حركة عدم الانحياز تشيد بدور الرئيس تبون في دعم القضايا العادلة وتعزيز التعاون الدولي    سفراء إندونيسيا وماليزيا وفيتنام يهنئون الجزائر بانضمام مجلسها الشعبي الوطني إلى جمعية "الأيبا"    الجامعات الجزائرية تتصدر التصنيف العربي والمغاربي بعد إدراج 46 مؤسسة في تصنيف "كيو إس" 2026    البروفيسور مغدوري: الهجرة الجزائرية امتداد للمقاومة الوطنية و17 أكتوبر 1961 محطة مفصلية في الذاكرة النضالية    توقيع اتفاقيتي تعاون بين وزارتي الثقافة والمالية لتعزيز حماية التراث ودعم الاقتصاد الإبداعي    وزارة الثقافة تطلق "جائزة نوادي السينما الجزائرية" دعماً للحوار والإبداع السينمائي    وزارة الصحة: تسجيل خمس إصابات مؤكدة بداء الدفتيريا بينها حالتا وفاة بولاية سكيكدة    ممثل منظمة الصحة العالمية يشيد بمتانة النظام الصحي الجزائري والتزامه بتعزيز الأمن الدوائي    الانتهاء من إعداد قانوني التعمير والبنايات غير المكتملة قريبا    الرئيس يستقبل جميلة بوحيرد    الجيش الوطني يُفكّك خلية إرهابية    بوعمامة يدعو إلى تظافر الجهود    17 أكتوبر شاهد على تاريخ اغتيلت فيه القيم الإنسانية    شرعية الكفاح أثارت هستيريا المستعمر    الحفاظ على حقوق المتقاعدين واجب دستوري    نجاح وقف إطلاق النار بغزة مرهون بتنفيذ كافة التعهدات    5 ملايين مستفيد من صندوق الزكاة منذ إنشائه    بوغالي يترحّم    هكذا عادت جثامين الأسرى الفلسطينيين..    غزّة لم تنكسر وإسرائيل لم تنتصر    مولوجي تبشّر الريفيات    فيديو تعذيب شاب يثير استنكار الرأي العام    تحفيز الابتكار المفتوح يعطي دفعا للاقتصاد الرقمي    الاقتصاد الجزائري يظهر مرونة قوية    تسليم إشعارات استيراد 10 آلاف حافلة    اتفاقية بين وزارة الثقافة والجمارك    حبل النجاة من الخسران ووصايا الحق والصبر    تيغرسي: الرقمنة أولوية وطنية    دعم التعاون لتعزيز فرص الإدماج لخريجي التكوين المهني    تجديد العهد لترسيخ دولة القانون وصون الحقوق والحريات    الجزائر تقفز إلى المركز 35 عالميّا في تصنيف "الفيفا"    تتوّيج سميرة بن عيسى بجائزة كتارا للرواية العربية    أبواب مفتوحة على الفضاء بجامعة قسنطينة 3    شراكة بين "أنجام" وجمعية "سند"    امتحان بشعار الفوز لا غير    "العميد" و"أبناء لعقيبة" في مهمة تعزيز الحظوظ    قتيل وجريحان في حادث مرور    حجز 13 ألف مؤثر عقلي    الأكلات الجاهزة.. حرفة لربّات البيوت وحل للعاملات    أفضل ما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم..    الشبيبة والمولودية من أجل نتيجة إيجابية    ندوة فكرية بجامع الجزائر    تكريم رئاسي لأفضل الرياضيين    أطباء ينصحون بالوقاية والحذر    كيف يشكل الهاتف تهديداً لذاكرة طفلك؟    ضمان وفرة الأدوية والمستلزمات الطبية بصفة دائمة    موسوعة التعابير القبائلية المتعلقة بالجسد    الرأس الأخضر.. لأول مرّة    تتيح بدائل تمويلية حديثة تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية    الاستثمار في قطاع الطاقات المتجددة من أولويات الدولة    "الخضر" ينهون تصفيات المونديال بفوز مثير    التزام بمواصلة العمل لتحسين أوضاع مستخدمي الصحة    فلسطين : الاحتلال الصهيوني يفرج عن 83 معتقلا فلسطينيا    "صيدال" و"نوفو نورديسك" لتطوير أدوية    المجتمع الرقمي له تأثيره وحضورُ الآباء ضروري    الفريق أول السعيد شنقريحة يهنئ المنتخب الوطني بمناسبة تأهله إلى كأس العالم 2026    خديجة بنت خويلد رضي الله عنها    فتاوى : كيفية تقسيم الميراث المشتمل على عقار، وذهب، وغنم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تجرأت "بن غبريط" على المدارس القرآنية؟
نشر في الشروق اليومي يوم 12 - 04 - 2017

قرأ الناس في الأيام الأخيرة ما أثارته وسائل الإعلام بخصوص التفكير الذي تنوي وزارة التربية اتخاذه بشأن إعادة تنظيم المدارس القرآنية ومراجعة دفتر الشروط الذي تنظم على أساسه.
