»كل شيء تبدّل... والزمان تغيّر... فبعدما كانت للأفراح قدسية خاصة، أضحت الآن تقام بمناسبة ومن دون مناسبة... أضحت مكلفة وتكاد ترهن العلاقات الاجتماعية...«، هكذا علّقت سيدة وهي تقصد إحدى قاعات الحفلات لتحضر حفلة نجاح ابن جارتها في »السيزيام«... نعم »السيزيام« ومعها هدية من الشيء الفلاني!! * قاعات الحفلات لم تعد حكرا على إقامة الأعراس فقط، بل باتت في المدة الأخيرة تحتضن الاحتفالات بالنجاح في الشهادات التعليمية على غرار »السيزيام« وشهادة التعليم المتوسط والبكالوريا، فبعد أن كانت هذه الشهادات تمر مرور الكرام هاهي اليوم بعض العائلات المتكلفة »تستثمر« في نجاح أبنائها، وتحوّله إلى أفراح تدعو إليها الأقارب والأحباب، وتلزمهم بطريقة غير مباشرة تلبية الدعوة والمباركة بالنجاح... طبعا كل هذا دون نسيان ما غلى ثمنه وثقلت قيمته من الهدايا. * وإن كان يصعب في الوقت الراهن الظفر بقاعة للحفلات، نظرا للطلب المتزايد عليها خلال هذا الموسم، غير أن بعض الوساطة والفرص التي تتحيّنها العائلات تفي بالغرض ولا بأس إن كلّف ذلك مبلغا إضافيا من المال للحصول على المبتغى. وقد ساعدت تعليمة بن بوزيد هذا العام المتعلقة بانتقال جميع التلاميذ إلى المتوسط الكثير من العائلات على ترتيب أمورها في هذا السياق وحجز قاعات لإحياء المناسبة، والغريب في الأمر أن الأمور وصلت ببعض العائلات إلى حد إقامة سهرات ليلية بالمناسبة بعد أن باءت كل مساعي الحصول على قاعة نهارا بالفشل!، حسب ما أكدته إحدى السيدات، كاشفة أنها اضطرت إلى حجز قاعة ليلا ودعوة أقاربها وجيرانها إلى الحضور، حيث وجد هؤلاء غرابة في الأمر وتكليفا للحضور من أجل... »سيزيام«!. * تنظيم مثل هذه الأفراح يعتبره بعض المتبنّين للفكرة من قبيل تشجيع الأبناء على العطاء أكثر والاستمرار والمضيّ قدما في النجاح، فيما يتّخذ آخرون من ضيق مساكنهم مشجبا يعلّقون عليه لجوءهم إلى تلك القاعات. وفي نفس السياق، وجدت سيدة عقب الإعلان عن نتائج الناجحين في شهادة التعليم الابتدائي نفسها مجبرة على أن تلبي دعوات لحضور حفلات سبعة من أقاربها ولا يمكنها بأي حال من الأحوال تجاهل أية دعوة، وما يزيد الطين بلة أن الهدية يجب أن تكون في المستوى... * الناجحون بدورهم باتوا يطالبون بإقامة حفلات على شرف نجاحهم ويلحّون على أوليائهم في ذلك، تقليدا لبعض زملائهم، وقد يصبح للأمر معنى وأهمية إذا ما تعلّق الأمر بشهادة البكالوريا، لكن أن يمتد إلى شهادة التعليم الابتدائي فهذا ما لا يمكن وصفه إلا بالمزايدة والمغالاة في عادات دخيلة أخذت طريقها إلى التأصل داخل المجتمع. * بعض المدعوين يرون في المسألة تكلفا من قبل تلك العائلات، فالأمر يضعهم في حرج لأن »السيزيام« اقتحم قائمة الدعوات الموجهة إليهم من أعراس وختان وبكالوريا و»سابع« وأضاف إلى ميزانيتهم المثقلة عبئا إضافيا لا يقوون على تحمله. كما أن العزوف عن تلبية الدعوة يرهن علاقاتهم الاجتماعية مع أقاربهم ويحدث لهم في بعض الأحيان قطيعة وتوترا بين الأفراد. * التحضير للحفلة لا يختلف كثيرا عن العرس الحقيقي، فالحلويات وبقية الاستعدادت هي نفسها وتكلّف مصاريف باهظة قد تضع العائلات في ضيق من أمرها ورغم ذلك تصر على إقامتها وتوسيع دائرة المدعوين الذين يلبّون الدعوة محملين بهدايا قيّمة.