مرة أخرى، تعود قضية السوق السوداء للعملة الصعبة إلى قلب النقاش، وكان المجلس الشعبي الوطني بوابة لها نهاية الأسبوع الجاري، عبر سؤال شفوي لوزير المالية، أيمن بن عبد الرحمن، وكان السبب كالعادة، سوق بور سعيد بالعاصمة. وزير المالية، أوضح في رده على سؤال شفوي لأحد النواب، قال إنه مع غلق السوق الموازية لساحة بور سعيد للعملة الصعبة، كما غيره من الأسواق المماثلة في أي من مدن البلاد، حماية للاقتصاد الوطني. ودعا بالمناسبة جميع القطاعات المعنية بمحاربة هذه الظاهرة بما فيها البرلمان بغرفتيه، إلى توحيد الجهود من أجل إيجاد حل لهذه المعضلة التي أرهقت اقتصاد البلاد والعباد. وتعتبر السوق الموازية للعملة الصعبة غير شرعية بموجب الأمر 10 / 03، فضلا عن كونها تحمل مخاطر تهريب رؤوس الأموال والتهرب الضريبي، ومع ذلك لا تزال هذه الظاهرة قائمة، رغم إجماع كافة المعنيين على حتمية القضاء عليها. الوزير بن عبد الرحمن أفاد بأن مصالح قطاعه منشغلة بهذا الملف الحساس، وأنها أعدت مخططا من أجل اجتثاث الأسواق السوداء للعملة الصعبة، ويتم ذلك، كما قال، بالتنسيق مع القطاعات والمصالح المعنية بهذا الملف، على غرار كل من بنك الجزائر ومصالح الجمارك ووزارة التجارة، وقد تضمن قانون المالية 2021 بعضا من الإجراءات التي تضيق على هذا النشاط. وقبل ذلك، كان وزير الصناعة فرحات آيت علي ابراهيم، قد تحدث في مداخلة له بالمعهد الوطني لدراسات الاستراتيجية العالمية قبل أزيد من أسبوع، على ضرورة القضاء على سوق العملات الموازية، لكنه نبه إلى أن مكافحة هذه الآفة لا تقتصر على إغلاق سوق حديقة بور سعيد أو غيرها. ووفق وزير الصناعة، فإن منطق محاربة السوق السوداء للعملة الصعبة، لا يجب أن يبنى على منطق إفراغ السوق من مرتاديه، بقدر ما هو متعلق بتجفيف منابع الظاهرة، لكن هذا التوجه يصطدم بحاجة المواطن إلى سوق للعملة، في ظل غياب سوق رسمية لهذا النشاط، وهو ما يصعب من العملية، لأن الحاجة الملحة إلى العملة الأجنبية تجد الفضاء الذي يضمن استمرارها بغض النظر عن المكان. سوق العملات الموازية يعتبر من أقدم الملفات التي اشتغلت عليها الحكومة، فقبل نحو عقد، عمد بنك الجزائر إلى مراجعة هامش الربح المرتبط بالتجارة الرسمية للعملات بهدف تمكين الخواص الراغبين في خوض تجارة العملة، ومن ثم توفير البديل للسوق السوداء للعملة الصعبة في حال القضاء عليها. واللافت في الأمر هو أن تجارة العملة مرخص لها انطلاقا من التعليمتين (08 / 96 و13 / 97) المتعلقتين بتنظيم شروط وقواعد ممارسة نشاط شراء وبيع العملات في مكاتب رسمية، وأن بنك الجزائر منح في وقت سابق، نحو 40 ترخيصا لإنشاء مكاتب صرف رسمية للعملة الصعبة في عهد محافظ بنك الجزائر السابق، محمد لكصاسي، إلا أنه سرعان ما سحبت تلك التراخيص، بسبب عدم احترام أصحابها القوانين الناظمة للعملية.