هذا الخبر أثار تساؤلات عديدة عبّر المتسائلون من خلالها على القلق الذي أثارته هذه الأفكار في الأوساط المختلفة، والذي جعل الناس في حيرة من الأمر، فاندهشوا لهذا الخبر، وللأفكار التي سمعوها وقرؤوها، وأخذوا يتساءلون عن الغاية منه، وركزوا في تساؤلاتهم عن حقيقة الدافع الذي دفع الوزيرة إلى أن يمتد طموحها في النقاش إلى اقتحام الأمور المتعلقة بتنظيم المدارس القرآنية وما في حكمها الأمور التي ليس لها دخل في معالجتها وإعادة النظر في تنظيمها، فالسؤال الذي تصدّر الأسئلة العديدة المتعلقة بما تفكر فيه الوزيرة في مجال التعليم القرآني والمدارس التي تهتم به، ما دخل وزيرة التربية في هذا الموضوع؟ وما علاقتها به؟ وكيف تجرأت وخرجت عن مجال اختصاصها وراحت تبحث في أمور بعيدة عنها.
فهل تغير الوضع القانوني وأصبح تعليم القرآن تابعا لنظام التربية والمجالات التي تندرج في هذا النظام؟ وهل غيّرت الحكومة الصلاحيات المسندة لكل وزير؟ وأصبحت المدارس القرآنية جزءا من صلاحيات وزارة التربية؟ أم هي رؤية جديدة أصبحت عند الوزيرة، وعبرت من خلالها عمّا ينبغي أن يشمله برنامج الإصلاح الذي تود أن تطبقه في مرحلة ما قبل التمدرس، وهذه المرحلة ترتبط بالمدارس القرآنية التي تستقبل الأطفال الصغار وتهيئهم معرفيا وأخلاقيا للتعلم المدرسي الذي سينتقلون إليه، وهذا ما جعل الناس يتساءلون عن الهدف المتوخى من هذا الإجراء.
وعن الدافع الذي حرّك الوزيرة فعبرت عمّا تريد الإقدام عليه بكل جرأة، فالمتسائلون ألحوا في البحث عن هذا الدافع، ولكنهم لم يهتدوا للإجابة المقنعة التي تجعلهم يدركون حقيقة الدافع، ولكنهم - مع ذلك- متأكدون من أن هذا الذي تريد فعله، تطاول على قطاع خارج عن نطاقها، وهذا التطاول استفز المهتمين برعاية الأطفال وتعليم الصغار، واستفز بصفة خاصة جمعية العلماء المسلمين وشعبها لأن تعليم القرآن وتربية الأطفال على أخلاقه جزء من رسالتها التي ظلت عنوان وجودها.
وبعد اطلاع الجمعية على ما نشر في الجرائد حرصت على إبداء موقفها فدعت المكتب الوطني إلى جلسة طارئة لمناقشة الموضوع، وأوفدت إطارا إلى وزارة التربية للاستيضاح والتأكد من حقيقة ما تم نشره، وأوضح لنا الموفد من خلال المعلومات التي نقلها أن القصد من هذا الإجراء هو عمل إحصائي هدفه ضبط قوائم المنتمين إلى هذه المدارس وإلى أقسام التعليم التحضيري التي توجد في جهات عديدة وإدراج العدد الإجمالي ضمن النسبة الإحصائية الوطنية، هذا هو الغرض ولا يقصد من ورائه غرض آخر، ولكن رغم هذا التوضيح يتساءل المجتمعون، لماذا التركيز على المدارس القرآنية، ثم أن الإحصاء له هيئة خاصة وليس من مهمة الوزارة.
