ناقش أساتذة جامعيون ومتخصّصون في قطاع السياحة، في ملتقى وطني موسوم ب"السياحة في الجزائر: الواقع والمأمول"، السبل والطرق والوسائل الواجب القيام بها لاستغلال المقوّمات السياحية التي تزخر بها الجزائر، كبديل لقطاع المحروقات، ومنافسة الدول الكبرى التي تتوفر على مداخيل في مجال القطاع السياحي. سلّط المتدخلون في هذا الملتقى الذي احتضنته قاعة المحاضرات "محمد عبداوي" بالمجمع "سويداني بوجمعة" بجامعة 08 ماي 1945 بقالمة، مؤخرا، الضوء على دور المؤثرين في الترويج للسياحة في الجزائربمواقع التواصل الاجتماعي. ركزت الدكتورة فضيلة بوطورة، من جامعة "العربي تبسي" بتسبة، في مداخلتها الموسومة ب"الاستثمار السياحي بين المتطلبات الكلية والمؤسسساتية"، على الاستثمار السياحي في الجزائر، إذ حاولت تغطية أهم الأركان والمتطلبات الضرورية للاستثمار السياحي، وكذا المتطلبات المؤسساتية مع مناقشة تقييم المخطط التوجيهي للتنمية السياحية لسنة 2030، والنتائج المتوصّل إليها، حيث دعت إلى تحيينه في أقرب وقت للوقوف عل النتائج الواقعية، وقالت بخصوص المخطط التنفيذي للتنمية السياحية انطلاقا من المخطط التوجيهي 2030، إن الوزارة أرادت التركيز على الوضع الاستراتيجي للتنمية السياحية لجميع المناطق من ناحية الإيواء والنقل وتوفير البنية التحتية والبنية الفوقية، مع توضيح أقطاب الامتياز التي يمكن لأصحاب المشاريع الاستثمارية التوجّه إليها والاستفادة منها، أي محاولة تفعيل المخطط في أقرب وقت ممكن، لكنه لم يتم التوصّل إلى نتائج هذا المخطط، وتساءلت الدكتورة فضيلة بوطورة عن عدم تحيين هذا المخطط واستبيان الاختلالات، فيما أكدت أنه عند الوقوف عليها، سيتم التوصّل إلى نقطة القوة والضعف لهذا المخطط، والوقوف على ما يجب استكماله. التحديات التي تواجه خريجي الجامعات إضافة إلى ذلك، حاولت في مداخلتها تغطية بعض التحدّيات التي تواجه خرّيجي الجامعة لإنشاء مؤسسة صغيرة ومتوسطة في القطاع السياحي بغرض الاستثمار، وقدّمت بعض الحلول في هذا الشأن، كمحاولة إيجاد بنوك متخصّصة في تمويل القطاع السياحي، ومحاولة استقطاب الاستثمار الأجنبي في القطاع السياحي، وأيضا محاولة التخلّي عن قاعدة 51/49 لاستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، وكذا محاولة إنشاء منصّة وطنية تقوم بها كل المناطق التي يمكن استغلالها كمواقع سياحية، والاطلاع عليها من قبَل أصحاب المشاريع، ويكون التوجّه لها من طرف المواطن. وقال الدكتور بوعزيز ناصر، من جامعة 08 ماي 1945 بقالمة، في مداخلته بعنوان "دور المنتجات الصناعة التقليدية الحرفية في تحقيق التميّز للفنادق لدى السيّاح"، إن السياحة كمورد اقتصادي لم يعد يتوقف على اختيار السائح للوجهة السياحية والمنتجعات السياحية والمناظر الطبيعية فقط، وإنما تعدّاه إلى الاهتمام بالموروث الثقافي والصناعات التقليدية والحرفية اليدوية للمناطق وللدول التي يقوم بزيارتها، وبالتالي فإن الإشكالية المطروحة تتعلق بالدور الذي تلعبه المنتجات التقليدية الحرفية لتحقيق التميّز للفنادق من خلال السيّاح. أما الأستاذة سولاف سالمي، من جامعة "العربي بن مهيدي" بأم البواقي، فقد ركزت في مداخلتها الموسومة ب"مساهمة مؤسسات المجتمع المدني في ترقية القطاع السياحي في الجزائر" على المجتمع المدني، كرافد أساسي وشريك فاعل في تعزيز وترقية القطاع السياحي، باعتبار هذه المؤسسات تعمل على نشر الوعي الثقافي بين المواطنين، وتعمل على نشر الثقافة الديمقراطية التي تؤهل المواطن أن يكون شريكا هامّا في قطاعات أخرى، كقطاع السياحة، وقالت لا يمكن أن تكون الهيئة المركزية، أي السلطة وحدها، الفاعل الأساسي في تقوية وتعزيز القطاع السياحي، وإنما أيضا، للجانب غير الرسمي من الاتحادات والنوادي لما لهم من دور كبير في تعزيز السياحة باعتبارها مسؤولية الجميع بدءً بالمواطن، في هذا الصدّد، دعت سولاف سالمي، إلى إعطاء الاستقلالية والحرّية لهذه المؤسسات خاصة في الجانب التنظيمي والتمويلي بالنظر للتجارب الناجحة في الدول الغربية، كما ركّزت على التمويل سواء من القطاع الخاص أو العام، ونشر الوعي والتحسيس باعتباره عاملا أساسيا في توعية المواطنين بالسياحة، وهو القطاع البديل للمحروقات. دعوة إلى استغلال المقومات السياحية الوطنية من جهته، دعا الدكتور عبد السلام هلال، من جامعة باتنة 01، إلى تحفيز القطاع السياحي باعتباره مصدرا من مصادر التنويع الاقتصاد الوطني، ولما تزخر به الجزائر من مقوّمات سياحية هائلة، كما دعا إلى توجّه سياسي في هذا المجال، وقدّم الدكتور هلال تجربة دولة في التحوّل السياحي، وهي دراسة حالة دولة جورجيا في ضوء المقاربات الحديثة للسياحة المستدامة، وقال إن التجربة بدأت من 2010 إلى يومنا هذا، حيث اعتمدت الدولة على 3 استراتيجيات، منها الانفتاح السياسي، إذ قامت الدولة بتسهيل التشريعات للسياحة، وأسقطت التأشيرة عن السيّاح من 98 دولة ما بين 2013 إلى 2016، مما ساهم من تخفيض تكلفة السّياح، الأمر الذي زاد في نسبة عدد السيّاح ب 278 بالمائة، وساهمت بذلك السياحة في ارتفاع الناتج المحلي الخام من 4 بالمائة إلى 8 بالمائة في حدود 2019. ودعا الدكتور هلال إلى إعطاء الأولوية لمعالجة ملف التأشيرة للسيّاح لجلب عدد أكبر منهم، واستخدام التسويق الرقمي الذي أصبحت له مساهمة كبيرة في جلب السيّاح، والاستعانة بالسياحة المستدامة التي يجب الاستفادة منها اقتصاديا مع المحافظة على المقدرات للأجيال القادمة، كما أكد على سياحة المغامرات وتسلق الجبال، وقال إن هذه السياحة في دولة جورجيا، قفزت من 12 بالمائة إلى 34 بالمائة. نحو تنظيم ملتقيات أخرى تجدر الإشارة إلى أن الملتقى نظمته كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير بجامعة قالمة، ومخبر التنمية الذاتية والحكم الراشد، أوضحت رئيس الملتقى، الدكتورة سهام بوفلفل ل"المساء"، أن الجامعة تسعى إلى تنظيم طبعات أخرى، لما للسياحة من أهمّية كبيرة في بلادنا بالنظر لما تزخر به الجزائر من مؤهلات ومقوّمات سياحية، وأضافت أن الملتقى تأجّل للعديد من المّرات بسبب جائحة كورونا، وكان من المقرّر تنظيمه سنة 2019، في ظل التوجّه الذي اختارته الجزائر لتسليط الضوء على السياحة، وتأجّل مرة ثانية، بسبب وفاة رئيس الملتقى آنذاك.