كانت الساعة تشير إلى الخامسة وأربعين دقيقة من يوم الأربعاء الماضي، عندما هاجمت مجموعة إرهابية قادمة من ليبيا، تتكون من 30 شخصا، حافلة تقل عمالا من مختلف الجنسيات يمثلون شركات ستاتويل النرويجية وبي بي البريطانية وجي جي سي اليابانية، العاملة في المجمع الغازي تيقنتورين بعين أميناس، وقد خلف الهجوم قتيلا من بين قوات الحراسة التي كانت ترافقهم، وإصابات قاتلة لاثنين من العمال الأجانب، وتمكن الحراس بدورهم من إلحاق خسائر في الأرواح في صفوف المهاجمين. استغل الإرهابيون فرصة خروج قوات الحراسة لنجدة الحافلة، وتوغلوا ناحية أبواب المجمع الغازي، وبعد وصولهم إلى بوابة محطة تيقنتورين، طلب الإرهابيون من الشاب “أمين لحمر" الذي كان مكلفا بالحراسة فتح الأبواب، لكنه رفض الانصاياع لطلباتهم وأطلق صفارات الإنذار في المجمع، فأطلق الإرهابيون عيارت نارية صوب رأسه أردته قتيلا. بعد ذلك استعمل الارهابيون سياراتهم من أجل اقتحام الأبواب، وقد تمكنوا من فتحها أخيرا. وانقسم الإرهابيون إلى مجموعتين، الأولى اتجهت نحو قاعة الإشراف على الموقع، والثانية اتجهت نحو موقع كان يتواجد به اليابانيون من شركة جي جي سي، وكانوا هم الأوائل الذين تم إخراجهم، ثم اقتحم الارهابيون بقية المواقع والغرف الموجودة في مقر إقامة العمال بالموقع. بعد أن علموا بأن الموقع يتعرض لعملية إرهابية، قرر عمال قسم الإشراف، وقف نشاط المحطة، تفاديا لتفجيرها، وكان يوجد بمحطة الإشراف أمريكي على الأقل، تم إيقافه مباشرة من الإرهابيين، وأعطوه الأوامر بإعادة المحطة للعمل، لكن العمال الجزائريين رفضوا ذلك. تم بعد ذلك حصار الموقع من الدرك الوطني، وأحبطوا مخطط الخاطفين بإخراج الرهائن من الموقع والفرار بهم، وهو ما دفع الإرهابيين لإعادة تموقعهم بقاعدة الحياة داخل الموقع، وبدأوا بفرز الرهائن حسب جنسياتهم، الأمريكيون والبريطانيون، والفرنسيون، كانوا الأكثر أهمية بالنسبة لهم، أما التايلنديون والفيليبنيون المتواجدون بكثرة في الموقع فتم احتجازهم في مقار إقامتهم، وكذلك فعلوا مع الرهائن الجزائريين، ويوجد بالمحطة عموما 650 عاملا، من بينهم 132 أجنبيا. خلية أزمة تتشكل لبحث الهجوم الإرهابي في الصباح الباكر بعد الهجوم، تشكلت مباشرة في الجزائر العاصمة خلية أزمة لمتابعة التطورات الميدانية، تتضمن مختلف الأجسام الأمنية في المؤسسة العسكرية، وتم إعطاء التعليمات الأولية، بمنع هروب الإرهابيين ومنع تدمير التجهيزات وتحرير كافة الرهائن. إثر ذلك، تقرر إرسال فرقة التدخلات الخاصة للجزائر وتمنراست، وأقلعت طائرتان عسكريتان من نوع إيركول سي 130، وطائرتان من نوع “كازا"، من مطار بوفاريك على الساعة 11 باتجاه عين أميناس. وقامت شركة الطيران طاسيلي إيرلاينز بنقل العمال الذين لم يكونوا موجودين بالمحطة الغازية، أو الذين تمكنوا من الفرار. ومن بسكرة، أقلعت مروحيتان أم إي سوبرهايند، نحو عين أمناس، تحمل فرقة من المظليين وعتادا عسكريا. أصبح مطار عين أميناس مزدحما من كثرة الطائرات المرابضة فيه، وتم إقفاله. بعد وصول مختلف التشكيلات العسكرية إلى ميدان العملية ، فوجئت قوات التدخل الخاصة بوجود تشكيلة من الدرك الوطني، حضرت نفسها للتدخل، حيث تبين أن القيادة العليا للدرك، أعطت الأوامر، بمشاركة قوات منها، لكن الإشكال