ومهما يكن فالأمر يحتاج إلى مزيد من التوضيح، فالجمعية تسعى إلى التأكد من سلامة الاتجاه وعدم وجود جانب خفيّ في الموضوع غير مصرح به، لأنه يوجد وراء الأمر حسبما يبدو غرض خفيّ، وإلا لماذا لم يعلن منذ البداية عن عملية الإحصاء! ولماذا ركّز التصريح على مراجعة المدارس القرآنية؟ ولماذا تضمن الإجراء فكرة المراجعة وضبط دفتر الشروط ودليل المعلم، هذه العناصر تؤكد أن القصد ليس هو الإحصاء، وحتى إذا كان الإحصاء مدرجا فكان ينبغي أن تتكفل بها الهيئات المكلفة بالإحصاء، هذا ما أبقى التساؤلات مستمرة وفي أوساط عديدة، ومبعث هذه التساؤلات هو جانب الغرابة في الموضوع.
ومن أهم الجهات التي استفزها هذا الإجراء، وزارة الشؤون الدينية وهي الجهة التي ينبغي أن يتضح موقفها من هذا التصريح، لأن الموضوع يتعلق بأحد مجالات عملها وهو تعليم القرآن، فهي التي تشرف قانونيا على المدارس التي تتكفل بتعليم القرآن، وهي مدارس تابعة للمساجد وملحقة بها، وهذه المدارس لها هويتها ونظامها وأهدافها وخصوصياتها، وقطاع الشؤون الدينية هو الذي يشرف عليها، ولهذا لا يجوز لأي مسؤول أن يتدخل ويطرح فكرته على هذه المدارس، وكلام وزيرة التربية حول مراجعة نظام المدارس القرآنية أساسه هو اللقاءات التي تمت بين الوزارتين كما ذكر المفتش العام للوزارة، فقد بيّن أن هناك لقاءات مشتركة بين الوزارتين حول هذا الموضوع (موضوع المراجعة) ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بسبب خلافات جوهرية حول الحجم الساعي والمواد المدرسة، وعلق المفتش العام بأنه لا يمكن تحويل المدارس القرآنية إلى مدارس تحضيرية، وهذا ما تسعى إليه وزارة التربية، ولكن ينبغي مناقشة هذا المصطلح (مدارس تحضيرية) فالمدارس القرآنية التي تستقبل أطفال ما قبل التمدرس هي مدارس تحضيرية لأنها تحضر الأطفال للتمدرس وللاندماج في مجتمع المدرسة وتعلمهم القرآن ولكن مضمونها يختلف عن مضمون الأقسام التحضيرية التي توجد في المدارس الابتدائية، فالمصطلح لا يغير من طبيعتها ولا من خصائصها، والوزيرة تريد أن تفرض وجهة نظرها في المحتويات والأهداف، وهذا هو الأمر المرفوض.
وفي هذا السياق نشير إلى الجهة التي يهمها الأمر، والتي ستتخذ موقفها من مسألة مراجعة المدارس القرآنية هي الزوايا التي لا ينبغي أن تبقى ساكتة ومحايدة، والموضوع يتناول بكيفية غير مقبولة، فالزوايا في أصلها هي التي تهتم بالقرآن وبتربية الأجيال على ما يدعو إليه القرآن..
وإلى جانب هذه المؤسسات المختصة هناك العلماء والمهتمون بالتربية يجب أن يكون لهم موقف من التعليم الذي يعد الأطفال إعدادا يساير الوجهة الحضارية التي هي وجهة أمتهم ورمز حياتهم، هذا عن الجهات التي يرتبط نشاطها بما يهيئ المتعلمين لمعرفة جوانب من القرآن، وكذلك الجهات الأخرى التي مهمتها رعاية الأطفال رعاية تربوية تتجه إلى تحقيق الأهداف التي تهيئهم للتعلم المدرسي، وهي جهات مختلفة تجدها في بعض المؤسسات والشركات والقطاعات تمارس نشاطها في أقسام تعليمية وفي روضات تلائم الأطفال الصغار وتعلمهم ما يفيدهم في بيئتهم، في المجال اللغوي وفي مجال التواصل الاجتماعي وأنماط السلوك الذي يعتمدونه في التعامل مع الناس.

