر اليد، على عكس مسئولين خاضوا في الفساد إلى الأذقان، ورتعوا كما رتع كبيرهم، وبعضهم يعض الآن على أنامله ندما، "ولات ساعة مندم". بعدما أدى الأخ كديد الأمانة ب "الحفظ والعلم" أحيل إلى التقاعد، ولكنه لم يقعد مع القواعد، ولم يخض مع الخائضين، ولكنه اقتدى بجده محمّد كديد ولحاج الذي أسس على تقوى من الله ورضوان "زاوية" في بلدة "جامع السهارج" بمنطقة مقلع في جرجرة، وذلك في عام 1903، لتكون "شوكة" في جنب المركز التنصيري الصليبي الذي أسسته فرنسا هناك. وقد أرغى وأزبد المنصّرون.. فنصر الله عبده الصالح على شياطين الإنس، ومما قاله الشيخ محمد كديد لأولئك المنصرين: ليقم كل منا على مشروعه، وسيحكم الزمان على الصالح منهما بالبقاء. وقد ذهب زبدهم جفاء، ومكث المشروع الصالح المصلح إلى اليوم، إذ ماتزال هذه الزاوية القائمة على التوحيد والعلم، المستقيمة على الشريعة – تعلم القرآن، وتهدي إلى الخير، وتصلح بين الإخوة عندما ينزغ الشيطان بينهم.. لقد تعززت زاوية الشيخ كديد ولحاج بزاوية أخرى أسّسها من خرج من صلبه، ويقوم عليها الآن وهو الأخ عبد الرحمن كديد.. وقد افتتحت هذه الزاوية يوم السبت الماضي (10 محرم 1442/29-8-2020)، وحضر هذا الافتتاح إخوة من أنحاء الجزائر، كانوا محل ترحيب وتكريم من آل كديد، ومن سكان بلدة "جامع السهارج"، ذات 99 عينا، تروي العباد، وتسقي البلاد، وكان على رأس الحاضرين الأخ عبد الرزاق قسوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي أبلت البلاء الحسن في مقارعة المخطط الصليبي التنصيري وشجعت الزوايا في منطقة زواوة، لأنها تعتبرها "معاهد علمية" "مجاهدة بالقرآن" ضد من جاءوا إلى بلادنا لمحو القرآن كما قال شيطانهم الأكبر شارل لافيجري، "لص الأطفال". ألقى بعض الإخوة كلمة بهذه المناسبة، وكنت واحدا منهم، ومما قلته: لقد كذب لافيجري كثيرا، ومن أكاذيبه التي كادت تتصدع لها جبال جرجرة لما جاء في رسالة بعثها إلى المجرم ماك ماهون، الحاكم العام الفرنسي في الجزائر وهو: "إن ما لا يمكن تصديقه هو تعليم القرآن (الكريم) باسم فرنسا لأولئك الذين لم يعرفوه أبدا، لسكان منطقة جرجرة". (محند الطاهر واعلي: التعليم التبشيري في الجزائر. ص 69). لقد كذب لافيجري – وهو الكذاب الأشر- مرتين في هذه الرسالة فقط، أولاهما عندما زعم أن فرنسا علّمت القرآن الكريم لسكان منطقة جرجرة الذين لم يعرفون من قبل، ففرنسا لم تؤسس مدرسة قرآنية واحدة، لا في جرجرة ولا في أي ناحية في الجزائر، وثانية الكذبتين هو أن أهل جرجرة – جميع الجزائريين- قرآنيون، بدليل أن تقريرا فرنسيا موجودا في "إكس أون بروفانس" أعده الفرنسيون عندما وصلوا إلى المنطقة يؤكد أن في دائرة الأربعاء ناث إيراثن وحدها توجد 56 مدرسة قرآنية (المرجع نفسه ص 60). فهنيئا للجزائر بهذه "الزاوية القرآنية"، وهنيئا لإخوتنا في "جامع السهارج" بمشروعهم، ونطمع أن يزيدوا فيعززوه بمشاريع أخرى، وهنيئا للأخ عبد الرحمن كديد، الذي ندعو له الله – عز وجل أن يجعله من "عباد الرحمان"، الذين لهم الأمن وهم مهتدون.