الجيش الوطني الشعبي: تخرج عدة دفعات بالمدرسة العليا للدفاع الجوي عن الإقليم بالرغاية    رئيس وزراء العراق: الكيان الصهيوني يسعى إلى توسيع رقعة الحرب بالمنطقة    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 55432 شهيدا و 128923 مصابا    المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي : تنافس 7 مسرحيات على "العنقود الذهبي"    اليوم العالمي للطفل الإفريقي: وزارة التضامن الوطني تنظم احتفالية بحديقة الحامة    المجلس الأعلى للشباب : قافلة وطنية للمحافظة على التنوع البيولوجي تحط رحالها بإيليزي    البطولة الوطنية للجيدو ما بين مصالح الشرطة : انطلاق منافسات الطبعة ال14 بوهران    الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار تستقبل وفداً تركياً لبحث مشروع ضخم في الطاقات المتجددة بسعيدة    جلسة عمل جزائرية–أمريكية لاتينية لتعزيز التعاون البرلماني ودعم القضايا العادلة    إطلاق مشروع تعميم العنونة الجغرافية بورقلة: خطوة استراتيجية نحو تنمية محلية مستدامة    سونارام وليون الماليزي يعززان تعاونهما في قطاع المناجم والصناعة الفولاذية    كاس افريقيا سيدات2024/ المؤجلة الى 2025: المنتخب الجزائري يشرع في اجراء تربص تحضيري بوهران    ملتقى المسيرة الدولية للنساء بمرسيليا (فرنسا): إبراز الواقع الأليم للمرأة الصحراوية تحت وطأة الاحتلال المغربي    هل يصل سعر البترول إلى 150 دولاراً؟    إيران الكيان الصهيوني.. المواجهة الكبرى    ليلة الشرق الأوسط الساخنة وأسئلتها الجديدة    دعوة للاستثمار الفوري    شايب وواضح يشاركان في لقاء حول المقاولاتية    نادي سطاوالي بطلاً    غريب يدعو إلى رفع نسبة الإدماج    وزارة العدل تشرع في دورات تكوينية    خطط لتطوير وكالة الأنباء    ما تْغامْروش..    شرطة المسيلة توقف 18 شخصا    دعم رئاسي لمشاريع الأسر المنتجة    طوابع بريدية جديدة    لماذا تتضاعف أسباب الهم والغم هذه الأيام؟    استمرار الضربات المتبادلة بين إيران والكيان الصهيوني    جاهزية تامة لإطلاق شركة النّقل الجوي الداخلي    استكمال المشاريع الهيكلية وتحسين القدرة الشرائية    ..استنفار لإنجاح حملة الحصاد 2025    طلبة جزائريون ينجحون في إطلاق صاروخ بأمريكا    دفع التعاون الجزائري - العماني في صناعة الأدوية    صواريخ إيران تزرع الرعب.. وتل أبيب تتوجّع    حملة وطنية لتلقيح الأطفال دون السادسة    دورة تكوينية في المقاولاتية للطلبة ذوي الهمم    يوم دراسي حول المسؤولية الطبية    تعليمات لتسريع تسليم المشاريع السكنية الجديدة    إجراءات تنظيمية وتدابير أمنية محكمة    تعادل مثير بين الأهلي وميامي    أدعو إلى التجديد والإبداع في الفن مثلما فعل العنقا    الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية لسنة 2025    ذاكرة تُكرّم وأصوات تُخلد    مشكلة حراس "الخضر" مستمرة وتضع بيتكوفيتش في ورطة    إسلام منصوري يفتك القميص الأصفر    الوقاية من الأمراض المتنقلة أمر بالغ الأهمية    صحة: سايحي يتحادث مع نظيره التونسي    بشارات ربانية عظيمة    تخيل.. عام واحد بلا كهرباء ولا آلات!    "واللَّه يعصمك من الناس"    كيف يقضي المريض الصلوات الكثيرة الفائتة؟    كرة القدم/الدورة الدولية الودية لأقل من 17 سنة: المنتخب التونسي يتعادل مع نظيره الموريتاني ب(0-0)    باتنة: عودة أول فوج من الحجاج عبر مطار الشهيد مصطفى بن بولعيد الدولي    تتويج الفائزين بجائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب "علي معاشي"    بعد تسجيل خروقات في استغلال المصنفات المحمية، الوصاية:    نشر القائمة المؤقتة للوكالات المرخّص لها تنظيم العمرة    مونديال الأندية ينطلق اليوم    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرض الخط الأزرق
نشر في الشروق اليومي يوم 23 - 09 - 2009

أتعرفون مرض الخط الأزرق؟ إنه ذلك المرض الغريب الذي يصيب عددا من المسؤولين الجزائريين لما يصلون إلى منصب يسمح لهم باتخاذ بعض المبادرات، فيقررن "بأرجلهم" بدل استعمال العقل والعلم والخبرة والقانون. ودفعهم المرض إلى اتخاذ قرارات لا يمكن تطبيقها، لأن القرار جاء دون تشاور، ودون دراسة الوضع.
*
ولم يفكر القوم في الميكانيزمات التي يجب تحضيرها لتطبيق القرار، ولم يدرسوا عواقب قرارهم ولا الشروط التي يجب توفيرها ليتم تطبيق القرار بصفة مقبولة.
