اهتز مركب أرسيلور ميتال أمس على وقع فضيحة جديدة تمثلت في سرقة ما يربوعن 800 طن من الصفائح الحديدية يرجح أن تكون "مافيا" تهريب النفايات الحديدية إلى تونس من يقف وراءها. وحسب مصادر مطلعة، فقد عجلت مصالح الدرك الوطني بفتح تحقيق واستجوبت إطارات ومستخدمين وأعوان أمن داخلي في محاولة لكشف المتورطين في القضية. وجاء تحرك المصالح الأمنية، حسب مصادر "البلاد"، بعد شكوى عاجلة قدمها الممثل القانوني لمركب الحجار بعد اخطاره من طرف، مدير وحدة الدرفلة على الساخن بالمركب، باختفاء رزم من الصفائح الحديدية المقطعة من الوحدة بمجموع 290 رزمة من الصفائح تحتوي كل رزمة على 25 صفيحة ذات الأبعاد 01 متر/02 متر وسمك من 02 ملم إلى 06 ملم المقدر وزنها الإجمالي يقدر بنحو800 طن . وتعتبر هذه الفضيحة الأولى من نوعها في عهد وزير الصناعة والمناجم الجديد، عبد السلام بوشوارب، باعتباره الجهة التي تمثل الوصاية على المركب بعد استعادة سيطرته على التسيير باسترجاع 51 بالمائة من أسهم الشركة. من جهته طالب الأمين العام لنقابة أرسيلور ميتال الجزائر داود كشيشي بضرورة فتح تحقيق ميداني استعجالي على مستوى جميع نقاط بيع الحديد والنفايات الحديدية التابعة لمجمع " سيدار"، والتي تسعى أطراف خفية اصطلح على تسميتها "مافيا الحديد" لفرض منطقها في السوق الوطنية، وذلك بالتخطيط لتنفيذ المرحلة الثانية من البرنامج الرامي إلى التنازل عن جميع المراكز التابعة للمجمع، وبالتالي ضرب استقرار مركب الحجار، تزامنا مع الشروع في تجسيد برنامج الاستثمار، لأن رفع القدرة الإنتاجية للمركب إلى عتبة 2 مليون طن سنويا في بداية 2016 سيقابله غلق جميع نقاط البيع ومراكز التسويق، مما ينجم عنه كساد في المنتوج. من جهة أخرى، أظهرت التحريات الأمنية والقضائية في ملف الحديد والنفايات الحديدية بعنابة، وجود نهب مبرمج لمسؤولين من المركب ومستثمرين أجانب لأموال الخزينة العمومية بتعمد الغش والتهرب الجبائي وشبه الجبائي لتسهيل عمليات تهريب رؤوس الأموال نحو الخارج بمئات الملايير. وكانت أولى فضائح نهب المال العام، قضية الشركة الجزائرية التركية لصاحبها محمد السعيد مصالحة، الحامل جنسية إسرائيلية، والذي فر هاربا نحو المملكة المغربية بعد فترة قصيرة من استفادته من البراءة في قضية تزوير. وكانت مصالح المركز الإقليمي للبحث والتحري للأمن العسكري سابقا، قد أوقفت هذا المستثمر الحامل لثلاث جنسيات، فلسطينية وإسرائيلية وفرنسية، في ماي 2006 إثر ورود معلومات استخباراتية عن تورطه في قضايا نصب واحتيال في عدة دول أوروبية وعربية منها فرنسا وإيطاليا وتركيا وتونس. وتضيف المصادر ذاتها أن مصالح الأمن العسكري كانت تتبع تحركاته منذ دخوله سنة 2003 إلى الجزائر، والاستقرار بمدينة عنابة، حيث تزوج جزائرية من بئر العاتر بولاية تبسة، وتمكن في فترة قصيرة من تكوين ثروة وتشكيل علاقات متينة بشخصيات نافذة مكنته من الولوج إلى عالم التصدير والاستيراد في الحديد والنفايات الحديدية، مما سهل عليه تنفيذ خطة نهب المال العام وتهريب الأموال، لينكشف أمره في 2006 عندما وصلت تقارير إلى الأمن العسكري عن علاقاته بمشبوهين، وتردده على مواقع تدخل في خانة المساس بالأمن القومي والاقتصاد الوطني، مما دفع إلى إعداد ملف قضائي، وإحالته على العدالة بتهمة التجسس، والغش الضريبي، والتزوير في الفواتير قبل أن يخلى سبيله. كما تمكن هذا المستثمر من الفرار بمبلغ 100 مليار سنتيم، كان قد استلمها من أشخاص سلموها إياه لاستغلالها في التصدير والاستيراد بأسماء مستعارة. قضايا النهب لم تتوقف عند هذه القضية، حيث سجلت مصالح الأمن قضايا مشابهة منه قضية الشركة التركية "افاس" للشحن ونقل البضائع، التي استفادت وبتوصية من المدير العام السابق لمركب أرسيلور ميتال من صفقة مشبوهة بقيمة 35 مليار سنتيم دون المرور على مناقصة وطنية تكفل حق الاستفادة لأي شركة مهما كانت جنسيتها. وكانت إدارة مركب أرسيلور ميتال قد فتحت تحقيقا في مضمون هذه الصفقة التي سببت للمركب خسائر فادحة بالنظر للتجاوزات الخطيرة في إعداد الفواتير وشحن ونقل المواد الخام. كما سجل المركب نفسه نوعا آخر من نهب الخزينة العمومية، متمثلا في فضيحة الشركة الهندية "ڤراند سميت وورك" المختصة في استرجاع النفايات الحديدية والتي تمكن صاحبها الهندي من الإفلات من رقابة الضرائب، والتلاعب بفواتير تزويد مركب الحجار بالنفايات الحديدية على مدى أربع سنوات بقيمة أولية فاقت 200 مليار سنتيم دون احتساب الأموال المهربة نحو الخارج، على اعتبار أن المتهمين قاموا بعمليات تحويل للعملة الصعبة بالسوق السوداء.