كل النّجاح والتفوّق لطلبتنا.. والتوفيق لأساتذتنا وعمال القطاع    إعداد خارطة تكوين جديدة تتماشى مع رؤى "جامعة الغد"    الدبلوماسية الجزائرية قائمة على حقّ الشعوب في تقرير مصيرها    التأكيد على"أهمية المضي قدماً في مسار رقمنة القطاع    نموذج حيّ على استرجاع قيمة الأموال العمومية و تثمينها    المشاريع المنجمية الكبرى ستخلق الثروة ومناصب الشغل    ضرورة وضع المواطن في صميم اهتمامات القطاع    الرئيس يعرف جيّدا أن المواطن ينتظر الملموس    الافتتاح الرسمي لمركّب "كتامة" لاستخلاص الزيوت بعد استعادته    ترحيب فلسطيني بالخطوة التاريخية لدول غربية كبرى    غزة : ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني    وفاة 3 أشخاص وإصابة 163 آخرين    ورقلة : حجز 1.225 كبسولة من المؤثرات العقلية    إذاعة القرآن الكريم تطلق 18 برنامجًا جديدًا    نعمل على الانتقال من التضامن الاجتماعي إلى التضامن الاقتصادي    منحى تصاعدي لمسار الدفع الإلكتروني    الاحتلال يُكرّس سياسة التجويع في غزة    حماد يبرز أهمية التكوين المستمر لإطارات القطاع    سكان حواف الأودية يستعجلون تدخّل المصالح المختصة    تعزيز مكانة التكوين المهني كرافد لاحتياجات سوق العمل    اجتماع تقييمي ل"منصة رشد" للمكتبات المسجدية    عاد للمشاركة في المباريات بعد غياب طويل.. بن ناصر يوجه رسالة قوية لبيتكوفيتش    اللاعب تخرج في أكاديمية نادي بارادو : بن بوعلي يتوهج في الدوري المجري ويقترب من "الخضر"    الاحتفال باليوم الوطني للصحة المدرسية في 29 سبتمبر    ناصري يثمّن الاعترافات الدولية المتتالية بدولة فلسطين الشقيقة    المهرجان الدولي للمالوف للاستمتاع بألحان الموسيقى الأندلسية : أداء قوي وشحنة من الأحاسيس طبعت السهرة الثانية    ينظمه المجمع الجزائري للغة العربية..الترجمة إلى العربية ودورها في تعزيز البيئة العلمية محور ملتقى    "على المجتمع الدولي تقديم شيء أفضل للفلسطينيين"..مصطفى البرغوثي: الاعتراف بدولة فلسطين لفتة رمزية فارغة    الوزير الأول يعاين مشروع نهائي الحاويات بميناء جن-جن ويدشن مركبًا صناعيًا بجيجل    افتتاح الموسم الجامعي 2025-2026 بجامعات الشرق: تخصصات جديدة وملحقات للأساتذة وتعزيز المرافق البيداغوجية    وزير الاتصال يتفقد عدداً من المؤسسات الإعلامية    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 65344 شهيدا و166795 مصابا    سجّاتي سعيد    المولودية تتعادل والشبيبة تفوز    مولوجي تعطي إشارة انطلاق السنة الدراسية    أمطار مرتقبة بعدة ولايات ابتداء من يوم الإثنين    هذه قائمة المرشّحين الثلاثين للتتويج..    جلاوي يأمر بتشكيل لجنة مركزية    الرئيس يأمر باستخلاص الدروس    لا بديل عن احترام إرادة الصحراويين    بلمهدي يستقبل بلقايد    هلاك 4 أشخاص وإصابة 222 آخرين    القطاع سينظم مستقبلا مسابقة لتوظيف 45 ألف أستاذ    "الموب" يؤكد صحوته و ينفرد بالريادة    عادل بولبينة يستهدف لقب هداف البطولة القطرية    تحرير للعقل وتفصيل في مشروع الأمير عبد القادر النهضوي    الكونغو الديمقراطية : تفشي "إيبولا" عبء إضافي يُفاقم أزمة البلاد    افتتاح الموسم الثقافي الجديد بعنابة تحت شعار "فن يولد وإبداع يتجدد"    افتتاح الطبعة ال13 للمهرجان الدولي للمالوف: أجواء احتفالية بتراث موسيقي أصيل    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الفدية"