يبرز في أن قوات الدرك غير متعودة على هذه العمليات القتالية، رغم تدريبها الجيد. أبدت مختلف التشكيلات العسكرية والأمنية تضامنا كبيرا فيما بينها، وتبلورت بعد ذلك، فكرة أن يكون التدخل مشتركا بين فرقة التدخل الخاصة، الدرك، وفرقة المظليين. وتمت في ليلة الهجوم، عملية التحضير المشتركة ودراسة الموقع، من خلال أفلام من طائرات الاستطلاع الجزائرية ومروحيات الهيليكوبتر، ولكن ذلك كان غير كاف لتقييم القوة النارية للإرهابيين وتجهيزاتهم بدقة. تسلل بعدها عناصر من قوات التدخل الخاصة، إلى الموقع، كان هدفهم أن يظهروا للإرهابيين من أجل أن يطلقوا النار عليهم، ويتبين عددهم في الموقع. جرت المهمة بنجاح، وتمكنوا فوق ذلك من استعادة مركز الحراسة وتحرير بعض الرهائن من الأجانب. على بعد عشرات الكيلومترات من المكان، نزلت كتيبة لقوات الجيش الوطني الشعبي، جاءت من باتنة على متن طائرة عسكرية تي 90، وكانت مهمتها محاصرة المنطقة التي تقع بين الموقع الغازي والحدود الليبية. الإرهابيون فكروا في الرجوع إلى ليبيا بعد اشتداد الحصار بعد اشتداد الحصار عليها، فكرت الجماعة الإرهابية في العودة إلى ليبيا مصطحبة معها عددا من الرهائن المهمين، وأجبرت رهائن أوربيين تحديدا على الاتصال بأقاربهم، وبوسائل الإعلام في بلادهم لدفع حكوماتهم إلى الضغط على الجزائر من أجل التفاوض. بدورهم اتصل الارهابيون بقنوات عربية مثل الجزيرة، ووكالة صحراء ميديا، وكالة نواقشوط للأنباء، وهي المواقع التي تحولت إلى ناطق رسمي باسم الإرهابيين في القاعدة والتوحيد والجهاد. كان الجزء الثاني من مخطط الإرهابيين يتضمن تثبيت رهائن بأحزمة ناسفة داخل المجمع الغازي، حتى يكون تدمير المجمع في متناولهم في أقصى الاحتمالات سوء. مرت الليلة دون أن تتدخل القوات الخاصة لغياب أوامر فوقية أو لعدم وجود الفرصة السانحة، لا أحد يستطيع تحديد السبب إلى الآن. وفي منتصف الصبيحة تمكن بعض الرهائن من الفرار، من بينهم أجانب. الإرهابيون ظلوا في مواقعهم، وكان يقابلهم قناصة النخبة، الذين كانوا يطلقون عليهم أعيرة نارية من الحين للآخر، ليس بنية الإصابة، ولكن من أجل أن يحدوا من حركة الإرهابيين داخل المجمع، وحتى يضعوهم تحت ضغط أنهم “تحت المراقبة". في منتصف اليوم، حضر الارهابيون 5 سيارات تويوتا ستايشن، ولغموا أنفسهم ورهائنهم بأحزمة ناسفة. انطلقت السيارات على الواحدة زوالا، في موكب يسير في المنطقة التي تفصل المجمع بالمنطقة السكنية، وهي صحراء خالية ومكشوفة. كانت طائرات أم إي 24 التابعة للجيش الجيش تراقب العملية على بعد مئات الأمتار بواسطة كامرات. كان الوقت مناسبا لإعطاء الأوامر بضرب النار، لعدم وجود أي منشآت أو تجمع لأشخاص بجانب الموكب. أطلق الضابط المكلف بإطلاق النار في طائرة سوبرهايند ثلاثة صواريخ على الموكب فجرت ثلاث سيارات. تفاجأ الإرهابيون في مقدمة الموكب بالتفجيرات فقاموا بتفجير أحزمتهم الناسفة. وأطلق قناصة القوات الخاصة والدرك، أعيرة نارية مصوبة قتلوا بها عددا من الإرهابيين. في هذه الأثناء، تقدمت قوات المظليين وأطلقت النيران أيضا. استغل عناصر القوات الخاصة الحالة التي كان عليها الإرهابيون، وتمكنوا من القضاء على 11 إرهابيا كانوا في الإقامة السكنية، وتم تحرير 600 رهينة بعد هذا الهجوم من بينهم 100 أجنبي.