الجانب الذي ركزت عليه التساؤلات
إن الجانب الذي أثاره المتناقشون هو ظاهرة الغموض التي نلمسها في مواقف الوزيرة والتي ظهرت بوضوح في التفكير الذي أثاره تصريحها بشأن مراجعة تنظيم المدارس القرآنية والذي أصبح يميز شخصيتها وقراراتها، فلم تتضح لدينا مواقفها، وهذا ما جعل المتسائلين يطرحون الأسئلة الآتية:
- هل من حق الوزيرة أن يمتد اهتمامها إلى مجال يتجاوز صلاحيتها؟ وهل من حقها أن تفرض نظاما معينا تسيّر به المدارس القرآنية وتراجع مضامينها؟
- وهل يمكنها أن تضم الأقسام التحضيرية الموجودة في جهات مختلفة إلى قطاعها؟
وهل يجوز لها أن تهمل معالجة مشكلات قطاعها وتتجه إلى قطاع آخر، بعيد عنها؟
هل تتيح لها الدولة أن تمدد نشاطها خارج قطاعها؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة لا يمكنها إلا أن تكون بالنفي، أي ليس من حقها أن تقدم على هذه الأمور، ولا تجيز لها الدولة أن تمدد نشاطها لقطاع لا يندرج ضمن مجالات اختصاصها؟
إذا فما هو الحل بالنسبة للإشراف على مرحلة ما قبل التمدرس؟ الحل هو أننا ننتظر من الدولة أو من الحكومة أن تشكل جهازا وطنيا، تحدّد له الصلاحيات التي تؤهله للإشراف على أطفال مرحلة ما قبل التمدرس في المجالات التي يوجدون بها، الجهاز يتولى تنظيم الأنشطة التي تخصّص للأطفال الموجودين في الفضاءات المختلفة والتي تعني بتربيتهم وإعدادهم للدخول المدرسي وهذا يعني أطفال ما قبل التمدرس الذين يشملهم التعليم التحضيري.
وبإنشاء هذا الجهاز يصبح تنظيم تعليم الأقسام التحضيرية وروضات الأطفال مدروسا، وموحدا والعناية به شاملة ودقيقة، وبوجود هذا الجهاز تتضح الأمور ويزول الغموض.
ولعل انعدام الإشراف الرسمي على تربية أطفال ما قبل التمدرس هو الذي سمح للوزيرة أن تقدّم فكرتها الهادفة إلى مراجعة نظام المدارس القرآنية التي تنظر إليها على أنها مدارس تحضيرية، وتوجيه الاهتمام إلى مجالات التعليم التي تعتني بأطفال ما قبل التمدرس.
وما يرجوه المناقشون الذين يعلقون على كلام الوزيرة ومراجعتها هو أن تهتم الوزيرة بمشكلات قطاعها وهي كثيرة وتبتعد عن الارتجال الذي يدخلها في متاهات، فعوض أن تفكر في أمور قطاعها تراها تتجه إلى قطاع بعيد عنها، لذا يلح المناقشون على مطالبة الوزيرة بأن تخصص كل جهودها لما يعانيه القطاع، فمعاناة القطاع لا حد لها. وجوانب المعاناة متعددة يأتي ضعف المعلم وعدم وجود مدارس للتكوين في طليعة هذه المعاناة، يضاف إليهما نقص المعلمين والاكتظاظ في الأقسام والكثافة في المناهج وتدهور المستوى، وعدم إشراك المختصين في تحديد الرؤية التربوية، وما نخشاه هو أن تستمر الوزيرة في مواقفها الارتجالية التي عشناها في السنة الماضية وما قبلها وما نزال نعيش بعضها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.