اختتام معرض التجارة البينية الإفريقية: إشادة بالنجاح الباهر وترسيخ دور الجزائر في تحقيق النهضة الاقتصادية القارية    سوناطراك: حشيشي يبحث بميلانو تعزيز الشراكات مع كبريات شركات الطاقة العالمية    باتنة: افتتاح المهرجان الثقافي الدولي للسينما إمدغاسن في طبعته الخامسة    شيري الجزائر تراهن على التصدير    رسالة أبو تريكة إلى أمّة محمّد    هالاند يسجّل خماسية    هذا جديد جامعة ورقلة    بللو يزور أوقروت    ثعالبي يلتقي ماتسوزو    فرنسا: اعتقال نحو 500 شخص في احتجاجات "لنغلق كل شيء"    معرض التجارة البينية الإفريقية 2025: الجزائر تفتك حصة الأسد من الصفقات الموقعة    القضاء على إرهابيين اثنين وآخر يسلّم نفسه بأدرار    وفد برلماني يشارك في ذكرى تأسيس كوريا الشعبية الديمقراطية    الجزائر تدعو إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الأممي    جريمة الاحتلال الصهيوني في الدوحة تؤكد أنه عصابات إرهابية    ندوة دولية بجنيف تفضح الانتهاكات المغربية    الأمين العام الجديد للمحكمة الدستورية يؤدي اليمين القانونية    "الحلاقة الشعبية".. خبيرة نفسانية بدون شهادة    استلام دار الصناعة التقليدية بقسنطينة قريبا    حملة لتنظيف المؤسّسات التربوية السبت المقبل    تعاون جزائري-صيني في البحوث الزراعية    "صنع في الجزائر" يبهر الأفارقة جودة وسعرا    ممتنّون للرئيس تبون.. طبعة الجزائر فاقت التوقّعات    عزوز عقيل يواصل إشعال الشموع    تكريم مرتقب للفنّانة الرّاحلة حسنة البشارية    الصين ترغب في تعزيز التعاون مع الجزائر في مجال تسيير الكوارث الطبيعية والمخاطر الكبرى    معرض التجارة البينية الافريقية: تتويج جناح زامبيا بلقب أفضل جناح خلال التظاهرة    "أغانٍ خالدة" لشويتن ضمن الأنطولوجيا الإفريقية    تهديدات بالقتل بسبب الكسكس!    شرطة العفرون تطيح ب3 متورطين    رئاسة الجزائر لمجلس السلم و الأمن الإفريقي: التزام ثابت و مقاربات فعالة لخدمة قضايا القارة    كرة اليد (البطولة الأفريقية لأقل من 17 سنة إناث) : الكشف عن البرنامج الكامل للمباريات    تعاون جزائري نيجيري    الخبير ميريفيروي يؤكّد ضرورة توحيد البيانات    وفد حماس في قطر ينجو من الاستهداف الصهيوني    بوغالي يواسي    عرض شرفي لمسرحية جديدة حول غزّة    معرض التجارة البينية الإفريقية 2025: تنظيم حفل موسيقي ضخم بأوبرا الجزائرعلى شرف ضيوف المعرض    بوغالي يدعو من القاهرة إلى جعل الاتحاد البرلماني العربي منصة لتعزيز التكامل بين الدول الأعضاء    سجود الشُكْر في السيرة النبوية الشريفة    فتاوى : زكاة المال المحجوز لدى البنك    عثمان بن عفان .. ذو النورين    ولاية الجزائر: تنظيم حملة تنظيف تخص المؤسسات التربوية السبت المقبل    مجلس الأمة يدين بشدة الاعتداء الصهيوني الغادر على دولة قطر    تواصل سقوط أمطار رعدية على عدد من ولايات شرق الوطن    إعادة هيكلة مواد ومواقيت ابتداء من هذا الموسم    شراكة جزائرية- نيجيرية في مجال الأدوية ب100 مليون دولار    جمباز: الجزائرية كيليا نمور تشارك في ثلاث محطات كبرى في نهاية 2025    درّاج جزائري يتألق في تونس    التأهّل إلى المونديال يتأجّل    التأهل إلى المونديال يتأجل وبيتكوفيتش يثير الحيرة    قطاع الصيدلة سيشهد توقيع عقود بقيمة 400 مليون دولار    عقود ب400 مليون دولار في الصناعات الصيدلانية    "الخضر" على بعد خطوة من مونديال 2026    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    شراكة بين "صيدال" وشركة "أب في" الأمريكية    الإعلان عن قائمة الوكالات المؤهلة    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هؤلاء غادروا «الأرسيدي» بسبب «سعدي»
نزيف في حزب «الدكتور» بعد تغييب النقاش ومبدأ التداول..