*
وأول من تكلم عن هذا المرض هو السيد عبد الحميد مهري. وكان السيد مهري يشير إلى القرار الذي اتخذه قبل سنوات والي العاصمة، الذي أراد أن يخصص رواقا للنقل الجماعي في الطريق السريع الذي يحيط بالعاصمة. وأصدر والي الجزائر آنذاك قرارا في هذا الشأن، وأمر بإقامة الرواق المخصص لذلك، وهو الرواق الذي يحدده الخط الأزرق. وكان الوالي يظن أنه يكفي اتخاذ قرار بيروقراطي لتحويل العاصمة الجزائرية إلى مدينة من مدن كاليفورنيا، والقضاء على مشاكل المرور... ولما تم صرف الأموال واتخاذ كل الإجراءات الإدارية، اتضح أنه من المستحيل تطبيق هذا القرار...
*
ومنذ ذلك الوقت، أصبحت عبارة "مرض الخط الأزرق" تشير إلى تلك القرارات التي يتم اتخاذها ب "النفحة"، دون تفكير ولا دراسة، سواء لأن رئيس الجمهورية عبر عن غضبه تجاه ظاهرة ما فحاول القوم إرضاءه، أو لأن ضغوطا خارجية فرضت هذا الاتجاه أو ذاك، أو لأن مسؤولا ما أراد أن يرضي السلطان بقرار ثوري فدخل عالما لا يتحكم فيه.
*
وانتشر المرض إلى ميادين متعددة، منها الاقتصاد والمدرسة وحتى الرمال والرياضة والنقل والمحروقات. وقد صادق المجلس الشعبي الوطني قبل سنتين على قانون يهدف إلى حماية البيئة. ويقضي هذا القانون بمنع استعمال الرمال الموجودة في الأودية. لكن مباشرة بعد المصادقة على القانون، اكتشف القوم أن هذا القرار سيقضي على ما تبقى من برنامج رئيس الجمهورية الذي يهدف إلى بناء مليون مسكن. وبناء على هذه الملاحظة، قررت الحكومة تأجيل تطبيق القانون لمدة سنتين حتى يتم توفير الظروف الضرورية لتطبيقه. ومضت سنتان، ولم يتغير شيء، فقرر البرلمان من جديد تأجيل تطبيق نفس القانون مرة ثانية... لكن تطبيق القانون أو تأجيله لن يغير شيئا بالنسبة لقطاع السكن، وحتى إن تم توفير الرمال، فإن الإسمنت غير متوفر مما دفع الجزائر إلى استيراد مليون طن من الإسمنت.
*
ودائما عن الرمال، فقد أعلن أحد الوزراء قبل سنوات أن الجزائر ستشرع في استعمال رمال أعماق البحر في قطاع البناء... الله أكبر... وقال الوزير إن خبراء من القطاع قد بدؤوا يعملون على السواحل لدراسة طبيعة الرمال الموجودة في البحر وتحديد أجود الرمال لإقامة مشاريع كبرى لاستغلالها. وأثنى عليه أحد أرباب العمل المشهورين، وأعلن في الإذاعة أنه سيجتاح هذا الميدان في أقرب الآجال... وماذا يأتيك من رجال عجزوا في استغلال الرمال الموجودة على سطح الأرض فقرروا التنقيب عن الرمال الموجودة في أعماق البحر...
*
وفي ميدان المالية، أعلنت الحكومة قبل سنوات أنها ستفرض استعمال الصكوك في كل المعاملات التي تفوق خمسين ألف دينار، في إطار محاربة تبييض الأموال ومحاربة الإرهاب في نفس الوقت. وحددت الحكومة تاريخا لذلك، وقالت إنه سيكون آخر أجل. وبعد ذلك عادت الحكومة ومددت المهلة، ثم تراجعت نهائيا عن القرار لما اتضح أن فرض هذه الطريقة في المعاملات أمر مستحيل. ورغم أن الحكومة نسيت هذا القرار، فإنها لم تعلن رسميا أنها تخلت عنه.
*
ولم تنج الرياضة من مثل هذه القرارات. وآخرها ما جاء على لسان رئيس الفدرالية الجزائرية لكرة القدم، السيد محمد روراوة، حفظه الله. وقد قرر السيد روراوة منع اللاعبين الذين تجاوز سنهم ثلاثين عاما من المنافسات في بعض الأقسام. واضطر هؤلاء اللاعبين إلى الاحتجاج والتجمع أمام مقر الفدرالية ليكتشف السيد روراوة أن قراره خال من أي عقلانية.
*
ولم يبق لهؤلاء إلا النسيان ليستر عارهم، مثل ما حدث مع ذلك الوزير الذي أعلن قبل سنوات أنه اجتهد ووجد حلا لمشكل النقل في العاصمة. وقال الوزير يومها إن الأشغال انطلقت بميناء الجزائر لتحضر الهياكل الضرورية من أجل الشروع في استعمال النقل البحري بين مختلف أحياء ونواحي العاصمة... ووجد آخرون حلا راديكاليا، يتمثل في كثرة الكلام حتى لا يتذكر أحد ما قالوا، مثل ذلك الوزير الذي أعلن أنه سيتم التوقيع على اتفاق لصناعة السيارات في الجزائر قبل نهاية السنة الحالية، قبل أن يتراجع في الأسبوع الموالي ويقول إن أول سيارة جزائرية ستسير في طرقنا بعد عشر سنوات...
*
ومن الواضح أن أصحاب هذا الكلام لا يهتمون بمصداقيتهم وليسوا منشغلين ببعض المبادئ مثل المنطق والعقلانية واحترام الجمهور الذي يخاطبونه. إنهم يكتفون بالكلام والثرثرة، لأنهم تحصلوا على المناعة منذ عهد طويل، منذ أصابهم مرض الخط الأزرق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.