أجمع المشاركون في الملتقى الدولي الأول، حول "المياه والتنمية المستدامة والصحة"، المنظم خلال الأسبوع الجاري، من قبل مخبر الهندسة البيئية للعمليات، على ضرورة تبني مقاربات متعددة الاختصاصات، لحماية الموارد المائية الحيوية، وتعزيز الصحة العامة، وتحقيق تنمية مستدامة تراعي التوازن البيئي. أكد المشاركون في هذا الملتقى، الذي احتضنه كلية هندسة الطرائق بجامعة "صالح بوبنيدر" (قسنطينة 3)، والذي أثراه ثلة من الخبراء من داخل وخارج الوطن، أن الجزائر تولي اهتماما كبيرا لإدارة المياه والتنمية المستدامة، حيث تسعى إلى تحقيق الأمن المائي، من خلال عدة استراتيجيات ومشاريع، بما في ذلك تحلية مياه البحر واستخدام مصادر مياه غير تقليدية، مشيرين في نفس السياق، إلى وجود تركيز متزايد على أهمية إدارة الموارد المائية بشكل مستدام في الجزائر، خاصة في ظل التحديات التي يفرضها تغير المناخ ونقص المياه. ركز الأكاديميون والمحاضرون في مداخلاتهم، على ترابط قضايا المياه بحماية البيئة العامة وصحة الإنسان، في ظل تفاقم مشكلات تلوث المياه والاستغلال المفرط للموارد المائية، وهو ما يستدعي، حسبهم، تعزيز البحث العلمي وتطوير الحلول التقنية والسياسات المستدامة، لحماية هذه الثروة الحيوية. حلول مبتكرة للحفاظ على الموارد الطبيعية من جهته، أكد عميد كلية هندسة الطرائق، البروفيسور بلماحي حبيب، أن تنظيم هذه الفعالية، يأتي في وقت تتزايد التحديات المرتبطة بندرة المياه، والتلوث البيئي، وتأثيراتها المباشرة على صحة الإنسان والنظم البيئية، الأمر الذي يجعل من تبادل المعارف العلمية وتكثيف التعاون بين الجامعات ومراكز البحث ومؤسسات الدولة، حسبه، خطوة محورية نحو ابتكار حلول ناجعة ومستدامة، ترسخ ثقافة الحفاظ على الموارد الطبيعية ضمن رؤية تنموية طويلة الأمد. وأشار بلماحي، إلى أن هذه التظاهرة العلمية، التي نُظمت في سياق تصاعد التحديات البيئية والصحية، شكلت منبرًا هامًا لتقاسم الخبرات والمعارف حول قضايا الماء والبيئة، من خلال ندوات علمية، مداخلات متخصصة، وعروض لأوراق بحثية، قدمها باحثون وأكاديميون من جامعات ومراكز بحث وطنية ودولية. وأوضحت رئيسة الملتقى، عريس سهام، أن هذا الحدث، يعقد في وقت تمر خلاله الموارد المائية العالمية بأزمة غير مسبوقة، إذ تتزايد الضغوط عليها نتيجة للندرة المتزايدة، تغير المناخ، النمو السكاني السريع، والتلوث البيئي، بالإضافة إلى تدهور النظم البيئية المائية، مما يزيد من المخاطر الصحية المرتبطة بتدهور جودة المياه، حيث أكدت المتحدثة، أن هذه التحديات تتطلب تضافر الجهود العلمية، وابتكار حلول عملية، وتعزيز التنسيق بين مختلف الباحثين في هذا المجال. تبادل الخبرات بين ضفتي المتوسط كما شددت على أن الملتقى، فرصة لتبادل الخبرات والمعارف حول قضايا محورية، تشمل إدارة المياه، تقنيات معالجتها، والآثار الصحية للتلوث المستمر، وتأثيراته على البيئة. ومن أبرز المحاضرات التي أُثني عليها، تلك التي قدمها الدكتور فيسكوزي جيان لوكا، أستاذ بجامعة "سالارن" الإيطالية، حول "الحلول المستدامة والفعالة لتصميم وتطبيق تقنيات معالجة المياه"، والتي تُعد إضافة هامة في سعي المجتمع العلمي من أجل إيجاد حلول فعالة لهذه القضايا الملحة. وقد تضمن الملتقى، ستة محاور رئيسية، تمثل مجالات بحث وتطبيق متكاملة، أولها تقنيات معالجة وتنقية المياه التي استعرضت آخر الابتكارات الهندسية في مجالات تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف، لضمان وفرتها وجودتها، تليها إدارة العمليات ذات الكفاءة الطاقوية، التي تهدف إلى تقليص استهلاك الطاقة في العمليات الصناعية والهندسية، من خلال التركيز على استرجاع الطاقة وتحسين مردودها. كما خُصص محور ثالث، لهندسة التقنيات البيولوجية في سبيل حماية البيئة، والتي تلعب دورا محوريا في تطوير حلول بيوتكنولوجية، تساهم في معالجة المياه ومراقبة تلوثها وضمان السلامة الصحية، فيما تناول محور رابع، موضوع الاقتصاد الدائري وتثمين النفايات، عبر تسليط الضوء على الممارسات الصناعية والبحثية، التي تعزز إعادة استخدام الموارد، وتحقيق الاستدامة ضمن منطق "الكيمياء الخضراء". أما محور الصحة البيئية والتحكم في التلوث، فقد أبرز الروابط المعقدة بين جودة المياه، الهواء والتربة وصحة الإنسان، مشيرًا إلى أهمية السياسات الوقائية والتدخلات العلمية، للحد من التلوث ومخاطره الصحية، في حين خُصص المحور السادس، للابتكار في الزراعة المستدامة واستعمال المياه، من خلال عرض تقنيات زراعية جديدة، تضمن الأمن الغذائي، وتقلل الأثر البيئي باستعمال مياه أقل وتربة أكثر استدامة.