تزامنا مع المصداقية التي افتقدها حزب «الأرسيدي» مع حلول كل استحقاق سياسي، فإنه افتقد أيضا خيرة إطاراته ومؤسسيه طيلة 22 عاما من النشاط بعد أن استفرد الدكتور «سعيد سعدي» بزمام الأمور بنفس الأسلوب الذي اعتمده زعيم «الأرسيدي» في تونس مع فارق بسيط هو أن «بن علي» مارسها وهو متواجد في السلطة، في حين أن «سعدي» يمارس الديكتاتورية قبل الوصول إلى السلطة.
من المفارقات أن حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية يحمل التسمية ذاتها بالفرنسية مع حزب الرئيس التونسي المخلوع «زين العابدين بن علي»، ومن الصدف أن يشترك الأخير مع الدكتور «سعيد سعدي» في خاصية واحدة وهي البقاء على رأس «الأرسيدي» لأكثر من 21 عاما، والأكثر غرابة أن يستغل «أرسيدي الجزائر» ظروف انهيار «أرسيدي تونس» للدفاع عن التغيير والديمقراطية والتداول، في وقت يرفض فيه رئيسه مجرّد فتح نقاش داخلي ما دفع بكثير من الإطارات والكفاءات إلى البحث عن فضاء تتوفر فيه معايير الديمقراطية واحترام الرأي والرأي الآخر.
كان المحامي والحقوق «مقران آيت العربي» أوّل من عارض صراحة ممارسات الدكتور «سعيد سعدي» في «الأرسيدي»، حيث لم تمر فترة طويلة عن تأسيسه حتى أعلن الطلاق مع الحزب رفقة 50 من الأعضاء المؤسسين لهذا الحزب الذي أراده أمينه العام حينذاك أن يكون على أنقاض الحركة الثقافية البربرية «أم سي بي»، والواقع أن «آيت العربي» دفع ثمن ظهوره إلى الواجهة بخطابه الذي حظي بتعاطف وتأييد كبيرين ليس فقط في منطقة القبائل ولكن في عموم الوطن كونه يُتقن الحديث باللغة العربية ويتواصل جيدا مع مختلف فئات المجتمع، وهو الأمر الذي رأى فيه «سعدي» تهديدا له وعلى بقية مشواره السياسي.
ورغم ذلك فقد خرج «سعيد سعدي» من عاصفة استقالة «مقران آيت العربي» بنجاح بعد أن لقي الدعم من قبل أحد الوجوه الأكثر تشدّدا في الحركة الأمازيغية ويتعلّق الأمر بالمغني «فرحات مهني» الذي كان له الفضل في إعادة التوازن خاصة وأنه كان يحظى بسمعة طيبة خارج الحزب، لكن سرعان ما ذهب هو الآخر «كبش فداء» في العام 1995 عندما أبعده «الدكتور» من صفوف الحزب في أعقاب خلافات شخصية معه انتهت إلى إزاحته من على رأس التنسيقية الوطنية للحركة الثقافية البربرية الموالية ل «الأرسيدي»، فكانت تلك بداية ظهور أولى مؤشرات «الزعامة» لدى «سعيد سعدي» خصوصا وأنه حلّ ثالثا في رئاسيات 1995.
ومع مرور الوقت تواصلت نكسات التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إلى درجة فقد فيها المصداقية التي اكتسبها في بداية التسعينيات بعد أن قال رئيسه إنه يمثّل التيار الديمقراطي المعارض في الجزائر. ومع توالي النكسات والانشقاقات اختار الطبيب النفساني أن يتخندق في أحضان السلطة بعد قرار انضمامه إلى الحكومة في 1999، وهو القرار الذي خيّب آمال مناصريه دون أن يعلم بأن عاصفة في الأفق بانتظاره بعد أحداث ما يُعرف ب «الربيع الأمازيغي» في 2001.