نقد- أحمد المعلم/ سوريا

تحتفل رواية "الفدية" ل«نبيه إسكندر الحسن» بالموضوع كثيرا وتعيره اهتماما خاصا، منه يريد الروائي أن يتواصل مع المتلقي لاعتقاد جازم عنده بأن الموضوع الجليل أو الحدث الطازج الذي يفرض وجوده على ساحة الواقع والمجتمع يستحقّ أن يكون بؤرة تواصل فاعلة بين أبناء المجتمع، لذلك فإن الروائي يتناول الأحداث الاجتماعية التي حصلت بعد نكسة جوان ويُبرز طموح الإنسان العربي من تبعات هذه الحرب التي أدّت إلى ارتكاس الجيوش العربية والمفاجأة التي حصلت عند المجتمع العربي بوجه عام، فكان الأمل أن تُستردّ الكرامة المهدورة ليعود للوطن اشتياقه ولوعته للحرية والكرامة، فالعين الروائية تنظر، فتصوّر، ثم تكتب، وكذلك الأذن تحتفل بنقل ما يدور من أحاديث، هي ذات علاقة بالموضوع، فالحدث يدور على سطح الواقع ولا ينبش غوره الكاتب، ربما يترك ذلك للقارئ، فالتفاعل يتم ظاهرا ولا يدخل إلى عمق الشخصية أو موقعها من الحدث الدائر والذي غايته أن يخدم الموضوع، فتمكّن السرد من أن يأخذ حيّزه الناشط في هذا العمل الروائي، وكذلك جاء الحوار، يحمل تناقضاً جوهرياً لبنية الصراع بين طرفين متغايرين، ولذلك فإننا نحب أن نتعامل مع السرد والوصف والحوار في هذا المضمون الروائي، كما أننا لا ننسى الأبعاد الرمزية والأسطورية التي أحب السرد أن يجاملها، فجاءت إلى الحاضر الروائي لتزيد من حدة رجائه، وكذلك بعض الإشارات والقرائن جاءت لتحقيق الروابط بين أجزاء المتن الروائي وأيضاً تزيد من ترابط أطراف الموضوع.
لماذا كان الوصف غزيرا؟..‏
لطالما كان السرد يعني أول ما يعني ابتعاد الشخصية عن موقع الحدث، وكان الروائي راصداً للأحوال المعروضة، ولا يستطيع أن يدخل في مضامينها، نظرا للمنهج والخطة، فإن الظاهرية تستولي على العين، لينوب الموقف في السلوك والتقدير عن الحالة النفسية للبطل أو الأبطال، وأيضاً لما كان الروائي يحرص كثيراً على دور الراوي، فإن ذلك يعفيه من النجوّى وأسر التداخل، وينشئ للوصف غاية مركزية، تهدف إلى أن يكون التقدير حاصلا من الوصف والسرد وليس من الأفعال وتجسيدها، فالسرد هيّأ سانحة كبرى للوصف، صال فيها وجال، لكأنه هو المقوّم الأساس، وهذا الوصف ودوره في تغييب الأفعال قد مكّن السرد من أن يمارس سطوته التامة، وكأن الأحوال المعروضة هي عُرف عام، يحدث في المكان والزمان، ثم لا يلبث الزمان أن ينقضّ على هذه المواصفات ويغيّرها، وهنا يتم لقاء حار بين العرض الروائي والتأريخ الاجتماعي، ليقدّما سلوكا وفعلا لمرحلة غابت، وبالمقابل عرضا لأحوال متغيّرة، تتمسّك بأهداب الحاضر وتلوذ به، ليس رغبة منها لتجاهل الماضي وإنما لأن هذا الماضي صار مركوناً خامدا من حقّه أن يظفر بمتحف، يسمح للدارس الاجتماعي أن يتبيّن حقيقة الموضوعية في أثناء فترة محدّدة: "يومذاك كنّا نطارد العصافير بين الحقول مع "عاشقته" التي عايشتها في عمر الورود وقد وعدتها بالزواج بعد جني المحصول، ومرّت النهارات تعقبها الليالي ورحنا نكبر عاما بعد عام ونسهر