بلغت شهرة بعض الفنانين الجزائريين العالمية، بعد أن انطلقوا من المحلية في صورة الأمير مامي والكينغ خالد، ودوّت أغانيهم بكبرى مسارح العالم في إطار مقنّن ومنظم، لكن يوجد فنانون آخرون يصنعون الشهرة والحدث معا في الشوارع وعلى قارعة الطريق وبمحطات الميترو في البلدان الغربية.. أبرزهم "اليوتوب" و"الفايسبوك" إلى الواجهة. أسهم موقع "اليوتوب" في التعريف بمواهب جزائرية شابة تنشط في مجال الغناء والرقص بالخارج، كهواة اتخذوا من الشوارع في أوروبا والولايات المتحدة منصة فنية للتعبير عن فنّهم وعن آرائهم، بل حولّوا أرصفة الطرقات إلى مسرح للفرجة والمتعة، يسعدون المارة برقصهم وبغنائهم وبعزف فريد من نوعه على آلات موسيقية مختلفة أبرزها الغيتارة. تخطت شهرتهم حدود بلدانهم، نقلوا الفن الجزائري إلى الخارج، يحصدون "اللايكات" كلّما أطلقوا فيديو على موقع "اليوتوب" ويحظون بالإشادة في تعليقات الكثيرين، لكن الجميل أنّهم يؤدون موسيقاهم في الشارع وسط التفاف الأجانب والسياح عليهم بأعداد كبيرة، لا تزعجهم سلطات ذاك البلد المهاجرين إليه ولا تطلب منهم رخصة عكس ما حدث في الجزائر، حيث يتذكر الجميع ما حدث للفنان دحه محمد المعروف ب"موح فيتا" الذي منع من الغناء في شوارع العاصمة قبل أن تسلّمه بلدية الجزائر الوسطى الرخصة، ليكون بذلك أولّ فنان شارع يعمل بصفة مرخصة. وبعيدا عن النظرية التي ترى أنّ ممارسة الفن في شوارع ومحطات الميترو والقطار بأوروبا وأمريكا غرضها التسوّل واستعطاف المعجبين للحصول على بضع "دولارات"، يصنع بالمقابل فنانون جزائريون الحدث في الغربة ويقدمون التراث الجزائري سواء في طابع الراي أو الشعبي أو السطايفي على مسامع الأوروبيين. ومن يتصفح "اليوتوب" تشده أمثلة كثيرة منها عازف الغيتار الجزائري عماد فارس الذي أبهر سكان في عديد الفيديوهات، فعزف لحن الأغنية الشهيرة "يا الرايح وين مسافر" للمرحوم دحمان الحراشي، وعزف رائعة الكينغ خالد "عيشة" وسط تفاعل المارّة بالرقص والغناء على ما قدمه، كما يعزف بين الحين والآخر من خلال ما تبرزه قناته على "اليوتوب" مقاطع عالمية من فن الفلامينكو والبريك دانس وغيرها مع تقديم أحيانا ثنائيات مع عازفي شوارع. وبدوره لم يجد أحد الجزائريين العازفين على البيانو حرجا من الانضمام لعازف إسباني بإحدى محطات القطار بفرنسا، فقدم الثنائي كوكتالا منوعا جميلا للمسافرين وسط تصفيقات الحضور تعبيرا عن إعجابهم بهذا الثنائي. أمّا الملقب بشيخ نهاري عرفة فيصنع أفراح عديد عائلات الجالية المغاربية لاسيما في الأعراس والاحتفالات، بأدائه المتميز رفقة فرقته على آلة "القلال" والدربوكة و"البندير"، كما تمكن شاب جزائري بفضل "الدربوكة" من إيقاف شارع بأكمله، حيث استقطب أنظار المارّة الذين توقفوا لمشاهدته وهو يقدم ألحانا جزائرية ومشرقية في إحدى البلدان الأوربية. كما هو الحال في مونتريال بكندا، حيث أبهرت فرقة جزائرية السياح والقاطنة معا، فعزفت مقطوعات غربية وجزائرية. وبالإضافة إلى هؤلاء هناك الكثير من الجزائريين الذين اختاروا منبرا الشارع لإبراز الفن الجزائري والتعبير عن مواهبهم في الغناء والعزف والرقص أحيانا، لا يملكون رخصة ولكن يملكون الفن، احتضنتهم أوروبا ولو بشوارعها فسوّقوا للأغنية الجزائرية بطريقة مميزة بوابتها "الشارع" وليس مسارح "الأولمبيا" أو "الزينيت" أو أكبر المسارح الأخرى في العالم.