واشترك «الأرسيدي» بحقيبتين وزاريتين في حكومة «علي بن فليس» حينذاك، لكل من «عمارة بن يونس» و«حميد لوناوسي» فيما شغلت مناضلته «خليدة تومي» منصب وزيرة الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة لمدة فاقت 18 شهرا، وبعد القرار الاضطراري بالانسحاب من الجهاز التنفيذي في 29 ماي 2001 أعلنت الأخيرة تمرّدها عن تعليمات القيادة وقرّرت البقاء في الحكومة وهو ما كلّفها الإقصاء نهائيا من صفوف الحزب رغم أنها كانت دوما في الواجهة وشاركت في الكثير من المسيرات والمظاهرات الشعبية في عهد التعدّدية فكانت بمثابة المناضلة الشرسة التي يعتمد عليها «سعيد سعدي» دوما.
ولم يمر وقت طويل حتى انضم القيادي السابق وأحد الوجوه البارزة في التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، «عمارة بن يونس»، إلى قافلة المتمرّدين على سياسة «الزعامة» التي أصبحت جزءا من رئيس «الأرسيدي» ويعود ذلك إلى اختلافه في طريقة التعامل مع أزمة منطقة القبائل، فقرّر رفقة عدد معتبر من الأعضاء المؤسّسين ل «الأرسيدي» الدخول في مشروع حزب سياسي جديد أسماه «الاتحاد من أجل الديمقراطية والجمهورية»، معلنا عن مساندته ترشح «عبد العزيز بوتفليقة» لعهدة ثالثة، وهو الموقف ذاته الذي سار عليه في رئاسيات 2009 عندما عُيّن عضوا في مديرية حملته الانتخابية، لكن حزبه لم يحصل بعد على الاعتماد.
ولم يتوقف نزيف إطارات ومؤسسي «الأرسيدي» عند هذا الحدّ لأن النكسات المتواصلة للحزب وتفريغه من مشروعه السياسي الحقيقي دفع بالنائب «حميد لوناوسي» الذي شغل منصب وزير النقل ثم الأشغال العمومية بداية العشرية الماضية، إلى مقاطعة كل النشاطات التي يحضرها «سعدي» في تعبير واضح عن عدم رضاه على الاستفراد بزمام أمور تسيير الحزب، لكن القنبلة الأخرى التي انفجرت تمثّلت في استقالة «جمال فرج الله» الذراع الأيمن السابق للدكتور وأحد صانعي نجاحات «الأرسيدي» في بجاية طيلة العشرين سنة الماضية، بعد أن انتقد صراحة مشاركته في رئاسيات 2009 والتي انتهت بفشل ذريع، مثلما رفض الطريقة التي جرى عليها المؤتمر الأخير للحزب خاصة ما تعلّق منها بانتخاب الرئيس.
ثم جاء الدور على النائب «طارق ميرة» الذي يبدو أنه سوف لن يكون آخر من يغلق قائمة المعارضين لسياسة «سعيد سعدي» بعد أن أصبحت تعتمد على خيار إقصاء كل رأي مخالف لرأي «الزعيم»، وقد منح رحيل القياديين الأربعة رئيس «الأرسيدي» في العامين الأخيرين حرية واسعة في تقرير الخط السياسي للحزب، وذلك في غياب مقاومة داخلية من أعضاء القيادة الحالية أو المجلس الوطني، وغالبيتهم من الشباب.
وبموجب ذلك أصبح الحديث عن التداول أو النقاش الداخلي في «الأرسيدي» بمثابة «جرم سياسي» في نظر زعيمه الأبدي، وهو الآن يخرج إلى الشارع لتقديم دروس للجزائريين عن الديمقراطية وضرورة التداول على السلطة والتغيير، في حين لا يزال يتعامل في حزبه بعقلية «الديكتاتور» رغم أن التاريخ حكم عليه بالفشل، وأكثر من ذلك فإن فترة توليه تسيير شؤون «الأرسيدي» هي الفترة ذاتها التي قضَاها «بن علي» في السلطة وعلى «الأرسيدي» في تونس، والآن بعد أن هرب «بن علي» حان الأوان ليهرب «سعدي».. ويقول لمناضليه وكل من دفعهم إلى رمي المنشفة على طريقة الجار التونسي: «إيه.. نعم راني فهمتكم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.