شدّد رئيس المجلس الشعبي الوطني، محمد العربي ولد خليفة، على أن الجزائر ترفض بشكل قاطع أي إملاءات خارجية حول طبيعة السياسيات التي تعتمدها وكذا الإصلاح السياسي والاقتصادي، مثلما أشار إلى أن بلادنا لا تزال على مبدئها القائم على رفض التدخل في الشؤون الخارجية للدول، مدافعا في الوقت نفسه عن الإصلاحات التي أقرّها رئيس الجمهورية. أطلق رئيس المجلس الشعبي الوطني، الدكتور محمد العربي ولد خليفة، في أشغال يوم برلماني نُظّم أمس حول الإصلاحات السياسية في الجزائر، الكثير من الرسائل السياسية ردّ من خلالها على بعض الأطراف التي تستهدف بلادنا في هذا الظرف، وقال ولد خليفة بتعبير صريح: "إن الجزائر تعرف ما أدى إليه التدخل من الخارج في بعض بلدان المنطقة وخارجها من زعزعة وفوضى وصلت في بعضها إلى حرب أهلية مدمّرة"، لافتا إلى أهمية "التعرف أكثر على تجارب البلدان في مجال الإصلاح السياسي والتقدم نحو الحكم الراشد وحقوق المواطن والإنسان وحرية التعبير والتداول السلمي على الحكم..". وعلى هذا الأساس حرص على التأكيد بأن بلادنا "لا تتدخل في الشؤون الداخلية للشعوب وهي ترفض أن يملي عليها أحد نهجها الإصلاحي"، وواصل بتفصيل أكثر: "الجزائر لا تتدخل في شؤون الشعوب الأخرى سواء أكان التحول فيها يحدث في الشتاء أوفي الربيع وهذا هو نهجها منذ 1962 وإلى اليوم"، مثلما أوضح في ذات السياق أن "الجزائر بالمقابل ترفض أن يملي عليها أحد سياساتها ونهجها في الإصلاح السياسي والاقتصادي وإنها تلتزم باحترام خيارات كل شعب". وعلى حدّ ما جاء على لسان محمد العربي ولد خليفة فإن الإصلاحات السياسية في الجزائر "تطورت بطلب من الشعب وليس بضغط من الخارج"، مبرزا أن التعددية الحزبية قد وصلت في الجزائر سنة 1989 إلى "عشرات الأحزاب من كل الحساسيات التي تنبذ العنف والتطرف وتمكنت كلها من التعبير الحر عن أفكارها ومشاريعها السياسية والاجتماعية". وأضاف المتحدّث بأن "المسار الديمقراطي التعددي الذي بدأ بعد أحداث 1988 أدى إلى "انفتاح بلا حسيب ولا رقيب من القانون سمح لبعض الأطراف أن تنحرف بتلك التجربة إلى تهديد المسار الديمقراطي وفرض اتجاه واحد بالقوة وتهديد كل من يخالف ذلك الرأي"، مذكرا في ذات الوقت بأن "انحراف" الجزائر عن مسارها الديمقراطي "خلف عشرات الآلاف من الضحايا من أبناء الشعب الأبرياء ومن النخب الفكرية والسياسية وأدخل البلاد في نار الإرهاب لمدة تزيد على عشر سنوات.. أدى إلى عزل الجزائر وتعميم الإرهاب على الدولة والمجتمع كله وشل الاقتصاد الوطني". وعند حديثه عما أسماه "الكفاح الذي خاضته الجزائر ضد الإرهاب"، أورد رئيس الغرفة السفلى للبرلمان أن هذه الأخيرة "بقيت تكافح وحدها الإرهاب الدموي بلا سند ولا نصير حتى أحداث البرجين في نيويورك سنة 2001 لكي يدرك العالم كله أن الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات عابرة للحدود". كما لم يتسثن الخوض في المعارضة في الساحة الوطنية بقوله إن "مشاركة المعارضة في الساحة السياسية وفي البرلمان إنجاز إيجابي لصالح الديمقراطية"، معتبرا بأن "إبعاد المعارضة أو دفعها للتعبير عن رأيها من الخارج يقلل من مصداقية المؤسسة التشريعية والحكومة معا". وبرأي ولد خليفة فإنه "لا وجود لديمقراطية كاملة" وأن "لكل شعب تجربته الخاصة الديمقراطية وفق تاريخه واختياراته السياسية والاجتماعية"، مؤكدا أنه "لا توجد وصفة خاصة للديمقراطية"، وخاض المسؤول أيضا في تجربة الشعب الجزائري مع الديمقراطية بدء بمرحلة ثورة التحرير التي اعتبرها "ثورة شعبية حقيقية" ضد الاستبداد والميز العنصري الذي حرم الشعب من "الحقوق الأولية للمواطنة". وأكد أن الجمهورية الجزائرية "حملت منذ ميلادها وصف الديمقراطية الشعبية"، وقدّر بأنه "لا علاقة لهذا الوصف بتسميات أخرى في شرق أوروبا أو غيرها". أما عن مرحلة الاستقلال فأشار رئيس المجلس الشعبي الوطني إلى أنها "تطلبت" المرحلة الأولى منها إعادة تأسيس الدولة الوطنية وترسيخ وحدة الشعب والتراب الوطني قبل أن تتطور الإصلاحات السياسية "في خط متصاعد بطلب من الشعب" بداية من 1988. وبخصوص العهدة التشريعية الحالية أوضح الدكتور ولد خليفة أنها تتميز بارتفاع العنصر النسوي الذي يزيد عن الثلاثين في المائة، مشيرا الى وجود ثلاث سيدات نائب للرئيس ورئيسة لجنة، وذكّر ختاما بأن الجزائر على "موعد مع تعديل الدستور لتعميق وتوسيع الحقوق والحريات".