بصراحته المعهودة، وبصدر رحب، استقبل نجم الأغنية الرايوية الشاب بلال الاتصال الذي أجرته معه "الشروق" مباشرة من باريس ليسلط الضوء على أمور يكشف عنها لأول مرة، لا سيما ما تعلق بموقفه من السياسة في الجزائر إلى جانب حظوظ المنتخب الوطني وأغانيه ذات الجدل الكبير وأمور أخرى. ورغم أنه كان على أهبة التنقل إلى هولندا رفقة مناجيره الخاص مصطفى زعراط إلا أنبلال أبى إلا أن يمنحنا كل الوقت لإجراء هذا الحوار الحصري. أصبحنا لا نراك إلا صيفا في الجزائر. ما سبب ذلك؟ صراحة لم يعد في الجزائر حركة فنية كبيرة باقي أيام السنة، باستثناء مهرجانات الصيف. وهو الأمر الذي يحتم علي البقاء في أوروبا للعمل ثم النزول صيفا تلبية لدعوة القائمين على أمور الفن والثقافة.
هل تتابع ما يجري في الجزائر هذه الفترة بحكم اقتراب الموعد الانتخابي والصراع المحتدم على كرسي الرئاسة؟ أعلم أن هناك انتخابات رئاسية، لكن ليعلم الجميع فأنا والسياسة خطان متوازيان، لأنها بمثابة طوفان تجرف كل من يقترب منها. وعلى هذا الأساس لا أهتم كثيرا بموضوع السياسة والأحزاب لأنني بالدرجة الأولى فنان وليست سياسيا.
هل سينتخب بلال هذه السنة؟ ومن هو مرشحك المفضل؟ سأصدقك القول إن قلت إنني لم أنتخب يوما في حياتي والمرشح الذي يختاره الشعب مرحب به لخدمة البلاد والعباد.
بعد حدث الرئاسيات ستكون اهتمامات كل الجزائريين مصوبة هاته الصائفة نحو البرازيل، خاصة بعد تأهل الخضر للمونديال. هل يتابع بلال أخبار المنتخب الوطني؟ بالطبع. فأنا مناصر وفي لمحاربي الصحراء فتراني كلما حقق رفقاء بوقرة الانتصارات أكون أول من يخرج إلى الشارع ابتهاجا بالنصر. أسوق السيارة بيد والعلم الوطني بيد ثانية، لأنّه كما تعلمون هنا بفرنسا أو أي بلد أوروبي يعيش المغتربون على أوجاع الفراق والبعاد ولن يفوتوا الفرصة إلا ويخرجون إلى الشوارع لغزوها والتعبير عن سعادتهم وفخرهم بالانتماء إلى وطنهم الجزائر.
وهل فكّرت في إهداء أنصار الخضر أغنية تشجيعية مثلما فعل باقي الفنانين. نعم أنا بصدد تأليف أغنية مهداة لكل أنصار المنتخب الوطني ستكون بمثابة تكريم خاص لمحاربي الصحراء أتمنى أن تنال إعجاب الأنصار الذين يتواجدون في كل بقاع العالم أينما غنيت إلا وأرى العلم الجزائري يرفرف وهذا شيء جميل.
قيل الكثير عن كلمات أغانيك التي تهاجم فيها أشخاصا دون أن تسميهم. فمرة يقولون إنك هاجمت الشاب حسام ومرة أخرى الشيخ نعام والقائمة طويلة. ما تعليقك حول هذا الموضوع؟ يضحك... ثم يجيب: "تربيتي لا تسمح لي بشتم الغير حتى لو ظلموني. وعلى هذا الأساس أقول إنني بريء من تلك المزاعم. فحسام صديقي وحتى لو لم يكونوا أصدقائي أحترمهم ولا ألجأ إلى الغناء لتصفية حساباتي معهم وإنما كل ما في الأمر هو أني اخترت "ستيل" السخرية ونقد الظواهر الاجتماعية لأنني نجحت به وخرجت عن باقي الأنواع الأخرى التي اعتاد عليها الجمهور.
من أين يستنبط بلال كلمات وألحان أغانيه؟ فأما عن الكلمات فصراحة أجدها في عمق المجتمع وألتقطها من كلامنا اليومي والدليل أغنية ولاد حرمة حيث سمعت يوما أحد أصدقائي يعاتب صديقه ويقول له: نحن ولاد حرمة ومنها اقتبست أغنية "ولاد حرمة" التي حققت نجاحا خرافيا. أما عن الألحان فتجدني أبحث عن أجمل النوطات في القطار، الميترو أو في المقهى ينتابني إحساس وأسمع نغمات تحرك وجداني فأقوم بتسجيل تلك الألحان في هاتفي وبعد دخولي الأستديو أقوم بتنظيمها وتأليفها لتصبح لحنا كاملا جاهزا للأداء.
