قلبت النتيجة التاريخية المذهلة التي حقّقها المنتخب الجزائري في مباراته أمام مصر موازين وأطراف جميع المعادلات وأحدثت أجواء لم تعرفها العائلات الجزائرية منذ سنوات بل ومختلف الفئات الاجتماعية على خصوصياتها والتزاماتها. * . نساء وفتيات.. أطفال وشيوخ.. معوقون ومرضى في المستشفيات.. مجانين ومشردون.. انتشروا في الشوارع ليلا وإلى ساعات مبكرة من الصباح وحدتهم جميعا نشوة النصر. * حيث أكدت الكثير من النسوة أنهن لم يتمالكن أنفسهن بعد نهاية المباراة ولم يشعرن إلا وهن في سياراتهن يجبن الشوارع مطلقات العنان لحناجرهن لتتعالى الزغاريد والهتافات نساء وشابات صدحن طويلا "وان.. تو.. ثري فيفا لالجيري" بعضهن خرجن بملابس البيت ولم "يضيعن" الوقت في التغيير والأكثر من ذلك ما لاحظناه في مختلف الشوارع العاصمية أطفال رضع وآخرون لم يتجاوزوا العامين كلهم عبروا بطريقتهم الخاصة عن شكرهم لمن كرّم الجزائر. * * معوقون ومجانين جنبا إلى جنب مع المحتفلين بالشوارع * الإعاقة لم تكن أبدا حائلا في إقصاء المعوقين على اختلاف عاهاتهم من المشاركة في الأجواء الاحتفالية العارمة التي سادت الشوارع أول أمس ونزل الجميع إلى مختلف الأحياء الشعبية للتعبير عن فرحتهم وابتهاجهم، حيث شوهد العديد منهم نساء ورجالا وحتى الأطفال في المواكب يرفعون الرايات الوطنية ويرددون تحيا الجزائر. وحسب ما أكده بعضهم، فإن أبسط شيء يعبرون به عن شكرهم للفريق الوطني ومدربه هو الاحتفال بهذه الطريقة، أما الأولياء الذين أبوا إلا أن يرافقوا ذويهم المعاقين نزولا عند رغبتهم فأكدوا أن مشاعر أبنائهم لا تختلف عن بقية الجزائريين وأنهم وجدوا عونا كبيرا من قبل الشباب الذين راعوا الوضع الخاص لهم واندمجوا معهم لتعميق فرحتهم. * فئة أخرى من المجتمع رفع عنها القلم وهم المجانين المشردون في الشوارع لم ترفع عنها الفرحة والإحساس بفوز الجزائر، حيث شاهدت الشروق حالات كثيرة لمجانين يرفعون الأعلام الوطنية ويهرولون وآخرون يهتفون ويرقصون.. ربما كانوا يقلدون ما يشاهدونه لكن الأكيد أن الجزائر استطاعت بفوزها أن تقربهم من المجتمع الذي انقطعوا عنه. * * المباراة جعلت المرضى في المستشفيات ينسون آلامهم لساعات * لم يفوت أغلب المرضى النزلاء عبر مختلف المستشفيات مشاهدة مباراة الجزائر مصر رغم الوضع الصحي الذي يعانيه أغلبهم غير أنهم هم أيضا كانوا في الموعد وشاهدوا المباراة عبر شاشة التلفزيون الموجود في غرفهم في حين أن آخرين فضلوا المشاهدة الجماعية سواء عبر الشاشة الكبيرة التي توفرها بعض المؤسسات الاستشفائية في قاعاتها، وعبر بعض المرضى في حديثهم الى الشروق أن المباراة جعلتهم يتناسون لساعات قليلة آلامهم وصراعهم مع المرض وبدل الخلود إلى النوم باكرا لتجاوز الألم كان "أبناء سعدان" أول أمس صانعي فرحتهم وفرحة الشعب الجزائري بكامله وونيسهم في أسرّتهم التي لم يستطيعوا مغادرتها، معربين عن تمنياتهم في مشاركة الجماهير احتفالاتها في الشارع لو أن وضعهم الصحي كان يسمح لهم بذلك * * مساجد خاوية ومصلون يؤخرون صلاتهم إلى ما بعد المباراة * على خلاف العادة بدت المساجد يوم أمس خالية من مصليها الذين دأبوا على آداء صلاة المغرب والعشاء بها دائما ووجد بعض الأئمة أنفسهم أمام صف أو صفين قصيرين فقط من المصلين، الوضع وان كان غير صحي كما وصفه بعض الأئمة إلا أنهم أبدوا تفهمهم لحالة القلق والتي تنتاب الجزائريين المولعين بكرة القدم فما بالك عندما يتعلق الأمر بالجزائر كبلد، أما بعض المصلين المتأخرين عن آداء الصلوات فأكدوا في تصريحاتهم للشروق أن حالتهم النفسية التي كانوا عليها لم تكن لتسمح لهم بالتركيز في الصلاة أو الخشوع لله، وعليه فضّلوا تأخيرها وآداءها في البيت عقب الانتهاء، وأضاف آخرون أنهم بمجرد إعطاء إشارة انتهاء المباراة وإعلان فوز الجزائر سجدوا لله شاكرين له عونه وتأييده واتبعوا صلواتهم بركعتين شكر لله تعالى وكما قالوا: "الله غفور رحيم". *