الليالي، نحرس القرية من الوحوش الضارية، ورثنا المهنة عن جدّنا، نتأبط البندقية ونغنّي الموال بين الكروم. نقرأ ساعتين وننام لنستيقظ عند طلوع الفجر، نحذر من اللصوص ونرصد تحرّكات العدو، وفجأة نُقلت إلى هنا"، وأغلب الظن أن الروائي لم يحتفل بعملية الفرز بين البناء الخاص والبناء العام، فكان المكان غائبا، ليس لأن الزمان يستولي عليه وينوب عنه وإنما لأن السرد تحالف مع الوصف لتبديد أثر المكان من النفوس، وتقديم فرصة كبرى للبناء العام، عليها أن تعوّض عن البناء الخاص، ولذلك فإن الجمال في تقديم المكان يبدو مضطربا، يتوقّع المرء أن يجده بين سطور السرد أو في ثنايا الأفعال الموصوفة، وهذا الاعتبار يحتاج إلى كثير من المداومة لنظفر بحيّز خاص يحمله المتن الروائي، والحوار لا يساعد السرد على استجلاء الحيوية ولا يفيد من الرشاقة أو الاختزال، وإنما يأوي إلى المحاكاة كثيرا، لكأنه الصورة الفاعلة لما يجري على أرض الواقع، وهذا الأمر يأتي من رغبة الروائي وليس من رغبة النص بأن يقدّم تفاعلا حارا مع المتلقي:‏ "خرجت فوزية، ترصد حركات مفيدة، وحين عادت إلى المطبخ أطلقت ضحكة عريضة وقالت في لهجة تنمّ عن ثقة كبيرة، ضربت على صدرها، وقالت:
- أقطع يدي، إن لم يكن الضيف عاطفا.‏
- مَن يكون يا بلهاء؟‏
- أنا لست بلهاء.‏
- مَنْ هو يا فيلسوفة؟‏
- عشيق مفيدة.‏
- يقطع لسانك يا خائنة.‏
- لست خائنة، بل إنها الحقيقة.‏
- تفترين على من نأكل خبزها؟‏
- إنها الحقيقة.‏
- أغربي عن وجهي.‏
- هذا أمر يتعلّق بك..‏
- لولا هذا البيت لكُنّا مشرّدتين.‏
- لا نأخذ صدقة، بل ثمن جهدنا.‏
- ورغم ذلك يجب أن نقدّر صاحبة البيت.‏
- إن هذا البيت قد شُيِّد على أكتاف أجدادنا.‏
- ما قصدك؟‏
- وثروة الدجيش الطائلة من عرق جباههم".‏
لكم عانى الروائي من تأسيس هذا الحوار المشهدي! ولكن توخّت العين السينمائية والوصف أن يكون الفعل والجدل يقاربان الحقيقة! واعتمد الحوار في تأسيسه على الموروث الشعبي للتداول، ولا يُفهم هذا الموروث إلا في إطار حيّز مكاني وزماني يشير إليه المفهوم، ويغلب على هذا الحوار النبرة العدائية أو المنهكة الساخرة لستر الغرض العام الذي يدور بين الفقراء ووجهتهم ووجهة الخير، والأغنياء ووجهتهم ووجهة الشر، ولا منطقة رمادية تكون في الوسط، وهذا الأمر توفّره الحياة وربما يعجّ بالمتناقضات، كما أن نعت السلوك للأفراد، وبخاصة من النساء يرتكز إلى العرف العام وليس إلى العرف الخاص، فالخيانة مثلاً عامة شاملة، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، لكأننا أمام القانون وهو يساوي بين السارقين، مع أن الأمر في الأخلاق والمجتمع لا يقدّم تساويا مهما كانت المتغيّرات، أما الرمز فإنه إشارة واحدة، تأمل من المتلقي أن يُحسن التواصل مع الفعل الروائي، ليتمكّن من الربط بسهولة ولكي يحصل على الاستيعاب والشمول فيما يخص العمل الروائي.
وأخيرا تشكّل رواية "الفدية" تواصلا فاعلا مع البعد الأسطوريّ والرمزي لبيان نهضة الزمان وهو يواجه الأحداث ومعها مسيرة اجتماعية تحتفل لعناق الحاضر والماضي، بُغية إبراز صيغة توحيدية تهدف إلى نشر التواصل بين أطراف الزمان وعلاقته بالمجتمع.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.