تعد من بين المطربين الذين تتعرض أغانيهم للسطو من خلال إعادتها من قبل مغنين آخرين. هل يضايقك هذا الأمر.. بل هناك من صاروا يقلدون حتى مظهرك ما تعليقك؟ إطلاقا لا يضايقني الموضوع طالما أتيقن أن أغانيّ حققت نجاحا بدليل إعادتها من طرف آخرين. وعن تقليد شكلي فهذا أمر يشرفني شخصيا لكن لا أظن أنه سيخدم أصحابه لأنه ستنغمس شخصياتهم في شخصيتي الأصلية.
ماذا عن اتهامك بصفات "العدواني" و"مشجع العنف" بفعل كلمات أغانيك؟ والله من يعرف حقا يتأكد أن كل تلك المزاعم ما هي سوى افتراءات. فأنا مسالم، هادئ الطبع، ولست بوحش أو مجرم. وتخيل أن بعض الناس ممن التقوني لأول مرة قالوا لي إنهم كانوا يظنونني "رجلة" وخريج سجون ولكن بعد ملاقاتي تيقنوا أنها أخبار كاذبة تحاول الإنقاص من قيمتي ليس إلا.
في نظرك، من هو المطرب الجزائري الذي لم تنطفئ شمعته الفنية منذ أن شق طريقه في الفن والغناء؟ سأقول لك بدون تفكير: الكينغ خالد، الذي أعتبره الوحيد من المغنين من حافظ على مكانته، سواء في السوق أم حتى في قلوب الجمهور. وكما يقال بالعامية: "يستاهل لأنه تعب كثيرا واستحق ما وصل إليه".
هل سمعت بقانون الفنان الجديد؟ ومارأيك في بنوده؟ سعدت كثيرا بهذا الخبر، لكن خوفي من أن يكون كلام صالونات، وحبرا على ورق، لأن الفنان في بلادنا يعاني في صمت، وهو في أمس الحاجة إلى قانون يحمي حقوقه ويضمن له معاشا. وصدقني في نظري لو يطبق هذا القانون سوف لن يضطر نجم الراي إلى الغناء في العلب الليلية وسيقنع بما يحصله من حفلات هنا وهناك إلى جانب ضرورة تنشيط المشهد الفني في الجزائر حتى لا يفلس الفنان شتاء.
بعيدا عن الغناء. هل تتابع التلفاز؟ وما هي أفلامك المفضلة؟ في فترات الفراغ أجلس قبالة التلفاز لمشاهدة بعض الرياضات وبالأخص كرة القدم. أما عن الأفلام التي أحبها فهي التاريخية التي تروي حياة الرومان أمثال "سبارتاكيس". أما ما يخص الأفلام الجزائرية فأتلذذ بمشاهدة روائع المفتش الطاهر وبلا حدود كما لا أنكر إعجابي بما يقدمه الساكتور الذي يعد من أعز أصدقائي.
انتشرت في الآونة الأخيرة موجة توبة الفنانين. ما رأيك فيها؟ وهل فكرت يوما في الاعتزال؟ في اعتقادي من يقول من الفنانين إنه تاب بمعنى أنه كان في جاهلية ثم دخل الإسلام وهذا لا ينعكس علي فالحمد لله أنا مواظب على صلاتي، لا أغني في الكاباريهات، ولا أشرب الخمر، أحب فعل الخير، وسيأتي اليوم الذي سأعتزل فيه الغناء بعد ضمان مستقبل عائلتي ربما أتحول إلى التجارة.. فمن يدري.
بخصوص جديدك الفني.. أحضر ألبوما جديدا سينزل إلى السوق الشهر المقبل يختلف كثيرا عن باقي الإصدارات حيث تعاونت هاته المرة مع الموسيقي توفيق بوملاح الذي يعتمد على إيقاعات حديثة مستمدة من الموسيقى الغربية العصرية ومتيقن أنه سينال إعجاب عشاقي، لأننا حاولنا من خلال هذا الألبوم الخروج عن الروتين، وبلمسة عصرية وموسيقى شبابية.
يعتمد بعض الفنانين في نشاطهم على المقولة التي تقول لا يجب تغيير التشكيلة التي فازت لكن نرى أن في كل مرة يغير اسم الموسيقي الذي تتعامل معه. ما هو السبب؟ أنا أفضل تنويع تعاملاتي الموسيقية وعدم البقاء رهينة عازف حتى إن حدث طارئ بيننا أو توقف هذا الأخير عن العزف أصاب بالفشل والعجز ولهذا السبب بالذات تجدني أعمد إلى تغيير الموسيقيين والتلذذ بإبداعات كل عازف على حدة.
بماذا نختم حوارنا؟ أولا، أحيي من خلال جريدة "الشروق" كل عشاقي وأضرب لهم موعدا الشهر المقبل من خلال ألبوم جديد. كما أتمنى الخير للبلاد.. وتحيا الجزائر..