تسجل الجزائر ما يفوق 50 ألف حالة إصابة بمرض السرطان سنويا، منها 1500 حالة مسجلة في فئات الأطفال، حيث يحتل هذا المرض المرتبة الثانية في عدد الوفيات بنسبة 21 بالمائة، بعد أمراض القلب والشرايين، ويقول الخبراء والمختصون إن 70 بالمائة من الأدوية التي تعطي للمرضى تؤخذ بعد مرحلة متأخرة من المرض، وهذا ما يؤدي إلى وفاة الكثير منهم. فيما يؤكد أصحاب الجمعيات الخيرية والعاملين فيها، أن الكثير من المرضى وخاصة فئة النساء يعانين من قلة الوعي فيخفين المرض لأسباب تتعلق بنظرة المجتمع ومخاوف الزوجات من تخلي أزواجهم عنهم. وتتعدد الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بداء السرطان، منها الاستخدام العشوائي والمفرط للمواد الكيماوية في الفلاحة، إضافة إلى التدخين، والتغيير الذي طرأ على النمط الغذائي في المجتمع، تعاطي الأطعمة المحتوية على المواد الحافظة الكيميائية، الأصباغ الغذائية الاصطناعية، التعرض لبعض الفيروسات أوالبكتيريا، النفايات الطبية والنفايات الصناعية، التلوث وعوامل وراثية، لكن كل الخبراء والأطباء يؤكدون أن الفحص المبكر قد يجنب المريض المرور عبر رحلة طويلة وشاقة للتغلب على هذا المرض. ترفض إجراء عملية استئصال الثدي من أجل الزواج! تخبرنا سناء إحدى الممرضات، التي اعتادت على التعامل مع مرضى السرطان، أنها خلال تجربتها التي دامت أكثر من 13 سنة، عرفت الكثير من النساء اللواتي استغنين عن العلاج بسبب نظرة المجتمع، مضيفة "القصة التي أثرت في كثيرا هي لشابة من ولاية غرداية، رفضت إجراء عملية استئصال ثدي بعدما كشف الأطباء عن ورم خبيث لديها، وذلك لأنها كانت تريد الزواج بابن عمها، وخافت أن تتغير نظرة أقاربها لها بعد معرفتهم بالمرض"، لكن الغريب في القصة أن الشابة ذات 24 سنة توفيت، بمضاعفات المرض قبل أن تحقق حلمها بهذا الزواج!
رجال يتخلون عن زوجاتهم بسبب المرض الخبيث كثيرة هي الحالات التي تجد فيها المرأة المصابة بمرض السرطان نفسها وحيدة في هذا الطريق والذي عادة ما تصفه معظم المريضات بأنه طريق مليء بالخوف والظلام، ويؤكد الخبراء أن المرأة المصابة بهذا الداء تحتاج للإرادة والتشجيع والدعم المعنوي من أجل مكافحة المرض والتغلب عليه. حكاية الأستاذة الجامعية نادية من ولاية جيجل قد تكون اصدق ما يعبر عن الواقع، فقد تخلى عنها زوجها بعدما عرف إصابتها بمرض سرطان الدم، وأصبح يهملها ولا يأتي للبيت إلا نادرا لرؤية أولاده الثلاثة، واستمر الحال كذلك مدة سنة كاملة، وهي تتنقل وحدها أسبوعيا بين ولاية جيجل ومستشفى مصطفى باشا بالعاصمة، لإجراء الفحوصات واستكمال حصص العلاج، تضيف نادية "قال لي زوجي ذات يوم بصراحة، المرض أصابك أنت وأنا غير ملزم بالوقوف معك في هذا الطريق، فلا أدري متى تموتين..."، لكن الغريب في الحكاية أننا حين تحدثنا مع كريمة كانت ترقد في مستشفى مصطفى باشا لاستكمال العلاج بعد أن عادت من منزلها، حيث حضرت جنازة زوجها لأنه توفي في حادث مرور منذ شهرين!
رئيسة جمعية نور الضحى لمساعدة مرضى السرطان سامية قاسمي: آثار التجارب النووية تزيد من حالات إصابة الشباب بولايات الجنوب أكدت رئيسة جمعية نور الضحى، سامية قاسمي ل«البلاد"، أن إخفاء المريضات لإصابتهن بهذا المرض يمنع الفحص المبكر، الذي قد يكون وسيلة لإنقاذ حياة المصاب، وعادت قاسمي في حديثها، إلى العوامل الوراثية التي تلعب دورا كبيرا في عملية التشخيص، والتي عادة ما تأبى المصابات بالمرض ذكرها، مؤكدة أن إصابة الشباب بهذا المرض تزيد نسبتها في مناطق الجنوب الجزائري بسبب الآثار التي تركتها التجارب النووية، والتي لا تزال تؤثر على صحة السكان ونوعية الغذاء الذي يتناولونه. وأكدت المتحدثة أن الجمعية تفتح أبوابها لكل المرضى الذين يأتون من مناطق بعيدة، كالولايات الداخلية والجنوبية، من أجل أن تخفف عنهم عبء المسافة وتكاليف المبيت والأكل والتي لا يمكنهم تحملها في الوضعية التي يعيشونها، حيث توفر الجمعية غرفة مبيت للرجال وأخرى خاصة بالنساء، وتوفر له الوجبات الغذائية وعادة ما يتكفل المحسنون بتوفير كل المستلزمات الضرورية لهم. العالم يتطور ومريضنا لا يزال ينتظر شهرا لتحديد موعد! دعت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، في أكثر من مناسبة، السلطات، إلى ضرورة توفير الرعاية الصحية اللازمة والتكفل الجدي بمرضى السرطان. ففي الوقت الذي تعرف فيه بعض الأنواع السرطانية في العالم تراجعا بفضل تقنيات التشخيص المبكر للمرض، لا تزال هذه الفئة تعاني في الجزائر ويبقى مصيرها الموت في صمت. وحذرت الرابطة من إهمال هذه الفئة، فالمريض يكابد الويلات ويضطر للوقوف في طوابير طويلة في سبيل الظفر بموعد طبي في المؤسسات الاستشفائية العمومية، وتزداد معاناته بعد تحديد الموعد بشهر على أقل تقدير، وهو ما قد يزيد المريض مرضا وقد يلفظ أنفاسه في انتظار موعده، وقد ينجو من كابوس المواعيد في المستشفيات سوى من يملك وساطة أو يستنجد بالعيادات الخاصة.