مع انطلاق العد التنازلي لاجتياز امتحانات شهادة البكالوريا، يتسابق تلاميذ القسم النهائي تحضيرا لهذا الموعد، كل منهم على طريقته الخاصة؛ ففي الوقت الذي يهرول بعض التلاميذ لحجز صالات ودور الشباب قصد الالتقاء ومراجعة الدروس بشكل جماعي، فضل بعضهم الآخر ترك مقاعد الدراسة مبكرا قبل الأوان وإلغاء حتى امتحانات "الباك التجريبي" اعتقادا منهم أنه لا جدوى من ذلك مادامت النقاط لا تُحتسب في شهادة "العمر"، ولأن الضغط النفسي يتضاعف في هذه المرحلة فضل بعضهم الترويح عن النفس بطريقة احتفالية ترتكز على طقوس غريبة كالتنكّر والغناء والصراخ. قرر بعض تلاميذ الأقسام النهائية إنهاء دراستهم مبكرا على غرار العديد من الثانويات التي أصبحت أقسامُها شبه خاوية، بعدما قرر عددٌ منهم ترك مقاعد الدراسة والالتحاق بمراكز دور الشباب وكراء قاعات خارجية في لقاءات جماعية بين الزملاء بغية المراجعة الجماعية التي أثبتت نجاحها لدى بعضهم، حيث يمكن لكل تلميذ مجتهد في مادة ما مساعدة زميله الذي يثبت ضعفه فيها. كما قام تلاميذ بالعزوف عن إجراء امتحانات البكالوريا التجريبية التي لا تعني لهم "أمرا ايجابيا سوى تضييع الوقت"، يقول بعضهم، لأن النقاط المحصل عليها لا تحتسب في البكالوريا النهائية، ويقول هؤلاء إنه لا داعي لها إلا في حالة لجوء الوزارة إلى احتسابها لإنقاذ من لم يتمكن من الحصول على علامة 10 في امتحان البكالوريا النهائية. مع أن البكالوريا التجريبية تعدّ تمريناً جيدا قبل البكالوريا الحقيقية. وعلى ما يبدو، فإن التغيب عن الحصص الدراسية من الطقوس التي لا يتنازل عنها طلبة هذا الجيل؛ فمنهم من يكتفي بمقرّرات السنة الماضية التي حصل عليها من بعض أصدقائه، في حين يعد اللجوء إلى الدروس الخصوصية من أكثر ما يناسب بعضهم الآخر. ظاهرة أخرى غزت بعض ثانويات عاصمة البلاد على وجه الخصوص خلال السنوات الأخيرة، في احتفالات لإطلاق العنان عن ضغوط السنة الدراسية؛ ففي حادثة غريبة من نوعها، احتفل تلاميذ الأقسام النهائية بكل من ثانوية ابن الهيثم والورتيلاني ببلدية بلوزداد مؤخرا، على وقع الطبول والغناء بإشعال الألعاب النارية والمفرقعات، في حين اتفق الكل على إخفاء الوجه ولبس الأقنعة على طريقة الاحتفال بعيد "الهلويين" المعروف لدى الغرب ببصمة خاصة بهم، بمناسبة اقتراب نهاية الموسم الدراسي، وقد استدعت الاحتفالات تدخل أعوان الحماية المدنية لإجلاء الجرحى وإطفاء نيران المفرقعات التي انتشرت لتمتدّ إلى مساحات شاغرة مجاورة. ولمعرفة أسباب بروز هذه الاحتفالات الغريبة، قال بعض التلاميذ إنها تعود لسنوات التسعينيات من القرن الماضي لتصبح مع مرور الوقت عادة تتكرّر سنويا والانطلاقة من ثانوية ابن الهيثم التي تعتبر "الرائدة" لتصبح عادة مع مرور الوقت استوردها تلاميذ ثانويات أخرى مثل الورتيلاني. وتكشف استفسارات "الشروق" أن تلك الاحتفالات توارثوها عن سابقيهم حيث يقوم التلاميذ باختيار ممثليهم بطريقة سرية منذ بداية السنة تحضيراً للاحتفال بطريقة تختلف من سنة إلى أخرى، فمن "الكوستيم والليوموزين" في أحد الأعوام إلى المفرقعات والأقنعة هذا العام، ولم تجد إدارة تلك الثانويات ما تفعله تجاه تلك الأوضاع سوى غلق باب المؤسسة وإبقاء التلاميذ في الخارج.